}

ولادةُ الأبَدِ

مازن أكثم سليمان 18 نوفمبر 2017
يوميات ولادةُ الأبَدِ
لوحة لرينيه ماغريت

 

                                            مازن أكثم سليمان

                                            شاعر وناقد سوريّ

 

(1)

لمَعرفة عبقريّة حَدَثٍ ما

فتِّشوا في سِلالِ المُهملات.

 

(2)

ولادةُ الأبَدِ الجديدِ اختلافٌ حيويٌّ يُفتِّتُ الأبَدَ التَّقليديَّ القديمَ من داخلِهِ بما هوَ وعيٌ جوهرانيٌّ توهَّمَ طويلاً الاستقرارَ الزّائِفَ.

 

(3)

سأقتنصُ هذِهِ الفرصةَ الاستثنائيّةَ.. هذِهِ الحركيّةَ المُغايرةَ بوصفِها طريقةَ تشكُّلٍ يغزوها التّيهُ والضَّلالُ الحَميدُ.

 

(4)

... هيَ لحظةٌ لتجميعِ خردةِ التّاريخِ، وصَهرِها كي نُعيدَ تدويرَ نفاياتِ المَصالِحِ؛ فلا مكانَ الآنَ للفَهْمِ المُغلَقِ كعُلبةِ مكياجٍ مَغشوشٍ في حقيبةِ سَفَرٍ ارتمَتْ في الفَجوةِ الذّهبيّةِ المُتباعدةِ _نحوَ_..................................................................................................

 

(5)

لم أطلِقِ النّارَ على الدّيكتاتور

درْتُ حولَ الأغنيةِ دورتيْنِ

فانطفأَ الصَّمتُ اللّاذِعُ، واندلَعَ الفراغُ المَجهولُ

كأنَّ الماءَ المُنسكِبَ في جدوَلِ المَعنى

مُخيِّلَةُ دمعةٍ هائِمةٍ بالجُموع.

 

(6)

الرَّجُلُ البخَّاخُ رسَمَ على زندِ الغُيومِ أحلامَهُ المارِقةَ،

ثُمَّ

تخفَّى.

حمَّلَ من إحدى الحاراتِ اعتصاماً على اليوتيوبِ، وشارَكَ في مُظاهَرَةٍ طيّارةٍ.

قبَضوا عليهِ مُحتفياً بأبدِهِ البديلِ، فردَّدَ وهوَ في قبوِ التَّعذيبِ: _لاشيءَ يُعيدُني إلى القفصِ المُهادِنِ، ونقَشَ بذؤاباتِ أنفاسِهِ على ذرّاتِ الأوكسجينِ المُتناقِصةِ:

(ماتَ الأبَدُ/وَلِدَ الأبَدُ).

 

(7)

الأبَدُ الجديدُ كُلِّيَّةُ تحوُّلٍ تتعيَّنُ مثلاً في بِرَكِ مياهِ (دُوّاراتِ) دمشقَ التي لوَّنَها النّاشطونَ بالصِّباغِ الأحمَرِ ذاتَ صباحٍ ضِدَّ أبَدِ اللَّونِ الأحمَرِ الحقيقيّ المُطابِقِ لِمَجازيّة صخرةٍ ما تزالُ تُحاوِلُ أنْ تسحَقَ صُراخاً أينَعَ في المَدى...

 

(8)

أودُّ أنْ أُوَثِّقَ المُناخَ الحُرَّ بلا مِظَلَّةٍ مُسَبَّقَةِ الصُّنْعِ؛ فالمطَرُ لا يُذعِنُ لخِدْمَةِ عَلَمِ الأبَدِ المُهترىءِ، والقُبَلُ المُتكاثِرَةُ في الشَّوارِعِ للتَّوِّ ليسَتْ مركزيَّةً مهما بدا التَّغييرُ شائِكاً وعسيراً.

 

(9)

التَّحوُّلاتُ الكُبرى أقدارٌ بيضويّة لا تخذلُ الكينونةَ، والاغترابُ المَوروثُ مرَضُ الذينَ لا يُثمِّنونَ هشاشةَ الوجودِ الجَميلِ الآسِر.

 

(10)

الفلسفةُ ليسَتْ نقيضاً للسِّياسةِ إذا حرَّرْنا الدَّلالةَ من قياسِ أبَدٍ يخرجُ إلى العلَنِ على أبَدٍ يذوي في مِدْجَنَةٍ؛ فحُضورُ الفزّاعاتِ الباليةِ لا يسلبُ العصافيرَ أجنحتَها العابِرةَ لكُلِّ غِيابٍ مهما كانَ حجْمُ التَّوجُّسِ كبيراً.

