الأمم المتحدة: مجاعة وشيكة في شمال غزة وسط وضع غذائي كارثي في القطاع

الأمم المتحدة تحذّر من مجاعة وشيكة في شمال غزة وسط وضع غذائي كارثي في القطاع

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
غزة

العربي الجديد

avata
العربي الجديد
توقيع
18 مارس 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في شمال غزة بين مارس ومايو، مع تسارع الوفيات وسوء التغذية بسبب النزاع وعرقلة إسرائيل للمساعدات.
- أنطونيو غوتيريس يدين الظروف في غزة ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات لمواجهة الجوع المأساوي الذي يهدد 70% من الفلسطينيين.
- تقارير تكشف عن مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، مع تأكيد على أن المجاعة قابلة للتجنب إذا تم السماح بوصول كامل لمنظمات الإغاثة.

حذّرت الأمم المتحدة من وضع غذائي كارثي في قطاع غزة، ومن مجاعة وشيكة في شماله في أقلّ من شهرَين، وذلك في ظلّ غياب أيّ تدخّل عاجل للحؤول دون ذلك، وعرقلة إسرائيل إدخال المساعدات.

وفي ظلّ الوضع في شمال غزة الذي يُعَدّ صعباً خصوصاً، أفاد تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" المدعوم من الأمم المتحدة بأنّ "المجاعة وشيكة في المناطق الشمالية، ومن المتوقّع وقوعها في أيّ وقت ما بين منتصف مارس/ آذار الجاري ومايو المقبل".

وأضاف التقرير، الصادر اليوم الاثنين، أنّ "كلّ الأدلة تشير إلى تسارع كبير في الوفيات وسوء التغذية"، مشدّداً على أنّ "انتظار تصنيف مجاعة بأثر رجعي قبل التحرّك هو أمر لا يمكن قبوله".

وذكر التقرير أنّ المجاعة سوف تقع بناءً على "السيناريو الأكثر ترجيحاً"، على أساس الفرضيات التي تفيد بأنّ النزاع سوف يتصاعد، بما في ذلك عبر هجوم بريّ في رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، وسوف تواصل الأعمال العدائية عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية.

مجاعة من صنع البشر في غزة

تعليقاً على تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" الخاص بقطاع غزة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إنّه "يمثّل إدانة فاضحة للظروف التي يعيش في ظلها الفلسطينيون في غزة". وقد جاء ذلك في تصريحات أدلى بها أمام الصحافيين المعتمدين في مقرّ الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك.

وأوضح غوتيريس في تصريحاته المقتضبة أنّ "كبار خبراء العالم في مجال الأمن الغذائي، وثّقوا بوضوح أنّ المجاعة في الجزء الشمالي من قطاع غزة باتت وشيكة، إذ استنفد أكثر من نصف سكان القطاع، نحو 1.1 مليون شخص، إمداداتهم الغذائية بالكامل ليواجهوا جوعاً كارثياً".

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنّ أهالي غزة بواجهون مستويات مروّعة من الجوع والمعاناة، و1.1 مليون شخص يُعَدّ "أكبر عدد من الأشخاص يواجهون جوعاً كارثياً يسجّله نظام التصنيف على الإطلاق، في أي مكان وأي زمان".

ورأى غوتيريس أنّ هذه الكارثة من "صنع البشر" وأنّه ما زال في الإمكان وقفها. وشرح، في هذا الإطار، أنّ ثمّة حاجة لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. ثمّ وجّه دعوة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل "ضمان الوصول الكامل وغير المقيّد للإمدادات الإنسانية إلى كلّ أنحاء قطاع غزة".

كذلك ناشد المسؤول الأممي المجتمع الدولي تقديم الدعم الكامل للجهود الأغنسانية التي تبذلها الأمم المتحدة. وشدّد على ضرورة التحرّك "الآن" من أجل "منع ما لا يمكن تصوّره ولا قبوله ولا تبريره".

