}

ماريز كوندي: الأدب والتركة الكولونيالية

إسكندر حبش إسكندر حبش 13 أبريل 2024
تغطيات ماريز كوندي: الأدب والتركة الكولونيالية
ماريز كوندي (Getty)
غيّب الموت في الثاني من نيسان/ أبريل الحالي الكاتبة الغوادلوبية ماريز كونديه (مواليد عام 1934) ــ وفي ترجمات أخرى كوندي ــ التي تعد بحق واحدة من أهم الكاتبات اللاتي يكتبن بالفرنسية، ما جعلها تتبوأ صدارة المشهد، لا الأدبي فقط، بل "النضالي" أيضًا، على الرغم من أنها لا تحبذ كثيرًا استعمال مصطلح الأدب الملتزم. ومع ذلك، فحياتها كانت سلسلة من "النضالات" في سبيل المرأة، ومن أجل إعادة التفكير بالتركة الاستعمارية التي عانت منها بلدان كثيرة (وبخاصة الأفريقية) من جراء الكولونيالية الفرنسية.
حازت كوندي عددًا من الجوائز الأدبية، منها جائزة مارغريت يورسنار، وجائزة المرأة الأدبية الكبرى، ولعل أبرز الجوائز هي تلك التي حازتها عام 2018: "جائزة نوبل البديلة للآداب" في الدورة الاستثنائية من ذاك العام.
القارئ العربي (من المفترض ذلك) ليس غريبًا عن أدب كوندي، إذ نُقل عدد من أعمالها إلى العربية، نذكر منها: "أنا، تيتوبا، ساحرة سالم السوداء" (ترجمة محمد آيت حنّا، دار الآداب، 2020)، و"في انتظار الطوفان"، ترجمة معن عاقل، دار الآداب، 2021، و"الحياة الآثمة"، ترجمة رندة بعث، منشورات سرد/ دار ممدوح عدوان 2021، التي أصدرت أيضًا (الدار) كتابين آخرين هما "ديزيرادا"، ترجمة معن السهوي، 2022، و"أزهار الظلمات"، ترجمة رندة بعث، 2023. ومن المتوقع أن تصدر هذا العام عن دار الآداب ترجمة لروايتها "Traversée de la Mangrove".
تتميز "عقود" ماريز كوندي في الكتابة، والتي تعكس وعيها بالهوية، بجمالية متغيرة مع مرور الوقت، وهي تتشكل من خلال التجارب والأسفار والأحداث الجارية، واندلاع التاريخ والصراعات السياسية في حياتها. تتميز أولى رواياتها، وهي سبب شهرتها، بالشعور بالعزلة في البحث عن الأصول، ولكن أيضًا بالثراء والتعدد من خلال تنوع المساحات والأمكنة، وتكاثر الشخصيات ونسبية الفضاء الروائي الذي تعزز من خلال القول المتباعد عمدًا بفضل الأسئلة والسخرية والبنية السردية متعددة الأصوات.
غالبًا ما توصف ماريز كوندي بأنها وقحة، أو معتدية، أو استفزازية، أو متمردة. لكنها مع ذلك كلّه كاتبة "أصلية"، تؤكد في جميع أعمالها على تعقيد الواقع وترفض الأكاذيب والأفكار المسبقة والمذاهب والتداعيات الأيديولوجية، والتأملات التي بدأها عصرها حول الزنوجة والكريولية والنسوية. بالنسبة إليها، يصبح قول الحقيقة وسيلة للمقاومة والتحرر من القمع الاجتماعي الداخلي في كثير من الأحيان.
هنا، وكتحية لهذه الكاتبة "الشاهقة"، ترجمة لحوار نطل فيه على أبرز فضاءاتها الفكرية والكتابية، وهو في الواقع حوار/ مونتاج (إذا جاز القول) مستلّ من حوارين أجريا مع الكاتبة الراحلة، نشر الأول في مجلة "Littérature 2009/2 (n° 154)" والثاني في "Hommes & Migrations 2013/1 (n° 1301)"، وقد تم دمج المقتطفات في سياق واحد، ليشكل حوارًا متناسقًا:




