Skip to main content
السيسي يهدر 227 مليار دولار:تغطية الفشل الاقتصادي بالعسكرة
القاهرة _ أحمد علي
المصريون يعانون من فشل السياسات الاقتصادية (فرانس برس)
227 مليار دولار من المساعدات والقروض والودائع والعملة الصعبة التي دخلت مصر عبر الأنشطة الاقتصادية، بددها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال ثلاث سنوات فقط. لم يشعر المواطن المصري بأي تحسن في ظروف معيشته، بعدما تلقت بلاده أكبر حجم من المعونات في تاريخها الحديث. لا بل ارتفعت نسبة الفقر بين عامي 2013 و2015 من 26 في المائة إلى 28 في المائة، مع توقع ارتفاع النسبة في نهاية هذا العام إلى أكثر من 29 في المائة.

وفوق كل هذا القهر، يلجأ السيسي إلى قرض إضافي من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، يقايض به ما تبقى من كرامة للمصريين، مع موافقته على شروط صندوق النقد بخفض قيمة الجنيه أكثر فأكثر، ووقف التوظيف في القطاع العام، وإلغاء الدعم، ورفع كلفة الخدمات العامة وخصخصة المؤسسات والشركات العامة... ويضاف هذا القرض إلى اتفاقيات تمويل تم عقدها مؤخراً بحوالي 66 مليار دولار، لا تظهر الوقائع أن مصيرها سيكون مغايراً.

تتبعت "العربي الجديد" الأرقام الرسمية التي أعلنتها تقارير وتصريحات جهات خارجية
وداخلية للوقوف عند حجم التدفقات المالية الكبرى إلى مصر منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز 2013، وأوجه إنفاقها دون أن تثمر أي تحسن اقتصادي واجتماعي ملحوظ.

51 مليار دولار مساعدات خليجية ودولية
كشفت هذه التقارير والتصريحات أن حجم المساعدات الخليجية التي تلقتها مصر على مدار 3 سنوات تعدت الـ38 مليار دولار، عدا عن المساعدات الخاصة التي تلقتها قيادات مصرية دون أن يتم الكشف عنها.

بداية خيط البحث، استندت إلى تصريحات وزير الاستثمار السابق أشرف سالمان، في مطلع مارس/ آذار 2015، بأن مصر تلقت منذ سبتمبر / أيلول 2013 نحو 23 مليار دولار منحا ومساعدات بترولية وودائع بالبنك المركزي.
إلا أن الأرقام التفصيلية تكشف تجاوز المساعدات والقروض والودائع هذا المبلغ، فقد قدمت السعودية وديعة للبنك المركزي المصري بقيمة ملياري دولار في منتصف 2013 على أن تكون مدتها 5 سنوات، وفقاً للتقرير الذي قدمه محافظ البنك المركزي طارق عامر إلى لجنة الشؤون الاقتصادية البرلمانية الشهر الماضي.
ثم قدمت السعودية مساعدات نفطية بقيمة 1.5 – 1.6 مليار دولار في النصف الثاني من 2013، وفقًا لتصريحات رئيس الهيئة التنفيذية للبترول حينها ووزير النفط الحالي طارق الملا.
وشهد عام 2014 تقديم المملكة مساعدات بقيمة 8.6 مليارات دولار تتوزع بين ملياري دولار وديعة بالبنك المركزي و1.6 مليار دولار مساعدات عينية، ومساعدات نقدية أخرى بـ5 مليارات دولار، بحسب تقرير صادر عن وزارة التخطيط عن دور المملكة في 2014.

وساهم صندوق التنمية السعودي خلال الفترة التي تحدث عنها وزير الاستثمار بنحو 350 مليون دولار وتحديدًا في 2014، حيث شملت تخصيص 60 مليون دولار للمساهمة في محطة توليد كهرباء الشباب، و40 مليون دولار للمساهمة في محطة توليد كهرباء غرب دمياط و250 مليون دولار لصالح الهيئة المصرية العامة للبترول.

