}

يان جه لينغ: المثقفون في الصين آخذون بالتلاشي

مي عاشور 24 نوفمبر 2019
حوارات يان جه لينغ: المثقفون في الصين آخذون بالتلاشي
يان جه لينغ
يان جه لينغ كاتبة وسيناريست صينية معاصرة، ولدت بمدينة شنغهاي عام 1958 وكتبت العديد من الأعمال منها الروايات والأعمال النثرية، وتحولت العديد من رواياتها إلى أفلام. نشرت روايتها الأولى عام 1989، وحصلت على الكثير من الجوائز المختلفة. لينغ متزوجة من الأميركي لورنس ووكر، وتعيش خارج الصين.  هنا حوار معها:


الثورة الثقافية كانت تجربة مريرة
(*) تجذب الصين عيون العالم إليها، وصار هناك الآن شغف كبير بها، كما أن الجميع يسعى إلى فهمها أكثر. وأنتِ كاتبة مرموقة، وقد يرغب العديد من القراء العرب في التعرف عليكِ، فهل يمكنك أن تتحدثي عن نفسك باستفاضة أكثر.
- بَدأَت طفولتي في فترة الثورة الثقافية، قضيت فترة صباي وشبابي في الجيش، نتيجة التحاقي بالفريق الاستعراضي للجيش، وأنا في الثانية عشرة من عمري. وعندما كنت في العشرين من عمري، حدث نزاع عسكري حدودي بين الصين وفيتنام، ثم تطور، فنشبت الحرب. قدمت للعمل كمراسلة حربية من أرض المعركة، ولكن لم يُسمح لي بالذهاب إلى الخطوط الأمامية لكوني فتاة، وفقط سُمح لي بأن أذهب للمشفى الميداني لإجراء لقاءات مع الجرحى والمصابين. عندما بلغت الثلاثين من عمري، غادرت الصين وسافرت إلى أميركا لدراسة الأدب وتحضير الماجستير، وبدأت فترة تعد ذروة ممارستي للكتابة. في ما بعد سافرت مع زوجي الدبلوماسي، وعشت لفترة في أفريقيا وألمانيا. والآن أنا أعيش في ألمانيا.

(*) ما هو التأثير الذي تركته فترة الثورة الثقافية في نفسك، وكيف أثرت عليكِ، هل يمكن أن تحكي لنا أكثر عن تجربتك في ذلك الوقت؟
- الثورة الثقافية كانت تجربة مريرة وأليمة للعديد من الصينيين، وكذلك هي أكثر التجارب تفرداً، وبالنسبة لي أيضاً هي كذلك. كان والدي كاتباً تعرض لنقد شعبي لمدة عشر سنوات، وذهب للعمل في الريف والمصانع. ولأن مدرستي لم تكن تدرس معارف عادية، أنشأني والداي على قراءة جميع الأعمال الأدبية. كان حجم الكتب التي جمعها جدي ووالدي واحتفظا بها ضخماً للغاية، وكانت معظم الأعمال الكلاسيكية الصينية والعالمية متوفرة، لذلك فأساسي الأدبي قائم على القراءة والاطلاع.  

 

(*) ما هي نقطة التحول التي جعلتك كاتبة؟ وما هي الأعمال أو الكتاب الذين أثروا فيكِ؟
- نقطة التحول التي جعلتني كاتبة كانت الحرب.  بدأت بنشر كتاباتي منذ أن أصبحت مراسلة عسكرية، وكانت كتاباتي كلها مناهضة للحرب. أكثر كاتب أثر فيّ هو تساو شويه تشين والذي كتب "حلم المقصورة الحمراء"، وكذلك الكاتب الكولومبي غابرييل ماركيز.