(*) في روايتك La Vie sans Fards، تتحدثين عن رحلاتك إلى عدد من البلدان الأفريقية. إلى ماذا تشير هذه الرحلات؟ هل أثارت اللحظة التي حررت فيها البلدان الأفريقية نفسها من النفوذ الاستعماري صحوة هوية بين سكان منطقة البحر الكاريبي؟
في البداية، لم يكن الأمر يتعلق على الإطلاق بالبحث عن الهوية، ولا بالشعور بالعودة إلى أفريقيا كبلد أصلي. في ذلك الوقت، كنت قد قرأت إيمي سيزير، لكنه ظلّ بالنسبة إليّ شاعرًا. لقد أعجبت وأحببت كلماته الشعرية، لكنها برأيي لم تحدد أسلوب حياة كان يجب أن أتبعه. ربما كنت سأفكر بشكل أقل في أفريقيا، لولا هذه الدراما الشخصية، التي أتحدث عنها في روايتي، مع هذا الهاييتي الذي سوف يصبح شخصية عظيمة في المقاومة السياسية الهاييتية. هذه الأحداث الشخصية دفعتني نحو موقف كان يتمثل في الهروب من فرنسا وجزر الهند الغربية، من أجل العودة إلى أفريقيا، التي كنت أعتبرها ملاذًا من مشاكلي الشخصية، ولكن أيضًا أرضًا، حيث كان من الممكن بالنسبة لي أن أعمل، لكي أعود وأعثر على الحرية، لتعزيز ولادة جديدة. وهذان الجانبان متشابكان. إذا ما كنت قد أكدت أن هذا لا يمثل سوى بحث عن الهوية، فإن ذلك سيكون بمثابة تجميل للواقع. لقد أصبحت هذه العودة إلى أفريقيا بمثابة العودة بالفعل، لكنها كانت تتطلب في البداية نداء استيقاظ شخصي للوصول إلى هناك. في الحياة، الأمور ليست بسيطة أبدًا، فهي دائمًا نتيجة لمزيج من التأثيرات المختلفة.

(*) عندما قررت الرحيل، ما هي الصورة التي كانت لديك عن أفريقيا من باريس؟
عندما كنت طفلة، أو مراهقة، لم يتحدث معي والداي مطلقًا عن أفريقيا. عندما وصلت إلى باريس، وجدت أختي متزوجة من طبيب غيني، وقد اجتمع حوله عدد من الشباب للحديث عن القارة. أتذكر أحدهم على وجه الخصوص، وهو كميل آدم، الذي قال إنه في غضون خمسة وعشرين عامًا، ستصبح أفريقيا مستقلة. كنّا نعلم أن الأمور ستتحرك وتتطور، لكننا لم نتخيل أن ذلك سيحدث بهذه السرعة. لقد كان حلمًا بعيد المنال إلى حدّ ما. ولم يأتِ الوعي الحقيقي إلا في وقت لاحق، عندما وطأت قدمي ساحل العاج أولًا، ثم غينيا، وغانا، والسنغال. من باريس، كانت الصورة ضبابية. ولنتذكر أنه لم يتم إصدار القانون الإطاري، المعروف باسم قانون ديفير، إلا في عام 1956: بالنسبة لنا، كان لا يزال من المبكر التفكير في أفريقيا المستقلة.

(*) باعتبارك جزءًا من الحركات الفكرية الأفريقية في باريس، هل شاركت في تبادلات نشطة من أجل المشاركة في التغييرات التي كانت ستحدث في القارة؟
نعم، لكنها ظلت دائمًا على مستوى غير رسمي إلى حدّ ما. كنّا نلتقي مرة واحدة في الشهر في نزل الطلاب الأفارقة في بوليفار بونياتوفسكي: كنّا تحدثنا عن أفريقيا، وبلدان القارة، ومشاكلها، ومستقبل المجتمع. ومع ذلك، كان هؤلاء الشباب الذين لم يعتقدوا أنهم سيكونون هم أنفسهم الجهات الفاعلة في هذه التغييرات. توقعنا أن ذلك سيحدث في المستقبل، عندما نصبح أقوى ومدربين، كنّا نشعر بأننا أصغر من أن نفكر في إحداث تغيير.

