}

قصيدة النثر والتحوّلات الجمالية

ليندا نصار ليندا نصار 8 يونيو 2023
هنا/الآن قصيدة النثر والتحوّلات الجمالية
"خلق الطيور" للفنانة الاسبانية ريميـديـوس فـارو، 1957

يلمس القارئ العربي اليوم روحًا جديدة في بناء قصيدة النثر العربية، بل يلحظ تحولات جمالية ملفتة على مستوى بناء التاريخ والذاكرة وحوار الشعوب وإنسانية الإنسان، ولعل بعض التجارب التي ترفض منطق الجيل الشعري، تترجم وعيها على نحو مفارق يتجاوز التمثلات الجاهزة التي راكمها النقد على مدى عقود. هذا التحقيق من شأنه أن يضيف إلى النقاش النقدي حول هذا الأفق الجمالي الذي انخرط فيه شعراء وشاعرات التجربة الجديدة من منظورات، ولربما بقدر ما تعكس ضجيج المدن وأصواتها بقدر ما تفتح متخيلها على ذلك الأثر الإنساني الذي يقترب من هوامش اللحظة العربية بتمفصلاتها وراهنية الأسئلة الشائكة التي تتبدى بشكل واضح اليوم، ولها حضور نوعي في مشهديات هذه القصيدة التي تتسم ببلاغة بصرية وبجاذبية على مستوى علاقة الإنسان بالمدينة وبالوطن كانتماء كيميائي عصي على الفهم وتجربة الإقامة في السفر والمعرفة. على هذا الأساس نفتح هذا الملف لنقدم إلى القارئ العربي تصورات نخبة من كتاب قصيدة النثر العربية ونقادها.


الأكاديمية حورية الخمليشي: المتلقّي لقصيدة النثر يحتاج إلى ذوق نقدي وفنّي مع وعي الرؤية الفنّية المنفتحة للقصيدة

ظهرت قصيدة النثر في سياق التحوّلات التي عرفها المجتمع العربي والإبدالات النصية الجديدة التي مرت بها القصيدة العربية. فقد حملت الحداثة معنًى جديدًا لتجديد الشعر وتطوره، وأصرّت على هدم مجموعة من المعطيات، ظلت القصيدة العمودية ملتزمة بها مدة من الزمن، لبناء قواعد راسخة تسيرُ بالشعر في ركْبِ العالمية.

وقد ظهرت قصيدة النثر العربيّة في بداية القرن العشرين، بظهور الحركة الرومانسيّة. فالتأثير الأوروبي والتقسيم الاستعماري للعالم العربي كان له دور مباشر في تصارع الأشكال التي عرفها الشعر العربي. وظهرت بتسميّات عديدة من بينها الشعر المنثور، بعد أن لعبت الترجمة دورًا كبيرًا في تحديث القصيدة والرؤية إليها وقراءتها. فعَبر حركة الترجمة دخل مفهوم الأجناس الشعريّة إلى الشعر العربي. وقد دخل الشعر المنثور من نافذة أميركية، كما دخلت قصيدة النثر، في مرحلة لاحقة، من نافذة فرنسية. وظهرت في العالم العربي بعد الشعر المنثور، بينما الشعر المنثور ظهر تاريخيًّا بعد قصيدة النثر في الغرب.

إنّ قصيدة النثر بمثابة إعلان عن سعي الشعراء العرب إلى تحديث قصائدهم. ويُعيد بعض الدارسين بواكيرها الأولى إلى مرحلة الأربعينيات. فقصيدة النثر التي كانت تُعرف بالشعر المنثور، بالإضافة إلى أجناس شعريّة عديدة، دليلٌ واضحٌ على أن النثر قد يبلغ فيه الشاعر التأثير الشعري أو عمقية الشعر. فالنثر قد يسمو إلى مرتبة الشعر وتبقى مسألة الموسيقى هي الحد الفاصل بين الشعر والنثر.

ويصعب الحديث عن التجارب الشابّة الناضجة اليوم والتي عملت على تطوير هذا الجنس الشعري من حيث أسسه الفنيّة والجماليّة لشواعر وشعراء شباب مُهمِّين يمتازون بموْهبة شعريّة عاليّة ورؤية مختلفة للحياة والإنسان والعالم، نجحوا في التعبير عن معاناتهم الإنسانيّة بقصيدة مختلفة من حيث بنائها ولغتها الإيقاعيّة التصويريّة، لِما تمتاز به قصائدهم من دعوة إلى التحرّر، وشساعة الخيال بنبرة متفرّدة لقصيدة تهتمّ بالتفاصيل اليوميّة، وتؤسّس لأُفق شعري مختلف... فهي ترحالٌ دائمٌ بل إقامةٌ في الرحيل، بعد أن حقّقت تواصلًا كبيرًا مع الماضي والتراث والتاريخ. ويبقى السؤال: إلى أيّ حدّ عملت هذه النماذج على خَلْق شعر عربي جديد؟ وكيف نقاربها أو بالأحرى هل قُرِئَت هذه النماذج كما ينبغي؟

