}

النّاشرون.. باللام!!

حسام الدين الفرا 18 يوليه 2020
يوميات النّاشرون.. باللام!!
لوحة للفنانة العراقية إسراء حاتمي

[رسالة إلى أحد الناشرين]
حضرة الناشر المحترم،
مضى عام ونيف، وإلى الآن لم تطبعوا كتابي، ولم تسلموني ولا حتى البروفة الأولى، فلا أدري ما سبب هذا التأخير، علمًا بأنني أعطيتكم دفعة من المبلغ المتفق عليه لطباعة الكتاب.
قلتم حينها إن الكتاب سيكون مطبوعًا وجاهزًا خلال خمسة شهور، فلا أدري هل تنهجون في دار نشركم نهج حكيم الشعراء زهير بن أبي سلمى في (الحوليات) حيث يبقى حولًا كاملًا، من أجل أن يُخرج قصيدة، بعد أن يعمل فيها تشذيبًا وتنقيحًا وتجويدًا؟!
ألا يكفي وجود المخطوط لديكم لأكثرَ من عام، وبالتأكيد أشبعتموه تنضيدًا وإخراجًا واختيارًا لنوع الورق والحرف الذي سيكتب به؟!
كلما اتصل بكم تقولون: ترقّبِ البروفة الأولى بعد يومين، ومن كثرة اتصالاتي بكم زادت أرباح مؤسسة البريد والهاتف، وبسبب سفري إلى دمشق حيث عرينكم الجميل، تكبدت مصاريفَ تفوق ما اتفقنا عليه من أجل الطباعة، ولكنْ ربما لهذا الأمر فائدة، عدا عن السياحة ورؤية الفتيات الجميلات في شارع الحمرا والشعلان، وأكل المعجوقة اللذيذة هناك، فهو نشاط بدني يقوّي عضلات الجسم، ويؤهلني لأن أشترك في أحد الماراثونات العالمية في الجري، ومنافسة سعيد عويطة.
المعاناة مع دار نشركم العتيدة حفّزتِ القريحة، وأصبحت أكتب فيكم شِعرا (طبعًا أسبّح فيه بحمدكم، ومناقبيتكم العالية) حيث أقول فيكم:

أمَا آنَ يا ابنَ "الكرامِ" الأوانُ

فقد طالَ صبري وكَلّ الزمانُ

أفي كُلِّ يوم أجيءُ أروحُ

إلى مَن سأشكو إلى مَن أبوحُ

فرأسي غدا مثلَ طبلٍ يُدَقُّ

وقلبي غدا كلَّ يومٍ يُشَقُّ 

سئمتُ الطباعةَ والناشرينْ

ووعدًا يُنفّذُ بعد سنينْ

 

هذه الأبيات طبعًا لن تفيكم حقكم، وتُبرز أخلاقكم الحميدة، وجشعكم، ولهاثكم الدائم لجمع المال، مع أنكم تتشدّقون دائمًا برسالة الناشرين، وما يقدمونه خدمةً للثقافة، ولو بذلوا من أجل ذلك من حُرّ مالهم، كما يقال.
ولعلك لاحظت أني وضعت كلمة "الكرام" بين إشارتي تنصيص لتدل على واقع الحال والمآل، فلا يظننّ أحد أنها كلمة (الحرام) معاذ الله، وإن كانت تماثلها وزنًا صرفيًا، ولا ينكسر وزن الشِّعر باستخدامها.

حضرة الناشر المحترم،
لقد جعلني اتفاقي معكم، وعدم الوفاء به موضعَ سخريةٍ، من القاصي والداني، وكلهم يسأل بتهكم عن كتابي الموعود الذي طال انتظاره، وفيما إذا كان سيُطبَع بماء الذهب، وحتى شاعر بلدتنا الكبير (حجمًا طبعًا) كلما رآني يبادرني بالسؤال: ألم يُطبعْ كتابُك بعد؟ ويردف: لو أنكَ نشرتَه على حبل الغسيل، لكان أفضل من تعاملك مع هذا الناشر.
فأقول له ضاحكًا: قبل النشر هل نغسله بغسالة (تيبو) قديمة ذات حوضين، أم بغسالة (أوفست) حديثة؟
ختاما أنا لن أقول لكم: إن بعض الناشرين جدير كل الجدارة أن نبدّل من اسمهم حرف الراء، بحرفٍ آخرَ هو اللام ليصبح الاسم ناشلين.
وهذا مراعاة لمقتضى الواقع والحال، وإنصافًا لهم.
لكم ولكل (الناش _ ين) من أمثالكم فائق الاحترام والتقدير.
ودمتم في خدمة الثقافة والأدب.

*شاعر وكاتب سوري - إجازة في اللغة العربية، أكتب الشعر ولي مجموعتان شعريتان

مقالات اخرى للكاتب

يوميات
8 أغسطس 2020
يوميات
18 يوليه 2020

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.