}

غونثالو فرنانديث باريا: الأدب الفلسطيني حاضر بإسبانيا منذ الستينيات

محمود عبد الغني محمود عبد الغني 26 مارس 2024
حوارات غونثالو فرنانديث باريا: الأدب الفلسطيني حاضر بإسبانيا منذ الستينيات
غونثالو فرنانديث باريا


يزور المغرب باستمرار، في مهام علمية أو تتعلق بالكتابة والبحث والتأمل، الكاتب والمترجم والأكاديمي الإسباني غونثالو فرنانديث باريا. وقد زار المغرب مؤخرًا لتقديم كتابه الجديد "إلى جنوب طنجة: مراجعة الصور النمطية" الصادر باللغة الإسبانية، وكذلك لتقديم محاضرة "الرحلة الإسبانية إلى المغرب في القرن الحادي والعشرين" باستضافة من فريق البحث وتكوين الدكتوراه في الدراسات المقارنة، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط.
هو أكاديمي وكاتب ومترجم وباحث إسباني. أستاذ الأدب العربي المعاصر في قسم الدراسات العربية والاسلامية بجامعة "أوتونوما" (المستقلة) بمدريد منذ 2006. ويشغل منصب مدير في قسم الدراسات العربية والاسلامية بجامعة "أوتونوما" منذ 2016.

بين 2002-ـ2006 كان مديرا لـ"مدرسة طليطلة للمترجمين"، وهي مؤسسة للبحث تابعة لجامعة كستيا- لامنتشا الإسبانية. وبين 1994ـ2002 نائب مدير "مدرسة طليطلة للمترجمين".

عضو لجنة التحكيم للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2012.

درّس بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، جامعة عبد الملك السعدي المغربية، ومدرسة الترجمة ببيروت، وجامعة القدّيس يوسف اللبنانية، واشتغل كمترجم في الأمم المتحدة.

كتب العديد من الأبحاث والمقالات الأدبية التي يدور أغلبها حول الأدب المغربي والأدب العربي المعاصر، مثل: "الأدب المغربي المعاصر"، "الإستشراق والترجمة"، و"السيرة الذاتية والأدب العربي وذاكرة المستقبل".

مدير "ذاكرة المتوسط"، وهي سلسلة خاصة بالأدب العربي المترجم إلى الإسبانية. كما يشغل منصب مدير "تورنر كتاب"، وهي سلسلة من الروايات العربية المترجمة الى الاسبانية.

هنا حوار معه:

(*) كيف تقدّم نفسك إلى القراء المغاربة؟

أعمل أستاذًا للدراسات العربية والإسلامية في جامعة أوتونوما بمدريد. أنا متخصص في الثقافة العربية وفي الأدب العربي وبالخصوص في الثقافة المغربية وفي الأدب المغربي الحديث. أما بالنسبة للترجمة فأنا لست مترجمًا كبيرًا، ترجمت بعض الأشياء، مثلًا ترجمت الأستاذ عبد الله العروي: "خواطر الصباح"، وترجمت أيضًا من المغرب رشيد نيني: "يوميات مهاجر سري" بتعاون مع مترجمة إسبانية مغربية: مليكة امبارك لوبيس، وترجمت أيضًا بعض الأعمال من مصر ولبنان. ولكن لحسن الحظ شاركت في ميدان الترجمة بصفة منسق لمشاريع الترجمة في مدرسة طليطلة للمترجمين. وقد بذلنا جهودًا كبيرة ليكون الأدب العربي والفكر العربي معروفًا في إسبانيا. أنا أعتبر نفسي من الناحية الثقافية مغربيًا، لأنه من خلال أربعين سنة قرأت الكتاب والكاتبات المغاربة والمغربيات.

(*) العالم يشاهد اليوم ما يحدث في غزة من إبادة شرسة، وإسبانيا، بلدك، تقف اليوم في مقدمة الدول الأوروبية المناصرة لقضايا الشعب الفلسطيني، هل يمكن التفصيل في هذه النقطة؟

تتمتع إسبانيا تقليديًا بعلاقة خاصة مع العالم العربي. وحتى في عهد الديكتاتورية، وبسبب العزلة الدولية للنظام، تم تطوير ما يسمى "السياسة العربية"، وهو نهج ودي تجاه الدول العربية التي بدأت في الحصول على الاستقلال، وبني من ذلك الماضي الأندلسي المشترك. نتيجة لحرب غزة الأخيرة، فقد تطور تعاطف كبير في إسبانيا مع الفلسطينيين، وخاصة الشباب. ومن الصحيح أيضًا أن هناك استقطابًا متزايدًا في المجتمع الإسباني عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل. ويميل المشهد السياسي اليميني إلى أن يكون أكثر تعاطفًا تجاه إسرائيل. أما المشهد السياسي اليساري، الموجود الآن في الحكومة، فهو أكثر تعاطفًا مع معاناة الشعب الفلسطيني. وفي مواجهة التقاعس الأوروبي، والحصار المطلق على هذه القضية من قبل دول مثل ألمانيا، تقود الحكومة الإسبانية مبادرات شجاعة، بالنظر إلى الوضع الدولي والضغوط التي تمارسها إسرائيل عادة، مشيرة إلى الانتهاكات العديدة للقانون الإنساني الدولي من قبل إسرائيل.