إنّ مشكلة قصيدة النثر هي مشكلة التلقي الذي هو ولادة جديدة للنص الشعري. فهي تحتاج إلى قراءة منفتحة قابلة لأكثر من قراءة وأكثر من تأويل، بعد أن حقّقت اليوم تراكمًا نوعيًّا وانفتحت على العديد من الأجناس الكتابيّة والفنيّة. فقصيدة النثر عند الشعراء الشباب موضوعٌ يحتاج إلى دراسة خاصة نظريّة وتطبيقيّة، بعيدًا عن جدل الهويّة والتسميّة والشرعيّة والاصطدام بجدار اللغة الذي استأثر بالعديد من الكتابات، أي دراستها كمشروع حداثي يحتاج إلى آليات تلقّي جديدة مغايرة للغتها الشعريّة المخالفة للأنساق الأسلوبيّة التي اعتاد عليها المتلقي.

إن القراءة مشروعٌ يقتضي استكشاف اللغة في كوْنه عملًا لغويًّا وفي كونه عملًا جماليًّا منفتحًا على الأجناس الكتابيّة والفنيّة، ولو أنّ عوالم الشعر والسرد في عالمنا العربي أوْسع من عوالم الفن. ومن هنا تنبع مشكلة الشعر الحديث ككلّ. فالمتلقّي لقصيدة النثر يحتاج إلى ذوق نقدي وفنّي مع الوعي بالرؤية الفنّية المنفتحة للقصيدة على جمالية الفنون المجاورة وخاصة الفنّ التشكيلي الذي هو أقرب الفنون لتجسيد لغة القصيدة. فالقراءة سفرٌ بين المبدع والقارئ الذي يتفاعل مع النص، لتواصل القصيدة سفرها وعبورها إلى شعريّات مختلفة. فالنص الإبداعي دعوةٌ أو سؤالٌ وقراءته هي حوارٌ معه، على حدّ قول أدونيس في اللقاءِ بين المبدع والقارئ الذي هو مبدعٌ آخر. فقصيدة النثر إعادة نظر، وخَلق، واكتشاف، وإعادة بناء، وانفتاح على اللامحدود وعلى شعريّات العالم.  

معز ماجد، صلاح بوسريف، وحورية الخمليشي 


الشاعر والناقد صلاح بوسريف:
ما نعتبره "قصيدة نثر"، هو نفسه الشِّعْر، بعيدًا عن "القصيدة" 

من يمتلِك وَعْيَ الصَّيرورة، أو الوعي بالصَّيرورة، لا بُدّ أن ينظر إلى الشِّعْر، باعتباره جوهر الصَّيرورة، لأنَّه، منذ بداياته الأولى، أعني في الأعمال المُؤَسِّسَة، كان حداثةً، حتَّى وهو لا يعي شرْطَ الحداثة، وكان تجديدًا وانقلابًا، وتفكيرًا بطريقة مُغايِرَة. فلغة الشِّعْر، وما كان فيه من مجازات، ومن تراكيب وصور وإيقاعات، ومن طريقة في النَّظَر إلى الطبيعة والأشياء، بل إلى الوجود، اختلفت عن رؤية الآخرين من الناس، من اكتفوا بالعيش خارج ما يُسمِّيه هايدغر بيت الكينونة.

مشكلتنا اليوم، في الثقافة العربية، أنَّنا، كلما خطا الشِّعْر نحو طبيعته، ونحو الإضافة والاختراق، أو مارس حقَّه في الصيرورة التي هي من طبيعة الوجود والأشياء، وقَفْنا في وجهه، بنوع من "المُطاردة" كما يُسمِّيها يوري تينيانوف، لإعادته إلى مثالٍ ونموذج، هو ما نعتبره هوية هذه الثقافة، وما كرَّسَه زمن التدوين الذي حَسَم في شأن البناء، واللغة، وما يكونُ الشِّعْر، وحتَّى المفاهيم والتَّصوُّرات، بل القِيمَة الشِّعريَّة.

الشِّعر العربيّ، اليوم، هو شِعر آخر، بوعي آخر، وبرؤيا أخرى، وأفق آخر، وبلغة، حين نتأمَّلُها، ولو أنها ليست وحدها ما يتأسَّس عليه هذا الشِّعْر الأخر، أحدثت قطيعة مع "الاستعارات التي نحيا بها"، وخلق استعارات، الشَّاعِر من يمنحُها الحياة، أو يخلقها بنوع من التَّوْليد والابتكار والاكتشاف، وبتوسيع الشِّعْر، بتوسيع دَوَالِّه، بما فيها الرُّموز والعلامات والبياض والفراغ والإشارات، والتَّفْضِيَّة، وعلامات الترقيم، وغيرها مما هو داخل في الصفحة كدالّ شعريّ.

