}

رولا الحسين: للشعر والرواية جهة واحدة هي الكتابة

عماد الدين موسى عماد الدين موسى 11 يوليه 2019
حوارات رولا الحسين: للشعر والرواية جهة واحدة هي الكتابة
رولا الحسين
في حديثنا مع الشاعرة والروائيّة اللبنانية رولا الحسين نحاول أن نتعرف على تجربتها الإبداعيّة عن قرب، سواء من حيثُ المؤثرات التي كانت السبب في كتابتها للشعر، أو دافع توجّهها إلى كتابة الرواية، بعد أن أصدرت عدداً من المجاميع الشِعريّة.
رولا الحسين المولودة في قرية اللوبية في جنوب لبنان سنة 1978، تخرجت في كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، قسم الرسم والتصوير، سنة 2003، وأصدرتْ ثلاث مجموعات شِعريّة ورواية واحدة؛ هي: "أترك ورقة باسمك وعنوانك ولونك المفضل"، و"أتحرك فقط ليكنسوا الغبار تحتي"، و"نحن الذين نخاف أيام الآحاد"، ورواية "حوض السلاحف".

 

الطفولةُ وعالم الكتابة الأوّل
تقول رولا الحسين في حديثها لـ"ضفة ثالثة" إنّ طفولتها كانت عادية جداً. "لا شيء استثنائياً فيها. وكنت مقيمة في بيروت مع العائلة". ولكونها أصلاً من جنوب لبنان، كانت تمضي الصيف وعطلات نهايات الأسبوع في الجنوب. وبالتالي "الذهاب إلى القرية في الطفولة كان حدثا صيفياً أو أسبوعياً وكان حدثاً مرتقباً". ومن هنا فقد ارتبطت طفولتها بالطبيعة بما يعادل ارتباطها بالمدينة. إلا أن الطبيعة لكونها مقترنة بإجازة، وبالتالي برحلة مرتقبة كان لها طعم وتأثير لوني على الكثير من تفاصيل مخزونها البصري والنفسي من ناحية الهدوء.
وترى الحسين أن أولى نصوصها التي شعرت من خلالها بمدى اهتمامها بالكتابة وأن ما كتبته كان جميلاً أو مميزاً، كان في المدرسة، عندما قدمت موضوع إنشاء اعتبره أستاذ اللغة العربية

حينها جيداً جداً بشكل لم يصدق أنها هي من كتبته. وكان موضوع النص مرتبطاً بقريتها.
أما أولى الكتابات خارج المدرسة فكانت في أول سنوات الدراسة الجامعية. وكانت قصيدة. لم تكن تعلم أنها قصيدة حينها، لأنها كانت تظن أن الشعر يجب أن يكون له قافية. هذه القصيدة ضمتها في ديوانها الأول "أترك ورقة باسمك وعنوانك ولونك المفضل". وهي بعنوان: "غداً عطلتي"، وتضيف "أظن أني كتبتها بعدما قرأت مقاطع لجاك بريفير، وشعرت حينها أن ما يكتبه ليس صعباً عليّ. وإن كان هذا هو الشعر فلا بد أن يكون ما أفكر فيه شعراً أيضاً".


أشعر بغربة دائمة
عن المؤثرات التي كانت السبب في كتابتها للشعر، تقول ضيفتنا: "أظن أنني كنت شاعرة قبل أن أكتب الشعر. تماماً كما كنت فنانة قبل أن أرسم. كنت أراقب وأترقب وأبحث وأشعر بالأشياء وبالوقت وبالأمكنة وأشعر بغربة دائمة. والكتابة بدأت بدافع التعبير بطبيعة الحال. وتزامن الأمر مع التعبير رسماً. لا أعرف بمن تأثرت. ولكنني قبل الكتابة لم أكن أقرأ أصلاً. وقراءاتي الأولى كانت روايات وليس شعراً. الكتاب الوحيد الذي قرأته قبل الجامعة كان "النبي" لجبران خليل جبران وروايات "عبير" التي كنت أقرأها خلال العطل الصيفية في القرية.. ولكن في مرحلة المدرسة كنت أعرف أني أحب الكلمات. لأني كنت دائماً أكتب أي جملة تعجبني على يدي كي أحفظها. جملة من أغنية، من فيلم، من قصة. لكن أول من قرأت لهم لاحقاً في المرحلة الجامعية هم الماغوط، سيوران، جاك بريفير، لوركا، ونيرودا".
تتابع ضيفتنا قائلةً: "يجب أن تكون شاعرا لتكون ناقد شعر. والعكس صحيح دون أن يضطر الشاعر لأن يمتلك لغة الناقد أو إنتاجه النقدي. التذوق وحده لا يكفي. المخزون وحده لا يكفي أيضاً لتكون ناقداً. وإن كنت في الوقت نفسه لا أظن أن إنتاج الشعر هو الدليل على أنك شاعر. الشعر حالة قد لا تترجم نتاجاً".
"هل ما زال للشعر قراء، أم هناك توجه كلي نحو الرواية والفنون السردية الأخرى؟"، نسأل

