}

"مهرجان الإسماعيلية" لم يتجاهل الهموم العربية والإنسانية

أريج جمال 1 أبريل 2024
سينما "مهرجان الإسماعيلية" لم يتجاهل الهموم العربية والإنسانية
ملصق الفيلم الفلسطيني القصير "أيوب"

قبل أيام عديدة، انتهت فعاليات الدورة الخامسة والعشرين من مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة. هذا العام، احتفل المهرجان الرائد في تخصصه، على مستوى مصر والمنطقة العربية، بيوبيله الفضي، وذلك بعرض "أكثر من 120 فيلمًا من أكثر من 60 دولة، بعضها عُرِض لأول مرة في العالم، وبعضها أصبح من كلاسيكيات السينما العالمية"، بحسب كلمة رئيس المهرجان، الناقد المصري عصام زكريا. مسّت الأفلام المعروضة كثيرًا من الهموم العربية والعالمية. كما سمحت بتقديم وجهات نظر ورؤى جديدة، لا فقط حول قضايا الساعة دوليًا، مثل النزيف الفلسطيني المستمر في قطاع غزة، وتأثير التغيرات المناخية العنيفة على الأفراد في بقاع جغرافية مُعينة؛ لكن أيضًا على مستوى الجُرأة في التعبير السينمائي، والانطلاق بالفيلم التسجيلي، الذي يرتبط تاريخه بتاريخ بدايات السينما نفسها، إلى آفاق أكثر تحررًا من قيود التصنيف، ومما ينبغي وما لا ينبغي عمله في هذا النوع من الأفلام، حسب القواعد المدرسية.
برزت بعض الأفلام أكثر من غيرها، بطبيعة الحال، ولفتت الأنظار إلى أساليب صُناعها، حتى لو لم تتوّج بجوائز لجان التحكيم المختلفة لهذه الدورة. كما سعت أفلام أخرى إلى تقديم نوع من المواساة، أو الأمل في التشافي، لمَنْ أنجزوها من جانب، ولمن سيشاهدونها من جانب آخر، أليست هذه طبيعة السينما، أن يمدنا نورها، في الأزمنة العصيبة، ببعض السلام، وربما بشيء من التفريج يُعيننا على اجتياز الآلام، أو على الأقل، التعبير عنها بحرية، ومشاركتها مع الآخرين؟
في هذا التقرير، محاولة للتوقف أمام بعض هذه الأعمال وإلقاء نظرة على الاتجاهات العامة لصناعة السينما التسجيلية والقصيرة في العالم حاليًا، كما كشفت عنها عروض مهرجان الإسماعيلية، لهذا العام.

فلسطين في القلب دائمًا

لقطة من فيلم "مار ماما"




بالإضافة إلى تكريم المخرج الشاب الفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل، صاحب عدد من الأفلام القصيرة التي مرّت على مهرجانات دولية، وفيلم واحد تسجيلي طويل هو "عالم ليس لنا"؛ عرض المهرجان هذا العام عدة أفلام فلسطينية قصيرة تراوحت بين التسجيلي والروائي، منها "أيوب" من سيناريو وإخراج أجود عبد جرادات، وإنتاج وحدة الأفلام الوثائقية الفلسطينية، والذي يتتبع رحلة الصبي أيوب، هو ورفاقه إلى المدرسة، على ظهر حمار. يسكن أيوب ضمن المناطق التي يُمنع فيها البناء، ويرتاد إحدى مدارس "التحدي"، والتي تُنشأ أساسًا لتثبيت الفلسطينيين في الأماكن التي طُردوا منها بأوامر المُحتل وتعاون من المستوطنين الإسرائيليين. بهذه الطريقة، يتطرق الفيلم إلى معاناة الصغار الفلسطينيين للحصول على حق من المفترض أن تكفله جميع دساتير العالم، وهو الحق في التعلم، لكنه يُسلب منهم ضمن حقوق أخرى، لا تعترف بها الدولة العبرية. حاز الفيلم على تنويه خاص من لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية القصيرة.

