}

المزادات والتاريخ البصري الفلسطيني.. سنوات الحرب الثانية حتى النكبة

هاني حوراني هاني حوراني 27 أبريل 2022
اجتماع المزادات والتاريخ البصري الفلسطيني.. سنوات الحرب الثانية حتى النكبة
وثيقة "المشكلة الفلسطينية"



 

[هنا الحلقة الرابعة والأخيرة من هذه المقالة التي تقدم قراءة في مزاد علني عبر الإنترنت أقامته مؤسسة كرستيز الشهيرة Christies عام 2017 على مجموعة ضخمة من المقتنيات التي تركها وراءهم ضباط وجنود بريطانيون كانوا قد خدموا في الجيش البريطاني في فلسطين، أو في قوة البوليس الفلسطيني التابع لحكومة الانتداب البريطانية. وقد نشرت الحلقة الأولى منها يوم 10 مارس/ آذار الماضي، ونُشرت الحلقة الثانية يوم 29 مارس/ آذار الماضي، ونشرت الحلقة الثالثة يوم 11 نيسان/ أبريل الحالي].

 

إحدى خرائط فلسطين إبان الحرب العالمية الثانية، والتي تعود لمسح فلسطين في الأعوام 1941-1943 وصورة غلاف كراس "فلسطين والحرب" 



بعكس السنوات السابقة، حيث غلبت الصور الفوتوغرافية وألبوماتها على مزاد كرستيز الخاص بفلسطين، فإن المواد الأكثر ظهورًا في مزادها، والتي تعود إلى سنوات الحرب العالمية الثانية (1939/ 1945)، هي المطبوعات على اختلاف أنواعها، مثل الخرائط، المواد الدعائية الصادرة عن حكومة الانتداب والجيش البريطاني، الأدلة الإرشادية، لوازم البوليس الفلسطيني والملصقات الإعلانية الصادرة عن البوليس.

لكن ألبومات الصور الشخصية والصور الصحافية سوف تعود للظهور ثانية، في سنوات ما بعد الحرب الثانية (1949/1946)، وبالتحديد مع انفجار الصراع مجددًا ما بين الفلسطينيين العرب واليهود، إثر صدور قرار التقسيم (تشرين الثاني/ نوفمبر 1947)، ودخول الجيوش العربية إلى فلسطين بعد 15 أيار/ مايو 1948.

إن الفقرات التالية تعرف بمحتويات أهم مواد مزاد كرستيز التي تعود لسنوات 1939/ 1948، ثم للسنوات (1949/1946).

واحدة من المطبوعات البريطانية التي طرحتها كرستيز للمزاد العلني كراس دعائي تحت عنوان "فلسطين والحرب" (Palestine And The War)، أصدره المفوض البريطاني الأعلى لفلسطين وشرقي الأردن، وحمل تاريخ 1941، وكان الهدف منه هو الترويج لوحدة القوى ما بين اليهود والعرب في فلسطين للقتال "ضد العدو المشترك للدول الحليفة"، أي ألمانيا النازية.

طُبِعَ الكراس في تل أبيب، باللغات الإنكليزية والعربية والعبرية، وتضمّن إلى جانب النصوص، صورًا للنشاطات التي تقوم بها بريطانيا في فلسطين، ولا سيما على صعيد أعمال التدريب للمتطوعين من الجانبين اليهودي والعربي، إبان الحرب العالمية الثانية، والتي كانت تجري في معسكرات الجيش البريطاني وتحت إشرافه.
قدمت كرستيز في مزادها الخاص بفلسطين ألبوم صور وبطاقات بريدية تعود محتوياته لمطلع الأربعينيات. وهو من ممتلكات ب. س. دبليو. دوفيليد B.C.W. Duffield. ووصفته باعتباره "ألبومًا نادرًا جدًا"، وهو يضم 56 صورة من مقاييس مختلفة (من 55×70 ملم إلى 90× 140 ملم،) مع بطاقات بريدية بقياس 100×147 ملم.

يتضمن ألبوم دوفيليد، من قوة بوليس فلسطين، مشاهد عدة لمدن عكا، يافا، القدس، حيفا، تل أبيب وأماكن أخرى من فلسطين. ويظهر الألبوم اهتمام صاحبه بثقافة فلسطين وأزياء سكانها المحليين.

وتعرض العديد من صور الألبوم مجموعات من السكان الفلسطينيين في أوضاع حياتية متنوعة، إضافة إلى مشاهد عامة لعمارة فلسطين.