 

(11)

قالوا:

_استُشهِدَ مَنِ استُشهِدَ، واعتُقِلَ مَنْ اعتُقِلَ، ونزَحَ مَنْ نزَحَ، ولجَأَ مَنْ لجَأَ، وغرِقَ مَنْ غرِقَ، ووقَعَ في حُفرَةِ الهُدَنِ الخلَّبيّة مَنْ وقَعَ، وكانتِ المُصالَحاتُ برسمِ مَسارِ التَّهجير، وتغاضَتِ (الأُمَمُ المُتَّحِدةُ) عَنِ التَّغييرِ الدّيمغرافيِّ، وكثيرةٌ هيَ المرّاتُ التي أُدخِلَ فيها الغذاءُ والأدويةُ الفاسِدةُ إلى المَناطِقِ المَنكوبةِ والمُحاصَرةِ، وتلاعَبَتِ الدُّوَلُ بالجميعِ شاحِذةً مَخالِبَ النِّظامِ كُلَّما كادَتْ أنْ تُنزَعُ، وتصارَعَتِ الكتائِبُ كالثيرانِ السّاذجةِ، و(تَمَظْهَرَ) القرارُ الوطنيُّ خارجيّاً، و و و ........................................................................................................

أجبْتُ:

-كُلُّ ذلكَ يُؤكِّدُ موتَ الأبَدِ الطّاعِنِ في العَطالةِ، وولادةَ الأبَدِ الذي تخرُّ لهُ الأسوارُ مُنهارَةً.

 

(12)

فائِضُ العُنْفِ نعْشُ الأبَدِ.

فائِضُ العُنْفِ رَحِمُ الأبَدِ.

 

(13)

مَنْ يكونُ في طَوْرِ (الانبثاقِ) يستطيعُ وأدَ البراميلِ المُتفجِّرَةِ أو الصَّواريخِ البالستيّةِ أو القنابلِ العُنقوديّةِ أو السِّلاحِ الفوسفوريِّ أو المَقذوفاتِ الحارِقةِ أو الأسلحةِ الكيماويّةِ بأبسَطِ الوسائِلِ: ...بالدُّموعِ المُرافِقة لعزفِ نايٍ شاهِقٍ.

 

(14)

هذِهِ _قارئي العزيز_ ليسَتْ إيديولوجيا، وهيَ أيضاً ليسَتْ يوتوبيا!!

هذا اقتصادُ المِحْنَةِ المُفضِي إلى انفلاتٍ: الانفلاتُ إفلاتٌ، والإفلاتُ مُراوَغةُ قيْدٍ مَريرٍ حتّى يتحلَّلَ في انسيابِ الحركيّةِ، والحركيّةُ أقفالٌ تُفجِّرُ نفسَها، فتُخْلَعُ أبوابُها إلى الأبَدِ..

...

...

لا خُصوصيةَ يُعوَّلُ عليها إذا كانتِ العاصِفةُ مُنمَّقةً.

 

(15)

سُكّانُ المُخيَّماتِ البائِسونَ فاتِحَةُ الأبَدِ.

البيئاتُ الحاضِنَةُ المَكلومَةُ فاتِحَةُ الأبَدِ.

...حتّى انقطاعُ الكهرباءِ وأزماتُ الخبزِ والغازِ والمازوتِ والبنزينِ والغلاءِ المَعيشيِّ فاتِحَةُ الأبَدِ:

/العيانيُّ اليوميُّ كشفيٌّ كيانيٌّ في انبساطاتِ هذِهِ الحقبةِ/.

 

(16)

أُغازِلُ الأبَدَ، وأُراهِنُ على صَيْرورةِ الكِنايَةِ عَنْ تغييرٍ: كُلُّ صِراعٍ تشفيرٌ جدَليٌّ بينَ المرئيِّ وغيرِ المرئيِّ، وكُلُّ انعتاقٍ تلذُّذٌ بتزويرِ خطاباتِ الأُفُقِ المَرمِيِّ في مَخاضِهِ الزائِغِ.

 

(17)

التِّكرارُ بَعْثَرَةٌ للحقيقةِ السّاكِنَةِ الأُحاديّةِ، أو اختلافٌ يختبِرُ نفسَهُ كطفلٍ مُشاكسٍ سَقَطَ في هُوَّةِ أمَلٍ سحيقةٍ: رُبَّما أتحسَّسُ على هذا النَّحْوِ مَلامِحَ وجْهِ الأبَدِ الجديدِ القاسِيَةِ كابتسامَةِ ينبوعٍ في صحراءٍ.

 

(18)

هللويا

هللويا

الأبَدُ رقصَةٌ كُلِّيّةٌ

لا يمتلِكُ الحقَّ الحَصْرِيَّ لمُمارَسَتِها أحَدٌ.


*شاعر وناقد سوري

مقالات اخرى للكاتب

يوميات
19 ديسمبر 2017
يوميات
18 نوفمبر 2017

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.