}

الكلمة لا تخلُقُ الأشياء مرّة أخرى.. يوميّات

أنس إبراهيم 31 يناير 2020
يوميات الكلمة لا تخلُقُ الأشياء مرّة أخرى.. يوميّات
(أسامة دياب)
الـ 5/10/2019
الأسئلة الأكثرُ شخصيّة حول الحقيقة، أو عنها؛ كما يراها نيتشه؛ ما أنا، وما الذي أفعلهُ هنا؟ في اللحظةِ التي أرى فيها شبَحُ امرأة تنظُرُ إليّ، لا أخدَعُ نفسي، لا أخدَعُ أحَداً، إنّها لا تنظُرُ إليّ، بل تنظُرُ عَبري إلى ما يمكِنُ اعتِبارهُ هرَماً في الرُّوح، أو إشكاليّة وجوديّة لا حلّ لها. إذن؛ ما أنا، ما الذي أفعلهُ هنا؟
علامَةُ التعجُّب على هيئة إنسانٍ يجلِسُ وحيداً. بعيداً عن أيّ شيء رغم أنّه في القَلبِ من المكان. ما المكان؟ لا شيء. لا شَيءَ، أيُّ شيء. الكلمةُ لا تخلُقُ المعنى. الكلمة لا توجِدُ الشّيءُ. الشّيءُ يوجَدُ قبل الكلمة. أن تكون وحيداً، يعني أن تَكونَ وحيداً قَبل إدراكِ المُسمَّى.
الأفكار. الأشياء. الكلمات. أو نِظامُها. ينقصُني نَباهَةٌ اجتِماعيّة. ينقصُني معنى أن تُطيقَ شخصاً ما. أنظُرُ إليهِمْ، عبرَ نفسي، لا أرى أحَداً. أرى شبَحِي. لا أفعَلُ شيئاً، أجلِسُ فقط، أجلِسُ، كما يَجلِس روكنتان قُبالة تلك الشّجرة، يُحدِّقُ في الكينونة، ويُحدِّقُ سارتر فينا نحنُ الاثنين؛ ما الذي نفعلهُ هنا؟ نفعلُ ما يفعَلُ العاطِلونَ عن كلّ شيء؛ نُحدِّقُ، نتأمّلُ الفراغ، نُعبِّئُ فراغَنا بكلّ ما لا معنى له؛ الموسيقى المبتذلة، العمَلُ القليل بين الوقت والآخر، الخُرافة. إلّا أنّ الكلمة لا تخلُقُ الأشياء مرّة أخرى. لا نتسوّلُ الوُجود. نثرثرُ. ونظلُّ على حالِنا، بلا أحَدٍ وبِلا شَيءٍ.


الـ 19/11/2019
رغم حفلة التّفاهة التي أعيشُها منذُ شهورٍ الآن؛ إلّا أنّي في لحظةٍ ما، يُسَيطِرُ عليَّ شعورٌ أقرَبُ إلى الحلُمِ منهُ إلى الواقع؛ شُعُورٌ بالصَّلَابَة.

الـ 21/11/2019
إذا ما نمتُ، أنامُ ملءَ دَمي. وأستَيقِظُ ناسِياً، حافِياً من كلّ شَيءٍ، ساقِطاً في دورة الفراغ اللانهائيّ.

 

الـ 3/12/2019
أمضغُ الحِرمانَ فِي وحدَتِي، التّوق إلى الحُريَّة، أمضَغُ قطعةَ لحمٍ سوداءَ يُلُوكُها دَمِي فِي جَوفِ صَدري؛ ما حيَاةُ الرّوائيّ فِي زمَنِ التّفاهة؟ حِرمانٌ مُتواصِلٌ لَيليّ، غُرَفٌ داكِنَةٌ سَوداءَ عَميقَةٌ هُو الوَعيْ، غُرَفٌ سَوداءَ يملؤُها الصُّراخُ عَميقَةٌ هُو اللاوَعيْ، ضَبابٌ يُؤطِّرُ رُؤيَتي؛ لا أرَى أحَداً سِوايْ، لا أسمَعُ هَمساً سَوَى صُراخُ طِفلٌ محبوسٌ فِي صَدريْ، لا شَيءَ هُنالِكَ ليُفعَلْ، لا شَيءَ هُنالِكَ ليُرىْ، لا شَيءَ هُنالِكَ ليُسمَعْ، لا شَيءَ هُنالِكَ ليُحسّْ، لا شَيءَ هنالِكَ ليُشمُّ، لَمْ أفقْدْ حَواسِّي وانتِباهِي للأشياء من حولي؛ بَلْ الأشياءُ هِي التي تجعلُني غير مرئيّ، عَصِيّاً على الرُّؤيا والمُلاحَظَة.. "أعطونِي إنساناً.. إنساناً، أيّ إنسانْ، لَكِنْ، أن يكون إنساناً"، يا للمسكِينِ في عُزلَتهِ، وحيداً وبجانِبِهِ كلبه ممدّداً بالوَسيِطْ، ولكن لا.. لا تُعطُونِي أيَّ إنسانٍ، لا تعُطوني شيئاً، لا شَيءَ هُنالِكَ ليُفعَلْ، لا شَيءَ هُنالك ليُنتَظَرْ، الأمَلْ بالأحسَنِ وَهمٌ أكيدْ.

