لم نَلتقِ خارجَ هذا الحلمِ
ولَم نَسهَر فوقَ شُرفةِ غيرِه، نرقبُ نجمةً
ونمدّ إليها الشراع.
لَم نتقاسَمْ غيرَ ما مرَّ في جسدِ الغيمةِ مِن رِيحٍ
ولَم نَشرَبْ غيرَ دَمعَتِها.
على عَتَباتِنا حُرّيّةٌ، فَمَنْ يَفتَحُ البابَ لها؟
مَنْ يُرشدُ الضوءَ إلى لحظةِ الصُّبحِ
ويُصافِحُ المجدَ غداً؟
مَن غيرُكَ إذ انتَصَرتَ على عتمَةِ المقبَرَة،
أضأتَ في ليلِها جَمرَ عَينَيْكَ سِراجاً
وأيقظتَ شمسَ البلاد؟
كلُّ ما فيكَ مِن قَلَقٍ يُؤرِّقُني
كلُّ ما فيكَ مِن وهجٍ يصرخُ بي:
أحلامُ مَنْ سبقوكَ بُوصلةٌ
ومِن زنزانةٍ في السّجنِ ينبثقُ الشّمال.
هكذا، وباقتفائها أثر اليومي ومحاولة إزاحة الستار عن كلِّ ما يُواري الواقع المؤلم وجزئياته نقرأ القصائد الأولى للكتاب، كشجرةٍ يرعاها الشاعر صفحة بعد صفحةٍ لتخترق أغصانُها العالية سماء الوهم وتُعلن أنَّ للشعر سطوة الحضور والمضي إلى الأقاصي، وإن بدا خافتاً كنهر.
يتمسَّكُ الشاعر ياسر خنجر في مجموعته الجديدة هذه، بالإيقاع كحامل لغوي للنَّص الشعري، المثقل بالهواجس والأحلام ومآلات الحب في قلب الحرب، ثمَّة موسيقى تخترق الجدران الصمّاء، وتزيح قضبان السجون، وتوقف القنابل في منتصف السماء، وإن كان الشاعر يجزم، حقيقةً لا مجازاً بأن طريقه وطريق كل الأشياء لا ينتصف.
"لا ينتصف الطريق" مجموعة شعرية جديدة للشاعر ياسر خنجر، جاءت في 88 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" لسنة 2019، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
ياسر خنجر: شاعر سوري من الجولان المحتل. صدرت له المجموعات الشعرية: "طائر الحرية" دار الفارابي - بيروت 2003، و"سؤال على حافة القيامة" مركز فاتح المدرّس للفنون والثقافة - الجولان 2008، و"السحابة بظهرها المحني" دار راية للنشر والترجمة – حيفا 2014، و"سحابة صيف" قصائد مترجمة إلى الإنكليزية – مؤسسة المعمل للفن المعاصر – القدس 2017.