}

هاني منصور: مناضلٌ صلب قبض طويلًا على جمر مبادئهِ

تحسين ياسين 24 أبريل 2021
سير هاني منصور: مناضلٌ صلب قبض طويلًا على جمر مبادئهِ
الأسير المحرّر هاني منصور (اللوحة لنياز المشني)

قبل منتصف ليلة العاشر من كانون الثاني/ يناير  2020 نهضَ الأسير المحرّر هاني منصور من فراشه في طريقه لتحقيق أمنيةٍ ظلَ يحلم بها طويلًا داخل سجنه؛ وراحَ يسيرُ حافيًا تحت زخات المطر! تأملَ أضواء منازل القرية، ودقّقَ طويًلا في مبنى مدرسته القديمة، قبل أن يستدير عدة مرات حول بيوت جيرانه، وعلى وقع نباح طويلٍ مبحوحٍ لكلابٍ ضالة؛ عاينَ على مهلٍ استسلام أشجار الزيتون للريح. أنهى جولته الخاطفة وعادَ مبللًا إلى فراشه واسترخى بٍحريةٍ دون أن يعترضهُ حديدٌ أو جدار. في بيته الجديد أسند هاني ظهره إلى حائط غرفة المعيشة، وبدأ يسرد لي من تحت سحابة دخان سجائره، طريق  آلامه  طوال سبعة عشر عامًا ونصف العام في سجون الاحتلال.

في مساء السابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 1977 رُزق الحاج توفيق منصور من قرية عانين شمال جنين، بمولوده البكر هاني من زوجته الثانية فريدة محمد واكد، وقد أنجبت له من الذكور اثنين ومن الإناث اثنتين، وكان الحاج توفيق قد أنجبَ من زوجته الأولى المتوفاة  أربعة أبناء: فتحي، محمد، نزهة، وندية. وفي صيف عام 1974 فقد ابنه محمد (15 سنة) بعدما قفز وصديقه في حوض ماء كبير  للسباحة وقد توفي الاثنان غرقًا.

التحق هاني بمدرسة قريته في السنة الدراسية (1984) وأكمل المرحلتين الإبتدائية والإعدادية قبل أن يغادر مقاعد الصف الثامن لمساعدة والده بتسديد تكاليف معيشة العائلة، وعملَ بمِهنٍ عدة قبل أن يتقن مهنة "الدهان" وتصبح مصدرَ رزقه الدائم. التحق الفتى "الشقي" منذ نعومة أظفاره بحركة الشبيبة، الذراع الطلابي لحركة فتح. شارك بفعاليات الانتفاضة الأولى؛ رفَع الأعلام الفلسطينية على أعمدة الشوارع. وطارد بالحجارة والزجاجات الحارقة، دوريات الاحتلال التي كانت تقتحم القرية. وفي صيف 1991 اعتقلته دورية لجيش الاحتلال على حاجزٍ طيَّار قرب جنين وأطلقت سراحه بعد أربعة أيام من التحقيق. ومع اندلاع انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2000 اختار طريق الجمر دون تردّد، فالتحق بكتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكري لحركة فتح، وانضَّم لخلية عسكرية كان يقودها رفيقه وابن قريته الأسير المحرر مُعتصم ياسين من الجبهة الديمقراطية، وقد عملت الخلية التي ضمّت عدة فصائل بسرية تامة مدة سنتين قبل أن يتمكن الاحتلال من القبض على أحد أفرادها من مدينة أم الفحم وينتزع منه تحت تعذيب قاس تفاصيل مخططها لتفجير مبنى تجاريّ في مدينة "ريشون لتسيون". وجد هاني ورفاقه أنفسهم، بعد انكشاف أمر الخلية ومخططها، هدفًا واضحًا لقوات الاحتلال.