(*) كيف يتلقى القارئ الإسباني الأدب الفلسطيني؟  

غالبًا ما تثير الأحداث السياسية اهتمامًا بالجوانب الثقافية. الأدب الفلسطيني حاضر في إسبانيا منذ الستينيات. وكتاب مثل محمود درويش معروفون في إسبانيا. كان لقضية رقابة عدنية شبلي في معرض فرانكفورت للكتاب صدى كبير في إسبانيا. وتمت ترجمة كتابها ولاقى استحسانًا كبيرًا. إن مشكلة الأوضاع السياسية المعقدة مثل الوضع في فلسطين تعني أن الأدب يتم قراءته حصريا سياسيا، مع إهمال الجوانب الجمالية للعمل. وقد أشار درويش إلى الجانب الجماعي والسياسي الحتمي لأعمال المبدعين الفلسطينيين

(*) ألا تفكرون في ترجمة بعض الأعمال الفلسطينية خصوصًا بعد الحرب على غزة؟

بالإضافة إلى الحضور المهم بالفعل للمؤلفين الفلسطينيين المترجمين إلى الإسبانية، فإنني على قناعة بأن الأحداث المأساوية في غزة ستزيد الاهتمام بالأدب والثقافة الفلسطينية. ومن آخر الأصوات الفلسطينية التي وصلت إلى الإسبانية صوت الشاعر نجوان درويش.

مضمون الكتاب هو الثقافة المغربية الحديثة، وبصفة خاصة الأدب المغربي الحديث. يوجد في كتابي "إلى جنوب طنجة" مائة وخمسون كتابًا مغربيًا


(*) كيف تنظر إلى العلاقات الثنائية الثقافية بين المغرب وإسبانيا؟

ربما تعيش العلاقات الثقافية المغربية الإسبانية عصرها الذهبي، ولكن لا زلنا نحن في حاجة إلى علاقات أكثر حيوية. ليس في رأسي هناك غير فكرة التوازن. أظن أن الحضور الثقافي الإسباني في المغرب أكثر من الحضور الثقافي المغربي في إسبانيا، وهذا عن طريق معهد سيرفانتيس في مدن المغرب مثلًا. في رأيي، وقلت هذا من قبل، سيكون من المفيد أن ينشئ المغرب مركزًا ثقافيًا مغربيًا في إسبانيا كي يكون نافذة على الثقافة المغربية. في كتابي الأخير أقدّم للقراء الإسبان جزءًا من المشهد الثقافي المغربي وخاصة عن طريق الترجمات المتوفرة من الكتاب المغاربة والكاتبات المغربيات. وهو دعوة للقراء ليعرفوا أكثر عن المغرب عن طريق الكتاب وعن طريق الثقافة ليس فقط الأخبار السياسية الموجودة في الجرائد والمجلات.  الحضور الثقافي نوع آخر من الحضور المغربي في إسبانيا .

(*) ماذا يجد المستعرب الإسباني في الأدب المغربي من استثناء وتميّز؟

لا نعرف بالضبط ما الذي يمكن أن يجده المستعرب والمترجم في الأدب المغربي أو في الثقافة المغربية، أنا شخصيًا لا أبحث في الثقافة المغربية عن الاستثنائي ولكن أبحث عن العالمي، أبحث عن قدرة الأدب والفن ليعبرا للإنسانية، لم أبحث عن المحلي أو الغرائبي في الثقافة المغربية، ولكن عن الكوني، ومن خلال هذا العنصر الكوني الذي وجدت في الفن المغربي وفي الثقافة المغربية وجدت نفسي.

(*) هل يوجد بين الأدباء الإسبان خوان غويتيسولو آخر يحب المغرب ويقدر قدراته الثقافية؟

تجربة خوان غويتيسولو فريدة من نوعها، ولكن منذ بداية مساره في السبعينيات في المغرب إلى حد الآن في نصف القرن هذا أظن أن عدد الكتاب الإسبان الذي يقدرون الثقافة المغربية ازداد، مثلا خلال خمسين سنة مررنا من عدم الترجمات إلى ترجمات متبصرة معقولة لكتاب كتبوا بالعربية وبالفرنسية بجانب الكتاب المغاربة الذين يكتبون بالإسبانية، إضافة إلى ذلك هناك عنصر جديد وهو الكتاب الإسبان من أصل مغربي، وأغلبهم من الريف ويكتبون باللغة الاسبانية واللغة الكاتالانية، ولهم حضور مهم في المشهد الثقافي الاسباني، وفي الوقت نفسه هناك كتاب إسبان ألهموا كتبهم في المغرب خاصة في مدن مثل طنجة ومراكش وهناك إنتاج من كل الأنواع: الرواية، القصة القصيرة، الشعر... إذًا الحضور المغربي في المشهد الأدبي الإسباني غير كثير في الخمسين سنة.