(*) تتحدثين في كتابك عن العلاقات بين الأنتيين (Antillais) والأفارقة، وكذلك بين الأميركيين من أصل أفريقي والأنتيين. تقولين إن الأنتيين كانوا يعدون مجانين من قبل الأفارقة، الذين حكموا عليهم بأنهم غارقون جدًا في الثقافة الغربية ومتعجرفون جدًا. تذكرين أيضًا التجنيد الكبير جدًا للأنتيين، الذي كان من المفترض أن يملأ الفراغ الذي تركه رحيل السكان المستعمرين في أفريقيا، وخاصة موظفي الخدمة المدنية.
ذهب الهنود الغربيون إلى أفريقيا لأسباب مختلفة. في ذلك الوقت، كانت البطالة متفشية في جزر الأنتيل لفترة طويلة جدًا. ومن دون عمل، فإن السكان سعداء برؤية هذه الوظائف، وهذه الفرص متاحة في أفريقيا. لم يكن الهنود الغربيون يذهبون دائمًا إلى القارة برغبة في مساعدة السكان المحليين. أولئك الذين أرادوا المساعدة حقًا ذهبوا إلى دول مثل غينيا، حيث كانت هناك ثورة جارية، لكن أولئك الذين ذهبوا إلى بنين وداهومي وساحل العاج كان يرغبون أولا في أن يكسبوا رزقهم. لقد تم تجنيدهم للتعويض عن هجرة المعلمين الفرنسيين وموظفي الخدمة المدنية من ناحية، وللاستجابة لإنشاء المدارس والثانويات والجامعات الموازية في البلدان المستقلة حديثًا من ناحية أخرى. وقد خلقت هجرة الأدمغة الأوروبية طلبًا جديدًا على المديرين التنفيذيين في البلدان المستقلة. ولذلك وصل الهنود الغربيون إلى هذا السياق، من دون أن يعرفوا حقيقة ما ينتظرهم، ولم تكن لديهم أفكار محددة عن أفريقيا، معتقدين من ناحية أخرى أن الأفارقة أقل شأنًا منهم. واستنادًا إلى ما سمعوه لقرون عدة، فقد تصوروا أن الأفارقة لم يكونوا متعلمين مثلهم. لقد اعتقدوا أنهم يستوردون حضارة، وخاصة الحضارة الفرنسية. ومن دون أن يعرفوا ذلك، أصبحوا عملاء لشكل من أشكال الاستعمار الجديد. من ناحية أخرى، في بلدان مثل غينيا، الهنود الغربيون الذين يذهبون إلى هناك هم ماركسيون، شيوعيون، يريدون القتال ضد القمع الاستعماري. واعتمادًا على الوضع في كل بلد، ينشأ سوء التفاهم بين الأفارقة وهنود الغرب. ويتوقع هؤلاء أن يتم استقبالهم مثل الإخوة الكبار، فيتفاجؤون بالترحيب الذي يلقونه. 




أنا شخصيًا اكتشفت في ذلك الوقت أن الهنود الغربيين تم استيعابهم في صفوف الفرنسيين، أو المستعمرين، أو حتى ما هو أسوأ من ذلك، باعتبارهم المسؤولين عن القيام بأعمال المستعمرين القذرة. لم أعتقد قط أن هذا يمكن أن يحدث. كانت لدي صور رائعة في ذهني، مثل صورة رينيه ماران، من دون أن أدرك أن هذا كان استثناءً. ومع ذلك، فإن غالبية الهنود الغربيين جاءوا إلى أفريقيا للعمل مع الفرنسيين ومن أجلهم، وكان من الطبيعي أن تكون لدى الأفارقة صورة سلبية إلى حدّ ما عنّا، نظرًا لجهلنا بالسياق واللغة وما إلى ذلك. ومن الواضح أن فرصة قبولهم بأذرع مفتوحة كانت ضئيلة.

(*) هل بقي هؤلاء الهنود الغربيون لفترة طويلة على الرغم من هذه الصعوبات؟
نعم، لقد بقوا لفترة طويلة، على سبيل المثال، كان لا يزال هناك الكثير منهم حوالي عام 1968، عندما ذهبت إلى السنغال. هناك، كان "البيض الصغار" من الفرنسيين والهنود الغربيين. بقي هؤلاء لمدة عشر سنوات ثم غادروا عندما شعروا أنه لم يعد لديهم ما يفعلونه، وعندما أدركوا أن المعرفة التي جلبوها لم تكن ما تحتاجه القارة. على سبيل المثال، كانت جميع الدول المستقلة تنفذ إصلاحات في مجال التعليم، وهو الأمر الذي لم يتمكن الهنود الغربيون من تنفيذه لأسباب مختلفة. وهكذا غادروا تدريجيًا، ولم يتبق سوى عدد قليل منهم في أفريقيا اليوم.

(*) لم يناقش سوى عدد قليل من الكتّاب والمثقفين هذه التوترات بين الهنود الغربيين والأميركيين من أصل أفريقي والأفارقة. يمكننا أن نتساءل عمّا إذا كانت هذه الانقسامات هي نفس تلك التي نجدها اليوم في الضواحي الفرنسية، في بريطانيا العظمى، أو في الولايات المتحدة، بين السكان الأميركيين من أصل أفريقي أو سكان الهند الغربية والشباب الأفارقة المؤهلين الذين يذهبون إلى هناك للدراسة والانضمام إلى النخبة.  
في كل سياق وطني، تختلف المشكلة. في بعض الحالات، نفضل توظيف شخص أفريقي بدلًا من أميركي من أصل أفريقي: فإذا كان هذا الأخير غاضبًا من الشخص الأفريقي، فليس ذلك لأسباب عرقية، بل لأنه يرى أن الآخر يستخدم ضده. على سبيل المثال، في حالتي، لست متأكدة من أن المكان الذي حصلت عليه في القسم الفرنسي بجامعة كولومبيا، وما ترتب على ذلك من حرية، كان من الممكن أن يمنح لأميركي من أصل أفريقي. ومهما أجبنا بأن باراك أوباما هو رئيس الولايات المتحدة الأميركية، فإن ثمة عداء، وحتى عدم ثقة ــ لا أجرؤ على الحديث عن الكراهية، ولكنه في أي حال هو عدم حب ــ يظلّ موجودًا تجاه الشعوب الأميركيين من أصل أفريقي وهذا ما يمنع الأخوة الكاملة.

