}

مؤسسة "نوى": الاحتفاء برواد الموسيقى في فلسطين

ضفة ثالثة 16 أكتوبر 2017
أجندة مؤسسة "نوى": الاحتفاء برواد الموسيقى في فلسطين
أم كثلوم في شبابها

قدمت مؤسسة "نوى" الفلسطينية للتنمية الثقافية، ضمن حفل أقيم هذا الأسبوع وحمل عنوان "هنا القدس 3"، عرضًا موسيقيًا على المسرح البلدي في مبنى بلدية رام الله. واحتفى العرض الذي استمر ساعة، بمجموعة من رواد الموسيقى في فلسطين، هم: روحي الخماش، وعبد الكريم قزموز، ومحمد غازي، ورياض البندك. وضم العرض 8 مقطوعات للموسيقيين الأربعة.

تكونت الفرقة الموسيقية من لؤاب حمود على العود، وجلال نادر على البزق، وخليل خوري على القانون، ومحمد خمايسة على الناي، وحنين الرجوب على الفيولا، ومحمد الرجوب على الكمان، وإيليني مستكلم على التشيلو، ومحمد الغول ومعن الغول على الإيقاع، وقام علاء عزام بأداء الأغاني الفردية.

أنتجت مؤسسة "نوى" حتى الآن ثلاثة ألبومات حملت عنوان "هنا القدس 1" وضم أعمالًا لروحي الخماش، و"هنا القدس 2" وضم أعمالًا لمحمد غازي، و"هنا القدس 3" وضم أعمالًا لروحي الخماش ورياض البندك وعبد الكريم قزموز.

تهتم "نوى" بإعادة التعريف بموسيقيين فلسطينيين كانت لهم إسهامات في إثراء الموسيقى العربية.

الحفاظ على الذاكرة الجمعية

يقول المدير العام للمؤسسة نادر جلال: "نحن نسعى إلى الحفاظ على الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني وتعريف الجيل الحالي بأن لدينا عددًا كبيرًا من الموسيقيين والملحنين الذين كانت لهم إسهامات وبصمات في تاريخ الموسيقى العربية". وأضاف: "إن عدم وجود أرشيف فلسطيني يجعل مهمة البحث عن هؤلاء الموسيقيين وإسهاماتهم مهمة في غاية الصعوبة وتتطلب الكثير من الجهد والبحث".

وأوضح جلال أنه قبل العرض الأخير نجحت المؤسسة في تقديم أعمال اثنين من الموسيقيين الفلسطينيين ونشرها، هما محمد غازي وروحي الخماش. وفي هذا العرض أضافت إليهما موسيقيين آخرين.

وقال جلال: "لدينا قائمة من أربعين اسمًا من الموسيقيين والملحنين الفلسطينيين الذين كانت لهم إسهامات في الموسيقى العربية ونسعى الى توثيق أعمالهم وإعادة إنتاجها".

ولدى تطرقه إلى تاريخ الموسيقى العربية في فلسطين ما قبل النكبة، لفت جلال إلى أن المرحلة الأولى، كما سماها، بدأت بعد عام 1904، خاصة إذا ما كنا نتحدث عن الموسيقى المحترفة والتي تستند إلى معرفة وثقافة موسيقية رفيعتي المستوى، ولا سيما ما يتعلق بالمقام، والنوتة، والصوتيات وغيرها، وأهمية عام 1904 تكمن في دخول تسجيلات الأسطوانات إلى العالم العربي، موضحًا أن أقدم تسجيل لاسطوانة عثرت عليه "نوى" في فلسطين، وليس بالضرورة هو الأقدم، كان في عام 1927، لعدة فنانين فلسطينيين من يافا والقدس والناصرة، ما يدلل برأيه على أن النشاط الموسيقي في فلسطين كان يتركز في يافا وحيفا والقدس.

وأضاف جلال: كانت فلسطين تشكل جسرًا ثقافيًا على مختلف المستويات، ومنها الموسيقى، ما بين المشرق العربي والمغرب العربي، فكان على سبيل المثال، وفي مرحلة ما قبل الفن الإذاعي الفلسطيني، حمى اقتناء الغرامافون، وبحسب أحد الباحثين كان في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، في فلسطين، 20 ألف غرامافون، وهذا رقم مذهل، قبل أن تنتشر في المقاهي والأماكن العامة، ما أتاح للجمهور التعرف إلى النهضة الموسيقية في القاهرة عبر الأسطوانات الصادرة هناك، وبدرجة أقل الأسطوانات الصادرة في حلب. ومع الوقت باتت ستوديودهات فلسطين ومسارحها مزارًا لكبار نجوم الغناء العرب لتسجيل أسطواناتهم وتقديم العروض الحية، فعلى سبيل المثال، كانت المطربة منيرة المهدية تزور وبشكل دوري يافا، وكذلك سامي الشوا (أمير الكمان العربي)، وأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وله تسجيلات كثيرة في يافا والقدس، وكذلك لمطربين فلسطينيين كثريا قدورة، ونجاة الفلسطينية، والشيخ أحمد الشيخ، وإلياس عوض من الناصرة، وماري عكاوي، ومحمد عبد الكريم، ويوسف رضوان، ورجب الأكحل، وغيرهم.