مجاعة كارثية تهدّد نصف سكان غزة

وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى "مجاعة وشيكة" في شمال غزة، حيث يواجه 70% من الفلسطينيين جوعاً مأساوياً، بالتزامن مع صدور أحدث نتائج تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" الذي يُصار من خلاله تقييم حجم أزمات الجوع في العالم بدعم من الأمم المتحدة.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي، في بيان، بأنّ "نحو 300 ألف شخص ما زالوا محاصرين في شمال غزة"، في حين أنّ "انعدام الأمن الغذائي الحاد تجاوز عتبة المجاعة بدرجة كبيرة"، علماً أنّ "سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سنّ الخامسة يتّجه بسرعة قياسية نحو عتبة المجاعة الثانية". أضاف أنّ "في الوقت ذاته، تتسارع الوفيات غير الناجمة عن الصدمات، المؤشّر النهائي للمجاعة، لكنّ البيانات تظلّ محدودة كما هي الحال في مناطق الحرب" في العادة.

من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين إنّ "الناس في قطاع غزة يتضوّرون جوعاً حتى الموت في الوقت الراهن، وإنّ السرعة التي انتشرت بها أزمة الجوع وسوء التغذية التي هي من صنع الإنسان في غزة أمر مرعب. ولم تتبقَّ سوى فرصة محدودة جداً لدرء مجاعة محقّقة"، شارحةً أنّ "للقيام بذلك نحتاج إلى وصول فوري وكامل إلى الشمال. إذا انتظرنا حتى يتم إعلان المجاعة، سوف يكون الأوان قد فات بعد موت آلاف آخرين".

وبيّن برنامج الأغذية العالمي أنّ الفلسطينيين في قطاع غزة يكافحون جميعاً من أجل الحصول على ما يكفي من غذاء، وأنّ نحو 210 آلاف شخص في شمال غزة هم في المرحلة الخامسة من الجوع، وهي الأعلى التي تشير إلى جوع كارثي.

ويحدّد نظام التصنيف الذي تعدّه الأمم المتحدة ووكالات إغاثة مستويات الجوع على مقياس من درجة واحدة إلى خمس درجات، وتلجأ إليه الأمم المتحدة أو الحكومات لتحديد ضرورة إعلان المجاعة.

ورأى برنامج الأغذية العالمي أنّ في حال وسّعت إسرائيل هجومها على مدينة رفح في أقصى جنوب غزة، المكتظّة بسكانها وبالنازحين من شمال القطاع ووسطه وجنوبه، فإنّ الحرب قد ندفع نحو نصف إجمالي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى مجاعة كارثية.

ولفت البرنامج الأممي إلى أنّ تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية "سوف تتطلّب إدخال ما لا يقلّ عن 300 شاحنة إلى قطاع غزة يومياً لتوزيع المواد الغذائية، خصوصاً في الشمال"، مشيراً إلى أنّه لم يتمكّن من "إيصال سوى تسع قوافل إلى الشمال منذ بداية عام 2024".

وتابع البرنامج أنّ القافلة الأخيرة وصلت إلى مدينة غزة في شمال القطاع، مساء أمس الأحد، وقد شملت "18 شاحنة محمّلة بالإمدادات الغذائية"، وهذه "القافلة الثانية التي تستخدم طريقاً برياً جديداً إلى مدينة غزة وشمالي القطاع (عموماً)، وقد أوصلت نحو 274 طناً مترياً من دقيق القمح والسلال الغذائية والحصص الغذائية الجاهزة للأكل". وشدّد على "وجوب إتاحة هذا الطريق للقوافل اليومية والوصول الآمن إلى الشمال".

في الإطار نفسه، قالت نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بيث بيكدول لوكالة فرانس برس إنّ "وجود 50% من مجموع السكان عند مستويات كارثية قريبة من المجاعة، هو أمر غير مسبوق".

ويعادل ذلك نحو 1.1 مليون فلسطيني يعانون من "انعدام كارثي للأمن الغذائي" بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفقاً لتقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي".

أطفال فلسطينيون معرّضون للموت

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، بيّنت تقديرات تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" المدعوم من الأمم المتحدة حينها أنّ ربع إجمالي سكان قطاع غزة يعاني من مجاعة.