(*) في النهاية، في هذا التمثيل للآخر ــ سواء كان أفريقيًا أو أميركيًا من أصل أفريقي أو هنديًا غربيًا ــ نتهمه دائمًا بأن لديه علاقة اغتراب مع القوة المهيمنة، أي المجتمع الأبيض؟
لست متأكدة من أن كلمة الاغتراب هي الكلمة الصحيحة. بسبب الاختلاف، وبسبب الآخر، يعتقد كل منّا أن الآخر مفضل دائمًا. فالأميركي يخاف من الهنود الغربيين، أو الأفارقة بدرجة أقل، لأنه لا ينظر إليهم باعتبارهم خطرًا، بمعنى أنهم، على النقيض من الأميركي من أصل أفريقي، لا يطالبون بنفس الأشياء التي يطالبون بها أولئك. ومع ذلك فإن كلمة "الاغتراب" تبدو محل شك بالنسبة لي، ولكن ليس لدي أي بديل صالح لأقترحه. عندما قمت بالتدريس في فيرجينيا، لاحظت أن زملائي الأميركيين من أصل أفريقي استقبلوني ببرود معين، لأنني لم أكن من الدائرة الداخلية. كنت غريبة، أتحدث الفرنسية، وتم تفضيلي على مواطن أصلي. في حين، كان من الممكن أن يصل أحد السكان الأصليين ومعه عدد معين من المطالب التي لم تكن لدي حتمًا.

(*) هل الخلفية الثقافية مختلفة، كما هي تجربة قضايا الهوية المعاشة؟
أنا شخصيًا معجبة بمارتن لوثر كينغ، لكن علاقتي بكلماته ودوره هي أكثر مثالية من علاقة أميركي من أصل أفريقي. ناضل كينغ بشكل ملموس لتغيير حالة هؤلاء السكان. بالنسبة لي، فهو يمثل الحلم المثالي لــ "لدي حلم"، بينما بالنسبة للأميركيين من أصل أفريقي، هناك شيء أكثر واقعية: إنه رجل المسيرة إلى واشنطن.

(*) هل هذه هي الطريقة بالنسبة لك كروائية للابتعاد عن الصراع السياسي الذي دفعك إلى تفضيل فرانز فانون على إيمي سيزير؟
في غينيا قرأت فرانز فانون، وأدركت أن كل ما قاله كان الحقيقة. لكنني أسأت فهم هذه الحقيقة، الأمر الذي أجبرني على التغيير. مع سيزير، كان بإمكاننا الاستمرار في الحلم، بينما كان علينا، مع فرانز فانون، أن نضع أنفسنا على طريق الوعي والنضال. العلاقة مع هذين النموذجين لم تكن هي نفسها.

(*) وماذا عن تصور شخصية الزنجي والزنجية العزيزة على إيمي سيزير بالنسبة لك؟ كيف نمضي قدمًا؟
مع فكر فرانز فانون، ننتقل إلى مرحلة مختلفة، من خلال التشكيك في مفهوم "الزنجي"، إلا أن هذه الكلمة غير موجودة عند فرانز فانون: كل جماعة لها أصل، وتاريخ، وتجربة معينة، وهي من العنصرية البحتة الاعتقاد بأن الأفراد متماثلون لمجرد أن لديهم لون البشرة نفسها. كلاهما مختلفان. يذهب فانون إلى أبعد من ذلك في هذا الاستدلال. ووفقًا له، طالما أننا نعتقد أننا جميعًا متشابهون، فلن نكون قادرين على تحرير أنفسنا، أو حتى مواجهة الآخر: سيحدث هذا عندما نفهم أننا مختلفون، مع قضايا هويتنا الخاصة.

(*) إذًا، لا تشكل البشرة مجتمعًا؟
هل الفرنسي هو نفسه النرويجي، لأن كليهما أبيض اللون؟ لا. فلماذا يكون الشخص الأسود من جنوب أفريقيا هو نفس الشخص الهندي الغربي من جامايكا، وذلك ببساطة لأن لديهما لون البشرة نفسه؟ إن المجتمعات الأوروبية والأميركية تدرك أن أفريقيا لا تعني شيئًا، بل أن هناك دولًا أفريقية لها تاريخ مختلف. وحتى الفضاء المغاربي لم يعد من الممكن فهمه بطريقة وحدوية: يجب أن نرى، على سبيل المثال، كيف تحدث الأمور في تونس والجزائر، وكيف لا تحدث في المغرب. إن الشعور بالتنوع يشق طريقه، حتى ولو ببطء شديد. أنا متفائلة، وأعتقد أننا نسير نحو نوع من فهم العالم كما هو، بتنوعه.