حين نتأمَّل بعض ما يكتبه شبان من الأجيال الجديدة من شعر، في كل جغرافيات العالم العربيّ، نكتشف أن هناك جُرأة، أو رغبة، أكيدة، في الاختراق، وفي الإضافة، وهناك تجارب، من يُراقبُها، قراءةً وتأمّلًا ومواكبة، يشعر أنها تسير في طريق الشِّعْر بتميّزٍ، والصَّيرورة فيها حاضرة في العمل ذاته. لكن مشكلة العديد من هؤلاء الشبان، هو أنَّ اللغة وحدها هي ما يسعون للتحليق به من ريش، دون غيره من الرِّيش الذي يُتِيح مُراودة الرِّيح ومراوغتها، دون السقوط في فراغ بلا تخوم.

ما نعتبره "قصيدة نثر"، هو نفسه الشِّعْر، بعيدًا عن "القصيدة"، الشِّعْر بما هو جامع أنواع، وبما هو نَصٌّ، أو عمل شعريّ، فيه يمكن أن نستثمر كل ما يُتِيحُه الشِّعْر من موسيقى وصور وإيقاعات، ومن دوالّ، ومن علاقة بالفضاء، أو بالصفحة، لنبتدع هذا الشِّعْر الآخر الذي هو أكبر من "القصيدة" وأوسع منها، وأكبر من "النثر"، وأوسع منه، لأنه هو الشِّعْر، بما تسمَّى به في أوَّل أمره.


الشاعر معز ماجد: القصيدة بالنثر تطرح على الشاعر رهانات أكبر وأعمق وأدق من إشكاليات النظم

إن القصيدة بالنثر تحمل على عاتقها، بحكم طبيعتها النثرية، رهانا محتومًا يتمثل في توليد العاطفة والظفر بطرب المتلقي خارج الظواهر الصوتية وتزويقات الوزن والقافية. وهذا يدفع بالشاعر للولوج في جوهر اللغة والفكر والمعارف لتوليد الجمال عبر رافدين أساسيين وهما الإيقاع والمناخ.

وهنا وجب التذكير بأن الإيقاع مفهوم ينشأ ويتطوّر داخل اللغة وهو يختلف ولا يتطابق بالضرورة مع الوزن كما أن المناخ هو بصمة الروح الشعرية ويمكن القول إنه بمثابة حمضها النووي وهو يستمد تفرده من شخصية الشاعر وتجاربه الحياتية وحسه وخلاصة معارفه والتحامه بالفكر وبالتجارب الجمالية التي أثرت فيها كل الفنون التي اتصل بها.

من هذا المنطلق يمكن أن نستنتج أن القصيدة بالنثر كانت بمثابة فرصة ثمينة بالنسبة للشعر العربي جعلته يتجدد في جوهره وليس فقط في شكله. فخلافا لما يذهب إليه البعض، القصيدة بالنثر تطرح على الشاعر رهانات أكبر وأعمق وأدق من إشكاليات النظم. هي تتطلب منه الوصول إلى إيقاعات اللغة العميقة وخلق مناخات وعوالم جديدة ومتفردة وهي بذلك تتجاوز بكثير ذلك التعريف القديم للشعر على أنه "كلام موزون ومقفى وذي معنى"...

فالمسألة اليوم لم تعد مسألة شكلية، بل هي جوهرية بامتياز ولها اتصال بكيفية توليد خطاب جمالي من جوهر اللغة (أي إيقاعها الداخلي) وتشييد مناخات متفردة من رحم المعارف والتجارب واختزال ما اتصلنا به ومن فكر وفن. وهذا في الواقع ثراء إضافي للشعر. 

فاطمة الشيدي، عبد اللطيف الوراري، ومحمد ناصر المولهي


الشاعرة والناقدة فاطمة الشيدي: قصيدة النثر منذ البداية وحتى الآن مثلت انقلابًا تحوليًا يعكس روح التسارع العصري

شكلت قصيدة النثر منذ بداياتها منعطفًا فكريًا مائزًا في الثقافة العربية؛ لأنها قامت على اقتناصات حرة لانفلاتات الفكرة الشاعرة بعيدًا عن عقالات التروي والصنعة التي يحكمها الوزن والقافية، كما ضمنت حرية التحرك اللولبي من الداخل للخارج والعكس محاورة في متنها هامش التاريخ والزمن والذاكرة في ثورة ضمنية وتضمين ثوري للوعي والفكرة والإنسان.

كما اشتغلت قصيدة النثر ومنذ بداياتها على لذة العبث وذلك بمزج اللغة بكل مكونات الوجود من فنجان القهوة حتى الدمع والجسد في مناورة فنية للكون من الروح تمامًا بلا مراهنات على شيء آخر كالمنابر والضوء والتصفيق، وبلا مقترحات جاهزة للفكرة والرسالة والتغيير؛ ولذا جاءت لتمثل الشعر بجوهره الأصيل الذي هو أقصى حالات التجلي الروحي في الكون ألمًا وعشقًا، وأجمل بحث بأظافر الحرقة عن معنى جديد يضيف لبنة جديدة لمعاجم الدهشة وقواميس المعنى.

