Skip to main content
الأردن والحاجة المٌلحة إلى الاستقرار
مصطفى عبد السلام
الأمير حمزة بن الحسين تحت الاقامة الجبرية

يعيش الأردن ظروفا اقتصادية ومالية صعبة لأسباب عدة أبرزها تراجع النشاط الاقتصادي في السنوات الأخيرة، مع زيادة الاضطرابات في المنطقة، خاصة في الدول المحيطة مثل سورية والعراق، وتراجع المساعدات الخليجية.

وهناك زيادة في الأعباء الكبيرة الملقاة على كاهل الموازنة الأردنية والناتجة عن استضافة المملكة نحو 1.3 مليون لاجئ سوري تبلغ احتياجاتهم التمويلية 2.4 مليار دولار، وتراجع المساعدات الدولية المقدمة لهؤلاء اللاجئين، وانتشار الفساد والتهرب الضريبي، وزيادة أعباء الدين العام سواء الخارجي أو الداخلي والذي يقع على عتبة الـ 50 مليار دولار. 
وزادت حدة الأزمة الاقتصادية عقب تفشي وباء كورونا، وما أفرزته الجائحة من تداعيات خطرة على الاقتصاد الأردني، خاصة من زاوية تراجع إيرادات قطاعات حيوية مثل تحويلات المغتربين والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة الإنفاق على القطاع الصحي ومعالجة تأثيرات الجائحة الخطيرة على المواطن، وتمويل خطط تحفيز الاقتصاد. 

مؤشرات خطرة للاقتصاد الأردني منها تراجع إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين واحتياطي النقد الأاجنبي وتفاقم أزمات البطالة والفقر والفساد

وحسب أحدث أرقام للبنك المركزي الأردني، فإن تحويلات المغتربين تراجعت بنسبة 9.1% خلال العام الماضي مع تفشي الوباء عالميا لتصل إلى نحو 3.24 مليارات دولار، علما بأن التحويلات تعد واحدة من أبرز موارد النقد الأجنبي، إذ توجد جالية أردنية كبيرة في منطقة الخليج التي شهدت هي الأخرى أزمة مالية بسبب الجائحة وتهاوي أسعار النفط وتطبيق سياسات التقشف. 
كما تهاوت إيرادات السياحة، إحدى الركائز الرئيسية للاقتصاد الأردني، بسبب الحظر والإغلاقات المستمرة لاحتواء الفيروس، حيث هبط الدخل السياحي بنسبة 76% في العام الماضي ليصل إلى 1.4 مليار دولار. 
بل إن منتدى الاستراتيجيات الأردني رفع نسبة هبوط إيرادات السياحة إلى 85%، نتيجة استمرار تفشي الوباء وتبدد الآمال في انتعاش القطاع خلال 2021. 

وامتدت تأثيرات الأزمة الاقتصادية إلى مؤشرات أخرى فقد تراجع احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي، وانكمش الاقتصاد في العام الماضي بنسبة 2.2%، وارتفع معدل البطالة إلى 24.7% في الربع الرابع من العام 2020، رغم أن الكثيرين يرون أن رقم البطالة أعلى من ذلك بكثير، مع إغلاق الأنشطة الاقتصادية وعودة آلاف العاملين في الخليج. 
ووفقاً لتصنيف البنك الدولي يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة، التي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لجائحة كورونا.
وأسفرت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المملكة عن حدوث قفزات في أسعار السلع والخدمات لم يعد يتحملها المواطن، خاصة أنه صاحبَتها إجراءات تقشفية حادة بحق المستهلك من خفض في الدعم الحكومي، وأحيانا خفض في الرواتب والدخول، وزيادة في أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز الطهي وغيرها، ورفع الضرائب وفواتير الخدمات مثل الكهرباء والمياه. 

خضوع الحكومات المتعاقبة لابتزازات واملاءات صندوق النقد الدولي، خاصة المتعلقة بزيادة أسعار رغيف الخبز والوقود، ساهم في زيادة حنق المواطن عليها

كما ساهم خضوع الحكومات المتعاقبة لابتزازات صندوق النقد الدولي، خاصة المتعلقة بزيادة الأسعار بما فيها السلع الغذائية والرئيسية كرغيف الخبز والوقود في زيادة حنق المواطن عليها. 
وللتغلب على الأزمة الاقتصادية لجأت الحكومة تارة إلى سياسة التوسع في الاقتراض الخارجي الذي بات يرهق الموازنة العامة والمواطن معا، خاصة أن الحكومة لجأت لجيب المواطن لتعويض نقص الإيرادات أو سداد أعباء الديون.
كما لجأت السلطة إلى سياسة تدوير الحكومات واستبدال أعضائها بآخرين من وقت لآخر لامتصاص السخط الشعبي وغضب الرأي العام ضد قفزات الأسعار وتفاقم أزمات الفقر والبطالة والفساد المستشري.

سياحة وسفر
التحديثات الحية

وفي تلك الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الأردن، شهدت المملكة أول من أمس استنفار أمني، شمل اعتقالات طاولت مسؤولين مقربين من الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني، وتأكيد الأمير إخضاعه للإقامة الجبرية، كما تحدثت مصادر عن محاولة انقلاب مزعومة تورطت فيها شخصيات مشهورة، وعن مخطط يستهدف استقرار البلاد.
الأردن بحاجة إلى استقرار سياسي أكثر من أي وقت مضى ليعبر أزمته الاقتصادية الحادة، خاصة أنه بلد محدود الموارد، ويعيش على إيرادات تأتي معظمها من أنشطة الخدمات مثل السياحة والتحويلات والمساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية، وهي أمور بحاجة إلى استقرار سياسي وأمني واقتصادي.