من جهة أخرى، أكد عامر، في تقريره أن الإمارات قدمت في 2013 مبلغ 3 مليارات دولار للبنك المركزي لدعم احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، فيما وقعت مصر في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2013 اتفاق منحة إطارية مع الإمارات للتشغيل والتدريب والتنمية الثقافية والدينية والصحية والتعليمية بقيمة 4.911 مليارات دولار، وتم بالفعل الانتهاء من صرف أغلب هذه المنحة.

وخلال الربع الأخير من 2014، أعلنت الحكومة المصرية عن الاتفاق مع الإمارات على مساعدات نفطية بقيمة 8.7 مليارات دولار بعضها منح وبعضها قروض مسهّلة. وخلال العام 2016، حصلت مصر على وديعة بقيمة مليار دولار من بين ملياري دولار تعهدت الإمارات بتقديمها لمصر.

وعلى جانب آخر، أودعت الكويت خلال عام 2013 بالبنك المركزي المصري ملياري دولار، حسب تقرير محافظ البنك المركزي. ثم شهد عام 2015 تدفق المساعدات عقب المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، إذ حصلت مصر على مساعدات نقدية بقيمة 6 مليارات دولار من السعودية والإمارات والكويت بواقع ملياري دولار من كل منها، وهو المبلغ الذي أكد طارق عامر حصول مصر عليه. ليبلغ مجموع ما حصلت عليه مصر من دول الخليج أكثر من 38 مليار دولار.
لم تقتصر التمويلات التي حصلت مصر عليها خلال السنوات الثلاث الماضية على الخليج، بل إنها جمعت 1.5 مليار دولار من سوق السندات الدولية في يونيو/ حزيران 2015، ثم قدم بنك التنمية الصيني قرضاً بقيمة 800 مليون دولار للمصرفين الحكوميين: مصر والأهلي، لتوفير السيولة اللازمة للواردات الحكومية.

وعلى جانب آخر بالغ الأهمية، فقد أبرمت مصر اتفاقيات تمويل مشروعات مع 21 جهة تشمل دولاً ومؤسسات وصناديق تمويل دول منذ 2013 بإجمالي مبلغ 18.2 مليار دولار، لتصبح 11.1 مليار دولار، بعد استبعاد اتفاقيات التمويل التي أبرمتها مصر مع صندوق التنمية السعودي، ومنحة الاتفاق الإطاري الموقعة مع الإمارات في 2013 وصندوق خليفة وصندوق أبو ظبي، منعاً لتكرار حساب المساعدات الخليجية التي أخذت صوراً مختلفة. وحصيلة هذه الأرقام السابقة تكشف أنه دخلت إلى مصر أموال معلنة بقيمة لا تقل عن 51 مليار دولار.

اتفاقيات تمويل بـ65.7 مليار دولار
وتضاف إلى هذه التمويلات، الاتفاقيات الجديدة التي أبرمتها مصر، أبرزها توقيع اتفاقيات
تمويل ضخمة مع السعودية في إبريل/ نيسان 2016، وستدخل تدريجياً حيّز التنفيذ، منها تمويل واردات مصر النفطية لمدة 5 سنوات بقيمة 20 مليار دولار، وتطوير 6 كيلومترات من أراضي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بقيمة 3.3 مليارات دولار.

هذا فضلاً عن توقيع وزارة التعاون الدولي مع صندوق التنمية السعودي 15 اتفاقية في 2016 تقضي بتمويل مشروعات بقيمة 1.611 مليار دولار، وذلك من إجمالي 16 اتفاقية وقعتها وزارة التعاون الدولي مع الصندوق منذ 30 يونيو/ حزيران 2013 بقيمة إجمالية 1.911 مليار دولار.

وبدأ هذا العام تدفق مليارات إضافية، إذ وافق البرلمان، في مارس/ آذار الماضي على حصول مصر على قرض من فرنسا بقيمة تعادل 3.802 مليارات دولار لصالح وزارة الدفاع بغرض التسليح.