إن قصيدة النثر منذ البداية وحتى الراهن بكل انحرافاتها البلاغية، وكل تجلياتها الشعرية، مثلت انقلابًا تحوليًا يعكس روح التسارع العصري، والنضج الفكري للإنسان الجديد والمتجدد في حيواته وثقافته ووعيه وأساليبه اللغوية، وحضوره المتغير في استيعاب ضمني لكل سقوطاته وتعالياته وأوجاعه وتحولاته الوجودية؛ لأنها جاءت مندفعة بقوة خارج رحم التأطير والمرجعية الفكرية الثابتة والسائدة والتي تمثلت في القصيدة العربية في شكلها المتوارث بحضوره الباهت، أما التراث العميق فقد تعالقت معه وتناصت، وصاحبته وأتحدت به.

إن قصيدة النثر انبثقت من مُعاش متخيل أو متخيل معاش وذهبت باتجاه التفاصيل المكتنزة بالدهشة في احتواء مجنون للمتجدد على صعيد اللغة والصورة والأساليب والأفكار، وفي اقتراح ضمني لإعادة تشكيل فني بصري ومعرفي ووجودي جديد دائمًا؛ لذا فهي تمثل حالة فنية جديدة مع كل شاعر وقارئ، بل تعيد إنتاج نفسها كل قراءة، كما أنها خير مثال للكونية المتجددة القائمة على اللاانتماء واللاثبات الإبداعي كالمقاهي والمطارات في شكلها المادي متقاطعة مع أشكال إجناسية أخرى كالسيرة والمذكرات والرسائل واليوميات والنصوص العابرة للأجناس وغيرها، وكل هذا يحتاج إلى الكثير من الرصد النقد والتحليل الرصين والذي يجب أن تعنى به الدراسات التي تمتح من معين الظواهر الفكرية الفارقة وتصب فيها قراءاتها الحيوية المتجددة.


الشاعر والأكاديمي عبد اللطيف الوراري: ثمة حساسية جديدة لقصيدة النثر أكثر وعيًا بالجماليات الجديدة

تشهد قصيدة النثر العربية اليوم، بعد عهود من النقاش الشكلاني والتردد الهاملتي، تحولات جمالية على مستوى إنتاج بلاغتها الخاصة ومتخيلها الكتابي الجديد، من خلال نزوعها المستمر إلى ما هو مرئي ومعيش وعابر مبتذل، ودخول مرجعيات وخرائط ثقافية وفنية مختلفة من الهوامش والأطراف إلى صميم فكرها الشعري.

وإذا ربطتُ حديثي بما يجري في المغرب، يمكن القول إن ثمة حساسية جديدة بدت أكثر وعيًا بالجماليات الجديدة التي تقترحها قصيدة النثر في نماذجها الأحدث، يشارك فيها جملة من الشعراء الذين ينحدرون من أعمار ورؤى وتصورات مغايرة لا تخضع لقواعد مسبقة، أو على الأقلّ تفرض قواعد خاصة بها تُفجّرها من داخلها، وقد مالت أكثر إلى القصر والاقتصاد في اللغة والتكثيف، وإلى تشظية وعي الأنا بنفسها وبالعالم، مثلما عملت على تشذير البناء النصي وأولت الدالّ الأسبقية في تشييد مُتخيَّلها وتفجيره في آن. وهو ما دشن، في حقيقة الأمر، أسلوبًا جديدًا في الكتابة وحياتها نكتشفه، على فترات دالّة، داخل الأعمال الشعرية لأولئك الشعراء؛ من أمثال محمد بنطلحة، ورشيد المومني، ومحمد عزيز الحصيني، ورشيد منسوم وغيرهم.

بل لم تعد مثل هذه الكتابة مجرد شكل أو أسلوب، وإنما أخذت تحمل محتوى يعكس فلسفة ما، وفهمًا خاصًّا للذات والكتابة واللغة والعالم، إذ تطبعه روح المفارقة، ويقف ساخرًا، أو لوذعيًّا، أو غير مُبالٍ من حياتنا المعاصرة في شكل ومضات وتشذُّرات تُفكّك وهم الواقعي وترصد "منطق الخلل" الذي يهيمن على تلك الحياة ويطبعها؛ فظهرت مثل هذه الكتابات نافرةً من ذهنيّة النسق وأقل رزانة وأقرب إلى التأمل الداخلي والمرح الديونيزوسي، كما في نصوص مبارك وساط، وعبد الله زريقة، ومبارك الراجي، وفدوى الزياني، ومحمد عابد وغيرهم.

كما نجد لدى البعض الآخر، نزوعًا إلى العابر واليوميّ، فجعلوا مما يكتبونه نَوْعًا من "سيميولوجيا للحياة اليومية" التي تزخر بالصور والقيم والعلامات، إذ لا أخطر من أن تستمدّ الشذرات فعاليّة معناها من بلاغة الشعر الذي يفارق ويواجه ما هو معطى، فيما هو لا يتحدث عن الأشياء التي توجد في الخارج إلا لإعادة خلقها من جديد، بحسب بنيته الكثيفة والمفتوحة التي تقوم على استراتيجيات الانزياح والاستبدال واللعب باللغة ونظمها الاستعارية، على نحو يجعل الغياب في اللغة هو الأصل، وليس الحضور، النسيان وليس الذاكرة، مثلما في نصوص نور الدين الزويتني، وعزيز أزغاي، وعبد الجواد العوفير، وأمل الأخضر وغيرهم. 

ومن نافل القول إذا لمحنا إلى أنَّ هذه القصيدة التي يناهز منجزها النصي أربعة عقود، لا تزال ملامح حساسيّتها الفنية غير مكتملة؛ فهي تتطور باستمرار، وربّما تلمست هذا التطور المُطّرد في عزلتها الباهظة. فقياسًا إلى حركة الشعر الحديث التي بدأت بعد استقلال المغرب، وما رافقها من اهتمام وسجال مُطّردين، لم تتوفر لهذه القصيدة حركة نقدية موازية وقادرة على تفهُّم طبيعة التجربة ومغامراتها، بما لها وما عليها في آن. بيد أنّه من الصعب، لهذا السبب أو ذاك، أن نتحدث عن خصوصيات أو سمات قارة من نوعٍ ما ترتبط بقصيدة النثر المغربية.


الشاعر محمد ناصر المولهي: القصيدة الجديدة صوت الهامش 

أولًا أعرج سريعًا على تسمية قصيدة النثر معتبرًا أن ما كُتب ويُكتَبُ ضمن الشعرية العربية الحديثة والمعاصرة لا ينضبط لاشتراطات قصيدة النثر أو القصيدة بالنثر. الموضوع يطول شرحه لكن يكفي أن نلاحظ مثلًا هيمنة الإيقاع حتى خارج الوزن على النص الشعري المعاصر الذي نسميه على أنه قصيدة نثر بينما يمكن تسميته القصيدة الحرة.

بعيدًا عن متاهات التسمية التي تكتسب أهمية لتشكيل الوعي بالنص الشعري، فإن القصيدة العربية المعاصرة نزعت عنها النمطيات السابقة وانخرطت أكثر في اليومي والتحمت مع الذاكرة المقصية أو المهمشة متخلية عن البطولات والملحميات والتهويمات التي تدعي إعلاء سقوف الشعر، بينما هي تبتعد به في الحقيقة عن جوهره الأساسي "الإنسان".

بنت "القصيدة الجديدة"، إن صح التعبير، والتي يكتبها الشباب بشكل خاص، خطابًا متمردًا لا على الجماليات المستهلكة فحسب، بل وحتى على وظيفة الشعر النخبوية، جاعلة إياه لسان الهامش وأداته لكتابة التاريخ الموازي، تاريخ الشعوب لا تاريخ السلطة بكل أنواعها السياسية والاقتصادية والفكرية واللغوية والدينية وغيرها من سلط تتكاثر كالفطر.

بنت النصوص الشعرية الشبابية المعاصرة علاقات أخرى بين الشعر والذاكرة والشعر والإنسان البسيط، وبين الشعر والمكان، الذي أخذت تلتقط منه وجوهه الخلفية بلا خوف من بشاعتها أو قبحها أو انهياراتها، وليس هذا من باب الهدم بل من باب المكاشفة الشعرية التي تسعى إلى أن تعيد إنبات الإنسان في فضائه بشكل أقل قسوة وأكثر إنسانية.

مع ارتفاع موجات التحرر أو ما سمي بالربيع العربي الذي كانت انطلاقاته مشروعة قبل التحولات المفزعة والفشل الخطير، ازدهرت كتابة الشعر الحر أو قصيدة النثر كما باتت تسمى، كموقف فكري وجمالي وانفعالي، وانطلقت القصيدة من ذوات تطالب بالحرية وبوطن أفضل ولا يشغلها غير الإنسان، مستغلة عناصر "لا شعرية" (كما كان يعتقد البعض من نمطيي الشعر) ولغة مختلفة لبناء عوالمها، لكن برغم أن هذا التوجه أتاح للشعر العربي مساحات جديدة خلاقة فإنه أيضًا فتحه على فوضى كتابية، في غياب المواكبة النقدية العاجزة بأدواتها القديمة عن ملاحقة الجديد. 

من الأعلى، يمين: مازن المعموري، نصر الدين شردال، ، صالح لبريني، وناظم ناصر القرشي

الشاعر مازن المعموري: تحولات الشعر/ الحرية في مقابل الدم

يحدث دومًا أن يكون الشعر مرآة لتحولات المجتمع الذي يعيش فيه، ليس لأنه مجرد كلمات عاطفية عابرة، بل لأنه يستحيل أن يكون بوقًا للسلطة أو الإيديولوجيا، أيًّا كانت والتاريخ الحديث حافل بالأمثلة. من هنا أستطيع القول إن الشعر العربي بدأ بتحولات مهمة مع السياب ونازك وتلته حركات شعرية مختلفة في مراحل مثل الستينيات، فقد برز جيل كركوك في العراق، ومنه تداعت حركات تحديثية مختلفة شكلانية في الغالب لكن الأهم بعد ذلك هو ظهور (ميليشيا الثقافة) في العراق منذ عام 2015- 2016.

قدمت مجموعة من الشباب، يقودهم الشاعر كاظم خنجر، اتجاهًا مختلفًا تمامًا عما كنا نفهمه ونتلقاه من النسق التقليدي لكتابة الشعر والانتقال الى مرحلة مهمة في رسالة الشاعر نفسه، ألا وهي استعمال الأمكنة الفارغة والتخلي عن المتلقي التقليدي وكل ثوابت الحفل التقليدي للشاعر المؤدلج (جمهور ينتمي لفكر الحزب أو الدولة معظمهم موظفون لا علاقة لهم بالشعر في قاعة محسوبة ومختارة جيدًا من قبل الأجهزة الأمنية/ الإعلام والتلفاز محدد وموجّه دومًا)، وهنا يكون الشعر للمرة الأولى خارج تصنيف الدولة الأيديولوجية والعسكراتية وخارج منظومة التلقين والتوجيه القسري.

المسألة الأهم في وسائل التعبير هي استخدام الشاعر جسده (جسد الشاعر المؤدي لمشهد النص الشعري، حيث لم تعد اللغة المكتوبة كافية للتعبير عن الموقف) حيث انتقل الشاعر من الكتابة إلى الفعل.

هذا الأمر يستدعي بالضرورة الانتقال لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت للتواصل مع جمهور عشوائي لا علاقة له بأيديولوجيا الدولة أو السلطة الحاكمة، وهو ما جعل المشروع يأخذ طابعًا اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا من دون الحاجة إلى قنوات تقليدية، ما ساهم في نشر الحركة عربيًا وعالميًا من دون وصاية أحد، في ضوء الاعتماد على ما يفرزه الواقع المعاش وليس المعلومة التي تأتي من الكتب أو تبعية الحركات الأوروبية للثقافة والشعر وتقليعات المنظومات الثقافية الأخرى.

وبهذا فقد حققنا لأول مرة خطابًا ثقافيًا وشعريًا يتفاعل وينتج تصوراته في ضوء الحدث المحلي والواقعي ويقدم لغة مختلفة أكثر مقبولية للمجتمع وتضع الشاعر في المكان الصحيح له منذ مئات السنين، حيث بقي الشاعر العربي سجين الخليفة أو الدولة الحاكمة أو الأيديولوجيا وتخلص من كونه بوقًا للحزب الحاكم وأكاذيب الخطاب السياسي الشرقي تحديدًا.

أكثر الإثنيات الثقافية والدينية التي تعرضت للظلم والقتل في العراق هي الطائفة الأيزيدية، وقد مرت بأحداث عصيبة ومرعبة على يد فصائل داعش الارهابية، حيث نتج عنهم ظهور مجموعة من الشعراء المؤسسين لنموذج شعري جديد يتقدمهم سعد شفان وسرمد سليم وشعراء آخرين لا يقلون أهمية عنهم يسردون ما حدث بالتفصيل عن حياتهم اليومية المؤلمة. وأعتقد جازمًا أن هذه اللحظة التاريخية هي بمنزلة ترسيخ لنموذج الحرية التعبيرية التي يعيشها العراق دون البلدان الأخرى، إنها الحرية مقابل الدم.


الشاعر والناقد صالح لبريني: قصيدة النثر تخلق كيانها الجمالي في نسيج نصيّ يحرّر الخيال واللغة

إن ما يميّز قصيدة النثر عن الأجناس الإبداعية الأخرى هو التمرّد على ما هو قائم وسائد في الشعرية العربية، فهي تروم التحرّر من كلّ القيود التي بإمكانها أن تحدّ طاقتها الإبداعية والإبدالية، وهو أمر بديهيّ لأن الكتابة بالنثر تجنح إلى مخالفة الأعراف والتقاليد الشعرية المهيمنة على الذائقة الشعرية، ما جعلها عرضة للنقد والرفض، ومع ذلك تمكّنت هذه القصيدة من ترسيخ وجودها انطلاقًا من سمة التمرد والخروج عن قواعد عمود الشعر، مؤسسة بذلك أنماطًا جديدة في الكتابة والإتيان بما يخالف المنطق العمودي، ما شرع الأبواب لحلحلة كل الثوابت وإعلان جماليات مستحدثة ومتخلّقة من رؤية للعالَم والذات، تتناقض مع الرؤى السائدة في التجارب الشعرية المؤمنة بالشكل الكلاسيكي أو شعر التفعيلة.

