وقال باسم فرات في تصريح خاص لـ"ضفة ثالثة"، إن فوزه بجائزة ثالثة في أدب الرحلات ألقى بمسؤولية أكبر على عاتقه، معتبرا الجائزة محفزا كبيرا لرحلات جديدة ومغامرات مختلفة، سيخوضها في المستقبل القريب.

مسؤولية كبيرة

أوضح فرات أن فوزه ثلاث مرات بجوائز في أدب الرحلات "هو بلا أدنى شك مسؤولية أكبر تقع على عاتقه" فكيف "والجائزة الثالثة (جائزة السلطان قابوس) هي الأكبر عربيا وواحدة من أكبر جوائز العالم"، على حد قوله.
ويرى فرات أن مجموع خمس جوائز كبرى في الثقافة العربية لا تُشكل بمجموعها القيمة المادية لجائزة السلطان قابوس (التي نالها عن جدارة واستحقاق تتويجا لرحلات شملت 39 بلدا عربيا وعالميا، كتب عنها 5 كتب حتى الآن في أدب الرحلة).

تحقيق حلم

يتوقع باسم فرات أن فوزه بجائزة السلطان قابوس التقديرية، سيحفزه لمغامرات قادمة (اكتشاف بلدان جديدة) ونشر عشرة كتب على الأقل: "أعترف بأنني تحفزت أكثر وأصبحت أشعر بأن تحقيق حلمي بنشر عشرة كتب على الأقل لم يعد أمرا صعبا. هذه الجائزة محفز كبير لرحلات جديدة ومغامرات مختلفة".
ويلفت الرحالة فرات الانتباه إلى أن كل فوز لا يخلو من نشوة الانتصار، الانتصار على الذات، وأن الفوز بجائزة لا يعني أن صاحبها هو الأفضل: "جني الجوائز لا يعني أن الحاصل عليها هو الأفضل، بل يمكنه أن يكون الأكثر حظاً".

وتابع: "بدلاً من التبختر وارتفاع منسوب النرجسية في ذاته (أي في ذات كل من يفوز بجائزة هنا أو هناك) عليه أن يجعل الفوز بالجائزة دافعا لتجاوز منجزه، وأن يقدم شكره لمن أعطوه أصواتهم ومنحوه الجائزة، فيحفر أعمق في منجزه وكلما أصدر كتابا أفضل من سابقيه كان شخصا يستحق الجائزة".
عن تلقيه النبأ الأول حول فوزه بجائزة السلطان قابوس التقديرية 2019، قال باسم: "بفرح حتماً، أقولها بلا بهرجة ولا تبجح، لقد كنت أردد أن لا مستقبل لي، فمستقبلي غامض، وغير مأمون، وأنا على شفا حفرة في أية لحظة أقع في مأزق مالي مزمن، لكن مع الجائزة أصبحت أقل خوفا من المستقبل، هذا الخوف الذي كان يُنغّص عليّ فرحي، فخلف الابتسامات في صوري يكمن رعب من المستقبل".
عن جديده من الكتب في أدب الرحلة، قال فرات: "لدي أفكار لأربعة كتب، وحتماً خلال أيام سأبدأ بأحد هذه الكتب التي أرجو أن أنجزها قبل نهاية العام القادم".
وفي اللحظة الأولى لإعلان نتائج الجائزة، كتب باسم في صفحته على فيسبوك صباح الأربعاء: "أهدي هذا الفوز (بأكبر جائزة عربية على حد قوله) للعراق وللنبلاء المتظاهرين السلميين الوطنيين حقّاً وصدقاً. شكراً لكل الأصدقاء الذين راهنوا على كتاباتي والذين فرحوا لي. والشكر الأكبر والأعظم هو للمؤمنين بوحدة التراب العراقي واستقلاله وسيادته، المحاربين للفساد والطائفية والفئوية والعنصرية والانعزالية، المؤمنين بعراق يسع الجميع، المؤمنين بالتظاهر السلمي الرافضين للعنف والدكتاتورية وقوة السلاح".

دواوين وأمكنة
علاوة على تسعة دواوين شعرية، صدر لباسم فرات خمسة كتب في "أدب الرحلة" هي على التوالي "مسافر مقيم.. عامان في أعماق الإكوادور"؛ "الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى"؛ "لا عشبة عند ماهوتا.. من منائر بابل إلى جنوب الجنوب"؛ "طواف بوذا.. رحلاتي إلى جنوب شرق آسيا"؛ "لؤلؤة واحدة وألف تل.. رحلات بلاد أعالي النيل"، والكتابان الأخيران صدرا هذا العام 2019 عن داري نشر مصريتين. أما إصداراته الشعرية فقد حملت العناوين: "أشد الهديل"؛ "خريف المآذن"؛ "أنا ثانيةً"؛ "بلوغ النهر"؛ "أشهق بأسلافي وأبتسم"؛ "أهـزّ النسيان"؛ "محبرة الرعاة"؛ "فأس تطعن الصباح". كما أصدر ثلاثة كتب مختارات شعرية، وكتاب سيرة بعنوان "دموع الكتابة.. مقالات في السيرة والتجربة".
ودخلت تجربة باسم فرات الشعرية وكتبه في أدب الرحلات في الدرس الأكاديمي، وتم تناولها في رسائل ماجستير وأطروحات دكتوراه. وترجمت كتاباته الشعرية إلى الإنكليزية التي صدرت له بها ثلاث مجموعات شعرية، والإسبانية التي صدرت له بها مجموعة شعرية واحدة، فضلاً عن لغات أخرى مثل الألمانية والرومانية والفارسية والصينية واليابانية.

شغف مبكر
يقول باسم فرات إن شغفه بالسفر والترحال كان مبكرا جدا وكان هاجسا لازمه في طفولته ومع ذلك لم يجرؤ أن يبوح به لمن حوله بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية، لكن بمجرد أن انتهت فترة الخدمة العسكرية، اجتاز باسم الحدود العراقية الأردنية في مغامرته الأولى التي يطلق عليها "هجرة الأردن" يوم 23 أبريل/ نيسان 1993 واستمرت أربع سنوات و26 يوما، ليحصل على موافقة للجوء إلى نيوزيلندا، التي أقام بها لثماني سنوات ونيف، ثم توجه بعد ذلك إلى اليابان ليستقر به المقام في هيروشيما اليابانية التي تعد فاتحة حقيقية لجولاته الرحلية ومغامراته بين الأرجاء.
ولم تكن رحلات فرات مفروشة بالأزاهير في جميع المحطات التي مر بها، ففي الغابات التي اقتحمها والجبال التي غامر بتسلقها كاد أن يلفظ أنفاسه غير مرة لا سيما في أعالي جبال الإكوادور (زارها وأقام بها لعامين 2011 و2014) والتي شهدت اختبارا حقيقيا للإفلات من موت محقق حين هبط الليل واشتد الصقيع فانعدم الأكسجين ولا أحد في الجوار.

باسم فرات: الشكر للمؤمنين بوحدة التراب العراقي واستقلاله وسيادته، المحاربين للفساد والطائفية