من بين صور الألبوم هناك نحو عشرين صورة تظهر دوفيليد وزملاءه من قوة البوليس، وتلقي هذه الصور الضوء على الحياة الشخصية اليومية لرجال البوليس البريطاني خلال فترة خدمتهم في فلسطين، وكيف كانت حياتهم الاجتماعية.

من بين المواد النادرة فعلًا في حزمة مزاد كرستيز مجموعة خرائط لفلسطين إبان الحرب العالمية الثانية، والتي تعود لمسح فلسطين في الأعوام 1941-1943.

تضم حزمة الخرائط 37 خريطة مطوية، معظمها بقياس 480×630 ملم، إضافة إلى خرائط أخرى بقياسات أصغر أو أكبر.

إن النبذة الخاصة بالخرائط التي يتضمنها المزاد تحتوي على تفاصيل دقيقة لكل مجموعة من الخرائط، وأحيانًا لكل خريطة، مثل نوعية الطباعة والألوان والأسماء التي تحملها، ومكان طباعتها. ويلاحظ أن بعض الخرائط طبع على ورق سبق أن استخدم في طباعة خرائط أقدم كانت قد ألغيت، وذلك بسبب ندرة الورق في زمن الحرب.

وتفيد نبذة كرستيز عن هذه الحزمة من خرائط فلسطين أنها معدة على مقياس (1:25.000)، وذلك بالاعتماد على عدة مسوح ومصادر أقدم، من بينها المسح الميداني السابع الذي قام به سلاح الهندسة الملكية التابع للقوة الاستطلاعية المصرية عام 1918، ومسوح أخرى تعود لعامي 1926/1927 للطرق الرئيسية والفرعية لفلسطين، والتي خضعت للمراجعة خلال الفترة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 1942 وآذار/ مارس 1943.
طرحت كرستيز في مزادها الخاص بفلسطين مجموعة من 31 صورة صحافية، تعود بتاريخها إلى السنوات 1946/1949، وهي منوعة المقاييس، أكبرها (202×308 ملم). وهي مرفقة مع شروح مطبوعة بالآلة الطابعة، وتعود لعدة وكالات صحافية بريطانية، أميركية، سويدية، إيطالية، وإسرائيلية.

هذه المجموعة من الصور تغطي طيفًا واسعًا من الموضوعات، أقدمها تعود إلى 20 حزيران/ يونيو 1946، وهي تظهر جنود الجيش العربي (الأردني) وهم يمتطون جمالهم على الطريق إلى جبل الزيتون، في استعراض عسكري نُظّم بمناسبة الاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية.

صورة أخرى تظهر وحدات ما سمته كرستيز "جيش التحرير العربي"، والأرجح أن المقصود هو جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، وهي تتموضع في مواقع مختلفة من فوق أسطح المباني العربية. ويضم الألبوم أيضًا صورًا لمحلات بيع السلاح، في أسواق المدينة القديمة، وصورًا أخرى لأفراد جيش الإنقاذ، وهم يقودون عرباتهم العسكرية.

من ناحية أخرى يضم الألبوم صورًا لأفراد قوات البلماخ (التابعة للهاغاناه) وهم يتحركون نحو مواقعهم، وأخرى لفوزي القاوقجي وهو يشعل سيجارته خلال تفتيشه على جبهة الشمال.

وثمة صور أخرى تظهر لاجئين فلسطينيين ومخيمات، وحراسًا عربًا في مواقع الدفاع على أسوار القدس وخارجها.

"دليل الجيش البريطاني والبوليس الفلسطيني" والملصق الإعلاني الذي أصدرته قوة بوليس فلسطين، وتعلن فيه عن منح مكافآت لمن يقدم معلومات تقود إلى اعتقال 29 سجينًا يهوديًا، تم تهريبهم من سجن عكا، يوم 4 أيار/مايو 1947

من بين مواد المزاد العلني التي عرضتها كرستيز دليل إرشادي مطبوع باللغة الإنكليزية بعنوان "دليل الجيش البريطاني والبوليس الفلسطيني" (British Army & Palestine Police Manual)، وهو يقع في 35 صفحة بقطع متوسط (16.7×24 سم)، وقد صدر في حزيران/ يونيو 1947.