(*) تحكين في كتابك كيف تجوّلت في أنحاء القارة الأفريقية، وتستحضرين بتواضع شديد الأحداث السياسية التي جرت هناك، وبعض الشخصيات التي تمكنت من مقابلتها. وهل هناك رغبة في وضع الكتابة خارج المجال الأيديولوجي والسياسي؟
لا يستطيع الكاتب أن يفعل شيئًا. أعتقد أن الأدب ليس المكان المثالي للالتزام. يمكننا أن نكتب لنشهد، لنحرر أنفسنا من القلق الذي حملناه، ونظهر أننا نجحنا في التغلب عليه، لكن الأدب ليس وسيلة قتالية. أعتقد أن الأشخاص الذين يتحدثون عن الأدب القتالي يتخيلون الأشياء قليلًا. في الواقع، قليل من الناس يقرؤون لنا. على سبيل المثال، عندما وصلت إلى داكار وتحدثت عن رينيه ماران مع طبيب مثقف من الهند الغربية، أدركت أنه سمع هذا الاسم للتو للمرة الأولى. في نهاية المطاف، يقتصر الأدب على الأشخاص الذين يستمتعون بالقراءة. البيئة التي تنتمي إليها يجب أن تهتم بها، ويجب أن تتدرب على الكتابة. لا توجد إعدادات، فأدبي ليس عملًا مهمًا للغاية. من الواضح أن أولئك الذين يقرؤونني يستمتعون بها، لكن كم من الناس يقرؤونني؟ الأدب شيء مهم بالنسبة لي، لكن لدي تحفظات أكبر حول التأثيرات التي تنتجها الكتب.

(*) ماذا عن علاقة الأدب بالتاريخ المعاصر؟ كيف يتم ربطهما؟
هذه العلاقة قريبة جدًا. أعتقد أن الكاتب الذي لا يعرف، ولا يفهم التاريخ الذي يعيش فيه، والذي عاش فيه آباؤه وأجداده، ليس كاتبًا جيدًا. بالنسبة لي لا يمكن الفصل بين الأدب والتاريخ. الكاتب أيضًا هو الشاهد على القصة، وأحيانًا بنظارات ليست من نظارة التخصصات الأخرى. وبما أنه لا يتم حثه من قبل وسائل الإعلام، فإن لديه الوقت للتفكير. أعلم أن ما أكتبه عن أفريقيا لن يغير أفريقيا. لا أتوقع أن يلتقط الأفارقة كتبي ثم يقولون إنني على حق. إن الجانب الحر للأدب يعزز أصالته وطابعه الاستقلالي التام. يشعر الكاتب بالرغبة في الكتابة، ويقول ما يريد وما يفكر فيه، لأنه يعلم أن لا أحد يهتم!

(*) هل تشكل شخصية الكاتب الملتزم نوعًا من الغموض بالنسبة لك؟
لم أشعر قط أن الكتابة تمنحني أي قوة. لقد كنت أكتب منذ سنوات، دائمًا تقريبًا نفس الشيء. يعرف الناس اسمي، وعمومًا لا يهتم الناس بأفكاري. الجانب عديم الفائدة للكاتب، الذي يثرثر ويصرخ في زاويته، يسمح له بالتحدث بصوت أعلى، وبمزيد من الحرية. لو كان يعلم أن كلماته ستحدث تغييرات، لربما تصرف بشكل مختلف، لكان أكثر حذرًا فيما يقوله.

