Skip to main content
هل يُعقد مؤتمر لـ"المعارضة" في دمشق برعاية روسية؟
محمد أمين
من بنود المؤتمر: احترام حقوق الإنسان (سمير تاتين/الأناضول)

لم تتضح بعد، ملامح مؤتمر يجري الإعداد له في العاصمة السورية دمشق، لتيارات وأحزاب وشخصيات سورية تدعو نفسها "معارِضة للنظام"، إلا أن جهات سورية أكدت أن هناك بالفعل "مشاورات" مع قوى متمسكة بالحل السياسي لعقد مؤتمر لـ"إنقاذ سورية"، في وقتٍ أكد فيه "الائتلاف الوطني" رفضه المطلق عقد مؤتمرٍ في دمشق، مشيراً إلى أنه "محاولة روسية لإعادة تأهيل النظام، وبمثابة إعلان استسلام لبشار الأسد".

في هذا الصدد، كانت وسائل إعلام مقرّبة من النظام، أوردت يوم الأحد، أنه "يجري الإعداد لمؤتمر يضم تيارات وشخصيات سورية معارضة، ربما يُعقد في دمشق تحت رعاية روسية مباشرة"، مشيرة إلى أن "تيار الغد السوري، وشخصيات من منصة القاهرة للمعارضة، أبدت موافقة على المشاركة فيه".

كما ذكر في هذا الإطار، الأمين العام لـ"هيئة العمل الوطني الديمقراطي في سورية" محمود مرعي، المقيم في العاصمة السورية، أن "هناك مساعي لعقد مؤتمر وطني عام بدمشق بحضور معارضة الداخل، ومعارضة الخارج المؤمنة بالحل السياسي، فضلاً عن الدولة السورية، بضمانات دولية للحضور، مع تأمين دخول وخروج المعارضة الخارجية"، وفق تعبيره.

ورفض مرعي في حديث لـ"العربي الجديد"، الخوض في تفاصيل تتعلق بالجهات التي تقود هذه المساعي، مكتفياً بالقول إن "هناك أعضاء في معارضة الداخل تجري اتصالات مع معارضة الخارج، ولا نريد تعويم الأسماء في مرحلة التحضير". وأكد أنه "سيتم التواصل مع الجميع من دون استثناء"، متوقعاً مواقف إيجابية من الجهات التي سيتم التواصل معها، "لأن الوضع السوري خطير جداً، ويحتاج الى الحكمة، وإعمال العقل" وفق قوله.

بدورها، أفادت "هيئة التنسيق الوطنية" التي يُنظر إليها على أنها تمثّل "معارضة الداخل"، بأن "مكتبها التنفيذي يتابع الاتصال، وإجراء المشاورات المباشرة مع القوى الوطنية في سورية، المتمسكة بالحل السياسي والتغيير الديمقراطي الجذري والشامل، وبناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية لا مركزية ادارياً، والعمل المشترك معها، والإعداد لمؤتمر وطني للمعارضة لإنقاذ سورية في دمشق لتشكيل تجمع القوى الديمقراطية".

من جانبه، نفى المتحدث باسم "تيار الغد السوري" منذر آقبيق في حديث لـ"العربي الجديد"، الأنباء التي أشارت إلى "مشاركة تياره في المؤتمر"، مؤكداً أن "ما نُشر حول هذا الأمر لا يعدو كونه إشاعة لا أساس لها من الصحة".



وأضاف آقبيق، أن "دمشق عاصمتنا، وسنعود إليها آجلا أم عاجلاً"، لافتاً إلى أنه "لا يوجد حالياً، بحسب المعطيات الحالية مخطط للعودة". ونوّه إلى أنها "يجب أن تكون ضمن إطار حل سياسي، يتضمن ويضمن انتقالاً حقيقياً نحو الديمقراطية، والتعددية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان"، منهياً حديثه بالقول: "من يحكم دمشق الآن هم خارج القانون، وفاقدون للشرعية".

وفي معلومات "العربي الجديد"، أن "هيئة التنسيق الوطنية، وهي مكوّن رئيسي في الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن الرياض، والعنوان السياسي البارز للمعارضة السورية، تشهد انقساماً حيال الدعوة لعقد مؤتمر داخل دمشق، تحت رعاية روسية".

وأشارت المصادر، إلى أن "شخصيات تُوصف باليسارية داخل الهيئة تدفع باتجاه عقد المؤتمر، فيما تعارض شخصيات أخرى هذا التوجه، متمسكة بخيار المعارضة بشقيها الداخلي والخارجي والذي تجسد في الهيئة العليا للمفاوضات".

ولا يمكن عزل محاولة عقد هذا المؤتمر عن التطورات السياسية في العالم، خصوصاً لناحية انتخاب رئيس أميركي جديد، لم تظهر بعد نياته الحقيقية حيال التعامل مع تركة الإدارة الأميركية السابقة الثقيلة، تحديداً بما يتعلق بالملف السوري، الذي لم تعمل إدارة أوباما على حسمه، وأبقته مفتوحاً على كل الاحتمالات.

من جانبه، أعرب عضو الهيئة السياسية في "الائتلاف الوطني السوري"، خطيب بدلة عن قناعته، بأن "المؤتمر المقرر عقده في دمشق، لا يخرج عن سياق المؤتمرات والاجتماعات التي ينظمها الروس، من أجل مناصرة النظام، ومحاولة تأهيله، كاجتماع حميميم، ومنتدى موسكو". وأشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الروس يريدون أن يأتي المعارضون كما لو أنهم يعلنون استسلامهم للأسد"، مشدداً على أن "الائتلاف لا يمكن أن يكون جزءاً من هذه اللعبة"، على حد وصفه.

وحاولت أطراف إقليمية ودولية استيلاد معارضات أخرى في سياق تشظٍ وتعقيد سياسي، أفرزته الثورة السورية في الإقليم، ودفعت باتجاه ولادة "تيار الغد السوري"، بقيادة رئيس الائتلاف الأسبق أحمد الجربا، ويتخذ من القاهرة مقراً له. ولا يبدو "الغد السوري" متمسكاً بشرط تنحي الأسد عن السلطة للتوصل إلى تسوية سياسية.

ويشاركه هذه الرؤية ما اصطلح على تسميتهما بـ "منصتي القاهرة وموسكو" اللتين تضمان شخصيات معارضة متهمة بـ"مهادنة النظام"، وعدم الدعوة الصريحة إلى إسقاطه، والسير في مشروع روسي هدفه شرذمة المعارضة، وتشتيت صفوفها كي تستطيع تمرير حل يُبقي الأسد في السلطة للمحافظة على مصالحها الاستراتيجية في شرق المتوسط.