ضيفتنا، فتجيب: "بصراحة أنا لا أملك إجابة لهذا السؤال. أعرف أن الإصدارات الشعرية كثيرة، أعرف هذا لأني أقرأ عن هذه المجموعات على فيسبوك وفي مراجعات الصحف وأراها في المعارض، ولكني لا أعرف شيئاً عن القرّاء. وإن كنت أقرأ وأسمع الكثير من الشكوى والتهكم حول كثرة الشعراء. لكني لا أعرف كيف يمكن قياس إن كان لا يزال للشعر قراء. ربما بالمقارنة مع إصدارات فترات أخرى ولكني لم أقارن، وأنا بكل الأحوال لا أحب كثيرا قراءة الشعر".

التوجّه إلى الرواية
بعد نشرها لثلاث مجموعات شِعريّة، أصدرتْ رولا الحسين عملها الروائي الأوّل، وعن أسباب توجهها إلى عالم الرواية، تقول: الشعر والرواية لهما جهة واحدة: جهة الكتابة، وكأنها أزقة مختلفة في المنطقة نفسها. ومن يحب البحث سيبحث في كل أزقة منطقته. لو كان السؤال لماذا تأكلين الدجاج اليوم في حين أكلتِ سمكاً البارحة؟ جوابي سيكون: أنا أحب الطعام. وفيما يخص الشعر والرواية: أنا أحب الكتابة، والشعر يلبي جزءاً من هواجسي وشهيتي على الكتابة، في حين أن الرواية ترضي جزءاً آخر. والقصة القصيرة أو النص القصير يشبعان أيضاً أجزاء أخرى... وأحيانا أكتب أغاني تسعدني بطريقة مختلفة. هي عملية بحث لاكتشاف أزقة متنوعة؛ علما أن أول رواية لي (لم تنشر بعد، ستنشر هذا العام) كتبتها بالفترة التي كتبت خلالها مجموعتي الشعرية الثانية (أتحرك فقط ليكنسوا الغبار تحتي) لكن ظروفاً معينة حالت دون نشرها حينها، ثم صادف أن رغبت مرة أخرى بكتابة رواية بعد نشر مجموعتي الثالثة (نحن الذين نخاف أيام الآحاد) فكتبت رواية "حوض السَّلاحف" ونشرتها. ولا زلت أكتب الشعر

وسأنشر قريباً.
انطلاقاً من تجربتها الخاصة؛ نسأل ضيفتنا "إلى أي درجة اللغة الشعرية تفيد في كتابة الرواية؟"، فتجيب: بعض ما اكتشفته عن نفسي من خلال كتابة الشعر استعنت به في كتابة الرواية: إتقان الكثافة ومراقبة التفاصيل بالإضافة إلى الابتعاد عن الاستعراض اللغوي. عدا عن ذلك، كنت أسعى لأن تكون روايتي خالية من الشِّعر وأعتقد أني نجحت وأحب هذا الفصل بينهما.


النشر الرقمي
حول ظاهرة النشر الإلكتروني، ما له وما عليه، تقول الحسين: إذا كان النشر الإلكتروني يساهم بنشر الشعر فأهلاً به وبأي وسيلة أخرى. وبما أن الوصول إلى الإنترنت بات أقرب وأسرع من الوصول إلى المكتبة وأقل كلفة فبالتأكيد هذا عامل يساعد في اعتماد هذه الطريقة للقراءة، خاصة وأن دور النشر لا تطبع الشعر وإن طبعته فبمقابل وذلك بحسب دور النشر لأن كتب الشعر لا تبيع. وتضيف: "يبدو لي في هذه الحالة بما أني لا زلت من محبي الكتب الورقية أن أفضل وسيلة هي اعتماد الطباعة والتوزيع خارج دور النشر. الكلفة تكون أقل، ويوزع الكتاب مجانا بما أنه أصلا يصل مجانا من خلال النت حتى عند طباعته مع دار نشر. وطالما أن لا ربح يدر أصلا من كتب الشعر. وتعجبني في هذا المجال تجربة الشاعر عماد أبو صالح الذي يطبع دواوينه في مطبعة وبنسخ محدودة ويوزعها على الأصدقاء والمهتمين. وكنت قد قمت بهذه التجربة في ديواني الأول. ولكن لاحقا في الديوان الثاني تعاملت مع دار الغاوون".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.