(*) لكن في حالتك، يبدو أنك حلقة وصل بين ثقافات مختلفة وعوالم أدبية مختلفة. وما زلت تتنقلين بين ثلاثة أقطاب: القطب الأفريقي، والهند الغربية، والفرنسية، والقطب الأميركي.
نعم، ولكن هذه هي نتيجة رحلتي الشخصية: في البداية كنت "سيزيرية" (نسبة إلى إيمي سيزير)، قبل أن أصبح "فانونية" (نسبة إلى فرانز فانون) وقد أردت دائمًا أن أرى وألمس كيف أن لون الجلد، في الواقع، هو شيء عبثي. أريد أن أقيس كيف يُنظر إليّ، كمواطنة من الهند الغربية، في أفريقيا أو الولايات المتحدة... أريد أيضًا أن أرى كيف أفشل في استخدام لون بشرتي كعنصر يسمح لي بالقتال. في الواقع، اللون يخفي الطبيعة الحقيقية للبشر، حقيقتهم: يجب أن يكون هناك عالم حيث يمكن للبشر أن يظهروا بدون ورنيش اللون. لذلك يجب علينا تفكيك العقليات التي تمثل الإنسان من خلال لون البشرة. إذا وصلنا إلى هذا، ما هو المكان الذي ستشعرين فيه أنك أكثر انسجامًا مع البيئة؟ لا يجب أن تبحث عن المكان الذي تشعر فيه بالثقة بشكل خاص. في غوادلوب، لا يعتبرني سكان غوادلوب مواطنة حقيقية. ولكن من هو "الغوادلوبي الحقيقي"؟ بالنسبة لهم، الشخص الذي يتحدث لغة الكريول هو من يحب الكالالو. بالنسبة لي، كوني مواطنة من غوادلوب يعني وجود علاقة عميقة وحميمة مع غوادلوب. إنه شيء ليس من السهل تحديده دائما، ولكنه موجود هنا دومًا. في كل مرة أذهب إلى غوادلوب، أشعر وأعلم أنني في بيتي. لا يعرف سكان غوادلوب هذا الأمر، فهم يقولون لأنفسهم إن ماريز كوندي ليست من سكان غوادلوب، وربما يكونون على حق. نحن نرى الأشياء بشكل مختلف. لكن كوني مواطنة من جزر غوادلوب، هو شيء أحمله معي، وهو ما يميزني أينما ذهبت. أنا غوادلوبية بطريقتي الخاصة، وهذا ما لا يقبله السكان هناك. إنهم يتساءلون لماذا يعرّف الشخص الذي عاش سنوات عديدة في أفريقيا وسنوات عديدة في الولايات المتحدة، والذي عاش في نهاية المطاف قليلًا في جزر الهند الغربية، نفسه بأنه من مواطني غوادلوب. ليس لدي إجابة على هذا السؤال، فهو لغز مهم وجوهري، أتحمله، وأعجب به، ولا أستطيع تفسيره جيدًا.

(*) أنت ثنائية اللغة. ما هي علاقتك باللغة؟ هل هناك لغة تتكلمينها أكثر من الأخرى؟
أسكن لغتي، لغة ماريز كوندي. لغة اسمها الفرنسية، لكنها ملكي. لقد سرقها أسلافي منذ بضعة أجيال، لأنهم منعوا من التحدث بهذه اللغة تحت طائلة العقاب الشديد. وعلى الرغم من ذلك، فقد تعلموها ونقلوها إليّ، والآن أفعل بها ما أريد. أنا لا أكتب بالفرنسية، ولا أكتب بالكريولية، بل أكتب بلغة خاصة بي، حيث توجد عناصر من الفرنسية، والكريولية، واللغات الأفريقية، وربما الإنكليزية.

(*) تعتبرين إذًا، مثل كاتب ياسين، أن لغة الكاتب هي "غنيمة حرب"؟
أعتقد ذلك، إنه تعبير جميل. الآن لم أعد أقاتل، لكن أسلافي قاتلوا من أجلي منذ قرن أو قرنين. الآن، لدي الوقت لأقول إنني أفعل ما أريد بهذه اللغة، لكنها ثمرة كفاح طويل، أتذوقها اليوم بنوع من السلام والهدوء والغنى.

(*) رويت أكثر من مرة قصتك مع الكريول، لغة محرمة، لغة مشطوبة، لكن ذلك كان خارج المنزل. تقولين في أحد نصوصك إنها كانت لغة الضحك؛ لقد ضحكت مع زملائك بالكريولية. وعندما عدت إلى غوادلوب شعرت بالحاجة وقررت اختراق هذه اللغة من خلال الاستعارات، من خلال الكتابة.
دعونا أولًا نطرح مشكلة الهوية. هناك هذه الفكرة التي تبدو خاطئة تمامًا بالنسبة لي والتي بموجبها لدى أولئك الذين ينتمون إلى نفس البلد، نفس المجتمع، هوية مشتركة مماثلة. إذا كنت من سكان غوادلوب، فسيتم تعريفك بعدد معين من الثوابت التي لا يمكنك الهروب منها. إنهم أساس هويتك الغوادلوبية. كان كتاب سيرج غروزينسكي "التفكير الخلاسي" بمثابة اكتشاف بالنسبة لي. أعتقد الآن أن الهوية هي أولًا وقبل كل شيء قصة شخصية، قصة فريدة. داخل أي بلد، لا أحد لديه نفس الهوية بالضبط. إنها تنشأ عند كل واحد منا من تاريخنا الفردي، وتجربتنا الشخصية، وطريقتنا في قبول أو رفض المؤثرات المختلفة، والتفاعل معها. وبناء على هذا التوجه، فإنني لا أؤمن على الإطلاق بالثنائية المقبولة بالإجماع: اللغة الأم، الكريولية؛ الفرنسية لغة الاستعمار. يمكننا أن نقول مع مارينا تسفيتاييفا أنه "لا توجد لغة هي الأم" (خاصة بالنسبة للكاتب). دعنا نقول فقط إن كل شيء يختلف باختلاف كل فرد. كل واحد منا لديه علاقة مختلفة مع الفرنسية كما هي الحال مع الكريول. من دون ازدراء، من دون اغتراب، أكرر أنه لا يمكن اعتبار اللغة الكريولية لغة أم. لغتي الأم التي حدثتني بها أمي هي الفرنسية، مع كل ما قد ينطوي عليه ذلك من إحباطات ونقص. نعم، لقد ضحكت باللغة الكريولية مع أصدقائي عندما كنت صغيرة. لكنني شعرت بالذنب. اعتقدت أنني مذنبة باستخدام اللغة الكريولية. لقد كان ذلك تعديًا، وعصيانًا لوالدي. في نهاية المطاف، ربما كانت لهذه اللغة قوة لا تتمتع بها اللغة الفرنسية، المسموح بها، في العادة. ولكن عندما عدت إلى غوادلوب، أدركت أنه يتعين علينا أن نذهب إلى ما هو أبعد من هذه المتعة "غير الصحية" إلى حد ما. كنت أملك لغتين. كيف تواجهتا مع بعضهما البعض في حياتي وفي تجربتي؟ وهنا، حاولت ترتيب الأمور.




