Skip to main content
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
زايد الشمري


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

كنا نلعب مباراة تدريبية بعد ذلك، كنا في الصيف، حدث خلاف بيني وبين جوني فيديل، أحد أقدم اللاعبين في الفريق، وهو حارس المرمى، مايكي المدرب كان هو الحكم، وبالتأكيد، أظهرني أنا بأنني المخطئ، وأن الحق كان مع جوني، لهذا انفجرت أنا ولم أتحمل ما حدث، ذهبت لمايكي وقلت له "أنت تخاف من اللاعبين القدماء في الفريق، وكأنك تخاف من الأشباح"، كانت هناك عدة كرات في الملعب، بدأت أركلها واحدة تلو الأخرى، بعض الكرات تخطت السياج وسقطت على السيارات المركونة خارجاً ولهذا بدأت المُنبهات التي في هذه السيارات تعمل، وأصدرت أصواتاً مزعجه، كنت أمشي بمظهر ذلك الفتى المغرور والسيئ، وجميع زملائي كانوا يحدقون فيَّ، مايكي حاول تهدئتي، لكنني صرخت فيه:

"هل أنت أمي أم ماذا؟".

كنت في قمة الغضب، ذهبت إلى غرف الملابس، وقمت بإفراغ درجي، وأسقطت اسمي، وقلت لهم إنني لن أعود أبداً، هذا يكفي! وداعاً مالمو، شكراً لكم ووداعاً أيها الأغبياء، ركبت في سيارتي، تويوتا سليكا، ومن ثم انطلقت للمنزل ولم أعد أبدا للتدريبات، جلست في البيت في تلك الأيام واكتفيت بالتسكع مع أصدقائي وبلعب البلاي ستيشن، كنت وكأنني متغيب عن المدرسة، وبالتأكيد هاس بورغ كان يتصل دائماً ويبدو في حالة هستيرية: "ماذا بك؟ أين أنت؟ يجب أن تعود فوراً للنادي".

لم يكن من المستحيل إقناعي بالعودة، وعدت بعد أربعة أيام، كنت أفكر بأن الرحيل الكبير لم يأت حتى الآن، ما حدث يمكن أن يحدث في كرة القدم دائماً، وأن الأدرينالين يثير الكثير من التصرفات، بالإضافة إلى أنهُ لم يتبق لي الكثير من الوقت مع النادي، أنا في طريقي إلى هولندا ولم أفكر حينها بأي عقوبات سخيفة، كنت على العكس أفكر في أنهُ سيقدمون الشكر لي، فقبل عدة أشهر، مالمو كان في أزمة مالية وبحاجة لأن يحصل على 10 ملايين، لم تكن لديهم أي أموال للتعاقد مع لاعبين كبار، لكن الآن هم النادي الأغنى في السويد وهذا بفضلي، حتى رئيس نادي مالمو بينجت ماديسون قال لأحد الصحف: "لاعب مثل زلاتان يولد كل 50 عاماً"، لهذا لم يكن من الغريب أن أفكر بأنهم سيقومون ببعض التنظيمات لتقديم الشكر لي: "شكراً لك فتى الـ 85 مليوناً"، خاصة أنهم قبل عدة أسابيع كانوا قد احتفلوا بنيكلاس كايندفال أمام 30 ألف متفرج في مباراتنا ضد هيلسنبورغ.

في نفس الوقت شعرت بأنهم خائفون مني، لأنهم يعلمون أنني أنا الوحيد الذي قد يتمكن من التسبب بضياع الصفقة مع اياكس بسبب تصرفاتي المجنونة التي كنت أقوم بها، في تلك الأيام، كنت على وشك أن ألعب مباراتي الأخيرة في الدوري السويدي، كانت ضد هالمستاد في ملعبهم وكنت أنوي أن أقدم للجماهير وداعاً جميلاً، ذلك الوقت لم يكن كبيراً بالنسبة لي، لأنني انتهيت من مالمو، وأنا أفكر حالياً في أمستردام، لكن تبقى تلك فترة ستمضي من حياتي، أتذكر أنني قبيل اللقاء مررت بالورقة التي يتواجد فيها أسماء اللاعبين الأساسيين، نظرت إليها، ومن ثم قمت بإعادة النظر مرة أخرى.

اسمي لم يكن موجوداً! لم يكن حتى موجوداً في الدكة، فهمت على الفوز بأن هذا عقاب لي، كانت طريقة مايكي في إظهار من هو القائد في هذا الفريق، قبلت بالأمر، وماذا عساي أن أفعل غير ذلك؟ في الحقيقة لم أكن غاضباً حتى عندما قام مايكي بالشرح للصحافيين بأنني في ذلك الوقت "كنت تحت الضغط"، وبأنني "غير متزن الآن"، وبأنني أحتاج للراحه، وكأنهُ ذلك الرجل الطيب الذي قرر إراحتي، على كل، تخيلوا أنني كنت ساذجاً بما فيه الكفاية لأستمر في التفكير في أن الإدارة قد تكون تعمل على تجهيز شيء خاص لي مع الجمهور.