يتضمن الكراس تعليمات وإرشادات حول كيفية التعاون ما بين الجيش البريطاني والبوليس الفلسطيني، وهو يعرض قائمة من المناسبات التي تتطلب سلوكًا متماثلًا من قبل الجنود والشرطة في مثل هذه الحالات، ولا سيما خلال الأعمال المشتركة، والتي تتكرر أسبوعيًا.

تصف كرستيز الدليل المعروض للبيع بأنه نادر جدًا، ولا توجد منه سوى نسخة أخرى، موجودة لدى المكتبة الوطنية الإسرائيلية. وهو يباع مع ثماني قطع إضافية، بينها كراسة تعريف بالقدس أيام السيد المسيح، وبطاقات تهنئة بعيد الميلاد باسم الجيش البريطاني لعام 1947، وتحتوي الأخيرة على مشاهد من القدس.

مطبوعة استثنائية أخرى عرضتها كرستيز في مزادها العلني هي الملصق الإعلاني الذي أصدرته قوة بوليس فلسطين، وتعلن فيه عن منح مكافآت لمن يقدم معلومات تقود إلى اعتقال 29 سجينًا يهوديًا، تم تهريبهم من سجن عكا، يوم 4 أيار/ مايو 1947.

يضم الملصق الذي طُبع بحجم كبير (70 سم×99.7 سم) باللغات الإنكليزية والعربية والعبرية، صورًا ومعلومات عن المطلوبين، الذين ينتمون لكل من تنظيمي "إرغون" و"ليحي" الصهيونيين المتطرفين، واللذين سبق لهما أن شنّا هجمات مسلحة على مقرات البوليس والجيش البريطاني في فلسطين.

وقد خصص البوليس الفلسطيني مبلغ ألف جنيه إسترليني، كمكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال المطلوبين.

لوازم البوليس الفلسطيني

إلى جانب ألبومات الصور والمواد المطبوعة المارة أعلاه، عرضت كرستيز في مزادها مجموعتين متنوعتين من المعدات والأدوات التي كان يستخدمها أفراد البوليس الفلسطيني، تضمنت الأولى أصفادًا (كلبشات) معدنية، حزاما عسكريا لحمل الذخيرة، صفارة مع الحبل الخاص بها، مجموعة من أزرار الشرطة، دفتر ملاحظات، نسخة من الدليل الخاص بالبوليس الفلسطيني، روزنامة عام 1949، وبرنامجًا للحفلات الموسيقية وغيرها.

 

عينة من أدوات البوليس الفلسطيني التي عرضت في مزاد كرستيز وإحدى الصور الجوية لفلسطين ولبنان


أما المجموعة الأخرى من الأدوات الاستعمالية النادرة التي تعود إلى قوة البوليس الفلسطيني، والتي طرحت للمزاد العلني، فتضم قبعات صوفية سوداء، شريطا جلديا وقفلا معدنيا يحمل شارة البوليس الفلسطيني، عصا خشبية مع شريط جلدي تحمل رقمًا متسلسلًا محفورًا على العصا، صفارة معدنية مثبتة على سلسلة، 69 صورة فوتوغرافية متفرقة ومختلفة القياسات وهي تظهر عددًا من أفراد قوة بوليس فلسطين، و16 صورة فوتوغرافية مع شهادات تتضمن صرف أصحابها من الخدمة. هذا بالإضافة إلى 26 مفردة تعود لقوة بوليس فلسطين، من بينها أدلة ومجموعة من "الباجات" والدبابيس والأزرار الخاصة بأكمام القمصان... إلخ.

ألبوم صور آخر طرحته كرستيز في مزادها الخاص بفلسطين يتمحور حول سفن الهجرة اليهودية غير الشرعية إلى فلسطين، وتحديدًا في السنوات 1948/1946.

يتألف الألبوم من 82 صورة فوتوغرافية متنوعة القياسات، تتراوح ما بين 41×58 ملم و162×215 ملم. كما يحتوي الألبوم على تعليقات مرافقة للصور. وهي تعود لموظف مدني في سلاح الطيران الملكي (RAF) هو Lt Lovegrove، رقم 297، Squadron. وتظهر هذه الصور مدن القدس، بيت لحم، يافا وحيفا، إضافة إلى مدن خارج فلسطين مثل الخرطوم ومالطا. هناك ست صور مميزة أخذت في خليج حيفا في تموز/ يوليو 1947، وهي الصور التي تظهر السفن المنخرطة في الهجرة اليهودية غير الشرعية.

إحدى الصور تظهر إقلاع السفينة بواسطة رجال المارينز الملكية، والتي كانت جزءًا من الحاجز المفروض على الهجرة غير الشرعية إلى فلسطين، وفي صورتين أخريين تظهر السفينة "Hatikrah"، التي كانت تنقل المهاجرين اليهود، والتي سحبت إلى الميناء، وصور أخرى تظهر جوازي سفر لاثنين من المهاجرين اليهود، فيما يظهر صاحب الألبوم، ليفيجروف Lovegrove، في أربع صور أخرى.

تحت عنوان "البريطانيون في فلسطين الانتدابية" طرحت كرستيز ألبومًا يضم 244 صورة معظمها بقياس 90×115 ملم، إضافة إلى صور بانورامية مصحوبة مع تعليقات. الألبوم الذي وصفته كرستيز بـ"النادر وغير العادي" ضم تشكيلة منوعة من الصور الجوية تغطي مشاهد من فلسطين ولبنان، وتعود لعام 1940.

صور فلسطين، التي شكلت الحصة الأكبر من محتويات الألبوم احتوت على لقطات للمواقع السياحية في القدس، وإلى جانبها لقطات جوية لمناطق مختلفة من فلسطين ولبنان، من بينها صور لتل أبيب، يافا، دير اللطرون، قاعدة سلاح الطيران الملكي البريطاني في بيتاح تكفا، القدس الجديدة، بعلبك، شلالات خلدة ووادي الأردن.

أن الصورة الجوية الأكثر تميزًا وإثارة للاهتمام لفرادتها هي تلك تظهر الشاطئ الغربي لبحيرة طبريا، والتي غطت صفحتين متقابلتين من الألبوم. إن هذه الصورة البانورامية الاستثنائية لطبريا (12×645 ملم)، تم تجميعها من 10 صور جوية منفردة. وقد التقطت الصور على الأغلب من قبل أحد أفراد الخدمة المدنية من طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية.

وتحت عنوان "الجيش البريطاني في فلسطين الانتدابية"، طرحت كرستيز للمزاد ألبوم صور يعود لعام 1943، ويضم 85 صورة أصلية، منها واحدة كبيرة الحجم (84×134 ملم)، والباقي بقياس متوسط (65×90 ملم)، كما يضم الألبوم صورًا قليلة ذات قياس أصغر.

التقطت الصور على يد جندي بريطاني كان قد عمل في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط. يحتوي الألبوم على مشاهد مألوفة للمواقع السياحية في كل من القاهرة والقدس، لكن بعض الصور توثق للوحدة العسكرية التي عمل معها صاحب الألبوم، في العباسية (مصر) وغزة (فلسطين).

إضافة إلى ما مر، ثمة ثماني صور تظهر الحياة اليومية في شوارع يافا، وصور أخرى جيدة تظهر الحداثة المعمارية لتل أبيب، وهناك عدد مماثل من الصور تعرض مشاهد عامة لمدينة بيت لحم.

صور توثق حياة أفراد سلاح الجو الملكي في فلسطين

تعود مجموعة ثالثة من الصور لعامي 1944 - 1945، المطروحة في مزاد كرستيز، لأحد رجال الخدمة المدنية في سلاح الجو الملكي (RAF)، وتضم 144 صورة، معظمها بقياس متوسط (70×90 ملم)، وتحتوي على ملاحظات مكتوبة.

تغطي الصور عددًا من مدن فلسطين: القدس، الناصرة، بيت لحم، حيفا، طبريا، تل أبيب ومناطق أخرى. وحسب كرستيز فإن الألبوم يقدم سجلًا فريدًا عن خبرات الموظفين المدنيين في سلاح الجو الملكي إبان الحرب العالمية الثانية. كما تظهر بعض صور الألبوم أعضاء سلاح الجو الملكي في رحلاتهم إلى مناطق مختلفة من فلسطين، إضافة إلى عدد من اللقطات الأخرى للمواقع السياحية والأكثر شعبية في البلاد.

وتظهر بعض الصور الحياة اليومية في القاعدة الجوية الرئيسية لسلاح الجو الملكي في فلسطين، الواقعة في عكا.

وثائق ومواد أخرى تعود إلى الأعوام الأخيرة لفلسطين الانتدابية

طرحت كرستيز ما أسمته "الصور الصحافية للحرب العربية – الإسرائيلية"، وهي مجموعة من أربعين صورة صحافية تعود للأعوام 1947 - 1949، أكبرها حجمًا بقياس 205×260 ملم، معظمها يحتوي على وصف لموضوعات الصور، مطبوع على الآلة الطابعة، وهي صادرة عن عدة وكالات صحافية بريطانية، أميركية، فرنسية، وإسبانية.

إن مجموعة الصور "المميزة"، بحسب وصف كرستيز، تتضمن مشاهد للقوات العربية بما فيها السورية والعراقية وهي تستعد للحرب، زيارات الملك عبد الله، ملك الأردن، للقدس في شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 1948، الأعمال الحربية في النقب بين القوات المصرية واليهودية، وهناك صور أخرى تظهر كلا من العاهل السعودي، الملك سعود، ورئيس الوزراء السوري، جميل مردم بيه، وهما يغادران اجتماعا للقيادة العربية العليا في تشرين الأول/ أكتوبر 1947.

إن نصف الصور الفوتوغرافية تقريبًا تظهر آثار الغارات الجوية العربية على البلدات اليهودية، فيما تظهر صورتان للقوات الإسرائيلية في مسيرات ابتهاج؛ سبع صور أخرى تظهر حضور دبلوماسيين عرب ويهود جلسات الأمم المتحدة؛ فيما تظهر صور أخرى رفع علم إسرائيل لأول مرة إلى جانب أعلام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فوق مقرها المؤقت، على أطراف بحيرة ساكسيس Lake Success في مدينة نيويورك. ضم الألبوم نفسه صورة للكونت برنادوت، الوسيط الدولي في النزاع الفلسطيني، وصورة فوتوغرافية لخارطة التقسيم التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 1947، ولقطة مثيرة لحارسين عربي وإسرائيلي يتبادلان الحديث أمام مقر الأمم المتحدة في القدس.

وتضم مجموعة الصور الصحافية حاييم وايزمان، أول رئيس لدولة إسرائيل، وهو يخطب في الجمعية العامة الأولى للدولة العبرية، يوم 14 شباط /فبراير 1949. فيما تظهر ثلاث لقطات أخرى مشاهد تشريد الفلسطينيين من خارج ديارهم.

تقرير بريطاني سري تحت عنوان "عملية الفيل"

30 كانون الثاني/ يناير 1947 

صورة لغلاف تقرير "عملية الفيل" وصورة بانورامية دعائية استثنائية، تعود إلى عام 1948 حول مذبحة دير ياسين، وهي صادرة عن "جيش الدفاع الإسرائيلي"، في محاولة لإثبات وجود وحدات عسكرية عربية في دير ياسين قبل وقوع المذبحة



طرحت كرستيز في مزادها الخاص بفلسطين تقريرًا سريًا ونادرًا، حمل توقيع فرقة المشاة الأولى، عن "عملية الفيل"، التي استهدفت تنفيذ الأحكام العرفية البريطانية في مدينة تل أبيب، في آذار /مارس 1947، وملاحقة منظمتي الإرغون وليحي المصنفتين كمنظمتين إرهابيتين.

كانت فرقة المشاة الأولى قد وصلت إلى فلسطين، قادمة من إيطاليا، في كانون الثاني/ يناير 1945، حيث استقرت في شمال فلسطين. وفي أيلول/ سبتمبر من نفس العام تم نشر الفرقة السادسة المحمولة جوًا في منطقة الجنوب. وفي مطلع عام 1947 تبادلت الفرقتان المناطق الجغرافية، حيث انتقلت فرقة المشاة الأولى جنوبًا، وواجهت نشاطًا إرهابيًا على يد المنظمات اليهودية. وفي أواخر كانون الثاني/ يناير قام تنظيم إرغون بعملية اختطاف للضابط البريطاني المتقاعد، الرائد كولينز، في القدس، كما ألقى القبض على القاضي ويندهام تحت تهديد السلاح من مقر محكمته. وقد شكلت عمليات الخطف هذه السبب المباشر لإنطلاق "عملية الفيل"، لفرض القوانين العرفية ومكافحة الإرهاب في مناطق تل أبيب وبيتاح تكفا ورمات غان.