وقال جلال إن المرحلة الثانية انطلقت مع إنشاء إذاعة "هنا القدس" التي هي أول إذاعة في فلسطين وكان لها دور في استقطاب أهم المشاهير العرب في عالم الموسيقى والغناء، وبالتحديد في القدس عام 1936، ليتبعها إنشاء إذاعة "الشرق الأدنى" في جنين عام 1940، قبل انتقالها إلى يافا في العام التالي. وأضاف: أعتقد أن هاتين الإذاعتين، بما استقطبتا من مطربين وموسيقيين وملحنين وشعراء ومقرئين من المغرب حتى اليمن، كانتا علامتين بارزتين في استقطاب أعلام ونجوم الموسيقى العرب، نظرًا للشروط الفنية القائمة على رقي المستوى المقدم فيهما، وأيضًا لقوة الإرسال التي كانت تصل إلى تركيا، ما من شأنه أن يساهم في انتشار إبداعات الفنانين والموسيقيين العرب، وكذلك بسبب موازنتهما الكبيرة، ومكافآتهما ورواتبهما السخية.

وأوضح: هناك العديد من الموسيقيين والفنانين العرب الذين انطلقوا أو زاد انتشارهم عبر هاتين الإذاعتين، بل إن بعضهم عملوا فيهما، كالسوري محمد عبد الكريم، أهم عازف بزق في التاريخ العربي حتى الآن، ومحمد عبد المطلب، الذي انطلق منفردًا من القدس بعد انفصاله عن "كورال محمد عبد الوهاب"، وله تسجيل صوتي يشير فيه إلى أن بدايته الفنية كانت في فلسطين، قبل أن يشتهر في القاهرة، وعبد الحليم نويرة مؤسس وقائد فرقة الموسيقى العربية، واللبنانية لور دكاش، ويقال إن أغنيتها الشهيرة "آمنت بالله" سجلت في يافا. وسرد جلال حكاية أغنية "يا ريتني طير وأطير حواليك"، التي كانت علامة فارقة في تعريف العالم العربي بإبداع فريد الأطرش، بقوله: هي من ألحان الفلسطيني يحيى اللبابيدي، وكان منحها لإيليا بيضا، ولكن عندما سمعها بصوت فريد الأطرش، منحه إياها، وكانت نقطة انطلاقه إلى النجومية على المستوى العربي.

وكان "مسرح الحمراء" في يافا، وفقًا لجلال، يستضيف عروضًا فنية عربية بارزة، كونه يتميز باتساع مساحته، وبنيته التحتية المهيأة للعروض الجماهيرية، بالإضافة إلى عروض أفلام كفيلم "نشيد الأمل" لأم كلثوم، فالعروض الموسيقية لكبار الفنانين العرب وخاصة المصريين، وكذلك الأفلام، كانت تنطلق في القاهرة، وتكون محطتها  الثانية فلسطين (يافا أو حيفا أو القدس).

فلسطين شهدت مشروعًا

موسيقيًا نهضويًا

ويجمل جلال: شهدت فلسطين قبل النكبة نموًا في أكثر من مجال على صعيد التنمية الفنية، كتأهيل الموسيقيين، حيث كانت إذاعتا "هنا القدس" و"الشرق الأدنى" ترسلان العاملين في فرقهما المتنوعة للدراسة في معهد فؤاد الأول في القاهرة، ومنهم: روحي الخماش، وحليم الرومي، ورياض البندك، ويحيى السعودي، ويحيى اللبابيدي، ومحمد غازي، وغيرهم، لينهوا دراستهم هناك، ومن ثم يعودوا للارتقاء بمستوى فرق الإذاعات، ففي القدس وحدها كانت هناك ثلاث فرق أوركسترالية، غير فرق الموسيقى العربية، والفرق التي تقدم الموسيقى الغربية بتنوعاتها. وتشتت الموسيقيون الفلسطينيون والعرب العاملون في هاتين الإذاعتين كما حال الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني، عقب الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 إلى الأقطار العربية المجاورة، وإلى أقطار في أوروبا وغيرها، وساهم الكثير منهم في نهضة المشروع الموسيقي لتلك الدول، وبذا تسببت النكبة بإطاحة هذا المشروع الموسيقي النهضوي في فلسطين.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.