ثم بعد شهرين وافق البرلمان على قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار، ويبدأ سحب القرض في 2016 حتى 2028، ويشهد العام الحالي استخدام 247.8 مليون دولار. إضافة إلى موافقة بعثة صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار، من المتوقع أن تتم الدفعة الأولى هذا العام.

176 مليار دولار ولّدها الاقتصاد في 3 سنوات
وكان الجانب الأكبر من النقد الأجنبي منذ منتصف 2013 جاء عبر الأنشطة الاقتصادية، إذ تتجاوز إيراداتها الـ 176.14 مليار دولار، دون حساب الربع الأخير من العام المالي 2015/ 2016 لبعض الأنشطة والنصف الثاني من العام نفسه لبعض الأنشطة الأخرى بسبب عدم إعلان بيانات رسمية بشأنها حتى الآن.
وساهمت الصادرات منذ منتصف 2013 حتى الربع الأول من 2015/ 2016 بالحصة الأكبر من هذه السيولة بقيمة 61.83 مليار دولار حتى الربع الأول من 2015/ 2016. ثم تحويلات المصريين في الخارج التي بلغت 45.689 مليار دولار حتى مطلع 2016.
وجلبت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى نهاية الربع الأول 2016 نحو 16.3 مليار دولار، وخلال الفترة نفسها سجلت السياحة إيرادات قدرها 15.707 مليار دولار، وكذلك قناة السويس نحو 14.693 مليار دولار.

فيما حققت الحكومة تحت بند متحصلات نقل، باستثناء قناة السويس، مبلغ 11.2 مليار دولار منذ منتصف 2013 حتى مطلع العام الحالي. وخلال الفترة ذاتها جلبت مصر 9.522 مليارات دولار حصيلة دخل استثمار في الخارج ومتحصلات حكومية، منها مصروفات السفارات الأجنبية ومتحصلات أخرى تشمل خدمات التأمين والتشييد والبناء والإعلانات وتأجير الأفلام وأتعاب قانونية وفنية. وتمكنت البورصة طوال السنوات الثلاث الماضية من تسجيل صافي تدفقات أجنبية لعامٍ واحد فقط، وهو العام المالي 2013/ 2014 بقيمة 1.2 مليار
دولار.

بذا، يصل حجم العملة التي أنتجها الاقتصاد إضافة إلى المساعدات والمنح منذ العام 2013، إضافة إلى القروض والمنح المستقبلية، إلى أكثر من 293 مليار دولار، تبخّر معظمها من دون أن تعيد عجلة الاقتصاد إلى الدوران ومن دون أن تحدث تحسناً في أحوال الناس المعيشية.

الاستيراد والعسكر... بوابة الهدر
يبقى هنا السؤال: كيف أهدرت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي هذه الأموال الضخمة دون توظيفها في رفع المعاناة عن الشعب، بل إن المعاناة اتخذت منحى آخر بعجز مواطنين عن تدبير حتى ثمن الأدوية؟!

نستطيع الاعتماد على الأرقام المُعلنة في التقارير الرسمية والاتفاقيات كمؤشر لإنفاق هذه الأموال الضخمة وذلك نظراً لوجود بنود أخرى غير معلنة وتحديداً في ميزانية البلاد التي تسجل بند موازنة تسليح الجيش بـ"صفر".
حصلت الواردات الخارجية على نصيب الأسد من بنود استهلاك موارد البلاد الأجنبية نتيجة توقف العديد من المصانع المحلية بسبب سياسات الجباية الضريبية وارتفاع أسعار المرافق والانفلات الأمني. فبلغت قيمة الواردات منذ منتصف 2013 حتى نهاية الربع الأول 2016 نحو 163.3 مليار دولار.

