Skip to main content
أسامة حلال.. عودة إلى سعد الله ونوس
العربي الجديد ــ بيروت
(من عرض سابق)

في عام 1965، ألّف الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس نصّه "جثّة على الرصيف" الذي يروي قصّة متسوّل بلا مأوى، مات رفيقه في الشارع من الجوع والبرد أمام بيت أحد المسؤولين، فظلّ بجوار جثّته يعتني بها ويحول إقناع حارس المكان بإيجاد مكان تُدفن فيه.

في نفق مشاة فارس خوري بالعاصمة السورية، قدّم المخرج أسامة حلال أول عروض المسرحية عام 2006، في لحظة أعقبت الاحتلال الأميركي لبغداد التي عكست حالة من الإحباط والهزيمة لدى المواطن العربي، ثم أعاد تقديمها مرة ثانية بعد الثورة السورية.

تعيد "فرفة كون المسرحية" تقديم العمل بدءاً من مساء أمس السبت في استوديو الفرقة، الكائن في "مسرح دوار الشمس" ببيروت، لمدّة أربعة ليالٍ متتالية، ثم تعرضها عند السابعة من مساء الجمعة المقبل على خشبة "مسرح عمر المختار" في منطقة البقاع.

يضع المخرج شخصيات مسرحيته مناخات باردة ومعتمة إذ يتسم سلوكها بالغرابة والتسليم بالقدر

اختار ونوس المسرح العبثي لبناء هذا العرض كما تعكسه الحوارات بين شخوصه، إذ يستمرّ النقاش بين المتسوّل والحارس دون طائل، حتى يمّر المسؤول الذي يعمل لديه الأخير صدفة في الشارع برفقة كلبه الذي يطلق نباحه مطالباً سيّده بمزيد من الطعام، وحينها يعرض المسؤول شراء الجثّة من المستوّل من أجل إطعام كلبه، بعد التأكّد من أنها لم تصب بالعفن بعد.

إلى جانب جثّة المتسوّل، هناك جثث متناثرة لقطط وفئران، كما تظهر شخصية الشرطي الذي يفقد أعصابه أمام المسؤول، لكن أحداث العمل تجري بأسلوب يعتمد الكوميديا السوداء، حيث يهيمن المال ونفوذه مع السلطة في استلاب حق الإنسان في موت يحفظ له كرامته الإنسانية.

يضع المخرج شخصيات مسرحيته في مناخات باردة ومعتمة، إذ يتسم سلوكها بالغرابة والتسليم بالقدر، بعدما وجدت نفسها في فضاء لا تجمع بينها علاقات أو صراع واضح، إنما هم جزء من لعبة أكبر تمارس تأثيرها على البشرية جمعاء، بل إنها تنساق في خضوعها بصورة غير متوقّعة بعدما تفقد الشخصيات إحساسها بالأمان في وجودها.

يركز العرض "على الموت واحترامه، التوقف والتفكير بمن ماتوا، إذ إن الموت ليس فعلاً عادياً يتوجب علينا تقبّله"، بحسب بيان المنظّمين، وهنا يظلّ السؤال الأخلاقي الوجودي هو محور العمل حين يحصل صاحب السلطة على الجثة أخيراً، ليشرحّها بالسكين ويلقي بها طعاماً لكلبه الذي لا يتوقف نهمه عن الأكل والافتراس مثل صاحبه تماماً.
 

المزيد في ثقافة

مباشر
التحديثات الحية
مباشر
التحديثات الحية