(*) كيف هو حضور الأدب المغربي في الجامعات الإسبانية؟

هو حضور متنوع. أظن من الممكن أن نميز بين حضور الأدب العربي مباشرة باللغة العربية عن طريق الترجمات المتوفرة في أقسام الدراسات العربية والإسبانية وفي الجامعات الإسبانية. بعد ذلك جاء حضور الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية في أقسام الدراسات الفرنسية في الجامعات الإسبانية، وأيضًا مكّن الأدب المغربي المكتوب باللغة الإسبانية من فتح الباب للحضور في المشهد الجامعي والعلمي في إسبانيا. وأخيرًا أظن أن هناك حضورًا للكتاب الإسبان من أصل مغربي يكتبون باللغة الإسبانية واللغة الكاتالانية بالإضافة إلى حضورهم في المشهد الأدبي الإسباني. وفي رأيي هذا هو التحدي الآن لهذا النوع من الأدب المغربي المكتوب باللغات العربية والإسبانية والفرنسية والكاتالانية، حضور في المشهد الأدبي ليس فقط الحضور المتخصص في أنساق معينة ولكن الحضور بصفته أدبًا كونيًا.

(*) كيف هي حركة الترجمة في إسبانيا؟

حركة الترجمة في إسبانيا عظيمة جدًا. إسبانيا ليست قوة اقتصادية أو من نوع آخر من القوات العظمى، ولكن هي قوة في ميدان النشر وفي ميدان الترجمة، فعلًا إسبانيا قوة فعالة. مثلًا في إسبانيا، كل سنة، النشر يتراوح أو يفوق ستين ألف أو سبعين ألف عنوان في السنة، هذا شيء عظيم، وبالنسبة للترجمة أكثر من عشرة آلاف عنوان في السنة وأحيانًا اثني عشر ألفًا. ميدان النشر وميدان الترجمة نشيطان وكبيران، أما فيما يتعلق بترجمة الأعمال العربية، ربما علينا أن نؤمن به، هناك نصوص أيضًا من كتّاب عرب يكتبون بلغات أخرى، وهو نوع موجود رغم قلته وصغر حجمه، ولكنه موجود.

(*) هناك مجموعة من المترجمين المغاربة للأدب الإسباني إلى اللغة العربية.

فيما يتعلق بترجمة اللغة العربية إلى الإسبانية ما زال دور المؤسسات مهمًا. مثلًا أقصد دور مؤسسة مثل مدرسة طليطلة للمترجمين. من بعد جائزة نوبل إلى نجيب محفوظ تغيرت أشياء. والآن دور السوق ودور النشر التجارية أكبر، ولكن ما زال دور المؤسسات مثل مدرسة طليطلة مهم.

(*) تزور هذه الأيام المغرب، وتحاضر في جامعاته مثل جامعة محمد الخامس بالرباط، حيث استضافك فريق البحث في الدراسات المقارنة.

أزور هذه الأيام المغرب لتقديم كتابي الأخير وعنوانه "إلى جنوب طنجة" وعنوانه الفرعي  "الرحلة في ثقافات المغرب". هو ليس بالضبط كتابًا عن طنجة كما في العنوان، فهو عنوان ملتبس قليلًا. وأظن أن العناوين عليها أن تكون ملتبسة إلى حد ما لتثير الاندهاش. بالنسبة لي جنوب طنجة يعني المغرب. إذًا كنت أقصد طنجة. إنها طنجة باب الدخول العادي إلى المغرب لإسبانيا. طنجة أسطورة أيضًا بذاتها. ولكن كنت أريد أن أقول لنذهب إلى المغرب الحقيقي من ناحية الثقافة الحديثة.

(*) هل يمكنك تقديم مضمون مختصر عن الكتاب؟

مضمون الكتاب هو الثقافة المغربية الحديثة، وبصفة خاصة الأدب المغربي الحديث. يوجد في كتابي "إلى جنوب طنجة" مائة وخمسون كتابًا مغربيًا متوفرة لدى القراء الاسبان عبر ترجمات من العربية، ومن الفرنسية أو مكتوبة مباشرة بالإسبانية. والكتاب دعوة للقرّاء لمعرفة هذا الأدب، وليس فقط الأدب، ولكن أيضًا الفنون الأخرى مثل الفن التشكيلي، الموسيقى، الفوتوغرافيا، والسينما. أقصد أيضًا من كتابي أن أقدّم للقرّاء الإسبان أهمية حضور المرأة المبدعة في كل هذه الميادين، والقصد هو الحضور الكمي والنوعي الأساسي للمرأة المغربية في هذه الفنون.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.