كانت الكريولية جزءًا من كياني، وهي التي شكلتني، والتي تشكلني أيضًا. ولعل علاقتي بها تستحق التوضيح. لقد حاولت أن أفعل ذلك في كتاباتي وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن الكاتب يخترع وهو يتقدم ويشكل لغته الخاصة. ماريز كوندي تكتب (وتتحدث أيضًا) باسم ماريز كوندي. هناك أشخاص يفهمونها. جيد ذلك! وعندما تتحدث إلى نفسها، فإنها تتحدث إليهم. لكنها هي نفسها التي تفكر فيها أولًا عندما تتحدث. اللغة هي الشيء الأكثر حميمية والأكثر شخصية الذي يمكن أن يمتلكه الفرد. ولذلك، فمن الخطأ الجسيم أن نُشرع، وأن نحكم في هذا المجال، أن نقول: "هذا جيد، وهذا سيء". وهذا يرقى إلى مستوى الرقابة على كائن، الذات. في الكتاب الجماعي الذي حرره ميشيل لوبريس وجان روولت لأدب عالمي، حاولت أن أشرح علاقتي بالكريولية والفرنسية أيضًا. لقد بذلت جهدا لتحليلها جيدًا.

(*) في La Vie sans Fards، تصفين الأخطاء التي قادتك إلى حياتك ككاتبة، إلى وضع سلمي. لماذا اخترت الحديث عن أخطاء تاريخك كجزء من تاريخ شامل؟
ليس لدي إجابة صالحة، بخلاف أنني أردت أن أفعل ذلك. ذهبت مؤخرًا إلى بلجيكا، إلى طاولات بائعي الكتب البلجيكيين. النساء الحاضرات بين الجمهور عرفنني، ومع ذلك لم تقرأني أي منهن. وخلصت إلى أن الصورة التي لديهن عني لم تكن جذابة، لأنها كانت أحادية الجانب للغاية. كنّ يعتقدن أنني كاتبة من دون فوارق، امرأة تدعم قضايا عظيمة، لكنها ليست إنسانية. أردت أن أغير هذه الصورة، لأقول إنه لكي أصل إلى ما أنا عليه الآن، كان عليّ أن أكافح لمدة اثنين وأربعين عامًا، كان عليّ أن أذهب إلى الناس، وأعود من دون أن ألتقي بهم، وأن أذهب نحو أشخاص آخرين، ومقابلتهم واكتشاف أشياء غير معروفة وغير عادية... أعتقد أنني سئمت بعض الشيء من التفكير في أن كل ما كانت عليه ماريز كوندي كان موجودًا دائمًا. لا، لقد جاء بعد تجارب طويلة ورحلة طويلة وغزو ذاتي طويل. أردت أن أقول كل هذا.