لهذا فقصيدة النثر برؤيتها الجديدة تعبّر عن موقف من الواقع والكون وعن الرغبة في تحطيم الأنساق الاجتماعية والمعرفية، بخلْقِ صيغ تعبيرية تحفل بجماليات فنية تقول الذات والعالَم. وهي جماليات نابعة من تجاوز الموضوعات الشعرية السالفة، لذا نجدها متحولة وغير ثابتة وصعبٌ القبض عليها، لكونها منفلتة من التحديد ومدبوغة بالتجديد. وما بذله شعراء هذه القصيدة في ظل شعرية المخالفة من جهود لإبداع نص شعري يمزج الواقع والوجود في تشكيلات لغوية بديعة ومفاجئة، ما ينمّ عن امتلاك هؤلاء الشعراء لوعي جديد بالكتابة الشعرية، وتكشف عن المرجعيات الفكرية والفنية والمعرفية التي تخصّب النص الشعري، بأن تكون له الاستطاعة للجمع بين المحاكاة والتخييل، بين المألوف وغير المألوف، بين الميتافزيقي والواقعي، التاريخي والفلسفي. فحوّل خطابها إلى فسيفساء من الأشكال الفنية، فنجد نوعًا من التلاقح الإيجابي والفعّال بين الفنون البصرية والتشكيلية والتصويرية والسينمائية والرقمية، ما أفضى إلى ابتكار صور مبهرة ومخالفة. وبالتالي فقصيدة النثر تخلق كيانها الجمالي من التشابكات الجديدة والعميقة بين العناصر النصية في نسيج نصيّ يحرّر الخيال واللغة. وتمنح الشاعر القدرة على الخلْق والإبداع. ويجب اعتبارها أفقًا كتابيًا محالفًا ومنهلًا لغويًا يتغلغل إلى الأعماق ويحتفي باليومي والعابر المشرق الفاتن.  ولعلّ التجارب الشعرية لقصيدة النثر تعطيها صورة واضحة لهذا التحوّل الجمالي والفني، والمتأمل في التجارب  الشعرية لكل من أنسي الحاج وعباس بيضون وسركون بولص ووديع سعادة وسليم بركات ومحمد الصباغ وشعراء الحساسية الجديدة بالمغرب وغيرها من الحساسيات الشعرية في العالم العربي، يقف على حقيقة هذا الإبدال المتجلّي في خرق المألوف وتشييد الغرائبي ذي البعد الجمالي، ولكن قصيدة النثر برغم ما تعرضت له من حروب وتغييب من المشهد الشعري المعاصر، لها حضورها إبداعًا وطباعة وذيوعًا. وعليه فهي تدعونا إلى إعادة النظر في علاقتنا بهذا الجنس الإبداعي الذي حطّم الحدود بين الأجناس الأدبية، بوعي جديد يتسلّح بمعرفة جديدة تجدّد دم الشعر العربي بكل امتداداته. وتعطي الأمل بأفق إبداعي منفتح على التجريب والمغايرة.


الشاعر نصر الدين شردال:
ظلّت حليفة العوالم الإنسانيّة الهشة

لقد شبّت قصيدة النّثر العربيّة المعاصرة عن الطّوق النّقديّ والأيديولوجيّ وعن أعراف القبليّة الشّعريّة، وتوسّعت دائرة تغلغلها في الأوساط الثّقافيّة، وتفاعلاتها الجماليّة مع كلّ الفنون والمعارف...

وظلّت منذ بداياتها حليفة العوالم الإنسانيّة الهشة، الإنسان البسيط، حليفة الأحياء الهامشيّة، حتّى في بعض أناقتها وارستقراطيتها وصفوتها الإنسانيّة، كما هو الشّأن عند أنسي الحاج وبعض شعراء لبنان، على عكس قصيدة التّفعيلة الّتي اهتمت بالرّموز والشّخصيّات الدينيّة والتّاريخيّة والحضاريّة...

تحقّقت البلاغة البصريّة الجديدة لقصيدة النّثر مع شيوع مدارس الفنّ التّشكيلي وتطوّر الطّباعة والإخراج، والنزّعة البصريّة الرّقميّة في زمن الصّورة، نمثّل هنا بالتّجربة المميزة لكلّ من رفعت سلام، وشربل داغر، وصلاح بوسريف، لما لصفحتهم الشّعريّة من قدرة على خلق دوال مغايرة للكتابة الشّعريّة، بشكل لا ينفكّ عن التّصوّر النّظريّ الّذي يلتقون فيه جميعًا.