الـ 4/12/2019
تفقِدُ حسَّك بالزّمكانِ بمُجرِّدَ الدُّخولِ فِي حالَةِ اللااكتِراث؛ ما أنت؟ ما تَفعَلْ؟ ما تَرى؟ مَا تَصنَعْ؟ لا شَيءْ. إلّا أنّ الزّمكانَ وُجُودٌ إشكاليّ؛ صَعبُ الزّيارةِ، في الوعيْ، مُستحيلُ التّذكُرِ في زيارةِ اللاوعْي.
والشَّيءُ، يبدُو، في عُريّهِ، حَتماً لا بُدَّ مِنْ زِيارتهِ. والشّيءُ، يبدُو، في عُريِّهِ، غُربَةً لا بُدَّ مِنهَا.
الصَّخَبْ، الصَّخَبُ كاللّيلْ، يختَفِي فيهِ الوحيدُونْ، يُنقَذُونَ من المُلاحَظَةِ والتّساؤُلْ. في الصَّخَبْ، كلُّنا حَمقى مُتساوُونَ بالبُؤسْ.
قريباً من نهاية الكأسْ؛ والأشياءُ، تعودُ قَليلاً إلى عاديّتها المُزعجة، في الثانِي من ديسمبَرْ أنت تجلِسُ وحيداً، إذا لَمْ أكُنْ مخطِئاً، كالثّانِي من ديسمبر في أيّ عام، في كلّ عام، لا شيءَ يخرُجُ عن عاديّته، لا شيءَ بالمُطلقْ.
في انتِظارِ ما لن يأتِي أبداً. في انتِظارِ لا شيءْ. مُجرّدُ الكِتابة، وإن كانَتْ مُتقطّعة، بَطيئَة، هُوَ حِيادٌ مُتواصِلٌ عن الانتِحار.
الكَسَلْ، البُطءْ، الخُمُولْ، هِي صِفاتُ الكائِنِ الذي هُو أنا، أمّا أنا، لا يُمكِنُ، لا أستطيعُ، أن أصِفَ نَفسِي بشَيءْ، بأيّ شَيءْ.
لمّا لَمْ يبْقَ أيُّ سَبيلٍ آخَر، أيُّ وَسيلَةٍ أُخرى، أيُّ شَيء، أيُّ، أيُّ، أيُّ شَيءْ.. كلُّهم خَارجُ حيَاتِي، كلُّهُم.
"أنا، أو لا أحَدْ"، "لا أحَدْ، واحد، مئة ألفْ"، "الغَريبْ"، في الفَراغِ اللانهائيّ، أغرَقُ، يتواصَلُ الغرقْ، لا أصرُخْ، فقَطْ، مُجرَّدُ الوجود يُشبِهُ أنّي على الحافّة، أكادُ أسقُطْ، أو كأنِّي في سُقوطٍ مُتواصِل، في حالَةِ سُقُوطْ حُرٍّ مُتواصِلْ.
لكنّ بعضُ الحمقُ الإنسانيّ يجبُ التّسامح معهُ نظراً للحالة الإنسانيّة.

الـ 6/12/2019
كما فِي سينما تيرانس ماليكْ، أشُعُرُ أنِّي أقولُ أشياءً يسمعُها الآخَرون كصَدَى، آخرونَ فِي مكانٍ آخَرَ من العالمْ، لا أمتُّ لَهُمْ بِصِلةً ولكنّهم يسمعونني ويُتابِعُونَ كلَّ ما أفعلْ ويتلصَّصُونَ على خَواطِرِي، الدّنيءُ مِنهْا والجيّدْ..

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.