Skip to main content
"العفو الدولية": حكومة العراق لا يمكنها حماية شعبها
العربي الجديد ــ بغداد
تُصعّد المليشيات هجماتها ضد المدنيين (حيدر حمداني/فرانس برس)

أصدرت منظّمة "العفو الدولية" تقريراً، يقدّم صورة قاتمة عن الحكومة العراقية، ويحرج في الوقت نفسه حكومات غربية عديدة أمام شعوبها، كانت تقدّم الحجج المتعلّقة بدعم هذه الحكومة، لحماية شعبها من هجمات المليشيات، عبر القصف الجوّي وإسناد السلاح.

وتذكر المنظمة أن "المليشيات في العراق، المدعومة والمسلّحة حكومياً قامت باختطاف، وتعذيب العشرات، من المدنيين في الأشهر الأخيرة. وهؤلاء يتمتّعون بإفلات من العقوبة، على جرائم الحرب التي يرتكبونها".

ويتحدث التقرير الجديد للمنظّمة عن مناطق محدّدة، قامت فيها المليشيات، خلال الأشهر الماضية، بعمليات وحملات انتقام من أعمال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، راح ضحيّتها مدنيون أبرياء.

ويشير التقرير إلى هجمات مذهبية وطائفية انتقاميّة، في كل من بغداد وسامراء وكركوك، وأنّ الأدلّة جُمعت على مدار ستّة أسابيع، سجّلت فيها الشهادات والأدلة، على ارتكاب المليشيات، عمليات إعدام بحق أشخاص، جرى توقيفهم وتوثيق أيديهم، وإطلاق النار على رؤوسهم.

وتذكر المنظّمة أنّه في الوقت الذي كان فيه "داعش" يهاجم المدنيين ويحاصرهم في الشمال والغرب، فإنّ "المليشيات، كانت تصعّد هجماتها ضد مناطق معيّنة، بادّعاء الانتقام من تصرفات داعش".

وتعطي المنظمة أمثلة على ذلك، إذ ذكرت بأنّ مدينة سامراء التي تقطنها 400 ألف نسمة، شهدت اختطاف 170 شاباً منذ يونيو/حزيران الماضي. ووجدت أغلب جثثهم بعد فترة. ولفتت إلى أنّه" خلال يوم واحد، في السادس من يونيو، تمّ اختطاف أكثر من 30 شخصاً من بيوتهم، وأُطلقت النار عليهم، ورُميت جثثهم أمام المنازل، وفي شوارع الأحياء التي خطفوا منها". وبدا هذا التصرّف العشوائي، في ارتكاب فظائع ضد السكان، وكأنّه انتقام من تهجّم "داعش" على المدينة.

وتذكر المنظمة أسماء بعض المليشيات، التي قامت بهذا القتل والتعدّي العشوائي، وعلى رأسها، "عصائب أهل الحق"، و"لواء بدر"، و"جيش المهدي"، و"كتائب حزب الله".

وتشير أيضاً إلى أنّ "الجيش النظامي العراقي، انسحب في الصيف الماضي، من المناطق التي كان يقاتل فيها داعش في الشمال، ما أعطى للمليشيات فرصة التوسّع". وقد وصلت أعدادها، بحسب تقدير العفو الدولية، إلى "عشرات الآلاف ممن يرتدون الزيّ الرسمي للجيش العراقي، من دون أن يسيطر عليهم الجيش، أو يحاسبهم أحد على تصرفاتهم".

وتذكر المنظمة بأنّ "هؤلاء ارتكبوا أكبر الأعمال الشنيعة، من التعديات وجرائم الحرب، عبر ممارسة القتل الجماعي لفئة محدّدة من السكان، الذين لا يجدون من يتحدث عنهم وباسمهم، إذ إنّ الميليشيات تضعهم في خانة الإرهابيين، مع داعش".

ويقول العاملون الميدانيون مع المنظّمة في شمال بغداد، إن السكان، يتعرّضون لعمليات انتقام، ويتم اتخاذهم كرهائن لتلك العمليات التي يقوم بها "داعش".

وتذهب المنظّمة إلى حدّ وصف العراق بأنه "بلد بلا قانون"، إذ إنّ تلك المليشيات تتصرّف كعصابات خطف، تساوم على دفع فدية، لإطلاق من تختطفهم من العراق، بمبالغ قد تصل إلى عشرات آلاف الدولارات. وبالرغم من ذلك، وبعد أن تدفع الفدية، يجري في حالات معيّنة قتل المختطفين، بدل إطلاقهم".

وتذكر المنظمة بأن "الحرب الأهلية في العراق، باتت خارج السيطرة، فهناك خرق واسع لحقوق الإنسان بشكل يومي، حيث بات بلدا بلا قانون". وتضيف: "ليس فقط داعش، والمليشيات، من يرتكب الفظائع والجرائم، بل إن قوات الحكومة العراقية، تمارس ذلك". وتملك المنظمة أدلّة وحالات موثّقة، على منهجية شاملة للتعذيب، والفظاعات بحق الرجال، وعلى استخدام قانون مكافحة الإرهاب، لاعتقال وتعذيب من يشاؤون.

وتؤكد في تقريرها أنّ "مستقبل العراق مرتبط بتوجّهات سريعة وآنية، يتّخذها رئيس الحكومة حيدر العبادي، لمواجهة وملاحقة تلك المليشيات قضائياً، لارتكاباتها الفظيعة بحق المدنيين". 

من جهتها، اعتبرت مستشارة المنظمة، دوناتيللا روفيرا، أن "دعم الحكومة العراقية وتقديم التسهيلات والغطاء لهذه المليشيات، وجرائم الحرب المرتكبة، هي التي تسرّع بشكل مباشر العنف الطائفي، مما يؤدّي إلى تشظّي العراق".

وتذكر روفيرا أن "المليشيات، تقوم وبلا رحمة، بقتل وبمعاقبة السكان، ومطاردتهم تحت غطاء محاربة الإرهاب. وهذه التصرفات، تدفع لتوسّع داعش، وامتلاكه القوة والتأييد".

وكانت معظم الحكومات الغربية قد استخدمت ممارسات "داعش"، مبرراً لدخول التحالف، بإرسال طائرات للقصف الجوي في العراق وسورية، بينما كان المعارضون، وخصوصاً من اليسار الأوروبي، يجدون في تلك التبريرات بالقصف الجوي، إذكاءً للنفس والتصادم الطائفي، بإلقاء قنابل على مناطق معيّنة، بينما تجري فظاعات على الأرض في مناطق أخرى.

وعندما كانت المعارضات تطرح أسئلة من نوع: "ما الذي يضمن بأنّ مشاركتنا بالقصف الجوي لن تستغلّها المليشيات الطائفية للقيام بتعديات على المدنيين؟"، كانت تأتي الإجابات أنّ "الذي يحسم الأمر، هو ضرورة توجّه الحكومة العراقية إلى مصالحة طائفية داخلية، حتى لا تحدث مثل تلك التعديات ضد المدنيين، ولدينا إيمان بأنّ الحكومة العراقية ستمنع المليشيات من ارتكاب مثل تلك الأعمال".