Skip to main content
أولويات المستثمرين في تركيا لـ2021 بعد عام من المصاعب
العربي الجديد ــ إسطنبول

يبدو أن أصحاب الرساميل قد تعلموا دروساً قاسية في تركيا جرّاء الركود الاقتصادي العالمي من جهة وتحديات  كورونا والعقوبات الأميركية من جهة أُخرى، لذلك فلنتعرف معاً إلى أولويات المستثمرين في تركيا لسنة 2021 بعد انتهاء عام 2020 "الدرامي".

فقد كان 2020 عاماً صاخباً في الأسواق العالمية التي دمّرتها الفيروسات، لكن المستثمرين في تركيا كان لديهم المزيد من الأوضاع الدرامية التي تعيّن عليهم التعامل معها أكثر من معظم المستثمرين حول العالم، وفقاً لتقرير من شبكة "بلومبيرغ" الأميركية. هبوط الليرة كان الأشد حدة في الأسواق الناشئة، فيما كانت المخاطر الجيوسياسية وفيرة أيضاً، من خلال موقف تركيا حيال استكشاف الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، والصراعات في سورية وليبيا وبين أرمينيا وأذربيجان، وشرائها النظام الصاروخي الروسي للدفاع الجوي.

وجاءت أكبر هزة على الإطلاق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مع إصلاح شامل للإدارة الاقتصادية في تركيا، مصحوباً بالتزام باتخاذ قرارات تكون في مصلحة المستثمرين. المدير المالي في "رام كابيتال" RAM Capital SA، أوجيداي توبكولار، لاحظ أنه بعد التقلبات المتعددة سنة 2020، فإن ما تحتاج الدولة والمستثمرون إليه هو سياسات اقتصادية قوية وعلاقات دولية جيدة واستقلالية المصرف المركزي.

وهو يعتقد أنه "حتى لو تحققت هذه الأمور، فستكون عبارة عن عملية طويلة الأمد تقتضي جهوداً متواصلة للتعويض من الضرر الذي يصيب الثقة"، مشيراً إلى أن "العام 2021 سيكون، غالباً، أكثر تركيزاً على إجراءات المتابعة بعد الوعود الأخيرة".

إليك بعض المجالات ذات الأهمية الرئيسية استثمارياً في العام 2021، بالنسبة لمديري الأموال والخبراء الاستراتيجيين:

سياسة البنك المركزي

وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستعادة ثقة المستثمرين بعد رحيل صهره وقيصر الاقتصاد، بيرات البيرق وإقالة محافظ البنك المركزي مراد أويصال.

أدى ذلك إلى ارتفاع في الأصول التركية، لكن المستثمرين سيظلون متشككين على المدى القريب ويرغبون في رؤية "إجراءات مستمرة بدلاً من الأقوال"، حيث تظل الاختلالات الكلية مصدر قلق، وفقاً لبول غرير، مدير الأموال لدى "فيديليتي إنترناشونال" Fidelity International في لندن.

قال محافظ البنك المركزي الجديد، ناجي إقبال، الأربعاء الماضي، إنه سيشدد السياسة النقدية عندما تقتضي ذلك تطورات الأسعار.

رئيس الأسواق الناشئة لدى "تي.دي سيكيوريتيز" TD Securities في لندن، كريستيان ماجيو، قال إن المستثمرين قلقون من التحولات التي طرأت على السياسة النقدية والمالية التركية في السنوات الأخيرة.

قد يكون البنك المركزي بصدد رفع أسعار الفائدة أكثر كاستجابة تقليدية للتضخم، لكن ماجيو قال: "في النهاية، أعتقد أن الرئيس أردوغان سيحاول إعادة ضبط السياسة النقدية" لتكون ملائمة ومؤيدة للنمو، حتى لو كان في هذا تهديد لاستقرار الأسعار على المدى الطويل. وتوقع أن يلاحظ المستثمرون تغيّراً في اتجاه السياسة النقدية خلال النصف الثاني من العام 2021.

إعادة تكوين احتياطي النقد الأجنبي

أنفقت تركيا حيازاتها من العملات الأجنبية بوتيرة أسرع من أي اقتصاد نامٍ رئيسي آخر في العام 2020، وكان تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى أدنى مستوى في 15 عاماً في صميم تراجع قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي. ويتطلب الانتعاش إما أسعار فائدة أعلى أو معنويات صعودية تحفّز تدفقات الرساميل الأجنبية من الخارج.

مدير استراتيجية الأسواق الناشئة لدى "بنك سوسيتيه جنرال" في لندن، فونيكس كالين، قال إن السلطات التركية قد تركز على إعادة بناء الاحتياطيات خلال فترات قوة الليرة، وعلى إصلاح الثقة مع المستثمرين من خلال قيود أقل في محاولة لاستقطاب العملة الصعبة.

