Skip to main content
رسائل التصعيد في غزة: ضغط لتنفيذ تفاهمات الهدوء
ضياء خليل ــ غزة
"حماس" تدفع لتصعيد محدود مع إسرائيل (سعيد خطيب/فرانس برس)

تعطي المؤشرات الميدانية والسلوك السياسي في قطاع غزة، انطباعات عن وجود قرار بالتصعيد التدريجي تجاه الاحتلال الإسرائيلي، في ظل استمرار تضييقه على القطاع وتلكؤه في تنفيذ التزاماته، مقابل حالة الهدوء التي شهدتها الحدود في الأشهر الماضية. وأعادت الفصائل الفلسطينية تفعيل أدوات "أقل خشونة" على الحدود مع الأراضي المحتلة، واستهدفت منذ الخميس الماضي مستوطنات "غلاف غزة" بعشرات من البالونات التي تحمل المواد الحارقة والمتفجرة، ما أحدث حرائق عدة في المناطق المستهدفة.
وقصفت طائرات حربية إسرائيلية مرتين مواقع عسكرية لحركة "حماس" للرد على عودة إطلاق البالونات تجاه الغلاف. لكن القصف الإسرائيلي حافظ على "قواعد الاشتباك المحدود"، كما حافظت الفصائل على نمط أقل "خشونة" في عمليات التصعيد الأخيرة.

رُصد تضييق إسرائيلي متزايد على حركة التصدير من القطاع، وهي أحد بنود تفاهمات الهدوء على الحدود

وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، في غزة، إنّ الفصائل، وخصوصاً حركة "حماس"، تدفع لتصعيد محدود لا يخرج عن نطاق "المشاغلة" الحدودية، غير أنها قد تضطر في النهاية، إذا ما تجاهل الوسطاء وإسرائيل مطالبها، إلى زيادة التصعيد مع محاولة ضبطه لكي لا يصل إلى مرحلة التصعيد الشامل والحرب الرابعة. وأرسلت "حماس" رسائل عبر الوسطاء إلى إسرائيل، وفق ذات المصادر، تُحمّلها مسؤولية تعطيل تفاهمات الهدوء على الحدود، ولوّحت باعادة تفعيل الأدوات "الخشنة"، إذا ما استمرت إسرائيل بعرقلة وصول المساعدات المالية والإنسانية إلى القطاع المحاصر منذ 14 عاماً.

وإلى جانب الرسالة عبر الوسطاء، أطلقت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، نحو ثمانية صواريخ باتجاه بحر غزة، سمع دويها في مناطق مختلفة من مدينة غزة وشمالها، في إطار ما تسميه "معركة التجهيز والإعداد". لكن الصواريخ التي انطلقت بالتزامن مع التصعيد والتلويح الإسرائيلي بقصف غزة، تحمل رسالة لإسرائيل بأنّ "حماس" ومعها فصائل المقاومة الأخرى أيضاً، جاهزة للرد، وأن صواريخ جديدة من صناعتها دخلت إلى الخدمة، إضافة إلى أنّ "مخازنها" ممتلئة بهذه الصواريخ.

إسرائيل ليست في وارد شن حرب واسعة على القطاع

ومن المتوقع أنّ تنتهي المنحة القطرية للأسر الفقيرة ولمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع هذا الشهر. ويبدو من بعض المعطيات المتوفرة أنّ إسرائيل تسعى لمنع تجديد المنحة القطرية في ظل "المزايدات" الإسرائيلية الداخلية على وصول أموال المنحة إلى الفلسطينيين. إلى جانب ذلك، رُصد تضييق إسرائيلي متزايد على حركة التصدير من القطاع، وهي أحد بنود تفاهمات الهدوء على الحدود، إضافة إلى محاولة إسرائيلية لمنع دول متعاطفة مع غزة من تقديم مساعداتها للفلسطينيين وتعطيل هذا الدعم، ما يزيد الأوضاع سوءاً في القطاع الذي يقبع أكثر من 70 في المائة من سكانه تحت خط الفقر.
وحاولت "العربي الجديد" التواصل مع مسؤولين في الفصائل، لكن جميعهم لم يردوا على الاتصالات، ويبدو ذلك مقصوداً، ففي حالات التصعيد والرسائل المتبادلة لا يعطي المتحدثون باسم الفصائل وقادتها أجوبة عن أسئلة الصحافيين ووسائل الإعلام. وبالنسبة للكاتب والمحلل السياسي حاتم أبو زايدة، فإنّ الوضع في قطاع غزة قد يتدهور بشكل كبير، لا سيما في ظل استمرار الحصار والتضييق وأزمة كورونا، موضحاً أنّ هناك تضييقاً على الأموال التي تدخل كمساعدات للقطاع، وهذه الأموال هي التي تحافظ على الحالة المعيشية اليومية. ورأى أبو زايدة، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ فصائل المقاومة معنية بالتصعيد للضغط على الإسرائيليين لوقف هذا التضييق على المساعدات الإنسانية والمالية، لا سيما أنّ المقاومة تدرك جيداً أنّ استمرار التضييق سيؤدي إلى انفجار مجتمعي، لذلك تضع خطتها البديلة في الميدان للتصعيد ضد الاحتلال. غير أنه استبعد أن يتطور التصعيد الحالي إلى حرب شاملة، فالأرجح أنّ المقاومة تُخطط لتصعيد محدود، بنمط أدوات ناعمة، مثل إطلاق البالونات والإزعاج على الحدود (الإرباك الليلي)، وقد ترد اسرائيل لعدة أيام من دون الوصول إلى حرب رابعة.
والحرب الشاملة، وهي الرابعة على قطاع غزة منذ 2008 إنّ حدثت، لن تكون "مزحة"، وفق تقدير أبو زايدة، الذي أشار إلى أنها ستكون قاسية على قطاع غزة وعلى الجانب الإسرائيلي أيضاً، منبهاً كذلك إلى أنّ اسرائيل ليست في وارد شن حرب واسعة على القطاع، لأن أولوياتها الداخلية مختلفة الآن في ظل الإرباك الحكومي والخلافات بين قطبي الحكومة الإسرائيلية، إضافة إلى أنّ عين إسرائيل حالياً منصبّة على جبهتي لبنان وسورية. ولا يعني عدم رغبة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي في الوصول إلى حرب شاملة في هذا الوقت بالذات، ألا تنفلت الأمور عن عقالها، وتتدحرج الأوضاع بما لا يخطط له أحد، سواء عبر حادث ميداني كبير وردة فعل، ومن ثم ردة فعل مضادة، تتدحرج وصولاً إلى حرب شاملة.