ملصق الفيلم الفلسطيني "المفتاح" 


ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، حصد "مار ماما" لصانع السينما الفلسطيني مجدي العمري على الجائزة الأولى، ويروي بدوره جانبًا من العدوان الإسرائيلي اليومي على حياة الطفل الفلسطيني، من وجهة نظر بطلته الصغيرة التي تُعايش قساوة الجنود الصهاينة مع أبيها، ونيرانهم التي تُحاصر حيّها وطفولتها بلا رحمة. الفيلم الفلسطيني الثالث، الذي لفت الأنظار لجرأته على مستوى الطرح والتنفيذ، هو "المفتاح"، وهو روائي قصير، مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب أنور حامد، يؤدي دور البطولة فيه صالح بكري، ومن سيناريو وإخراج ركان مياسي. يحكي عن كوابيس تطارد أسرة إسرائيلية مُحصنّة تمامًا في بنايتها الباذخة، إلا أن صوتًا يتردد كالهاجس على أسماعهم كل ليلة، وكأن شبحًا ما يُدير مُفتاحًا في باب منزلهم، محاولًا الدخول. لا تُثبت كاميرات المراقبة، أي صور لمُقتحِمين، وحتى مع استمرار إجراءات الحراسة المُشددة، لا يبدو أن الصوت يختفي. إنما يتحوَّل إلى وباء يُطارد مواطنين إسرائيليين آخرين، في عالمهم الذي يبدو من الخارج منيعًا في وجه الخطر، لكنه في الحقيقة ليس كذلك. ربما لأنه شُيَّد على وهم الحياة الآمنة على أنقاض أعداد لا تُحصى من حيوات الفلسطينيين المقتولين والمُستلَبين، أي الأشباح من وجهة نظر إسرائيلية.

الطابع الأنثربولوجي... معاناة مع الاستبعاد والتغريب!

لقطة من فيلم "حياة ذهبية"


يروي الفيلم التسجيلي "الإله امرأة" ــ إنتاج مشترك من فرنسا وسويسرا وبنما ــ جانبًا آخر من محنة الاستبعاد والتغريب الاستعمارية، التي حدثت على أرض بنما، وبين أفراد شعب الكونا، وهم من بين أحفاد السكان الأصليين للقارة، أو ما يُطلق عليه الهنود الحُمر، وما زال هذا الشعب يُحافظ على طقوس أسلافه، بالأخص في ما يتعلق بالنساء، وتوليهن الاهتمام بالثقافة الأصلية، حتى في قسوتها. هذا جعل مخرجًا فرنسيًا هو بيير دومينيك جايسو يعيش بين الهنود الحمر عام 1975، هو وزوجته، ويُصوِّر فيلمًا تسجيليًا عنهم. ينتظر أفراد الشعب الذين تفاعلوا مع المُخرج الفرنسي ردحًا من الزمن كي يُشاهدوا أنفسهم في الفيلم الذي أنجزه. لكن المخرج يعود إلى باريس مع أسرته، وينزوي مُخفيًا معه نسخة الفيلم.
يُسلط المخرج أندريس بيروت في هذا الفيلم، وهو أول أفلامه الطويلة، الضوء على التلاعب السينمائي الذي مارسه المخرج بيير دومينيك بحق شعب "كونا"، إذ ابتنى سرديته السينمائية في الفيلم الذي أخفاه لاحقًا لأسباب غير يقينية تمامًا، على نظرة تغريبية تُغذي الخيال الأوروبي أكثر مما تصف الحقيقة. وكان دومينيك قد أنشأ دعايته لهذا الفيلم، على ترويجه عن شعب الكونا بأنه شعب أمومي، وأن الأنثى عنده مُقدسة. في المقابل، يحاول أندريس بيروت، هنا، أن يُراقب بحياد وصفي طقوس أهل الكونا، وأن يُسجل رحلة البحث عن الفيلم المُختفي في ظروف غامضة انتهت بظهور ابنة المخرج الفرنسي، ومنحها أفراد الشعب نسخة من الفيلم عثرت عليها في قبو منزل أبيها. وكأن أندريس بيروت صاحب "الإله امرأة" حاول أن يُكفِّر عن خطيئة بيير دومينيك، وأن يرد الحق إلى أصحابه بالاستماع إليهم من دون أحكام ولا تنظير في هذا الفيلم المُثير للاهتمام، والذي حصل على جائزة لجنة تحكيم الفيبرسي.