فجر اليوم الأول من تموز/ يوليو 2002 داهمت قوات الاحتلال منزل عائلة معتصم ياسين (1978)، لاعتقاله لكنها لم تعثر عليه. كان وقتذاك قد انكشف أمر الخلية وبدأت مخابرات الاحتلال بمتابعة أفرادها لاعتقالهم، لكنها تمكنت بعد عشرة أيام من إلقاء القبض على معتصم في قرية عصيرة الشمالية قرب نابلس.  توارى هاني عن الأنظار حتى ظهيرة يوم التاسع من تموز/ يوليو حينما حلَّقت طائرة استطلاع في سماء مدينة أم الفحم (الداخل المحتل) القريبة من قريته، اختبأ تحت شجرة زيتون قرب تلة اسكندر في أطراف المدينة، لكن اتصالا هاتفيا أجراه هاني مع أحد رفاقه طلب منه نقله إلى قرية مصمص (الداخل المحتل) كشف تحركاته. في الساعة الخامسة فجرًا داهمت قوات كبيرة من الوحدات الخاصة والمستعربين منزلًا يقطنه عُمَّال بناء من الضفة، كان هاني قد قرر أن يقضي ليلته معهم. طوَّقت القوات المنزل واعتقلته: "كانت ليلة مروِّعةً جدًّا، في الطريق إلى معسكر سالم داهمني شعور غريب بأن رحلتي مع الألم طويلة جدًا، وهناك وضعوني في غرفة ضيقة وانهال عليَّ عشرة جنود بالضرب؛ حتى سقطتُ مغشيًا عليَّ وسط بقعة كبيرةٍ من دماءٍ سالت من أنفي ووجهي".

(رنا بشارة) 


في مساء اليوم الثاني كان هاني داخل حافلة نقل الأسرى الموقوفين، في طريقه إلى "مسلخ" تحقيق "بيتح تكفا" شرقي مدينة "تل أبيب".  تعرّض فيه خلال شهرين ونصف الشهر إلى أقسى أنواع التعذيب النفسي؛ وقد دأبَ ضباط المخابرات على تهديده بهدم منزل عائلته واعتقال والدته وشقيقاته، أنهى هاني فترة التحقيق القاسية ونقل صبيحة يوم 20 أيلول/ سبتمبر إلى  سجن الرملة، وبعد مضي أسبوع، خاض مع رفاقه إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على سوء أوضاع السجناء. إعتدى ضباط السجن على الأسرى المضربين عن الطعام بالضرب وقد عزلوهم داخل الزنازين.

بعد سبعين يومًا على اعتقاله داهمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال منزل عائلته وقامت بحملة تفتيش وتخريب بحثًا عن سلاح، اشتبكت العائلة بالأيدي مع الجنود أثناء المداهمة، فيما كان هاني يجلسُ داخل الجيب مقيد اليدين وقد بدا متعبًا ونحيفًا. اندفعت الحاجة فريدة بقوةٍ من وسط الجنود واحتضنت إبنها وعمَّدته بالدعاء ودخل الاثنان في حفلة بكاء.

 بعد ظهيرة السابع والعشرين من تشرين الثاني /نوفمبر 2003 وقفَ الأسير هاني منصور بقامة عاليةٍ خلف قضبان محكمة سالم العسكرية، لانتظار النطق بالحكم، وبحضور والديه وشقيقتيه. نهضت الحاجة فريدة من على أحد مقاعد المحكمة، وراحت تتفرس بوجه ابنها الغائب عنها منذ اعتقاله قبل أكثر من عام، وعلى وقع دعائها له بالصبر والفرج. ابتلع هاني دموعه وهمس بقلب قدِّيس لوالدته: "تماسكي ولا تقلقي يا حبيبتي، أعرف أن الطريق شاق وأن أمامك رحلة آلامٍ طويلة، والعذاب يا أمي صبر ساعة". نطقَ القاضي حكمه القاسي بالسجن سبعة عشر عامًا وقد زادها نصف عامٍ آخر بعدما رفضَ الأسير هاني إبداء ندمه على نشاطاته النضالية. حدَّق الحاج توفيق طويلًا في ملامح ابنه بعد النطق بالحكم، وراح يزفهُ بالدعاء مطالبًا إياه بالصبر والثبات: "كله فداء للوطن والأقصى يا ولدي". لوَّح هاني بيديه عاليًا بشجاعة مقاتل صلب، وغاب وجههُ في ممر المحكمة في طريقه لانتظار الخلاص من جحيم سبعة عشر عامًا ونصف العام خلف جدران الإسمنت والأسلاك الشائكة.

