}

اقفز السلم ثلاث درجات

أمجد ريان 6 نوفمبر 2017
شعر اقفز السلم ثلاث درجات
لوحة للفنان المصري إسلام زاهر

علب الأدوية مفتوحة وملقاة على الأرض


عندما انفجر الكابل اشتعلت النار في الشقة
نار حمراء غليظة
تولد مثل الأمواج الحامية اللامعة
ثم تتداخل في الأثاث والجدران والسقف
وكنت أسمع أصوات النواح
تأتي من الشقق الأخرى
إنني أترنح في قلب النار:
الأصابع تحترق
والجسد يلتف مشوياً على السيخ الدوار
النار أتت، وسوف تأتي
النار قادمة وأنتم لاتستشعرون
كتب الله عليكم الموت، وأنتم أحياء
فلا تستشعرون
ولا تعرفون التوقع، رغم أن كل شيء يتحلل وينتهي
كتب الله عليكم الحياد السلبي
كما أنكم متعجلون
ومنتفخون بما لا يمكن الانتفاخ به
وأنا بقلبي الحزن الحميمي:
أتمنى أن تمر عليّ هذه الليلة برداً وسلاماً،
ولكن الإنترنت انقطع فجأة
لذا فالمزيكا ستخرج عن مجالها
وسوف تدور في فلكي الشخصي
وأنا أحرك يديّ مثل المايسترو
مسبلاً عيني: لأنني سأغيب في ملكوت الأحلام
أحس بالتغير في جسدي وفي عمري:
هل تجاوزت الخامسة والستين
أم عدت لعمر اثنتين وعشرين سنة
أم أنا في الخمسين، وستة أشهر
وأسبوع ويومين وأربع ساعات:
العبارة لم تعد تحتمل مطاً وتطويلاً آخر
إذن أرجع إلى قواعدي سالماً.
.
أنا أبكي لأن أحلامي كبيرة
أحلامي لا نهاية لها، كما كنت أتصور دائماً
وعلى حين غرة تكشفت الحقيقة:
لقد انكمشت أحلامي في بعضها البعض
وصارت كلها في حجم رأس دبوس
أفتح كفي لأتأمله: رأس دبوس عادي
يمكن أن يسقط، ويضيع
بل سقط بالفعل وتاه في أرضية الحجرة
الحجرة "المهلكشة":
الثياب ملقاة على حافة السرير
و"الشبشب" على المنضدة
وعلب الأدوية مفتوحة وملقاة على البلاط
وكوب الماء مقلوب
وأنا حائر خائر القوى
حتى أنني نسيت اسمي ورسمي
ونسيت في أي زمن أنا؟

قبلتني قبلة طويلة واختفت


لم تعيشوا في "السبتية" يوماً كاملاً
جربوا بشرط أن تكونوا قريبين من "سِيْدي سْعيد"
وبشرط أن تكونوا ممتلئين بالرغبة،
ويا ليتكم تكونون محترفين في التسكع
ولديكم قدرات فائقة على معاكسة الفتيات
وأنا بهدوء أفتح "الزير" لأشم رائحة "المَوَرْد"
وزوجة خالي بنصف جبهتها تبتسم
وتربت على كتفي لكي أمتلئ بالثقة.
.
غرق الطفل في البانيو وهو يستحم ظهراً
وأنا أعلو في الخفوت
وأخرج من باب الشقة دون أن آخذ "بالي"
من الدرجة المكسورة في السلم.
.
ذراعي تريد أن تتكلم والمعصم والزند
أريد أن أكلم درب "محجوب" وأنا أراقبه من الشرفة
وأرى خالي بطوله المفرط
قادماً من أوله
ورائحة الجبن الأحمر تملأ الرئتين
وقبل أن يصل خالي إلى باب البيت
كانت السنوات قد فرت
وكنت قد بكيت مرات ومرات
والبنت ذات "الشكشوكة"
في الجهة اليسرى من رأسها
كانت لا تزال تنظر لي بعين مسحورة لا رد لها،
و"السبتية" كلها لا تعرف أن السنوات تمر
السبتية كلها لا تعرف
أنني عندما لمست نهد البنت
ذات "الشكشوكة"
بظهر كفي، كنت أتعمد
بل والأدهى أنها هي أيضاً تواطأت معي
وأن خالي لو رأى المنظر
كان سيعاقبني عقاباً لا قبل لي به
فهو لا يقبل عذر الشباب الصغار المارقين.
.
لا يزال مقص المطبخ مفتوحاً ومعلقاً تحت "المطبقية"
ولا تزال رائحة "التقلية" الكثيفة تفوح
ولا تزال البنت ذات "الشكشوكة"
قادرة على أن تثير العواطف في قلبي
لدرجة أن الدموع تملأ عيني
ولدرجة أنني لا أعمل حساب الدرجة المكسورة
فأنزل جارياً
واقفز فوق السلم
ثلاث درجات، ثلاث درجات.

*شاعر من مصر

قصائد اخرى للشاعر

شعر
6 نوفمبر 2017
شعر
10 أكتوبر 2017

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.