(*) هل يمكن لكتابك أن يخدم شكلًا من أشكال الحركة النسوية، من خلال إعادة تعريف مكانة المرأة، خاصة في المجتمعات الأفريقية؟ بين فرنسا والدول الأفريقية تاريخ النسوية ليس هو نفسه...
أعتقد أن هذا يمكن أن يساعد في إظهار أن هناك عصورًا مضت. في الخمسينيات، لم يكن للنساء أهمية، كان عليهن النضال من أجل البقاء. لم يكن الأمر يتعلق بفرض الذات، بل مجرد التعبير عن الذات والاستماع إليها. وعندما وصلت إلى غانا، رعاني رجل غير رأيه بعد يومين وقال إنه لا يعرفني. لقد أرادوا طردي. لا يزال هذا الدرس مفيدًا. المشكلة الرئيسية التي تواجه النساء هي أنه في كثير من الأحيان لا يتمتعن بالثقة بالنفس. يعتقدن أنهن موجودات هنا لإطعام أزواجهن، وممارسة الحب معهم، وتحميم الأطفال، وإخبارهم القصص، لكنهن لا يعتقدن أن لديهن أي شيء ليقلنه. لكن على جميع النساء أن يدركن أن لديهن الكثير من القصص لترويها، وعليهن البدء في يوم من الأيام. يجب على المرأة التي تطبخ أن تضع في اعتبارها أنها لا تؤدي مهمة بسيطة: فالمطبخ مكان للإبداع. يجب على النساء أن يتعلمن تقدير أنفسهن طوال الوقت. يدور هذا الكتاب حول فترة الخمسينيات وأعتقد أنه منذ ذلك الحين تقدمت النساء للأمام. إنهن أكثر ثقة بأنفسهن، وأكثر انفتاحًا على كلمات معينة، وعلى خطابات معينة. يجب ألا ننسى أنني أتيت من بيئة متحفظة للغاية، حيث كل ما طلب مني فعله هو التكرار، وليس الابتكار لأكون على طبيعتي. أعتقد أنه كان بإمكاني البقاء في هذا الوضع طوال الوقت، لو لم تكن لدي بداية فاشلة في الحب. لقد دفعني الجانب الإيجابي لعلاقة الحب الفاشلة هذه إلى مكان آخر، إلى مكان آخر حيث حاولت أن أكون على طبيعتي، وأن أجد قيمًا أخرى، وأشكالًا أخرى من التعبير، وأسبابًا أخرى للعيش. بخلاف ذلك، أعتقد أنني كنت سأصبح فتاة جيدة من الطبقة المتوسطة، وسعيدة جدًا بأسلوب حياتي.

(*) وهكذا، جعلك سوء الحظ تدركين أنك لا تريدين أن تقدمي صورة الضحية، الأم غير المتزوجة. هل هناك نوع من الغضب والقدرة على الارتداد بعد الانهيار؟
نعم، لم أكن أريد أن أكون ضحية، هذه طبيعتي. أنا مريضة الآن، لكني لا أريد أن أشعر بالأسف على نفسي. وعلى الرغم من ذلك، أريد أن أعيش وأفرض شكلًا من أشكال الحياة على الناس. طبيعتي لا يمكن إسكاتها بسهولة.

(*) عندما قمت بتدريس الأدب لطلابك في جامعة كولومبيا، أوضحت لهم أنه ليس عليك بالضرورة التمييز بين الراوي والمؤلف. ومع ذلك، فقد خدعك هذا عندما تم نشر عملك الأول، لأن الناس سمعوا الكثير من كلماتك وراء شخصية فيرونيكا. كيف تفهمين هذا الاستقبال السيء؟
أساس تدريس الأدب هو تعليم الطلاب أن هناك راويًا، ومؤلفًا، وشخصية رئيسية. وهذا ما نقدمه كقاعدة أساسية. ومع ذلك، في الواقع، هذا ليس صحيحًا حقًا: يمكن لكائن واحد أن يكون الراوي والمؤلف والشخصية الرئيسية في نفس الوقت. هناك حتما تبادلات، وأوجه تشابه، وتشابهات، ولكن، في الوقت نفسه، عليك أن تعرف أين تتوقف. إن ظنّ القراء أن فيرونيكا مرسييه هي ماريز كوندي، فهذا أمر سخيف؛ يمكننا أن نرى بوضوح، بالنظر إلى الحياة التي عشتها في أفريقيا، أنني (كنت) لست فيرونيكا هذه. أعتقد أن المعرفة الأدبية يجب أن تقترن بمعرفة السيرة الذاتية، وهو الأمر الذي للأسف ليس بالقدر الكافي.
يمكن العثور على هذه الكلمة اللاذعة الصريحة في عملك الأول، حيث تظهر هذه الرغبة في الاضطلاع بنقاط ضعفك وقولها.
وهذا أمر طبيعي، لأن المرأة نفسها، ماريز كوندي، هي مؤلفة كل هذه الكتب. المؤلف يكتب دائمًا نفس الكتاب، ويقول دائمًا الأشياء نفسها؛ ونحن نفعل ذلك بطرق مختلفة، وفي أطر مختلفة، ولكننا، في النهاية، نتحدث دائمًا عن نفس الموضوع. إن التحيز الأدبي ممتاز، ولكن يجب أن يخفف من خلال القليل من المعرفة عن السيرة الذاتية والتاريخية؛ وهو ما لا يفعله القراء، أو نادرًا جدًا. لكن الأدب تعددي، ولذلك يجب تناوله بعناصر تعددية، وليس بطريقة أحادية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.