}

المهرجان القومي للمسرح المصري: وأُسدل الستار في موعده

وائل سعيد 14 أغسطس 2018
مسرح المهرجان القومي للمسرح المصري: وأُسدل الستار في موعده
من حفل اختتام المهرجان

في تمام الثامنة من مساء الجمعة الثالث من أغسطس/ آب الجاري، أُسدل الستار الأخير للدورة الحادية عشرة (دورة الكاتب محمود دياب) للمهرجان القومي للمسرح المصري، والذي تنظمه وزارة الثقافة، بحفل ختام للمهرجان عُقد في المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية.

بدأ حفل الختام بكلمة رئيس المهرجان د. حسن عطية، الذي تحدث عن الحصاد المتنوع والشامل لهذه الدورة الجديدة من المهرجان القومي للمسرح، إذ أضافت هذه الدورة لأول مرة في تاريخ المهرجان مشاركة "مسرح الطفل" من خلال برنامج "نظرة ما.."، وسوف تستمر هذه النظرة في الدورات القادمة بمهرجان مستقل خاص بالطفل.

وأقام المهرجان للمرة الثانية في تاريخه استطلاعاً لرأي الجمهور لتلمُّس مدى فاعلية المتلقي المسرحي مع المهرجان، وتوجه هذا العام لتأكيد أن المهرجان هو مهرجان للشباب وللبهجة ويحمل ملامح التغيير؛ والحديث لعطية بالطبع.

فيما توجه مدير البيت الفني للمسرح بالشكر لوزيرة الثقافة قائلاً: إن المجتمعات تستطيع من خلال المسرح والفن بناء الإنسان وتشكيل وعيه وثقافته، مؤكداً أن جميع مؤسسات الوزارة المشاركة في هذا المهرجان تعمل جاهدة من أجل المساهمة في بناء هذا الإنسان.

ضم حفل الافتتاح عرضاً مسرحياً وفيلماً تسجيلياً، حيث بدأ بالعرض المسرحي "نفسي" بطولة ريم أحمد، وغناء وموسيقى داليا فريد، وسينوغرافيا عمرو عبد الله، وتصميم وإخراج سالي أحمد. وقد أشاد به جمهور الحفل، ولفتت بطلة العرض الانتباه بتقليدها للفنانين محمد صبحي في مسرحية "الجوكر"، ولسهير البابلي في مسرحية "ريا وسكينة".

أما الفيلم التسجيلي "شمس المسرح المصري" فقد تناول أهم فعاليات الدورة الحالية للمهرجان، إعداد علي داود، ومونتاج أيمن محفوظ، وتعليق خالد هلال، وتصوير محمد فاروق، مايكل سعيد، مصطفى يحيى، وإخراج أحمد عادل، وتحت إشراف محمد الخولي، مدير المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية.

إصدارات المهرجان وتكريماته

بالإضافة إلى النشرة اليومية الصادرة عن المهرجان، هناك خمسة إصدارات أخرى تنوعت موضوعاتها بين تجارب بعض الشخصيات المسرحية وشهادات عن البعض، وكتاب توثيقي من إعداد مركز المعلومات بالبيت الفني للمسرح، احتوى على بيانات وجداول الدورات السابقة من المهرجان، مع توصيات لجان المشاهدة والتحكيم لعروض هذه الدورات.

صدرت الكتب تحت عنوان موحد لمقدمة رئيس المهرجان "إنه تكريم لهم.. وشرف للمهرجان"، وذلك ضمن سلسلة كتب المهرجان "المكرمون"، والتي تناولت بعض الشخصيات المسرحية بمختلف تنوع الفعل المسرحي من كتابة أو تمثيل أو نقد.

قدم الناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا كتابه "مشروع أبو العلا السلاموني.. التنوير مسرحياً"، متناولاً فيه المراحل المختلفة للمشروع الفني للسلاموني، وملامح التغيرات التاريخية التي شكلت ذلك المشروع وتشابه الهم الجمعي لجيل الستينيات بأكمله على مستوى المسرح. ويُعد السلاموني واحدًا من أهم كتاب الجيل الثالث في المسرح المصري.

فيما جاء اسما الفنانة سميرة عبد العزيز وأستاذ علم النفس د. حسين عبد القادر في إصدارين ضما المراحل المختلفة لهما وأهم المحطات في حياتهما، بالإضافة إلى ببليوغرافيا للأعمال الفنية. كما ضم التكريم مصمم السينوغرافيا الفنان التشكيلي د. حسين العزبي والناقد الراحل بمجلة "صباح الخير" محمد الرفاعي والفنان جلال الشرقاوي.

أما كتاب شخصية المهرجان فكان من الطبيعي أن يكون عن الكاتب المسرحي محمود دياب، من تأليف د. محمود نسيم عن "مسرح الرؤى والتحولات". وتناول فيه نسيم العالم الموازي- المتخيل- الذي تمناه دياب في مسرحياته ومدى التقارب بينه وبين اليوتوبيا الإنسانية، وتطبيق ذلك على بعض نصوصه المسرحية.

عروض ومشاهدات

ذهبت كل الجوائز للعروض المصرية، ولم ينل العرض السوداني الوحيد أي جائزة، فيما تباينت تفاعلات الجمهور مع هذه العروض بين الإعجاب والاستهجان، وتوزعت نسب الحضور أثناء المشاهدة بين شباب المسرحيين والمتخصصين، بالإضافة إلى الصحافيين والنقاد والكثير من أقارب الممثلين أو المشاركين في العروض، وكانت النسبة الأقل في التوزيع النوعي للمشاهدة هي نسبة المشاهد العادي المحب للمسرح، والتي شكل الشباب الجزء الأكبر منها في كل الأحوال.

