Skip to main content
الفضائيّة السورية تستغلّ عودة اللاجئين من عرسال لترويج بروباغندا النظام
عمر بقبوق
(جوزيف عيد/فرانس برس)
لا يزال إعلام النظام السوري يمارس هوايته المفضلة بالاصطياد في الماء العكر. فبعد أن تدهورت أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، بسبب التصعيد العنصري والخلافات بين اللاجئين والمجتمع المضيف، التي أدت لاضطرار مجموعة من اللاجئين العودة إلى سورية؛ خصصت الفضائية السورية عدة ساعات من بثها التلفزيوني لتسلط الضوء على أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، من خلال تقارير تحصي بالأرقام المشاكل والأزمات التي مر بها اللاجئون، بالإضافة للقاءات تلفزيونية أجرتها القناة مع العائدين الجدد، تمحور الحديث فيها عن ندم هؤلاء على اللحظة التي خرجوا فيها من حضن الوطن.

"هذا درس لكل من يفكر بترك وطنه"، هذه الكلمات رددتها المقدمة وهي تبتسم في وجوه اللاجئين العائدين إلى حضن الوطن، بعد أن خاضت بالحديث معهم عن قسوة العيش في مخيمات عرسال التي ادعت زيارتها، وبعد أن ذكرتهم بحرمانهم من حق العمل، وأجرت عملياتها الحسابية العلنية لتعرف كيف كانت تعيش العائلة المكونة من 5 أفراد هناك، وعلى ماذا كانوا يقتاتون، وحاولت أن تستنبط قيمة المساعدات، والجهات الداعمة للاجئين؛ وأكملت دون خجل: "هذه الظروف الصعبة هي درس لكل إنسان"، بعد أن طالبت العائدين الجدد بتذكر لحظة رحيلهم، وسألتهم إن كانوا على قناعة بما فعلوه في الماضي، وبعد أن أجبرتهم على الاعتراف بالندم؛ لتنهي اللقاء بتحويل حياة ضحايا الحرب والعنصرية ومعاناتهم إلى مسرحية، وتختزل العبرة من مأساة السوريين على طريقتها.

وحاولت اللقاءات والتقارير التي أنتجتها الفضائية السورية أن تحول المخاوف والأرق الذي يعيشه السوريون الموجودون في لبنان إلى مقولات تخدم مصالح النظام السوري، فمررت العديد من الأفكار، كقداسة خدمة الوطن، وقداسة الجيش في كل وطن! وأكدت على تسامح النظام السوري مع العائدين، فمعظم الذين أجريت معهم المقابلات هم من الملاحقين قانونياً، كما ادعوا، ولكن النظام أعفى عنهم واستقبلهم بصدر رحب.

ومن ناحية أخرى، حاولت الفضائية السورية من خلال تقاريرها أن تلمع صورة الجيش السوري، فبعد أن اشتهر الجيش السوري بأنه جيش "التعفيش"، أكدت التقارير بأن اللاجئين عادوا لبيوتهم ووجدوها كما كانت، فتضمنت التقارير لقطات طويلة لأغراض المنزل التي لا تزال بحالة جيدة، كالثريات والأدوات الكهربائية، وجرّت المذيعة ضيوفها ليشكروا الجيش الذي حمى منازلهم من السرقة.

وبات واضحاً أن إعلام النظام السوري يحاول أن يستثمر كل الأحداث الآنية والقاسية التي يعيشها السوريون بالداخل والخارج ليثبت أنه انتصر في حربه المزعومة على الإرهاب، ويحاول استغلال أخطاء الآخرين ليبرر وجوده ويبسط سيطرته، فبعد أن هاجم النظام أبناءه الفارين من الحرب واعتبرهم خونة، وسخر من لجوئهم والحياة التي يعيشونها في الخارج، ها هو اليوم يبدي تعاطفه معهم ويطبطب عليهم، وكأنه لم يكن سبب تهجيرهم والمعاناة التي يعيشونها.