تنقَّل هاني خلال سبعة عشر عامًا ونصف العام بين سجون: الرملة، وعسقلان، وبئر السبع، وإيشل، وشطة، وجلبوع، وهداريم، وهشارون، ومجدو، والنقب، ورامون. وخاض عدة إضرابات عن الطعام من أجل تحقيق مطالب الأسرى رغم تردي وضعه الصحي. حرص هاني أثناء  تنقلاته بين أحد عشر سجنًا على الوقوف عند نافذة البوسطة: "كنتُ كالطفل أتلصص من ثقوب شباك البوسطة أثناء نقلنا إلى سجون أخرى. مرة يتيمة شاهدتُ فيها جبال قريتي عانين وسيلة الحارثية وأم الفحم حينما كنتُ في طريقي إلى سجن شطة القريب من بيسان، يومها بالكاد استطعت ابتلاع دموعي! التقى مع كبار السجناء الأمنيين كمروان البرغوثي وأبو السكر وعاصم الكعبي وماهر يونس وكريم يونس ووليد دقة.. والقائمة طويلة جدًا. وقد واظب خلال  السنوات السبع الأخيرة من اعتقاله على قراءة الكتب السياسية وتعلم اللغة العبرية، ويعود الفضل في ذلك إلى الأسير الصحافي عطا فرحات، ابن الجولان المحتل، وقد قضى معه فترة كانت كفيلة أن يتعلم منه اللغة العبرية، واستطاع لاحقًا الحصول على شهادة الثانوية العامة.

كان قد مضى على اعتقال هاني أربع سنوات حينما داهمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال منزل عائلته لاعتقال شقيقه محمد (1984) وقد تصادف اليوم الذي يليه حفل زفاف شقيقته أمية (1979). اندفع الجنود في تلك الليلة الماطرة بوحشية، عبثًا وتخريبًا في محتويات البيت،  قبل أن يجبروا محمد على خلع ملابسه تحت المطر وقد أجروا معه تحقيقًا ميدانيًا واقتادوه إلى مركز تحقيق الجلمة.

تلقّف هاني عبر شاشة التلفاز في سجن شطة خبر اعتقال شقيقه، وقد بذل جهدًا كبيرًا عبر إدارة المعتقل والصليب الأحمر للسماح له بلقائه لكن طلبهُ قوبل بالرفض. قضى محمد محكوميته عشرين شهرًا في سجن الدامون. ودون أن يرى هاني. بعد ست سنوات على خروجه من السجن وافقت مخابرات الاحتلال على السماح له بزيارة أخيه، كما عمدَ الاحتلال أيضًا إلى حرمان شقيقه الأكبر فتحي من زيارته بدواع أمنية.