(*) الصين في مرحلة تقدم ملحوظ، فهي تتقدم في جميع المجالات. هل تشعرين أن هناك تقدماً في المجال الثقافي والأدبي؟ كيف ترين الوضع الأدبي في الصين؟ وهل تعتقدين أن هناك تأثيراً فعالاً ومهماً للمثقفين الصينيين؟
- أنا خارج الصين معظم الوقت، ولذلك لا أتعقب الوضع الأدبي في الصين عن كثب. أعتقد أن كتابة الأدب هي فعل ذاتي وشخصي، فعلى الرغم من أن الدوائر الأدبية للدولة يمكنها أن تؤثر في الكاتب بشكل منفصل، فإن تأثيرها ليس كبيراً. أنا أهتم كثيراً بحرية الفكر الشخصية، وحرية أسلوب الكتابة. يبدو لي أن المثقفين يتلاشون من الصين، وهذا أمر مؤسف جداً. ولكنني روائية ويمكنني قول إنني لا أعتبر نفسي مثقفة بل فنانة، وإن وظيفة الفنان لا يمكنها أن تحل محل وظيفة المثقف، إن الفنان يعرض فنه، أما المثقف فينبغي عليه أن يستخدم أفكاره ونظرياته لتوجيه الناس وإرشادهم. ومن المؤسف أن كلا من التفكير والنظريات في الصين هما منطقتان حساستان جداً، بل وحتى أحياناً تكونان خطيرتين، لذلك فإن جماعة المثقفين تتقلص.

كتاباتي ليست مخصصة للمرأة فقط
(*) أنت تهتمين كثيراً في أعمالك بالمرأة، فما السبب؟ كيف ترين مكانة المرأة في الصين حالياً، وخاصة الكاتبات الصينيات؟
- هذا الاهتمام هو لأنني امرأة، ولأن لدي صديقات كثيرات من النساء، لذلك الكتابة عن المرأة تكون أصدق. ولكنني كتبت عن الرجل في واحدة من أهم رواياتي "المعتقل لو يان جه"، وكذلك بطل روايتي "اللامبالون"، تلك الرواية الوحيدة التي كتبتها بالإنكليزية مباشرة، كان أيضاً رجلاً. وأعتقد أن هذين البطلين شخصيتان رسمتهما وصورتهما بشكل ناجح. ويبدو لي أنه شيء غير عادل وكذلك غير مكتمل بالمرة أن يختزل البعض في الصين كتاباتي بأنها مخصصة للمرأة وحسب.

(*) صدرت لكِ أعمال كثيرة، ولكن أي منها المحبب إلى قلبكِ أكثر؟
- أحب "العمة دوه خه"، "الشباب"، "المعتقل لو يان جه"، و"ابنة السعادة الضائعة".


(*) ماذا تعني لكِ الكتابة؟ وأيهما أصعب كتابة الرواية أم السيناريو؟ ولماذا؟
- الكتابة بالنسبة إليّ عمل وكذلك مصدر للمتعة والتسلية، وأستطيع تخيل كم كانت حياتي ستكون مملة ورتيبة بدونها. برأيي كتابة الرواية أصعب من كتابة السيناريو، لأنه في الرواية يجب أن تكون كل جملة، بل كل كلمة، مكتوبة بشكل فريد، وكذلك فني. إضافة إلى أنني أؤلف وأبتكر رواياتي، أما في كتابة السيناريوهات فدائماً أعيد صياغة ما كتبته في روايتي، فهي تعد تأليفا من الدرجة الثانية، تكون الرواية هي الأساس، والشخصيات والعالم النفسي لها مستوحيان من الرواية، لذلك كتابة السيناريو أسهل مقارنة بكتابة الرواية.  


(*) من أين جاءت فكرة كتابة عمل "مذكرات من أفريقيا"؟ ما هو دافعك الأساسي ومنبع إلهامك لكتابة مثل هذا العمل؟
- عشت في أفريقيا لعامين، وأقدر جداً وأعتز بحياتي خلال هذين العامين. إن أفريقيا بالنسبة للعديد من الصينيين بل وحتى الأميركيين هي مكان قصي، لذا طالما ذهبت إلى هناك كان علي أن أنتهز الفرصة وأتشبث بها بكل ما بوسعي، فقمت برصد طبيعة البشر والبيئة والطبيعة هناك، ودونت انطباعاتي.

(*) ماذا تقولين للقارئ العربي الذي يقرأ مقابلتكِ الآن؟
- العربية في قصص طفولتي كانت "ألف ليلة وليلة" و"علي بابا والأربعون حرامي"، والأدب العربي ثري جداً. وعلى الرغم من أن أعمالي ترجمت إلى 16 لغة مختلفة، فإن عدم وجود اللغة العربية بينها أمر مؤسف جداً بالنسبة لي. وأنا اتطلع إلى وصول أعمالي إلى القارئ العربي.   

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.