غلب الدراماتورج على معظم العروض المشاركة في المهرجان؛ حيث سادت النصوص الكلاسيكية العالمية على الأعمال المعروضة مع ندرة الكتابة المسرحية المباشرة، المصرية بالأساس، لهذا كثرت المعالجات المسرحية للكثير من القصص كهاملت، وماكبث، وسنووايت، وكارمن، والسير الشعبية.

وإن سُلطت الأضواء على الأعمال الفائزة بجوائز المهرجان، فإن هناك محاولات شاركت في هذه الدورة واعتمدت على إنتاج يكاد يكون معدومًا، وعلى منهج إعادة التوظيف للمتاح للخروج بالعمل الفني. وساهم المسرح الجامعي بالعديد من العروض المميزة، كمسرحية "البؤساء" لفريق كلية تجارة جامعة عين شمس.

وقال مصمم الديكور إنه اعتمد في هذا العرض على معنى البؤس حيث قام بتحويل الديكور إلى سجن طوال العرض حتى يشعر المتلقي أنه وسط هؤلاء البؤساء.  

كما شارك مسرح الطفل بأكثر من عرض، مثل صائد العفاريت، غابة الأذكياء، لعبة الحب، رحلة الزمن الجميل..، والذي كشف عن إمكانية إقامة مهرجان خاص بالطفل. 

نالت هذه العروض الكثير من الاستحسان النقدي والجماهيري، حتى أن العرض الفائز بجائزة أفضل عرض مسرحي بالدورة الحادية عشرة للمهرجان كان مسرحية "سنووايت" من إنتاج المسرح القومي للطفل، كما فاز بجائزتي أفضل مخرج وأفضل تصميم أزياء (محسن رزق ونعيمة عجمي)، وبذلك يكون أول عمل للطفل يفوز بجائزة المهرجان.

توصيات، وتوصيات..

شملت توصيات هذه الدورة توصيات رسمية وتوصيات جمعية من قبل المشاركين أو المختصين في المهرجان، والذين طالبوا بضرورة خروج المهرجان من حيز العاصمة للوصول إلى باقي المحافظات التي لها نفس الحق في الفاعليات الرسمية الكبرى لوزارة الثقافة، حيث تتم أغلب المهرجانات الفنية في القاهرة العاصمة.

أما التوصيات الرسمية للجنة التحكيم بهذه الدورة فقد ألقتها الفنانة سميرة عبد العزيز، رئيسة اللجنة، مشيرة إلى أن مشاركتها في هذه الدورة قد أتاحت لها التعرف على نماذج مبهرة من تجارب شباب المسرحيين من كافة ربوع مصر.

وبعد أن قامت لجان المشاهدة والتحكيم بمشاهدة 37 عرضاً مسرحياً أوصت بالتالي:

1-    لاحظت اللجنة ندرة العروض التي تعتمد على نصوص مسرحية لكتاب مصريين، كما خلت هذه الدورة من أي عمل يحمل اسم محمود دياب.

2-    توصي اللجنة بتوخي الاهتمام بالدراسة الجيدة للمصطلحات، حيث لاحظت وجود الكثير من التخبط في التعامل مع بعض هذه المصطلحات مثل الدراماتورج أو السينوغرافيا.

3-    تُشدد اللجنة على المحافظة على سلامة اللغة العربية الفصحى.

ويتضح من خلال كشف الحساب لهذه الدورة تحديداً من المهرجان التخبط الذي تواجهه إدارة الدورة من بداية التجهيز، حيث لجأت الإدارة إلى اختيار عضو للجنة التحكيم ضمن التمثيل العربي دون الترتيب المسبق مع الشخصية المختارة وهو  المسرحي الأردني منذر رياحنة، الذي لم يحضر سوى حفل افتتاح المهرجان المُقام بدار الأوبرا المصرية قبل أسبوعين، واضطرت الإدارة لحذف اسمه من الفاعليات، وبررت ذلك في بيان جاء فيه: "إن تغيب الفنان منذر رياحنة عن المشاركة في لجنة تحكيم المهرجان دون سبب واضح قد سبب لها حرجاً كبيراً، وإن استئذانه للسفر إلى الأردن لأمر خاص به كان لمدة ليلتين فقط، لذلك قررت إدارة المهرجان إلغاء مشاركته والإبقاء على اللجنة الحالية التي ترأسها الفنانة سميرة عبد العزيز".

على جانب آخر كانت هناك إشكالية في استيعاب المسارح لعدد الجماهير، حيث كانت هناك بعض المسارح لا تتسع سوى لعشرات المشاهدين فقط، ما أدى إلى تكدسات متوالية بتوالي أيام العروض أمام المسارح.

في النهاية ليس المطلوب فقط من القطار الوصول في موعده أو المرور بجميع المحطات، فكل وصول مرتبط بمحطة تالية ومختلفة من الحركة ستتولد بوسيط جديد ولطريق جديد. فماذا لو تم توزيع توصيات هذه الدورة والدورات السابقة على المحطات التمهيدية لقطار الدورة القادمة، ومن ثم دراستها في محاولة لذلك الوصول الآمن!

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.