بعد ذلك بفترة، جلرى استدعائي لمكتب هاس بورغ، لم أكن أحب هذا الأمر، لكن في ذلك الوقت حدثت أمور كثيرة غير متوقعة، دخلت إلى ذلك المكتب ووجدت هاس بورغ وبينجت ماديسون الرئيس، جالسين بكل ثقة، قلت لنفسي: الآن ماذا؟ هل سنقف في جنازة؟

- "زلاتان، وقتنا معاً انتهى".
- "لا تخبرني بأنك سوف تقوم بـ".
- "نريد أن نخبرك فقط بأن".
- "ماذا؟ هل ستقولون شكراً ووداعاً هُنا في هذا المكان؟"، قلت لهم ذلك وأنا أنظر حولي، كنا في مكتب بورغ، نحن الثلاثة فقط!

- ثم قلت لهم مرة أخرى: "إذا لن تقوموا بذلك أمام الجماهير؟".
- بينجنت ماديسون قال: "أنت تعلم زلاتان، يُقال إن هذا الأمر يجلب الحظ السيئ قبل المباريات".

- "ماذا؟ حظ سيئ!؟ لقد شكرتكم كايندفال أمام 30 ألف متفرج، والأمور سارت بخير".
- "نعم، لكن".
- "لكن ماذا؟".
- "نريد أن نقدم لك هدية خاصة".
- "ما هذه بحق الجحيم؟"، نظرت إلى الهدية، وماذا وجدتها! لقد كانت كرة، كرة كانت موضوعة بقالب من الكريستال! ما الذي كانوا يعتقدونه؟
هل كانوا يتوقعون بأنني سوف أرى تلك الكرة وأنا في أمستردام ومن ثم أبكي؟
- قلت لهم: "إذاً، هذه هي الطريقة التي سوف تشكروني فيها على الـ 85 مليوناً؟".
- "نحن نريد فقط أن نعبر عن امتناننا".
- "لا أريدها، احتفظوا بها"، ثم دفعت الكرة على الطاولة وخرجت.
- سمعتهم يقولون "لا يمكنك فعل هذا".

لكن بالتأكيد كان بإمكاني أن أقوم بذلك، خرجت من النادي، وكان ذلك هو وداعي مع مالمو، لا أكثر ولا أقل، وبكل تأكيد لم أكن سعيداً بذلك، لكن بكل صدق تجاوزت الأمر بسهولة، ما أعنيه: ماذا كان مالمو حقاً بالنسبة لي؟ حياة الفعلية سوف تبدأ الآن، كنت أفكر في الأمر وكان يكبر في كل مرة أفكر فيه، أنا لست ذاهباً لأياكس فقط، بل أنا أغلى لاعب لديهم أيضاً، وأياكس بالتأكيد ليسوا ريال مدريد أو مانشستر يونايتد، لكنهم كانوا نادياً كبيراً أيضاً، قبل خمس سنوات منذ ذلك الوقت اياكس لعب نهائي دوري الأبطال، وقبل ست سنوات اياكس فاز بالمسابقة، كما أن اياكس لعب له كرويف، ريكارد، كلويفرت، بيركامب، وفان باستن، خاصة باستن الذي كان رائعاً بحق، كنت سأحمل رقمه على قميصي.

كانت الأمور تبدو خيالية بالنسبة لي، أنا ذاهب لتسجيل الأهداف ولأكون حاسماً لأياكس، لكن أيضاً، مع استمرار الأمر، الضغط كان في ازدياد مستمر، لا أحد يدفع 85 مليوناً من دون أن يريد شيئاً في المقابل، في ذلك الوقت اياكس كان قد أكمل ثلاث سنوات من دون الفوز ببطولة الدوري، وهناك بالنسبة لهم هذه فضيحة صغيرة، اياكس كان النادي الأجمل في هولندا، ومشجعيه يطالبون دائماً بالفوز، يجب أن تعمل وأن تتخلى عن أسلوب الغرور والأشياء الأخرى، بالتأكيد هناك لن أبدأ بأسلوب: "أنا زلاتان، من أنت؟"، كنت في ذلك الوقت قد بدأت أحاول تعلم ثقافة المجتمع، لكن في نفس الوقت، الأشياء استمرت بالحدوث معي.

