}

أصوات شعرية لأجل فلسطين: الحزن على توقيت غزة (1)

ضفة ثالثة- خاص 24 أكتوبر 2023
هنا/الآن أصوات شعرية لأجل فلسطين: الحزن على توقيت غزة (1)
عمل للفنان التشكيلي الفلسطيني رائد عيسى
في مثل هذا الموت الجماعي الرهيب، حيث يتكرر التوحش الصهيوني ويتمدّد من دون سدّ، ومن دون أدنى حدّ من الضمير، ومن دون أي وازع أخلاقي وإنساني، وأمام أشلاء يصعب تحديد مدى ألمها من الوجود، يفقد المعنى كله معناه. لا معنى لي ولك ولأحلامنا وللأفكار الكبيرة وللكلمات الفلسفية أمامك يا غزة. ما يبقى هو الصمت والألم فقط أمام فظاعة هذه الهمجية اللاإنسانية. تبقى كلمات قليلة يمكن أن تُقال، جمعناها هنا لفلسطين، أصوات شعراء من العالم العربي تريد أن تقول حزنها على غزة، على فلسطين، ومن العالم كله.

هنا القسم الأول من هذه الأصوات الشعرية.


(دارين حوماني)

 

محمد بنيس- المغرب:

أناشيدُ الحضُور


(1)  حُــلمْ

بغيْر نَحيبٍ

أماميَ في رقْعة الشمْسِ يحْضرُ حُـلمٌ

ويمْشي خفيفًا

يهزُّ غصونًا من الأغنياتِ البعيدةِ

يحْضرُ

لا أحدٌ يستطيعُ الهروبَ

منَ الأغنياتْ

 

مقاطعُ تصْعدُ منْ جسَدي

نغَمًا

يتولّدُ من نغَـمٍ

سوفَ يكْبرُ حتى يراني أغيبُ

لأنّي

امتلأتُ بما يتكوّنُ

تحتَ الظلالْ

 

أماميَ حُــلمٌ تفجّرَ في لمْحةٍ

واسْتراحَ

على كتـفيَّ

يطيلُ التأمّلَ في ألمٍ لا يزولُ

 

أماميَ حُــلمٌ

يُردّدُ صرْختهُ في العَراءْ..

 

(2) أريحَـا

أَريحَا، أَريحَا

قمرٌ

أشعّتهُ تسيلُ اليومَ كما كانتْ

سهولٌ تمتلئُ بالحياةِ

قبابٌ معلّقةٌ

عطشٌ واحتراقٌ

معًا

لأبنائكِ الواقفينَ في حقولهمْ

 

تحتَ السماءِ

شساعةُ ما يبْقَى

فوقَ السُّطوحِ قمرٌ لا يتبدّلُ

بكلّ قواهُ يحْتضنُ الرجاءَ

 

باسْمكِ

العيونُ تتنفّسُ

وفي الهواءِ

أسماءٌ للذين يولدونَ

بين أشجارِ البُرتقالِ والليْمونِ والتّينِ يكْبرونَ

 

قمرٌ لأجلهمْ

أريحَا

 

(3) كيْـف لي؟

كيفَ لي أنْ أراكِ وأنتِ

على جبلِ الزّيتونِ

تُعيدينَ

الأنْفاسَ إِلى أحْجار القُدْسِ وَتبْتكرينَ

شموسًا منْ شرقِ الكلماتْ

 

في المنامِ سمعتُ كلامًا

شبيهًا بهذا الكلامِ

كأنّي

التقيْتُ بكلّ الذينَ اختفَـوْا

والذينَ سيأتونَ

منْ

حُلمهمْ بعْدنَا

 

أوْ كأنيَ لستُ أميّزُ بين رياحِ الخليلِ

وبيْنَ الذي

يتحرّكُ في صورةٍ

 

هيَ ذي ليلةٌ منْ ليالي الشَّتاتْ...

 

(4)  وجوهُ المَسيحْ

وجوهُ المسيحِ العديدةُ

تخرجُ منْ

قبْرها

 

عندَ باب المدينةِ

كان شعاعٌ قديمٌ يمجّدُ

في كلّ زاويةٍ صرْخةَ الشهداءِ

وكانَ الذين يعـودونَ من موْتهم بغتةً

يبْحثون عن الدّربِ

كان النشيدُ

طويلًا

وإخوةُ مرْيمَ كانوا جميعًا هناكْ

 

لمْ يغبْ أحدٌ

ووُجوهُ المَسيح العديدةُ

ترْمُقـنا

من نوافذَ تكثُرُ

في وحْدةِ الشهداءْ..

 

(5) دمُـــهمْ

ربما وجدتْ لُغتي درْبَها

في النّزولِ

إلى

زمنِ الظلماتْ

 

أللّيالي هُنا

ليْس يفْهمها غيْـرُ نايٍ

ومن كلّ ناحيةٍ

في الترابِ الغريبِ

تطوفُ بيَ الذكْرياتُ

 

دمٌ

يتكلّمُ

خلفَ السياجِ دمٌ وحْدهُ

لنْ أقولَ: نسيتُ

الهواءُ

يمرُّ ويبقَى دمُ الذّكرياتِ

هنا

في الممرِّ القريبِ

يوزّعُ أصْداءهُ

 

تركَ الأنبياءُ هنا كُتبًا

ومضوْا

 

دمُهمْ

أوّلُ الكلماتْ...

 

أمير تاج السر - السودان:

مروان الذي لم يرَ الطوفان

 

في زمان ما كنت أعرف مروان أحمد،

أو لعله أحمد مروان،

لم أعد أذكر جيدًا.

مروان أو أحمد هذا كان من غزة،

وكان يكتب الشعر،

وأحيانًا يكتب أشياء لا تشبه الشعر،

لكنها شبيهة بدموع كثيرة تبتل بها جلستنا،

هناك دائمًا ذكر للحياة الفلسطينية،

ذكر للزيتون والزعتر والشهداء الذين يولدون ليموتوا

بلا أي رجفة في القلب،

وحين يتحدث عن أمه،

يناديها أم الشهيد،

بالرغم من أن لا أحد من أبنائها استشهد،

والحقيقة لم يكن لها ابن غيره.

لكنها رتبة في الأمومة،

لا توجد إلا هناك.

مروان هذا لم يعش طويلًا

ولم ير الطوفان الذي حلم به واضحًا ومزلزلًا،

وجدوه مخنوقًا بالذكريات

وميتًا وبين يديه خريطة وطن.

 

عماد الدين طه- سورية

أجراس العودة

 

أجراسُ العودةِ إنْ قُرِعَتْ

أو لمْ تُقْرَعْ

فلِمَ العجلهْ؟

 

لو جئنا نقرعْها حالًا

كانتْ "دُمْ تكٌ" كالطبلهْ

فالوضعُ عمومًا مُنحلٌّ

والقادمُ يلعنُ ما قبلهْ

والعُرْبُ بأخطرِ مرحلةٍ

وجميع حروفِهمُ عِلّهْ

 

أغرتهم كثرتهمْ لكنْ

وبرغمِ جموعِهُمُ قِلَّهْ

وبوادي النّملِ إذا عَبَروا

سَتموتُ مِنَ الضحكِ النّملهْ

فسليمانُ العصرِ الحالي

مشغولٌ في مَلءِ السلّهْ

 

وحديثٌ عن حربٍ كُبرى

أو صفقةِ قرنٍ مُخْتَلّهْ

مِسْمارُ الحائِطِ ملكُ جُحا

سِمسارُ الحيِّ... وفي غفلهْ

سينادي"أونَ ألا دُوّيهْ"

بازارُ الأرضِ المُحْتَلَّهْ

ويعودُ لِيُكمِلَ سهرتهُ

في نادي أشراف الدّولهْ

 

أعَلِمتَ الآنَ أيا ولدي؟

الثورُ الأبيضُ مَن أكَلَهْ؟

 

مسعودة مصباح- الجزائر

طوفان الأقصى

 

طوفانُ العِزة تفجر

أنا الفلسطيني أنا أفخرْ

أنا الصنديدُ لا أُقهر

هنا وطني هنا أرضي

هنا باقٍ لا أغادِر

طوفان ُ العزةِ يا غالي

تحدٍ لكل الأهوال

بني صهيون سرقوا أرضي

غيّروا حالي وأحوالي

فلن أُهزم ولن أُقهر

وإن أخذوا كل أموالي

 

طوفان العزة تفجرْ

من بساتين الزيتون والزعتر

من قلبِ امرأة حبلى

وغضبِ طفلٍ يكبرْ

 

طوفان العزة تفجرْ

من غزة من قلب فلسطين

إلى أين أيها المنكر؟

وهذا وطني جهرًا

فلسطينُ العروبة يا وطني

وأنا الطفل فيك أكبر

فيكِ يزدادُ غضبي

وبحبِ القدس أنا أشعرْ

طوفان القدس نحن هنا

لن نغادر ولن نهجر...

 

راضية الشهايبي- تونس:

أحلى المدائن

 

سبقت أحزاني الحزن المباح

وغدت ذكرى انشراحي

ناشزًا عن عيدها

أبدًا تأبى السماح

قد توزّعت انتظارًا

قد هرمت قبل عمري

ومضى الدّهر يعربد

لا يودّ الاعتذارا

قال لي حين التقينا:

لا تكوني زهرة

فالمواسم قد أهلت

والرؤى بالشوك غُــلّت

وربيع يلعق الذلّ بصمت

فاشربي مرّ خريف يتوجّع

وافقئي عين النهار

وافقئي سمع الليالي

واسدلي كلّ الستائر

واحلمي حتى الثمالة

والثمي عبق البشائر

واتركي هذا الذي لا يحتمل

كان نصفي يتراقص

 ثملًا... بالمزاد العلني

 حين باعوا نصفي الآخر

بدعوى أنّه اليوم مشاكس

غزة يا أحلى المدائن

دثّريني فأنا مرتجفة

فصلوني عن زماني

وبكى الناعون يتمي...

خلسة

فبكاء اليتم جهرًا

صار جزء من مهالك

زندقوني... حين أحببت المدينة

قد غدا العشق مريبًا

هجرتني أغنياتي

وغدا الشدو مصيبة

غزة يا أحلى حبيبة

احمليني

إن نفاك الهول عني

وارتحلت

وخذيني

فأنا ذاك الشجر

وأنا ذاك التراب

وأنا ذاك المطر

وأنا كلّ المدينة

إن أرادوا

أو رأوا ذاك خطر

أنت يا أحلى المدن

فصلوا عنك النخيل

هجروا كلّ الطيور

غيّروا حتى الملامح

لم أجد وجهي بمرآة الصباح

وبكاني كالجفاف

سرقوا حتى دموعي

وأحاطوني بأسوار انتظاري

حتى أني لم أجدني...

لم أجد صوتي لأصرخ

حينها خيّرت موتي

دون فقدان المدينة

حين سارت في الجنازة

وأنا كنت سجينة

قلت: آه يا مدينة

أضعف الإيمان أنّي قلت:

آه يا مدينة...

 

سرجون كرم - لبنان:

لو تكلمت الجمّيزة، لو سلك الدّلال طريق الماء إلى النخلة

 

خذوني إلى واد 

يقع حوالي ألف قدم تحت سطح البحر

لأدلّكم على السور في زحمة الرمز

مخبّأ تحت سترة اللصوص

وهم يحفرون تحته،

وفي سلّة للفاكهة

قرضها الهكسوس والفرس والإسكندر

وقسطنطين والأمويون وصلاح الدين،

وتركوها فوقه

مشاعًا

أمام أعين أحفاد جوليات

يندبون حظّهم.

 

إلى قمر خذوني 

تسرّب من بين يدي آدم

وهو يطبخ ألواحه، 

وحبًا على أربع

مثل طفل يحبو جزلًا

وهو خارج مسرعًا

 من بيت أبيه،

وامتزج عطرًا ونخيلًا

فأضحى كنعانيًّا

يتمايل شالًا حول كلّ خصر 

ويتهادى كوفيّة فوق كلّ رأس. 

 

خذوني إلى أريحا

لأدلّكم صدقًا على السور الذي يفصل

رئة التاريخ عن رئة الأوهام المشتهاة، 

لأنفخ - مثل غيري - الشعر غبارًا يتطاير من جناحي فراشة، 

مثلما ينفخ الربّ البهيّ في الطين، 

مثل ميكائيل الجميل وهو ينفخ في الصُور، 

مثل يوشع بن نون ينفخ

في كتب الخرافة، 

 

لعلّها تتنفّس "بلاشتو"...

لعلّ الأرض تعتاد من جديد

على اسم فلسطين.

 

عبدالله السمطي – مصر:

قصائد إلى فلسطين


1

أنا لنْ أُهجّرْ 

موتي على أرضي مقدّرْ 

 

أنا لنْ أُهجّرْ

في كل شبرٍ نبضةٌ مني

وفي كل الشوارع والمنازل والمطارح والربى، وجهي مسطّرْ 

 

لو أن أشلائي تطيرُ مع الهواء، مع الغبار

ففي التراب تعودُ نبتتها سنابل حيث أولد ثم أكبرْ

 

أنا 

لن أهجّرْ 

 

2

الحربُ ليست في السماء وإنما

الحرب في الأرضِ

 

هذي دياري... جثتي

هذي حقولي روحها أرضي

 

وأنا فلسطينية... ذاتي

ونبضي في التراب تهشه أرضي

 

أنا لا أدافع عن متاع

أو خزائن إنما

عن خافقي

قوميتي وعروبتي

لغتي

أدافع عن غدي

وأذود عن:

أهلي وعن عرضي...

 

3

قاتل أكثر قاتل

قاوم هذا الزمن القاتل

 

قاتل أكثر

لا ترهب عدوان الصهيوني

إذا دك الجدران

ففي روحك عنوان، ومنازل

قاتل

إن فلسطين فراديسك

صوت جحيمك

موالك يرقص في التين وفي الزيتون

وفي جغرافيا اللوز

وفي تاريخ سنابل

 

قاتل

لا تسأل عن عرب أو جرب

أو تسأل عن تطبيع

أو تطبيل، ومهازل

 

قاتل

أنت الحق

وأنت التنوير

وأنت البركان القادم في شكل زلازل

 

قاتل

قاتل

أنت الأبقى

وجميع الخصيان بسلات مزابل

 

قاتل

يا فرسًا من ضوء

يا نور الله بعتمة هذا العصر

يسطرك تراب بلادك

عنوانًا من فرح وخلود

في دفتر نصر تاريخي

ليس بزائل

 

قاتل

قاتل

قاتل

 

صفاء سالم إسكندر- العراق

ألم تتعبوا من شجاعتكم


(1)

طالما ظل الغرباء

تلبي العصافير

رغبة الأطفال في الطيران.

 

(2)

 

أينها لعبة الطفل

أينها مساحته الفارغة من الموت

ففوق العتبة

أية عتبة راحت بالنيران

يتذكر الطفل نفسه

يطرق باب روحه

محاولًا الكلام

وهو يطوف بين الجثث اللامعة

ربما هذه أمه

ربما هذا أباه

أو أخته الرضيعة.

 

(3)

 

الأول

والثاني

التاسع

والعاشر

الأيام محسوبة

وليس هنالك من يزفر أنفاسه المستريحة.

 

(4)

تعبت من دموعي

ألم تتعبوا من شجاعتكم.

 

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.