شاركتُ جموع أهالي عانين، بعد صلاة عصر السابع من أيار/ مايو 2009، في تشييع جثمان والد هاني الحاج توفيق منصور (95 عامًا) إلى مقبرة القرية. استعدتُ على وقع صوت تدافع  جموع المشيعين، آلام شيخ تسعيني يتمدّد بصمتٍ في صندوقه الخشبي. ظلَّ "الغائب" مسكونًا بأمل تحرر ابنه من مقابر الأحياء واحتضانه قبل أن يغادر في رحلته الأبدية. لكن الموت وصلافة المحتل قطعا عليه أمنيته كغيره من آلاف آباء وأمهات الأسرى على امتداد هذا الوطن الغارق بقهر الاحتلال ووحشيته. تلقف هاني بعد أسبوع، من خلف زجاج الزيارة، خبر وفاة أبيه، وبصلابة ابتلع دموعه وسط دعواته له بالرحمة: "سلامٌ على روحك يا حبيبي وأنت ترقد وحيدًا، حيث لا أستطيع أن أكون فوق شاهد قبرك، لأعمدك بالصلوات. آهٍ لو أن جنازتك مرّت عند باب زنزانتي لأقبِّل جبينك الطاهر، سلام عليك وأنا المنفي البعيد خلف هذه الجدران والمباني المعزولة والقهر المباح". تراكم الحزن في قلب هاني على نحو مُريع ووصل إلى حافة الجنون، فبعد أشهر قليلة من وفاة والده أصيب بنوبة إغماء نقل على أثرها بالإسعاف مقيدًا وبحراسة مشددة من سجن شطة إلى مستشفى العفولة فقد فاقمت ظروف الاعتقال من وضعه الصحي وهو المصاب بالربو منذ طفولته.

هاني منصور (من اليمين) مع والدته وشقيقيه


في شتاء 2010 وأثناء وجوده  داخل قسم (9) في سجن مجدو، علمَ بوجود أبناء شقيقه فتحي الثلاثة: قيصر، ومحمود، وأحمد  في قسم (1). طلب هاني بإلحاح عدة مرات من إدارة السجن السماح له بالعيش معهم داخل القسم، لكن ضبّاط السجن ماطلوا على نحو متعمّد بالاستجابة لطلبه، إلا بعد عدة أشهر. سارَ هاني إلى قسم (1) بقلبٍ تسارعت دقاته، وعلى وقع صوت سلاسلٍ في قدميه، أحكمتها أيادٍ امتلكت خبرةً عالية بالتعذيب تقدَّم الأشقاء الثلاثة نحو عمهم واحتضنوه، كان اللقاء عاصفًا لشبانٍ غابوا طويلًا عن بصر عمهم الأسير منذ سنوات  طويلة، لكنه لم يستطع التعرّف إلى أصغرهم أحمد! كان هذا الأخير لم يتجاوز العاشرة من عمره عندما اعتقل عمه. انشغل هاني في لقائه الأول معهم بالسؤال عن عائلته وجيرانه وأصدقائه وكل تفاصيل أخبار القرية، وظلّ طوال ثمانية أشهر يقتات معهم على فرحٍ معاق! لم يمكث محمود وأحمد طويلًا في السجن، وقد أنهيا محكوميتيهما بعد أشهرٍ من تاريخ الاعتقال. في صباح يوم ربيعي جمع قيصر أغراضه الشخصية ورافقه عمه هاني بحزن حاصر ملامحه حتى نهاية ممر قسم (1)  في سجن مجدو وفي طقوس وداع أخيرة، قبَّلَ هاني إبن أخيه في مشهد دفع رفاق الأسر للبكاء.

ظلّت خسائر الأسير هاني متلاحقة! فلم تمضِ خمس سنوات على رحيل والده، حتى قرأ خبرًا  في التلفاز عن وفاة شقيقته الحاجة ندية (68 عامًا) إثرَ مرضٍ ألمَّ بها، ولقسوة القدر، فصلت ساعات قليلة بين وفاتها وتحرر ابنها الأسير محمد عوض منصور (1981) من سجون الاحتلال، وُوريت الحجة ندية الثرى في الصباح وتحرر نجلها في المساء، بعد قضائه ثلاث سنوات ونصف السنة، وكان قد قضى  سابقًا، ما مجموعه سبع سنوات داخل الأسر.

في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2016 هاتفَ هاني من داخل سجنه، شقيقته الحاجة نزهة (73 عامًا) قبل ساعات قليلة من دخولها في غيبوبة انتهت بوفاتها بعد صراع قاسٍ مع سرطان الدماغ. وقع  هاني، بعد وفاة والده وشقيقتيه، فريسة للحزن وساءت حالته الصحية مرة أخرى وأضحى زائرًا ثقيلًا إلى عيادات السجن.