ففي طريقي إلى المنزل من غوتنبيرغ، في بوتنيارد خارج يونكوبينغ، الشرطة أمسكت بي لأنني كنت أقود بسرعة 190 كم في الساعة، في طريق محدد بسرعة 70 كما أتذكر، هذه السرعة ليست الأكبر مقارنة بما فعلتهُ لاحقا، لكن رغم ذلك الشرطة أخذت رخصة القيادة والصحف علمت بهذا الأمر، ولم تنشر هذه الحادثة فقط، بل إنها عادت لتسترجع ذكرياتي القديمة في السويد، قاموا بصنع قائمة لأبرز لفضائحي وللبطاقات الحمراء ولكل شيء سيئ فعلته، حتى إنهم ذكروا أن إدارة اياكس تعلم ببعض الأمور مسبقا. الصحف بدأت معي بشكل جيد، وبقدر ما كنت أريد أن أصبح فتى طيباً، أصبحت فتى سيئاً قبل أن أبدأ حتى، كنت أنا ولاعب مصري آخر اسمه ميدو، كان قادما من بلجيكا هناك حيث حقق نجاحاً كبيراً، سريعا انتشرت سمعتنا على أننا مجانين.

كو أدريانز، الرجل الذي التقيته في إسبانيا، كان مدرب اياكس، ولقد سمعت عنه الكثير والكثير، سمعت عن كونه الرجل الذي يعلم كل شيء عن لاعبيه، وعن طرق معاقبته لهم، طرق مريضة، إحدى القصص حصلت مع أحد الحراس الذي أجاب على هاتفه أثناء التدريبات، لهذا قام أدريانز بوضعه مسؤولاً عن الرد على جميع الاتصالات التي تصل إلى هاتف النادي، على الرغم من أنه لم يكن يتحدث الهولندية، كان يقول فقط:"ألو، ألو، أنا لا أفهمك"، ومن ثم هناك قصة الشبان الثلاثة الذين خرجوا من النادي ليحتفلوا دون علمه، وفي اليوم التالي عرف بأمرهم وجعلهم ينحنون على الأرض أثناء التدريبات، واللاعبون الآخرون كان يتدربون على تجاوزهم، كان هناك الكثير من هذه القصص، ولم تزعجني، على الرغم من أن الكلام كان دائما عن المدرب، إلا أنني لطالما أحببت الأشخاص الصارمين، أنا بإمكاني أن أكون جيداً مع الأشخاص الذين يبقون على مسافة ثابته بينهم وبين لاعبيهم ولا يقتربون كثيراً.

هكذا نشأت، فأنا لم يقل لي يوماً: "بالتأكيد سوف تلعب يا زلاتان في المباراة"، وأنا لم يأت والدي إلى التدريبات ليقبل المدرب ويطلب منه أن يتصرف معي بلطف، أبدا، أنا أفضل أن أكون بشخصيتي المستقلة، وعلى العكس، فأنا أفضل أن أكون على خلاف مع المدرب وأصبح عدواً له وأن ألعب لأنني جيد بما فيه الكفاية، أفضل من أن أكون صديقه وألعب لأنهُ يحبني فقط، لم أكن أريد من أي شخص أن يعاملني بلطف، كنت أريد أن ألعب كرة القدم فقط، ولا شيء آخر.

رغم ذلك، التوتر كان موجوداً عندما حزمت حقائبي ورحلت إلى هُناك، أياكس أمستردام كان شيئاً جديداً بالنسبة لي، لم أكن أعرف أي شيء عن المدينة، أتذكر فقط الإقلاع والهبوط في المرة السابقة، كما أتذكر تلك الفتاة التي كانت في استقبالي في المطار، كانت تعمل في أياكس ولهذا قامت باستقبالي واستقبال فتى آخر، أتذكر أنني كنت لطيفا وقمت بتحيتها وتحيته، كان فتى خجولاً بمثل عمري، قدم من البرازيل، يقول إنه لعب هناك مع كروزيرو، نادٍ شهير أعرفه ولقد لعب له رونالدو، كان هذا الفتى جديداً مثلي في أياكس، وكان لديه اسم طويل لم أحفظه، لكنني كنت أستطيع مناداته بماكسويل، تبادلنا الأرقام، ومن ثم الفتاة، اسمها بيستشيلا يانسن، قامت بإيصالي إلى منزل صغير قام النادي بتجهيزه لي في دايمن؛ محافظة صغيرة بعيدة عن النادي، هُناك كان لدي سرير من صنع شركة هاستينز، وتلفاز 60 إنشاً فقط لا غير، بقيت هناك ألعاب البلاي ستيشن وأتساءل ما الذي سيحدث بعد هذا؟

اقرأ أيضاً

أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ"فيات"!

أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا"أنت تخاف من مورينيو"!

أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية

أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي

أنا زلاتان (5)...عندما صرخت"كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"

أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين

أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو

أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟

أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل

أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!

أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس

أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد