}

قصائد حمزاتوف والذكاء الاصطناعي في "الساحة الحمراء"

سمير رمان سمير رمان 25 يونيو 2023
هنا/الآن قصائد حمزاتوف والذكاء الاصطناعي في "الساحة الحمراء"
مهرجان الكتاب في "الساحة الحمراء" في موسكو
انعقد مؤخرًا مهرجان الكتاب في "الساحة الحمراء" في موسكو في نسخته التاسعة بمشاركة 400 دارٍ نشرٍ تمثّل 56 مقاطعة وجمهورية من كلٍّ من الاتحاد الروسي، وبيلاروسيا. وعلى خلفية المعرض، عقد أكثر من 500 نشاطٍ ثقافي.

استمرارية العصر
ناقش رؤساء تحرير أشهر الإصدارات الأدبية أهمية المجلات والصحف الأدبية في مواكبة الحركة الأدبية المعاصرة. وأشار المشاركون إلى المشاكل التي تواجهها المجلات الأدبية الضخمة المتمثلة بشكلٍ رئيس في كثرة المؤلفين وقلّة القرّاء. وقال سيرغي نادييف، رئيس تحرير مجلة "صداقة الشعوب": "عندما يقولون إنّ عصر المجلات السميكة قد ولّى، فهذا كلامٌ غير صحيح، أقلّه لأنّ هذه المجلات بالذات هي التي تتيح الفرصة للكتاب الشباب للانطلاق من صفحاتها إلى ساحات الأدب العريضة". أمّا رئيس تحرير مجلة "الأزمنة الحديثة"، فلاحظ، آسفًا، أنّه مع تطور المجتمع والتغييرات التي تطرأ عليه علينا أن ننسى في المستقبل القريب القراء الشباب.

داريا دوغينا
"كانت على الدوام جاهزة للتضحية، وعلى أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة، ولتدافع عن قطيعها. ولكنّها ظلّت في الوقت نفسه فتاةً هشّة، نحيفةً، تحمل عبئًا ثقيلًا ينوء به كاهلها". هذه الكلمات قالتها الصحافية الروسية داريا دوغينا، عالمة السياسة والناشطة الأوروبية ـ الآسيوية، التي توفيت اغتيالًا في 20 أغسطس/ آب 2022، وهي ابنة الفيلسوف المعروف ألكسندر دوغين.
ضمن فعاليات مهرجان "الساحة الحمراء"، قدّم كلّ من ألكسندر بوغدانوف، وصوفيا ميتلكينا، أعضاء الحركة الأوروبية ـ الآسيوية، إلى جانب الباحث في تاريخ الأديان، بافل توغارينوف، كتاب داريا دوغينا "مستنقعات وذرى قلبي". اعتمد محتوى الكتاب على يومياتٍ مغلقة احتفظت بها داريا على حسابها في تليغرام لأصدقائها المقربين. في تلك اليوميات، شاطرت داريا أفكارها الفلسفية، وأحيانًا جوانب من حياتها الخاصّة جدًا. هكذا خرج الكتاب، الذي سيكون له، وفق المشاركين في التقديم، صدىً لدى جيل الشباب، حيث استبدلت فترات الاكتئاب والظلام اليائس بومضاتٍ ساطعة من الطاقة الإبداعية التي لا تقهر، وكلا الجانبين كان حاضرًا في شخصية داريا دوغينا.

هندسة النصّ
وتحت رعاية لجنة جائزة الكتاب الكبير، عقدت الأكاديمية ورئيسة تحرير "المجلة الأدبية ـ الفنية"، إيرينا بارميتوفا، مناقشةً بعنوان "عالمٌ من دون العالم الخارجي". شارك في الندوة الكتَّاب: يفغيني عبد اللاّيف، وفاسيلي أفتشينكو، ورومان سينشين. وقال فاسيلي أفتشينكو عن كتابه "السماء الحمراء": إنّها قصصٍ حقيقية عن الأرض والنار ترتكز على أساسٍ وثائقي، وأن دوره اقتصر على إنشاء بنية القصة. أمّا مؤلف كتابي: "منطقة الغمر"، و"قف... قصصٌ لم تحدث"، رومان سينتشين، فاعترف بأنّ قصصه المبكرة كتبتْ بصيغة المتكلم، وأنّ البطل الرئيس فيهما حمل اسمه أيضًا: رومان سينتشين. يتذكّر الكاتب كيف لاحظ، وهو لا يزال طفلًا، التناقض بين اسم مؤلف الكتاب من جهة، وبين شخوصه من جهةٍ أُخرى. من جانبه، أشار يفغيني عبد اللّايف إلى أنّ الصورة التي يبنيها المؤلف يجب أن تكون واضحةً ومفهومة لكلٍّ من الكاتب والقارئ في الوقت نفسه.