وفي التقرير الصادر أخيراً، سُجّل "تزايد سوء التغذية بوتيرة سريعة في كلّ أنحاء قطاع غزة، حيث كان معدّل سوء التغذية الحاد دون 1% قبل تصاعد القتال قبل خمسة أشهر". وفي ما يخصّ شمال غزة، فإنّ "أحدث البيانات تشير إلى أنّ طفلاً واحداً من بين كلّ ثلاثة أطفال دون سنّ الثانية يعاني من سوء التغذية الحاد أو الهزال في الوقت الراهن"، الأمر الذي يعني أنّ الأطفال المعنيّين "نحيفون بشكل خطر بالنسبة إلى طولهم، ما يعرّضهم لخطر الموت".

وقد توقّف التقرير الأخير كذلك عند عدد من المناطق، موضحاً أنّ "تصنيف المحافظات الجنوبية دير البلح وخانيونس ورفح في المرحلة الرابعة (الطوارئ) من التصنيف المرحلي المتكامل، وهي مناطق معرّضة كذلك لخطر الانزلاق إلى ظروف المجاعة بحلول يوليو/ تموز المقبل". وأكد أنّ "88% من سكان قطاع غزة يواجهون ظروفاً طارئة أو أسوأ في ما يتعلق بالأمن الغذائي".

يُذكر أنّ الجهات المعنية بالشؤون الإغاثية تشير إلى أنّها تواجه عملية إسرائيلية مرهقة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر والمستهدف منذ أكثر من خمسة أشهر، مبيّنةً كذلك أنّ توزيع المساعدات في معظم أنحاء قطاع غزة، خصوصاً في الشمال، مستحيل عملياً بسبب القيود الإسرائيلية والأعمال العدائية المستمرّة وانهيار القانون والنظام.

في المقابل، تزعم إسرائيل أنّها لا تفرض أيّ قيود على استيراد المساعدات الإنسانية، وتلقي باللوم على وكالات الأمم المتحدة التي توزّعها.

تجدر الإشارة إلى أنّ إسرائيل تشنّ حملة ممنهجة ضدّ الأمم المتحدة ومختلف وكالاتها، ولا سيّما وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، منذ بداية حربها المدمّرة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وبالتالي من غير المستبعد إلقاء اللوم على المنظمة الأممية التي تطالبها بوقف فوري لإطلاق النار والتي تفضح من خلال ممثليها ومقرّريها الخاصين الانتهاكات الفظيعة والجرائم التي ترتكبها إسرائيل في حقّ الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة حيث تُرتكَب إبادة جماعية.

وفي الأيام الأخيرة، سُجّل عدد أكبر من عمليات الإنزال الجوي الخاصة بإيصال مواد إغاثية، ولا سيّما غذائية، للفلسطينيين في شمال غزة حيث يتربّع الجوع، بالإضافة إلى فتح ممرّ بحري من قبرص. لكنّ الجهات المعنية بالإغاثة تشدّد على أنّ هذه الجهود مكلفة وغير فعّالة، وأنّها بالتأكيد ليست بديلاً عن فتح إسرائيل مزيداً من المعابر البرية.

وبحسب تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، فإنّ من الممكن "تجنّب المجاعة، حتى في شمال غزة، في حال سُمح الوصول الكامل لمنظمات الإغاثة لتوفير الغذاء والمياه والمنتجات التغذوية والأدوية وخدمات الصحة والصرف الصحي على نطاق واسع، لجميع السكان المدنيين". ومن أجل أن يكون هذا ممكناً، "من الضروري وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية".

ذات صلة

الصورة
مظاهرة في برلين بعد منع مؤتمر فلسطين 13 إبريل 2024

سياسة

خرجت مظاهرة، ظهر السبت، في برلين احتجاجاً على قيام الشرطة الألمانيّة بمنع انعقاد مؤتمر فلسطين، أمس الجمعة، إضافة لمنع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة
الصورة
اختاروا النزوح من مخيم النصيرات جراء القصف (فرانس برس)

مجتمع

الاستهداف الإسرائيلي الأخير لمخيم النصيرات جعل أهله والمهجرين إليه يخشون تدميره واحتلاله إمعاناً في تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، في وقت لم يبق لهم مكان يذهبون إليه
الصورة
مسيرة المسجد الحسيني

سياسة

شارك اردنيون في مسيرة شعبية حاشدة في وسط العاصمة الأردنية عمان تحت عنوان: "عيدنا بانتصار المقاومة"، مطالبين بوقف العدوان المتواصل على قطاع غزة
الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.

المساهمون