وعلى الرغم من أن القوات البريطانية نفذت عملية كبيرة لاجتثاث الإرهاب اليهودي الموجه ضد بريطانيا، هي عملية أجاتا (1946/6/29) التي تم فيها توقيف معظم قادة الوكالة اليهودية، (من بين 2700 يهودي اعتقلوا خلال العملية)، والتي شارك فيها الآلاف من أفراد الجيش والبوليس، إلا أن ذلك لم يوقف العنف اليهودي، حيث نفذ الإرغون عملية تفجير لفندق الملك داوود في 22 تموز/ يوليو 1946، ما أسفر عن مقتل 91 وإصابة 46 شخصًا، في هجوم استهدف مكاتب سلطات الانتداب في الفندق.

وفي 30 تموز/ يوليو 1946 قامت القوات البريطانية بعملية اعتقال ليتسحاق شامير، زعيم تنظيم ليحي، وعدد من كوادر التنظيم، ووضعت يدها على مخابئ الأسلحة التابعة له، وقد أدين شامير ومساعدوه من قبل المحاكم العسكرية.

ويمثل التقرير الذي حمل رمز الفيل، وصفًا للحملة البريطانية على الإرهاب اليهودي، شاملًا مراحل التخطيط والتنفيذ والإدارة وغيرها.

وقد طبع من التقرير 200 نسخة، تحمل علامة "سري"، وقد وزع على جميع الوحدات العسكرية الرئيسية للجيش البريطاني في فلسطين.

وعرضت كرستيز ما وصفته بصورة بانورامية دعائية استثنائية، تعود إلى عام 1948 حول مذبحة دير ياسين، وهي صادرة عن "جيش الدفاع الإسرائيلي"، في محاولة لإثبات وجود وحدات عسكرية عربية في دير ياسين قبل وقوع المذبحة.

تقول النشرة التعريفية لكرستيز إن الصورة الموصوفة بأنها وثيقة سرية تعود لـ"جيش الدفاع الإسرائيلي"، هي عبارة عن خارطة تدريب أعدّت للتحضير لمهاجمة القرية العربية دير ياسين، وتحمل تاريخ 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1948.

تتألف الصورة البانورامية الكبيرة القابلة للطي، من خمس صور فوتوغرافية متساوية تم لصقها بعناية. والمعروف أن مذبحة دير ياسين، القرية العربية الواقعة على بعد خمسة كيلومترات عن القدس، وذات الموقع الإستراتيجي، قد تعرضت لهجوم من عصابتي إرغون وليحي، وراح ضحيته ما لا يقل عن 107 من المدنيين الذين قتلوا في منازلهم، فضلًا عن وقوع عمليات اغتصاب وتشويه لجثث الضحايا. وقد تسببت مذبحة دير ياسين في نشر الذعر لدى القرى المجاورة، وشكلت نقطة تحول في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، حيث ساهمت في دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين لمغادرة قراهم ومدنهم وفي تحولهم إلى لاجئين. ويلقي توصيف كرستيز للصورة البانورامية لقرية دير ياسين ظلالًا من الشك على صحتها، حيث يفيد بأن الصورة الفوتوغرافية تم إنشاؤها بعد المذبحة، لأغراض دعائية.

المشكلة الفلسطينية.. وجهة نظر بريطانية 

تحت عنوان "المشكلة الفلسطينية The Palestine Problem" أصدرت وحدة استخبارات الجيش البريطاني في تشرين الأول/ أكتوبر 1945، وثيقة مطبوعة تلخص فيها الوضع السياسي في فلسطين تحت الانتداب، بعيد الحرب العالمية الثانية، وقد صدرت طبعة ثانية من هذه الوثيقة في أيار/ مايو 1946، وتتضمن عدة فصول، هي: "سلطات الانتداب البريطاني"، "الثورة العربية 1936-1939"، "الجماعة اليهودية في فلسطين"، "الصهيونية العالمية"، "فلسطين وجامعة الدول العربية"، و"المنظمات اليهودية المسلحة غير الشرعية".

إلى جانب ذلك، تضمنت الوثيقة خرائط تظهر ثلاث خطط لتقسيم فلسطين ما بين اليهود والعرب.