تمارس قصيدة النّثر رفضًا للمدينة ولقيمها، وفي الوقت نفسه، تتفاعل معها وتنخرط في شعرية معالمها وعلاقاتها الاجتماعية والاقتصادية، وترتبط معها وتحنّ إليها، يتّضح هذا الارتباط أكثر في "شعرية المهجر النّثريّة". لكن قَدَرَ قصيدة النّثر أن تمارس الرّفض، حتّى لسلالتها الشّعريّة، وأن تؤسس لنفسها عائلة من داخلها، عائلة متجانسة ومتداخلة من الأجناس والفنون والأنواع التّعبيريّة الخلاّقة، تحقّق كينونتها الخاصّة. 

يبرزُ سؤال المعرفة في قصيدة النّثر في كتابات الأسماء الشّعريّة الّتي تتميّز بدرجات عاليّة من التّكوين المعرفيّ الأكاديميّ، لكنّه سؤال يطرح مشكلة الغموض وأزمة قصور التّلقيّ العربيّ.

مهما يكن؛ فإنّ قصيدة النّثر العربيّة منذ بداياتها إلى الآن، قطعت أشواطًا مهمّة من التّحقّقات النّصيّة والحضور النّوعيّ والواعي، وإن كانت ما تزال تعاني من حصار "جمركي"، في الوسائط الثّقافيّة التّقليدانيّة، وفي الجامعات العربيّة. يعلو صوتها في كلّ من لبنان ومصر والمغرب، ليخفت في بعض الدول العربيّة الأخرى، حيث هيمنة القصيدة العموديّة والتّفعيليّة اللّتين استقطبتا العديد من الشّباب المبدع بسبب الدّعم السّخيّ.

ثمّة أسماء شعريّة عديدة في مجمل البلدان العربيّة، تكتب قصيدة النّثر بتوهج وصفاء، وحُرْقًةٍ وتجربة، وثمّة تجارب واعية تتجاوز هذا المسمى تنظيرًا وتطبيقًا، وتنخرط في مشروع الكتابة الشّعريّة؛ حداثة الكتابة، الكتابة المفتوحة، الحساسيّة الجديدة، وتلك هي أبرز معالم المستقبل الشّعريّ الواعد.


الناقد ناظم ناصر القرشي: قصيدة النثر أحدثت ثورة كتابية

لو نظرنا إلى الطبيعة سنجد أن كل شيء فيها هو عبارة عن قصيدة شعر سواء انتظم بخصائص شكلية أم لم ينتظم فيصبح قصيدة نثر، فالشعر هو التعبير المجازي للطبيعة، وهو كحركة الماء العذب فيها وإذا كان كذلك فالغيوم هي الشكل المجازي لقصيدة النثر، فهي تتشكل كشجرة في حلم من ماء، فواصلها بروق وأغصانها مطر. لقد أحدثت قصيدة النثر ثورة كتابية، أعطت دفعات قوية للشعر، على اعتبارها قمة ما وصلت إليه الشعرية العربية، من تطور عبر تحولاتها في تاريخ الشعر العربي الحديث، وبوصفها (أي قصيدة النثر) فضاء شعريًا مفتوحًا، أكثر تفتحًا وإشراقًا وتعبيرًا عن هموم الإنسان الحقيقية، فهي تمنح الشاعر حرية أكبر لكي يعبر عن انفعالاته وأحاسيسه الداخلية، وبهذا التوصيف تكشف قصيدة النثر التي تشكلت عبر مرجعيات جمالية أكثر تعقيدًا وكثافة، لغةً وإيقاعًا وتصويرًا، التحولات الجمالية المثمرة الدالة عليها، وعلى حيوية التجديد والابتكار المدهش في النمط الشعري، وعلى قدرتها في إحداث تأثير على المتلقي. أما بالنسبة إلى تحولات قصيدة النثر، فقد تطورت القصيدة اعتمادًا على شاعرية من يكتبها وثقافته وإمكاناته الخاصة التي تقع وراء مدى اللغة، وامتلاكه خيالًا وثابًا وسنجد أن هذا التطور شخصي أكثر منه جمعي، لذا نجد أن قصيدة النثر قد اكتسبت هيئتها وحضورها من خلال بنية الجملة الشعرية، لغويًا وتصويريًا وإيقاعيًا، وحتى تشكيليًا، وتأثيرها في اتجاه المتلقي وإقناعه، ومحاولة تغييره تغييرًا تامًا، على ما تعتمده من خصائص التكثيف، والاختزال، والإيحاء في اللحظة الشعرية ذاتها حتى تصل الى أن تكون بناء لغويًا قائمًا بذاته لخلق إيحاء جمالي للمشهد الشعري المعاصر، وهذا ما آلت إليه تجربة الحداثة الشعرية إبداعيًا، من خلال التحليل النصي للصفات التي تشكل شاعرية قصيدة النثر.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.