في روايته الثالثة (سيدات الحواس الخمس) الصادرة حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، يتتبع الروائي الأردني، جلال برجس، الفائز بجائزة كتارا للرواية العربية 2015 الانعكاسات النفسية على الإنسان العربي إثر التبدلات التي طرأت حديثاً على المدينة العربية وعلى ساكنيها، إذ يذهب برجس في روايته هذه إلى المرحلة العالمية الجديدة والتي ابتدأت بحادثة برجي التجارة العالميين في 11 سبتمبر/أيلول 2001، ومرت باشتعال ثورات الربيع العربي في العام 2010، وتجاوزتها إلى ما هو أكثر تعقيداً. يرى برجس في روايته الممتدة إلى 400 صفحة من القطع المتوسط، وعبر اتخاذه العاصمة الأردنية عمان أنموذجاً، أن الإنسان العربي بات رهينة لمرحلة استلاب خطيرة من أكثر من جهة. بنيت (سيدات الحواس الخمس) على أسلوب ولغة وحفر نفسي غير مباشر تتبعت الآثار الناجمة عن تلك المرحلة على الإنسان والمكان، عبر حكاية  فنان تشكيلي يواجه أزمة فقدانه اليقين أمام وطنه الذي بات يخشى عليه الاستلاب أمام كل أشكال الفساد، وأمام حبيبته التي لا يرى فرقًا بينها وبين الوطن كمانح للسكينة. اشتغل برجس على شخصية مركزية تميزت باشتعال حواسها الخمس منذ الصغر، لكن تلك الشخصية وفي انعطافة كبيرة في الرواية تتساءل عن فائدة الحواس التي لم تكن لها القدرة على التنبؤ من قبل بما حدث له. تتوفر (سيدات الحواس الخمس) على مركبة البناء الروائي على مساحة من الخيال الذي يذهب نحو الواقع، وعلى نفس بوليسي، ونقد للسائد، عبر اشتغال على ثنائية المرأة والوطن، وعلى صراع مشروع النور قبالة الظلام من خلال (غاليري الحواس الخمس) الذي يواجه في الرواية (مجموعة سليمان الطالع التجارية) التي تعد إسقاطاً على طبقة مفسدة تاجرت حسب الرواية (حتى بالهواء).

يذكر أن الروائي جلال برجس حاصل على جائزة كتارا للرواية العربية 2015 عن روايته (أفاعي النار/حكاية العاشق علي بن محمود القصاد)، وجائزة رفقة دودين للإبداع السردي عن روايته (مقصلة الحالم)2014، وجائزة روكس بن زائد العزيزي عن مجموعته القصصية (الزلزال)2012. صدر له في الشعر كأي غصن على شجر، وقمر بلا منازل. إضافة إلى عضويته في أكثر من هيئة ثقافية فهو أحد مؤسسي مختبر السرديات الأردني، ويشغل موقع نائب الرئيس فيه.