أما الفيلم الأفريقي "حياة ذهبية" ــ من إنتاج بوركينا فاسو، وبنين، وفرنسا ــ فيرصد عمل القُصَّر في مناجم التنقيب عن الذهب في بوركينا فاسو، بلا عناية طبية، ولا ضمان اجتماعي، وتحت إلحاح العوز والأحلام، أو لعلها أوهام العثور على الذهب، فهو وحده الذي سيُحوِّل هذه الحياة عديمة القيمة إلى حياة ذهبية، كما يُشير عنوان الفيلم. والواقع أن المخرج بوباكار سانجار بذل جهدًا سينمائيًا كبيرًا في تصوير أبطال فيلمه الصغار وهم يهبطون إلى قيعان الآبار، ويحفرون داخلها، تحت تهديد يومي بأن يُدفنوا في قيعانها، إن حدث أقل انهيار داخلي. تتبعت كاميرا سانجار أحاديث هؤلاء القُصّر ورحلاتهم اليومية من وإلى الشقاء، ليتبين مع نهاية الفيلم أنه هو نفسه عمل في صِباه في التنقيب عن الذهب، وها هو اليوم يُنجز فيلمًا، كنوعٍ من الوفاء لضحايا العمل نفسه. غني عن القول إن هذه الظروف القاسية للتنقيب عن الذهب تحدث برعاية كبار التُجار والمُهربين، وإنها إحدى طرق نهب خيرات القارة الأفريقية، واستنزاف أهلها، التي خلّفها الاستعمار، سواء بشكل مباشر، أو غير ذلك. حصل الفيلم على الجائزة الأولى في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة بالمهرجان.

القلق المناخي... ما زالت النداءات مُستمرة
أكثر من فيلم تعرّض، في دورة مهرجان هذا العام، لمسألة التغيّرات المناخية، وتأثير التعديات البشرية السافرة على البيئات الطبيعية لجيراننا من الكائنات الحية الأخرى. أحدها الفيلم الكندي القصير "وحيد القرن الأخير"، من سيناريو وإخراج غيوم آرفي، الذي يحكي بأسلوب ساخر، وفانتازي، عن الشعور المُفرِط بالمسؤولية لسيدة سبعينية هي " لي لي" عن وشوك انقراض إحدى فصائل حيوان "وحيد القرن"، عن هوسها بسلوكيات الإهدار البشرية اليومية، إلى حد إصابتها بالكوابيس، وربما حتى بالعنف في محاولة لإيقاف هذا النزيف. لي لي مُصابة بما يُطلق عليه "القلق المناخي"، وهو اضطراب عقلي شُخّص حديثًا وناتج عن إحساس عام بالقلق مرتبط بإدراك حجم التدهور المناخي المستمر. وعلى الرغم من أن لي لي تُصادف في النهاية ما يُهدِّئ بعض لوعاتها، إلا أن الفيلم في مُجمله، يدعونا إلى إعادة النظر في غرورنا البشري، الذي يدفعنا إلى اللامبالاة إزاء مُحيطنا الطبيعي وسُكانه الآخرين.
على الصعيد نفسه، يأتي فيلم التحريك القصير "الحوت تاليكوا: رقصة حزن"، من إنتاج ليتوانيا وأميركا، وفيه يرسم صانع الأفلام دانيال كريزبيرج عالم الحيتان، لا سيما عالم الأنثى "تاليكوا"، وقصة حُزنها الكبيرة، لما فقدت مبكرًا صغيرتها الأولى، ثم سارت تحملها في المحيط لأميال طويلة، ولأيام من دون طعام. من المُرجح أن يكون هذا السير على غير هُدى، لأن تاليكوا لم تصدق أن صغيرتها ماتت. مزيد ومزيد من الحيتان الصغيرة تموت قبل الأوان، حسب ما يروي التعليق الصوتي على القصة من مُخرج الفيلم. والسبب وراء هذا الفقد المزدوج، فقد أمهات الحيتان، وفقد البيئة الحيوية لحيتانها، هو التلوث الناجم عن الأنشطة البشرية غير المسؤولة. "الحوت تاليكوا" فيلم قصير مُبهج بألوانه، بالرغم من الشجن الذي يتضمنه. ومن المُعزي لنا أن تاليكوا قد تمكنت بعد سنوات من إنجاب صغيرها المُعافى "فينيكس"، وكذا تجاوزت أحزانها.