وطرحت كرستيز المزيد من الصور الفوتوغرافية التي تتناول الحرب العربية – الإسرائيلية في الأعوام 1949/1947 للمزاد العلني، منها خمس صور صحافية كبيرة الحجم (285×352 ملم) تظهر مشاهد في الصراع الذي عرفته هذه السنوات، منها واحدة لقناص يهودي يحتمي وراء ساتر من أكياس الرمل، على الأغلب في البلدة القديمة للقدس، وتظهر شاحنة عسكرية محترقة جراء كمين تعرضت له قافلة سيارات يهودية، وقد أحاط بها مقاتلون عرب، وعرضا عسكريا إسرائيليا يرتدي أفراده لباسًا عسكريًا بريطانيًا ويحملون رشاشات ستين، وجنودًا بملابس بريطانية من المحتمل أنهم يهود في الزي العسكري البريطاني يأخذون وضعًا قتاليًا وراء جدار صخري، وثلاثة أفراد يحملون نقالة وأحدهم يرتدي قناعًا واقيًا وآخر يمسك بمنديل على وجهه وينقلون جثة من منطقة تعرضت للقصف.

كرستيز وصفت الصور بأنها واضحة ودقيقة وفي حالة جيدة.

 
مراسم انتقالية قبل إعلان قيام دولة إسرائيل

صورة غلاف الأوامر والإعلانات الصادرة عن الوكالة اليهودية وصورة لإحدى الصحف العبرية يتصدرها "إعلان الاستقلال"


 كما طرحت كرستيز ستة أوامر وإعلانات صادرة عن الوكالة اليهودية في فلسطين قبل 4 أيام من "إعلان استقلال دولة إسرائيل"، وهي مطبوعة في تل أبيب بتاريخ 10 أيار/ مايو 1948.

جاءت هذه القائمة من الأوامر والإعلانات والمراسم في وثيقة مطبوعة مكونة من 28 صفحة (قياس 171×238 ملم)، وهي صادرة عن الوكالة اليهودية، التي كانت قد تأسست عام 1920، وأدارت خلال فترة الانتداب البريطاني شؤون الجماعة اليهودية في فلسطين، والتي تحولت مع ازدياد عدد المهاجرين اليهود في فلسطين إلى "دولة داخل الدولة".

وتكمن أهمية هذه المجموعة من الإعلانات والأوامر واللوائح والمراسم في أنها صدرت في أوقات مختلفة عن مؤسسات تابعة للوكالة اليهودية خلال الأيام الأخيرة من الانتداب البريطاني، وقبل قيام سلطة الدولة العبرية المعلنة يوم 14 أيار/ مايو 1948.

 

صحف عبرية وثقت "إعلان استقلال إسرائيل"

طرحت كرستيز ما وصفته بمجموعة نادرة من 6 صحف عبرية صادرة في الأيام 14 -16 أيار/ مايو، تضمنت الإعلان عن قيام دولة إسرائيل المستقلة، كل منها بطريقتها المختلفة.

وحسب تلخيص كرستيز لمحتوى الصحف العبرية، فقد جاء في صحيفة (Yom Ha Madinah) 14 أيار/ مايو 1948: مانشيت رئيسي: "يوم الدولة". كما نشرت الصحيفة نص إعلان الاستقلال، وإلغاء لوائح الكتاب الأبيض الصادر عام 1939، والمتضمنة فرض قيود على الهجرة اليهودية وانتقال الأراضي إلى يد اليهود في فلسطين.

أما صحيفة "معاريف" المسائية فقد كان مانشيتها الرئيسي: "الانتداب مات ودولتنا تحيا". وبما أن الصحيفة قد صدرت مساء يوم 14 أيار/ مايو 1948، فقد نشرت النص الكامل لإعلان الاستقلال، كما قرأه بن غوريون في الساعة الرابعة بعد الظهر في متحف تل أبيب.

صحيفة "مفراك" حمل عنوانها، يوم 15 أيار/ مايو: "قيام دولة إسرائيل".

وحمل عنوان "هبوكر" الرئيسي، الصادر يوم 16 أيار/ مايو: "دولة إسرائيل عاشت"، بينما حملت "هآرتس" الصادرة يوم 16 أيار/ مايو عنوانًا رئيسيًا هو: "رؤية الأجيال تؤتي ثمارها: قيام دولة إسرائيل".

وبدورها حملت صحيفة "هتسوفيه"، الصادرة يوم 16 أيار/ مايو، عنوانًا رئيسيًا يقول: "نشأت دولة إسرائيل، ويجب أن تعيش".

منشور آخر باللغة العبرية وضعته كرستيز في مزادها العلني، يتضمن النص الحرفي لخطاب بن غوريون يوم 14 أيار/ مايو 1948، والذي يعلن فيه استقلال إسرائيل.

 

* رسام وباحث في الفنون البصرية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.