ناقش المجتمعون كذلك مسألة تحوّل اللغة، فرأى الكاتب رومان سينتشين أن العملية حتمية بلا شك، أمّا فاسيلي أفتشينكو فقارنها بتحولات الطقس في فصول السنة الأربعة.

حمزاتوف
في جوٍّ رسميٍّ، لكنه دافئ وحميميّ، جرى تقديم كتاب "رسول حمزاتوف"، الذي نشرته دار نشر جمهورية داغستان بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد هذا الشاعر. في بداية اللقاء، صدحت ألحان أغنية "الرافعات"، وتتالت على شاشة العرض صورٌ تحكي حياة رسول حمزاتوف، ومساره الإبداعي. يقول عمروسمان غادييف، رئيس تحرير دار نشر داغستان متحدثًا عن الشاعر: "كنت من ضمن المحظوظين الذين عايشوا الشاعر، والذين حظوا بفرصة التواصل الشخصي معه". وأشار إلى أنّ أفضل طريقةٍ لتذكّر رسول حمزاتوف الشاعر، الذي نشأ في بيئةٍ جبلية قاسية، وأصبح ظاهرةً في الأدب العالمي، هي قراءة قصائده. وبالفعل، صدحت في المكان أشعار حمزاتوف التي تعكس موقفه الثابت تجاه الوطن الأم، والمرأة عمومًا.

مخيفة... ولكن موثوقة
بمشاركة خمسةٍ من الكتاب الشباب، تولّت دار النشر"ألبينا" إدارة نقاشٍ تحت عنوان: "تنوع أساليب النثر النفسي"، حيث قامت رئيس تحرير دار النشر، تاتيانا سولوفيوفا، بدور منسّق الحوار. تحدث الكتاب عن رواياتهم، التي أدرج اثنان منها على اللائحة القصيرة لمسابقة "الكتاب الكبير"، والتي سبق أن أُعلنت قبل انعقاد المهرجان. في نتيجة النقاش، توصل المؤلفون إلى توافق في الرأي بشأن النثر النفسي، خلاصته: "للأسف، لم يعد ممكنًا كتابة النثر النفسي، كما فعل فيودور دوستويفسكي، على سبيل المثال. لقد تغيّر الزمن، وتغيّر القرّاء أيضًا. ولهذا عند الغوص عميقًا في العالم الداخلي للأبطال يجب الأخذ في عين الاعتبار ديناميكية النصّ، وكذلك عدم الخوف من تجربة أساليب مبتكرة، وإلّا فإنّ الأفكار المضمّنة في الكتاب ستبقى ببساطة غير مطلوبة البتة".

الشبكات العصبية الذكية... والأدباء
يومًا بعد يوم، يتصاعد اقتحام الذكاء الاصطناعي مختلف المجالات الفنية، كالرسم، والموسيقى، والترجمة، والأدب. ولمناقشة خطورة استخدام ما بات يعرف بالشبكات العصبية الذكية Neuro- Literature في مجال التأليف الأدبي، وانعكاسه على الإبداع البشري، نظّم "مجتمع المعرفة" مناقشات مطولة تحت عنوان: "الشبكات العصبية الذكية في مواجهة الإنسان"، للبحث في ازدياد الطلب على الشبكات العصبية، وتأثيرها على الحياة عمومًا، وعلى الحياة الأدبية بشكلٍ خاصّ. كان السؤال المركزي المطروح: من سيكتب في المستقبل؟ في محاولة للإجابة على هذا السؤال، حاول الكاتب م. يومان، المحاضر في التعلّم الآلي والشبكات العصبية في جامعة موسكو التقنية الحكومية، طمأنة الجمهور بالقول: "ليس هنالك ما يجب أن يقلق الناس في شأنه؛ الشبكات العصبية الذكية ليست منافسةً للأدباء، بل هي أداة مساعدة فحسب. اليوم، لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب كتابًا، ولكن عندما يصبح الأمر حقيقةً (ولن يكون ذلك بعيدًا)، فإنّ قيمة الكتابة الأدبية البشرية لن تتراجع، بل على العكس سيزداد تقدير الجمهور لها، لأنّ الفردانية البشرية، وعمق المشاعر البشرية، فريدة من نوعها. يمكن للذكاء الاصطناعي اليوم أن يكون سكرتيرًا يسهّل عمل المؤلّف، كما يستطيع الذكاء الاصطناعي مساعدة لجان التحكيم في المسابقات الأدبية، من خلال تحليله مجموعة الأعمال المتنافسة، وفي اختيار العينات التي تلبي المعايير الموضوعة". في نهاية المناقشة، تمت قراءة مقتطفاتٍ من النصوص على المشاركين والضيوف، وطلب منهم تخمين ما إذا كانت مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، أم أنّها من إبداع الأدباء.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.