إن طريقة كتابة الأسماء العبرية تدل، منذ البداية، على قلة معرفة المترجم والمراجع بالنص، وعلى انعدام الدراية والعناية بفن الترجمة، ومنها عملية ضبط الأسماء العبرية الواردة في النص الإنكليزي. ولذلك جاءت الأسماء خالية من حرف العين العبري، والسبب هو عدم المعرفة أولًا، وعدم التحقق ثانيًا. وعلى سبيل المثال: يهوشوا بورات (الصحيح: يهوشواع)؛ يشياهو غافيش (يشعياهو غافيش)؛ دار مارشوت (دار معراخوت)؛ جيفاتي (غفعاتي). وعلى هذا المنوال ورد اللورد مويان (ص 106) والصحيح: (اللورد موين)، وجورج أوريل (ص 82) والصحيح: (جورج أورويل المشهور)، وجول سينغر (285) والصحيح: يوئيل زينغر (Joel)، ومثل ذلك كثير جدًا. وعلى هذا النحو من الخربطة وعدم الدقة وردت الفقرة التالية: "كان شارون رئيس أركان الجيش، والجنرال رفائيل إيتان رئيس المخابرات العسكرية، والجنرال يهوشوا ساغوي رئيس الموساد، وإسحق يوفي ونائبه ناحوم أدومي" (ص 233). وهذه الفقرة تمثل أفضل تمثيل مضمون هذه الترجمة وقوامها؛ فالجنرال شارون كان وزيرًا للدفاع في أثناء غزو لبنان في سنة 1982، وليس رئيسًا لأركان الجيش الإسرائيلي. ورفائيل إيتان كان رئيسًا للأركان، وليس رئيسًا للمخابرات العسكرية. والجنرال يهوشواع ساغي (وليس يهوشوا ساغوي) هو الذي كان رئيسًا لشعبة المخابرات العسكرية "أمان"، وليس رئيسًا للموساد. وإسحاق حوفي (وليس يوفي) هو الذي كان رئيسًا للموساد، وليس الجنرال ساغي.
الأَعلام والمصطلحات
لغة الترجمة في هذا الكتاب مهلهلة جدًا. أما المصطلحات وأسماء الأَعلام والكتب والمؤسسات والجماعات ففيها العجب العجاب، فيرد مثلًا أبو حسان سلامة (ص 310)، والصحيح: أبو حسن سلامة، وإيلي قدوري (ص 274)، والصحيح: إيلي خضّوري، وبيان نويحد (ص 228) والصحيح: بيان نويهض، وزاهرة كمال (ص 252)، والصحيح: زهيرة كمال، وسعد سايل بالسين (ص 195)، والصحيح: سعد صايل بالصاد، ورجائي بسيلة بالسين كمان (ص 51) والصحيح: بصيلة بالصاد، وويليام كندت (ص 184)، والصحيح: كوانت، وأمجد غانمة (ص 162) والصحيح: أمجد غنما، ونجيب ناصر (ص 42)، والصحيح: نجيب نصّار. والأنكى من ذلك كله أن المترجم، والمُراجع معه، يذكر أن رواية "مفلح الغساني" لنجيب نصّار (وليس لنجيب ناصر) صدرت عن دار السوات في الناصرية في سنة 1981. والصحيح أن طبعة جديدة لها صدرت في تلك السنة عن دار الصوت (وليس السوات) في مدينة الناصرة الفلسطينية (وليس الناصرية). ومن هذا العيار الغريب غيّر المترجم عنوان رواية غسان كنفاني المشهورة جدًا "عائد إلى حيفا" لتصبح: "العودة إلى حيفا" (ص 162 و 163)، وروايته "رجال في الشمس" صارت "رجال تحت الشمس"، أما رواية إميل حبيبي "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" (ص 161) فقد تحولت، بقدرة المترجم المقتدر إلى "الوقائع الغريبة في اختفاء أبي نحس المتشائل" (ص 161). ومن غير الممكن إحصاء الأغلاط والأخطاء من الأعيرة المختلفة التي عجَّ بها هذا الكتاب. ويكفي أن نشير إلى بعضها كي نكتشف مقدار العبث في ترجمة هذا الكتاب المهم، فيرد اسم الخزينة العربية الوطنية (ص 95)، والمقصود إليه "بيت المال العربي". ومؤسسة الدراسات الفلسطينية لا ترد مرة واحدة باسمها الصحيح، بل بالصيغة الغلط، أي "مركز الدراسات الفلسطينية" (ص 162 و 166 و 184). ومن مُضحِكات "المصطلحات" الواردة في هذه الترجمة ما يلي: "صحيفة الكتائب الأعمال" (ص 237)، والصحيح: صحيفة "العمل" الكتائبية. وكذلك "عصابات القرية" (ص 274)، والصحيح: روابط القرى. و"مكاتب صنعي في بيروت" (ص 214)، وهي بلا معنى والمقصود مبنى فيه مكاتب في منطقة الصنائع في بيروت. و"جبهة تحرير لبنان من الأجانب" (ص 194)، والصحيح: جبهة تحرير لبنان من الغرباء، وهي منظمة استخبارية أنشأها الموساد بغطاء حزب الوطنيين الأحرار الذي كان يتزعمه كميل شمعون، وبقيادة إلياس حنوش (الحنش) الذي اغتيل في بيروت لاحقًا. أما الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية (ص 255) فتصبح القسم السياسي، والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (ص 312) يغير اسمه بهمة المترجم وتابعه المُراجع إلى "مركز فلسطين للسياسات وأبحاث الاستطلاع". وحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS (ص 340) تصبح "حركة المقاطعة ووقف التمويل والعقوبات" (عفارم)، بينما يوميات الرئيس رونالد ريغن The Reagan Diaries تصبح "مذكرات دونالد ريغان اليومية" (ص 225)؛ والمذكرات غير اليوميات؛ فهذه Memories وتلك Diaries، أَليس كذلك؟ ويبدو أن "كلو عند العرب طبيخ"، فلا فارق ولا فاروق بما في ذلك "الكتاب الأبيض البريطاني" (ص 67 و76 و77 و89) الذي صار "الورقة البيضاء" تارة، و"الصحيفة البيضاء" تارة أخرى (ص 106).
"يا لطيف إجعل البلا خفيف".