Skip to main content
طبيب فلسطيني سوري يفقد حياته غرقاً في رحلة اللجوء
ريان محمد
عجاج واحد من 8 لاجئين فلسطينيين سوريين قضوا أثناء محاولتهم الوصول إلى اليونان(فيسبوك)

لم تكتمل المفاجأة التي كان يُحضّرها طبيب الأسنان الفلسطيني السوري محمد كمال عجاج، ابن الـ38 عاماً، لعائلته بالوصول إلى إحدى دول اللجوء في أوروبا، تاركا وراءه زوجة وطفلا لم يكمل عامه الرابع، كان قد وعده بأن ينجب له العديد من الإخوة والأخوات، وأن يُعلّمه في أفضل مدارس وجامعات أوروبا، غير أنّ البحر خانه ولفظه جثة هامدة.

عجاج كان واحداً من 8 لاجئين فلسطينيين سوريين قضوا أثناء محاولتهم الوصول إلى اليونان انطلاقا من الأراضي التركية، عبر قارب هجرة غير نظامي، يوم الجمعة الماضي، بحسب ما أفادت مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سورية".

وقالت إحدى قريبات محمد، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها لأسباب خاصة، لـ"العربي الجديد": "كان محمد يقيم في لبنان منذ عام 2013 تقريباً، تزوّج في عام 2017، ولديه طفل لم يكمل عامه الرابع بعد، مع بداية العام الجاري بدأ يفكر بشكل جدي بالسفر، مع تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وعدم الاستقرار، والحلم بتأمين حياة أفضل لعائلته، وبالفعل غادر لبنان في فبراير/شباط الماضي إلى إحدى دول المنطقة، التي كان من المفترض أن تكون محطة انطلاقه لتحقيق حلمه، إلا أنه لم يوفق، ما اضطره للانتقال إلى تركيا قبل أربعة أشهر بحثا عن فرصة للنفاذ إلى اليونان، ومنها إلى أوروبا". 

وتابعت: "كان محمد يعمل باختصاصه في عيادة طبيب آخر على النسبة، إضافة إلى عمله في صيدلية بعد الظهر، لم يكن وضعه الاقتصادي كما يطمح، في الوقت الذي كان يحب أن يرعى عائلته وينجب المزيد من الأطفال، ويؤمن لهم حياة سعيدة ومستقرة، كحلم الكثير من الشباب اليوم".   

ولفتت إلى أنّ "محمد جمع كل دولار وباع كل ما امتلكه خلال السنوات الماضية، وترك زوجته وعليها ديون، على أمل أن يعوّض كل ذلك بعد أن يصل إلى مبتغاه، ورحلته الأخيرة من تركيا إلى اليونان كلفته ثمانية آلاف يورو، عبر قارب هو أكثر أمانا مما يعرف بـ(البلم) أو الزورق المطاطي". 

وبينت أنه "إلى اليوم لم نر الجثمان، ولم نتأكد من الوفاة بشكل رسمي، حتى أن أحد أشقائه وأقاربه حاولوا الوصول إلى اليونان والتعرف إلى الجثة، إلا أنّ السلطات اليونانية لم تسمح لهم بذلك". 

ونقلت قريبته لـ"العربي الجديد" رواية صديقه الذي نجا من الغرق كما نقلها لهم، قائلة: "بعد نحو 10 ساعات من بدء الرحلة توقف محرك المركب، ورغم وجود محرك آخر إلا أنه لم يعمل، ومع مضي نحو ساعة ونصف وهم عالقون بعرض البحر، بدأ القارب يميل جراء دخول الماء إليه، تحدثوا حينها مع قبطان المركب ليطلب النجدة من خفر السواحل، إلا أنه رفض ذلك، ومع اقتراب القارب من الغرق طلب من أكثر من 80 شخصاً من الركاب رمي أنفسهم في البحر، كان الذعر قد تمكن منهم، وراحوا يتدافعون أملا في النجاة". 

وتتابع قريبة محمد نقلا عن الشاهد: "محمد كان يرتدي سترة نجاة ويحمل إطار سباحة، لكنه لم يتمكن من الخروج من المركب، فما هي سوى لحظات حتى انقلب المركب، وبعد إنقاذهم من قبل خفر السواحل اليوناني رأى جثمان محمد". 

وكان قارب يقل 88 مهاجراً غير نظامي قد غرق يوم الجمعة الماضي وسط بحر إيجة بالقرب من جزيرة ميرميجاس اليونانية، ما أسفر عن وفاة 16 شخصاً، بينهم 8 لاجئين فلسطينيين من سورية.

وأفادت مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سورية" بأن هؤلاء قضوا غرقًا في بحر إيجه بالقرب من جزيرة ميرميجاس اليونانية، وذلك أثناء محاولتهم الوصول إلى الدول الأوروبية، "بحثاً عن حياة أفضل وعن الأمن والأمان والعيش الكريم". 

وبينت أن الضحايا هم: روند محمد العائدي ابنة مخيم اليرموك، محمد كامل عجاج (38 عاماً)، وهو طبيب أسنان من سكان مشروع دمر في دمشق، وأحمد يوسف محمد، مواليد مخيم جرمانا 1965، وعبد الكريم إسماعيل وابنته آلاء عبد الكريم إسماعيل، من مخيم السيدة زينب بريف دمشق، وحيان صوان من سكان ركن الدين بدمشق، وأبو دياب من مخيم جرمانا، وأنس من مخيم درعا، ولم تتسن لمجموعة العمل معرفة أسمائهم الكاملة حتى اللحظة. 

بدوره، ذكر فريق الرصد والتوثيق في "مجموعة العمل" أن عدد الضحايا الفلسطينيين السوريين الذين قضوا غرقاً على طرق الهجرة ارتفع إلى 72 لاجئاً، وذلك خلال محاولات الوصول إلى الدول الأوروبية، مضيفاً أن غالبية الضحايا من النساء والأطفال وكبار السن، حيث قضى بعضهم قبالة الشواطئ الليبية، والبعض الآخر قضوا في بحر إيجة خلال محاولتهم الوصول إلى اليونان، ولاجئ واحد غرق في نهر العاصي خلال محاولته دخول الأراضي التركية من سورية.