الجائزة الثالثة 
بفوز فرات بجائزة السلطان قابوس التقديرية، يصبح رصيده من الجوائز التي نالها عن كتبه في "أدب الرحلة" ثلاث جوائز حتى الآن، بعد أن فاز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات عن كتابه "مسافرٌ مقيم.. عامان في أعماق الأكوادور"، والجائزة الأولى لأدب الرحلات- مسابقة ناجي جواد الساعاتي عن كتابه "الحلم البوليفاريّ.. رحلة كولومبيا الكبرى".
ويهتم فرات بزيارة بلدان هامشية لتنوع ثقافتها وطبيعتها، وبينما يخطط لزيارة منابع النيل الأزرق ضمن وجهته الأفريقية (حيث يقيم في السودان منذ فترة) والتي دشنها بزيارة بلاد أعالي النيل مؤخرا، قال إن عواصم مركزية في أوروبا وأميركا كباريس وبرلين ونيويورك تبدو مزارات مستهلكة من قبل الشعراء والأدباء الذين كثيرا ما كتبوا عنها، والاعلام العربي يتناولها تباعا، بينما هناك في الهامش من الخارطة كالهند الصينية (جنوب شرق آسيا) مثلا، هي من يثير شغفه للترحال والاكتشاف أكثر.
وعلى الرغم من اللحظة المتشظية التي يشهدها العراق حاليا، بينما تتواصل ثورة شعبية هناك ضد الفساد والمناطقية وقمع الحريات وتدني الخدمات، استقبل الوسط الثقافي العراقي (والعربي) نبأ فوز باسم فرات بجائزة عربية، بفرح كبير، في منشورات اعتبرت فوزه انتصارا جميلا لعراق الثقافة والتاريخ والابداع والحضارة.
وبهذا الصدد، كتب الشاعر والناقد العراقي حاتم الصكر (المقيم بأميركا) محتفيا بتجربة فرات: "وسط الألم على دم العراق المسفوك ثمنا للحرية المنشودة، يأتي خبر تكريم الصديق الشاعر باسم فرات بجائزة أدب الرحلات... تكريم يستحقه السندباد العراقي الجديد، وهو يقطع الأرض في كل اتجاه بحثا عن الدهشة".

دورة ثامنة
من ناحية أخرى فاز المطرب المصري علي الحجار بجائزة "قابوس التقديرية" لهذا العام في فرع الفنون مجال "الطرب العربي"، بينما حُجِبت جائزة دراسات علم الاجتماع لعدم انطباق شروط التنافس حولها، وفقا للأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم (الجهة المنظمة للجائزة) حبيب بن محمد الريامي، الذي أعلن في مؤتمر صحافي، الأربعاء (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019)، نتائج "جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب" في دورتها الثامنة 2019.

وتشترط مسابقة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب (الجائزة التقديرية المخصصة للعرب) أن يكون المترشح على قيد الحياة ما لم يكن قد توفي بعد تقدمه للترشح، وأن تتميز أعماله بالأصالة والإجادة، وتتضمن إضافة نوعية تساهم في إثراء الثقافة والفكر والفن. وتنظر الجائزة إلى مجمل أعمال المترشح سواء كانت أعمالاً مستقلة أو أعمالاً مشتركة، شريطة أن تكون الأعمال مكتوبة باللغة العربية أصلاً، ويمكن النظر في الأعمال الأخرى التي أنجزها المترشح بلغات أخرى غير العربية كمواد داعمة لترشحه. ويتقدم المترشح فقط للتنافس في مجال واحد وفرع واحد ولا يجوز لمن يفوز بالجائزة الترشح لها مرة أخرى.
يذكر أنه في 27 فبراير/ شباط 2011م، صدر مرسوم سلطانيّ قضى بإنشاء جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب. وتهدف الجائزة إلى دعم المجالات الثقافية والفنية والأدبية باعتبارها سبيلاً لتعزيز التقدم الحضاري، وتفتح أبواب التنافس في مجالات العلوم والمعرفة لتكريم المثقفين والفنانين والأدباء على إسهاماتهم الحضارية في تجديد الفكر والارتقاء بالوجدان الإنساني. وتُمنح الجائزة بالتناوب دورياً كل سنتين، وتؤول الجائزة وآلية تنفيذها إلى مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم. وتُعنى الجائزة بالأعمال والكتابات الثقافية المختلفة في مجالات المعارف الإنسانية والاجتماعية عموماً (اللغة؛ التاريخ؛ التراث؛ الفلسفة؛ الترجمة؛ دراسات الفكر.. إلخ). وفي الفنون تُعنى بالنتاج الفني (الموسيقى؛ الفن التشكيلي؛ النحت؛ التصوير الضوئي.. إلخ). وفي الآداب: تُعنى بالأنماط الأدبية المختلفة (الشعر؛ الرواية؛ القصة القصيرة؛ النقد الأدبي؛ التأليف المسرحي.. إلخ). ويحصل الفائز بالجائزة التقديرية على وسام السُّلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون والآداب، بالإضافة إلى مبلغ مئة ألف ريال عماني.