أشعلت قصاصة ورق صغيرة، شمعةَ فرحٍ في قلبه، بعد ثلاثة عشر عامًا من الأسر، كان قد أبرقها له رفيقه في الكفاح الأسير معتصم ياسين من سجن "هداريم"، عرض فيها عليه خِطبة شقيقة صديقه وابن قريته الأسير بلال ياسين (1983) لكن لم تشأ الظروف أن تتم الخِطبة إلا بعد ثلاث سنوات من عُمر الرسالة. رتبت عائلة الأسيرين هاني وبلال إجراءات الخطوبة يوم الخامس عشر من آب/ أغسطس 2018. وقد حجزت الشابة مقعدًا لها في حافلات الصليب الأحمر طوال سنة ونصف السنة في الطريق إلى بوابات سجن رامون الصحراوي.

قضى هاني آخر سنتين من محكوميته في سجن رامون الصحراوي وفي  الشهر الأخير حرص على التنقل بين غرف رفاقه الأسرى لتوديعهم: "كانت الأيام تمر على نحو بطيء وظللت مسكونًا بقلق مٌرعب، داهمني شعور أنني سأبقى قيد الأسر، وعند الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم التاسع من كانون الثاني/ يناير 2020 تقدم ضابط أمن القسم في السجن أمام غرفتي ونادى بأعلى صوته: "هاني منصور "شحرور" (إفراج). سرت بخطوات بطيئة وأنا على حافة بكاء وقد تحملقَ عشرات السجناء خلف الأبواب يلوّحون بأيديهم في لحظة وداع قاسية".

سارَ هاني في موكب احتفاليِ مَهيب محطمًا قيوده مؤمنًا بعدالة قضية شعبه. يستقبله الأقارب والأصدقاء عند حاجز مدينة الظاهرية قرب الخليل يتقدمهم رفيقه في الكفاح الأسير المحرر معتصم ياسين الذي كان قد تحرّر من قيوده يوم العاشر من تموز/ يوليو 2018. دخل الأسير المحرر هاني قريته وقد تعالت الأهازيج الوطنية والزغاريد فرحًا بكسر قيوده وملفوفًا بالعلم الفلسطيني.

ويوم حفل زفافه في العشرين من حزيران/ يونيو 2020 حمل شبان القرية على أكتافهم هاني ورفيقه الأسير المحرر معتصم ياسين ورقصوا بهما كثيرًا، لكن ملامح الألم ظلت شاخصةً على وجهيهما رغم الفرح، وقد تركا رفاقًا لهما في الأسر ما زالوا مصلوبين في درب الألم.

أعاد الحزنُ حضوره في العائلة! فقبل منتصف ليلة الثامن والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 توقف فجأة قلب رفيقة درب الألم، الحاجة فريدة واكد عن عمر (75 عامًا). حجزت من عمرها سبعة عشر عامًا ونصف العام في حافلات الصليب الأحمر. ليلتها احتضن هاني أمه في لحظة وداع حزينة، وبكى بهستيريا! وفي صباح اليوم التالي وقف مع جموع المشيعين على شاهد القبر بكبرياء صامت ودقق طويلًا في تفاصيل اللحظات الأخيرة: "مشيتُ يا أمي سبعة عشر عاما ونصف العام في "جنازتي" وكنتِ وحدكِ تضيئين شمعة تنيرُ لي وحشة الزنازين والطريق الشاق إلى بوابات السجون وخلف الأسلاك الشائكة وجدران الإسمنت، ها أنتِ يا نجمتي تمضين في عزلتك الأبدية تحت الطين البارد وقد أصبحتُ بغيابك فريسة للوحدة. وداعًا يا حبيبتي".

ينتظر اليوم هاني طفلهُ بعد أقل من سنة على زواجه، لعلّ الفرح يعاود الحضور!

المجدُ للذين عبَّدوا طريق الوطن بدمائهم وأعمارهم من أجل التحرر والخلاص من محتلٍ برع في قتل الإنسان وابتلاع الجغرافيا.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.