وكان إقبال قال يوم الأربعاء الفائت، إن أحد العناصر الرئيسية في مزيج سياسات العام المقبل سيكون مراكمة الاحتياطيات الأجنبية من دون زعزعة استقرار الليرة، مضيفاً أنه سيتم لاحقاً الكشف عن خطة مفصّلة حول كيفية ومتى يمكن إعادة بناء الاحتياطيات.

التضخم

استمر التضخم في خانة العشرات على مدار العام، تأثراً بضعف الليرة، وارتفع أكثر من المتوقع في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الأمر الذي زاد الضغط على إقبال لناحية الاستمرار في تشديد السياسة النقدية.

في هذا السياق، قال ماجيو إن "التضخم لا يزال شوكة في الخاصرة، واستقلال البنك المركزي هو أمر لا ينبغي لأحد أن يمسّ به... سنراقب من كثب مدى فعالية ذلك في إعادة التضخم إلى الهدف المنشود".

الحدّ من الدولرة

يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمباعث القلق من التضخم تفضيل الأتراك الأصول القائمة على الدولار من أجل حماية مدخراتهم. وحتى الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ارتفعت ودائع المقيمين الأتراك بالعملات الأجنبية 19% تقريباً هذا العام وسجلت 231 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك المركزي، وذلك بعد قفزة نسبتها 20% في العام 2019، رغم حض أردوغان مواطنيه على استخدام العملة المحلية في المعاملات والاستثمار.

ومع وجود فريق اقتصادي جديد والتفاؤل بشأن تحسّن معنويات المخاطر العالمية، ثمة أمر آخر يمكن أن يساعد العملة المحلية، كما قال المحلل الاستراتيجي لدى "رابوبانك"، بيوتر ماتيس، معتبراً أن "العنصر المفقود الذي من شأنه أن يوفر لليرة زخماً صعودياً أقوى هو جني الأرباح من المراكز الطويلة بالدولار الأميركي بين الأسر والشركات التركية".

ورغم ذلك، من غير المرجّح أن يخفف الأتراك قبضتهم على العملة الصعبة ما دامت لديهم شكوك إزاء استقرار السياسات الحكومية، كما قال كبير مسؤولي الاستثمار في "أتا بورتفوي" Ata Portfoy، محمد غيرز.

العلاقة مع واشنطن

حول هذا العنوان، يقول خبير الاقتصاد الكلي للأسواق الناشئة لدى "كوكس بارتنرز" Coex Partners Ltd في لندن، هنريك غولبيرغ، إن الخلاف الأكبر الذي يفاقم العلاقات بين أنقرة وواشنطن يمكن أن "يفسد الفوائد التي تجلبها السياسة النقدية الأكثر تقليدية".

وقد توترت العلاقات بين الحلفاء في حلف "الأطلسي" عقب شراء تركيا نظام الصواريخ الروسي طراز "إس-400" S-400، وسجن قسّ أميركي متهم بالتجسس، والعقوبات الأميركية التي أُعلنت هذا الأسبوع، وقضية جنائية مرفوعة في محاكم نيويورك ضد مصرف تركي تملكه الدولة.

وبدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي أردوغان، على علاقة جيدة إلى أن وقّع ترامب على إجراءات ضد تركيا.

وقال الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، إن الولايات المتحدة يجب أن تدعم المعارضين، لكن ماتيس (من رابوبنك) من بين أشخاص لا يتوقعون أن يتبنّى بايدن على الفور موقفاً عدائياً تجاه أنقرة، معتبراً أن "من المعقول أن نفترض أن يعطي بايدن الدبلوماسية فرصة أخرى في بداية ولايته".

السياحة ولقاح كورونا

تراجعت أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى تركيا بأكثر من 70% في الأشهر العشرة الأولى من العام 2020، وفقاً لأرقام وزارة السياحة. رئيس الخزانة لدى "بنك إم.يو.إف.جي" في تركيا، أونور إيلجن، قال إن الحاجة ماسّة إلى أخبار سارة بشأن لقاح كورونا وعلاجه، مشيراً إلى أن "الاستخدام الفعّال للقاحات وإبطاء الوباء سيكونان من العوامل الحاسمة بالنسبة للاقتصاد الكلي".

أما كبير مديري الدخل الثابت لدى "أبردين أسيت مانجمنت" في لندن، فيكتور زابو، فقال إن توافر اللقاحات قد لا ينقذ الموسم السياحي المقبل، "لكنّ ثمة احتمالاً بحدوث مفاجأة صعودية".