أفلام التحريك... تعبير فني حُرٌّ عن موقع الذات من العالم
في فئة أفلام التحريك، أيضًا، برز الفيلم الروسي القصير "مرارة 25"، لمُخرجته ناديا غولدمان، الذي حصل على تنويه من لجنة تحكيم هذه المسابقة، ويروي عبر رسومات حميمية تميل إلى التعبير الطليق والطفولة الظاهرة، حياة شابة رتيبة، بين إدمان للجنس، وتعدد العلاقات، بحثًا عمّا يبدو أنها لا تستطيع إدراكه ولا توصيفه. ثم نفهم أنها منقطعة تمامًا عن عواطفها، لا سيما طفلتها الداخلية، وحتى يحدث هذا الاتصال، فإن حياتها تظل جوفاء بلا معنى، برغم كثرة أشكال اللذة من حولها.

لقطة من فيلم "الصورة العائلية"


لفت الأنظار أيضًا فيلم تحريك الدمى "الصورة العائلية" لصانعته ليا فيداكوفيك ــ من إنتاج كرواتيا وفرنسا وصربيا ــ ومن المُدهش في هذا العمل الذي لا يتجاوز زمنه الربع ساعة، كيف يُقدِّم حياة غنية بالتفاصيل المنزلية المجانية الصغيرة، أو الأخرى الكارثية. من جهة، عبر براعة التحريك خفيف الظل، ومن جهة ثانية عبر إحكام السيناريو، الذي يُسائل فكرة العائلة، والمعنى منها، ولعلّه يُشير حتى إلى حتمية التفسخ العائلي، وكأنه لا وجود للعائلة المثالية. بينما يلعب الفن في النهاية دور المايسترو المُوفِّق بين كل هذه النغمات الشاذة، وهي خارجه ليست سوى أغنيات فردية مُتبددة. فاز الفيلم بالجائزة الأولى، في مسابقة أفلام التحريك هذه الدورة.

تجارب في البحث عن صوت سينمائي

ملصق الفيلم القصير "عيسى" 