وجاءت خلفها صفقات التسليح المتعددة التي أبرمها الجيش كإحدى وسائل جذب تأييد الدول الكبرى، إذ تجاوزت الصفقات المعلنة فقط حاجز 18.15 مليار دولار خلال أقل من عامين.

شملت الصفقات التعاقد مع فرنسا على شراء 24 طائرة من طراز رافال وفرقاطة طراز فريم مقابل 5.2 مليارات يورو، ثم الاتفاق على شراء حاملتين فرنسيتين للطائرات من طراز ميسترال بقيمة 950 مليون يورو.

ونقلت صحفية لا تريبيون الفرنسية في مايو/ أيار الماضي عن تعاقد مصر مع فرنسا على شراء 4 سفن بحرية تشيدها شركة DCNS Group وفرقاطتين مقابل مليار دولار، فضلاً عن الاتفاق مع شركة إيرباص للدفاع والفضاء وشركة تاليس ألينيا لبيع قمر صناعي عسكري بقيمة 600 مليون يورو.

كما أكد موقع "ديفينس ويب" شراء مصر 50 طائرة من طراز "ميغ 29" من روسيا، على أن تصل الدفعة الأولى منها هذا العام إلى مصر، وتأتي صفقة الطائرات ضمن صفقة أسلحة ضخمة تشمل منظومة دفاع جوي من الطراز "SA-23" و"SA-17"، فضلا عن 46 طائرة من طراز "ka-52" لحاملة الطائرات في صفقة تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار.
وقامت مصر بشراء بطاريات صواريخ روسية مضادة للطائرات من طراز "إس 300" بقيمة تزيد عن 500 مليون دولار بالإضافة إلى سربي طائرات ميغ 35، ولم تُذكر تفاصيل عن قيمة الصفقة.

فيما تعاقدت مصر مع ألمانيا على توريد 4 غواصات من طراز التايب الألمانية بقيمة ملياري دولار، بالإضافة إلى استلام البلاد وحدتين من زوارق الصواريخ الأميركية، ومن المنتظر استلام وحدتين إضافيتين بقيمة 1.2 مليار دولار.

هذا فضلاً عن إبرام صفقات مع الصين لتوريد طائرات مقابلة، أبرزها طائر جي – 31 المقاتلة ومنظومة دفاع جوي ومنظومات مضادة للدبابات، بينما لم ترد تفاصيل عن قيمة هذه الصفقات.
وأبرمت وزارة الطيران بدعم من صفقات الجيش، صفقة مع الشركة الروسية لصناعة الطائرات سوخوي لتوريد 10 طائرات مدنية لاستخدامات النقل الداخلي بقيمة 350 مليون دولار. .
وكانت أحدث الأخبار أفصحت عنها صحيفة لا تريبيون الفرنسية بشأن تعاقد مصر مع شركة
داسو الفرنسية لشراء 4 طائرات من طراز فالكون 7 أكس مخصصة للرئاسة مقابل 300 مليون يورو.

فيما مثّل سداد مستحقات شركات البترول الأجنبية البند الثالث الأكبر في استهلاك موارد البلاد من العملة الصعبة، إذ سددت مصر في حدود 16 مليار دولار حتى نهاية العام المالي 2015/ 2016. في حين استحوذت الديون على جانب كبير من الأموال الأجنبية التي خرجت من البلاد، أبرزها سداد 4.9 مليارات دولار لأعضاء نادي باريس خلال آخر 3 سنوات، فضلاً عن 7 مليارات دولار مستحقات قطرية و1.586 مليار دولار خرجت من البورصة سندات مستحقة للأجانب، وسداد 250 مليون دولار كجزء من وديعة ليبية.

كما خصصت مصر ملياري دولار لسداد مستحقات الشركات الأجنبية التي شاركت في حفر تفريعة قناة السويس من بين إجمالي تكلفة تصل إلى 29 مليار جنيه، في حين تخصص حالياً قرابة 4 مليارات دولار لحفر الأنفاق التي تمر أسفل القناة.