حملت هذه الدورة مفاجأة عرض فيلم "عيسى"، أو "أعدك بالجنة"، بحسب العنوان الإنكليزي، بعد أن كان موضوعًا للاهتمام مرّات عدة، أبرزها حال عرضه في الدورة الماضية من مهرجان كان السينمائي، وتتويجه بجائزة، ومرة ثانية حال سحبه من مهرجان القاهرة للفيلم القصير. على أي حال، يُذكِّر "عيسى" بكثير من الظروف التي صاحبت من قبل عرض الفيلم الطويل "ريش"، فهو أيضًا إنتاج مصري فرنسي مُشترك، وهو أيضًا يدور حول أشخاص مُهمشين، بل وحتى منبوذين في المجتمع الكبير، عدا عن صور الجدران الكالحة، ومحاولة الوصول إلى أسلوب سينمائي خاص.
قد تبدو هذه النقطة الأخيرة في غير صالح "عيسى". فاللقطات الثابتة الطويلة بدت في فيلم يتسم بالقِصر نوعًا من المبالغة في الأسلبة، برغم حيوية القصة التي يرويها الفيلم. من جانب آخر، يُثير النصّ السينمائي في "أعدك بالجنة" سؤالًا إشكاليًا عن موقع الحكاية التي تُروى هنا، فلا هي واقعية تمامًا، ولا هي خيالية كذلك تمامًا. وكأن مخرجه مراد مصطفى، وهو أيضًا الذي كتب السيناريو بالاشتراك مع سوسن بشير، أراد أن يُفجِّر أكثر من لغم في فيلمه الذي لا يتجاوز زمنه نصف الساعة. فالبطل مُهاجِر سوداني، أو أفريقي، وكان على علاقة مع مُراهقة مصرية، ربما على غير دينه. ثم هناك الاضطهاد العنصري، أو الديني، الذي يُسفر عن قتلى. ذلك كله عدا عن المشهد الأخير، الذي يطاول أيضًا فكرة الهجرة غير الشرعية. حصد الفيلم الجائزة الثانية من لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير في المهرجان.
في السياق نفسه من البحث عن أسلوب، جاء الفيلم التسجيلي القصير "مطاردة الشمس: الشط"، من سيناريو وإخراج آنا بيلانكوف، وإنتاج كرواتيا. في الفيلم الذي يعتمد على الأرشيف الكرواتي بشكل أساسي، تحاول صانعة الفيلم إعادة خلق سينمائي لأكبر مخيم للاجئين في مصر خلال الحرب العالمية الثانية، وهو "الشط". تلعب التركيبات البصرية دورًا جماليًا وتعبيريًا في هذه الرحلة التي يأخذنا إليها الشريط القصير، إذ يستكشف تقريبًا موضوعه من العدم أو بالأحرى من منطقة فقدان الذاكرة العالمي. وتؤدي القرابة العائلية دورًا في تحقيق هذا الفيلم، فوالد المُخرجة كان أحد نزلاء هذا المُخيم في صباه. ويصب العمل كله في صالح مزيد من الإدراك لأوضاع اللاجئين المنسيين في جميع أنحاء العالم. حصد الفيلم الجائزة الثانية في فرع جوائز التسجيلي القصير. كما جاء "خشب" التسجيلي القصير جدًا من إنتاج إيراني، وإخراج مرتضى بايشيناس، ليعبِّر في ما لا يزيد على ثلاث دقائق عن علاقة مادة الخشب بالحياة، لا سيما بالأطفال. فهي التي يُصنع منها مقاعد الدراسة، وهي التي يُصنع منها أدوات الحرب والقتال، وقد يتورط هؤلاء الصغار أنفسهم في عمليات هذه الصناعة، بالإضافة إلى أنهم ضحاياها. حصد الفيلم الجائزة الأولى في فرع التسجيلي القصير.
أحد أهم أفلام هذه الدورة، وربما أجرأها، كان "قصة صامتة" التسجيلي الطويل، إنتاج مشترك بين الدنمارك والسويد والدنمارك. والفيلم هو رحلة صانعه الدنماركي أندرس سكوفبيرج في التعافي من الاستغلال الجنسي الذي تعرض له وهو بعد طفل على يد مُراهق يكبره ببضعة أعوام. يُسجل أندرس لقاءاته الحديثة مع المُعتدي، ويستفسر منه، بمتابعة أطباء نفسانيين متخصصين، عن شعوره هو الآخر إزاء هذا الإيذاء. يعود أندرس إلى طفولته، إلى لحظة انفصال والديه، وابتعاد أبيه إلى مدينة أخرى، فذلك هو الزمن الذي بدأ فيه الاعتداء. بالطبع، يحافظ أندرس على سرية المعلومات حول الطرف الآخر في القصة. ويبدو، كما يقول هو، كأنه يبحث عن عبارة سحرية، أو مفتاح يُمكنه من طي صفحة هذا الماضي، والمُضي قدمًا. ما يصل إلى تحقيقه بطريقة ما، عن طريق فيلمه هذا، في نوع من التفريج للكرب، ولأعراضه التي استمرت لزمن طويل جدًا قبل هذا الإنجاز السينمائي والبدء في رحلة التعافي. إنه تفريج لنا أيضًا، لجراحنا الأكثر سرية، المفتوحة على الدوام في انتظار شفاء ما، لعلّه يكون في السينما.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.