Skip to main content
النظام السوري يستثمر اقتتال الفصائل للتقدم في الغوطة الشرقية
عدنان علي
يطلب "فيلق الرحمن" من "جيش الإسلام" تسليم عناصر للقضاء(Getty)
يستثمر النظام السوري التوتر القائم بين أكبر فصيلَين (جيش الإسلام وفيلق الرحمن) في الغوطة الشرقية بريف دمشق، والذي تطور خلال الأيام الأخيرة، إلى اشتباكات متفاوتة، لتحقيق تقدم في المنطقة على حساب الطرفَين، في الوقت الذي أطلق فيه المجلس الإسلامي السوري مبادرة لحلّ الخلاف. وتضمنت مبادرة المجلس الإسلامي وقف القتال والتصعيد الإعلامي فوراً، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاع القتال، وإلغاء الحواجز وحصار المقرات، كما طالب جميع الهيئات الشرعية والمدنية برفض الاقتتال.

وأكد المجلس استعداده لتشكيل هيئة تتابع تنفيذ الخطوات المذكورة بالمبادرة، والإشراف على معالجة الآثار الناتجة عن القتال، والبحث في أسباب ما جرى، والإعلان عن الجهات التي تمتنع عن وأد الفتنة، بحسب ما ورد في بيان المجلس. ورحب "جيش الإسلام" بهذه المبادرة، وأكد استعداده للفصل في القضايا العالقة مع الفصائل الأخرى، إمّا عن طريق مجلس القضاء الموحد في الغوطة الشرقية أو عبر قضاء يتم التوافق عليه. ودعا بيان "جيش الإسلام" إلى تشكيل لجنة مشتركة من الأطراف، تتألف من 3 أشخاص عن كل طرف، "تشرف على تسلًم المقرات والمواقع وردّ الحقوق إلى أصحابها". وثمّن المتحدث باسم "جيش الإسلام"، إسلام علوش، موقف حركة "أحرار الشام" في "اعتزال قتال جيش اﻹسلام في الغوطة الشرقية".

وعلى الرغم من أن "فيلق الرحمن"، و"جبهة النصرة"، و"جيش الفسطاط"، وهم الطرف الثاني في الاقتتال لم يعلقوا حتى الآن على مبادرة المجلس الإسلامي السوري، قال "فيلق الرحمن"، في بيان له، يوم السبت، إن "بعض المتنفذين المستبيحين للدماء في الجهاز الأمني وغيره يحاولون أن يحرفوا جيش الإسلام عن مساره ويسرقوا تضحيات أبنائه"، مطالباً بمحاسبة الفاسدين قضائياً، ونافياً أنه يسعى إلى تدمير "جيش الإسلام" أو إسقاطه.

واعتبر البيان أن "القبضة الأمنية، والاعتقال التعسفي، والاختطاف، والتغييب القسري، وحجز حرية المئات من شباب الغوطة الشرقية من دون محاكمة مستقلة، ونشر الحواجز التي تعيق مصالح الناس، وإيواء المحدثين وتصنيف المخالفين إلى دواعش ومفسدين، كلها ممارسات بحق المدنيين والمجاهدين يجب أن تتوقف، ويجب أن يكون العمل الأمني بمظلة القضاء العادل".

وعلى الرغم من هذه البيانات، تواصلت، بشكل متقطع، الاشتباكات بين الطرفَين في بلدة مسرابا بالغوطة الشرقية، وسط تبادل القصف ما أدى إلى مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين. واستغلت قوات النظام هذا الوضع، وتمكّنت، فجر أمس الأحد، من السيطرة على نقاط عدة في بلدة الركابية في القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية بعد معارك عنيفة استمرت لساعات عدة. ووصلت تعزيزات لقوات النظام من مطار دمشق الدولي، في حين لم يتمكن مقاتلو المعارضة من استقدام تعزيزات إضافية لجبهة القتال بسبب الانشغال بالاقتتال الداخلي وانتشار الحواجز.

في هذا الصدد، يقول ناشطون ميدانيون إن القطاع الجنوبي بات محاصراً، إذ تدور معارك بين "جيش الإسلام" وقوات النظام في منطقة الركابية من جهة، وبين "جيش الإسلام" و"جيش الفسطاط" الذي يحاول اقتحام المنطقة ذاتها من الجهة الأخرى. وهدد "جيش الإسلام" بالانسحاب من جميع نقاطه في القطاع الجنوبي في حال واصل "جيش الفسطاط" قطع طريق إمداد السلاح، واستهداف سيارات الإسعاف، واعتقال عناصره في الغوطة.

وتشير مصادر محلية إلى أن عناصر من "فيلق الرحمن" و"جيش الفسطاط" تمنع دخول سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى المنطقة لإجلاء الجرحى والمدنيين. وسحب كل من "جيش الفسطاط" و"فيلق الرحمن"، قبل أيام، عناصرهم من بعض نقاط القطاع الجنوبي نتيجة الاقتتال مع "جيش الإسلام" في بلدات زملكا، ومسرابا، ومحيط مدينة دوما، ما سهّل على النظام التقدم في المنطقة. وتسعى قوات النظام إلى السيطرة على القطاع الجنوبي وفصله عن القطاع الأوسط، ما يهدد حياة مئات العائلات في القطاع الشمالي الفقير بالموارد ومصادر الغذاء، ويضيّق على مجمل الغوطة الشرقية. ويقول ناشطون ميدانيون إنه في حال واصلت فصائل المعارضة المتقاتلة قطع الطريق عن دير العصافير، سيمكن ذلك قوات النظام من السيطرة على العديد من البلدات في المنطقة.

واندلعت الاشتباكات بين "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" على خلفية اتهامات وجهها الأخير للأول بتنفيذ اغتيالات في الغوطة، وطالبه بتسليم أشخاص عدة للقضاء، وهو ما رفضه "جيش الإسلام". وسقط خلال المعارك بين الفصائل، حتى الآن، أكثر من 100 قتيل إضافة لوجود مئات الأسرى من الجانبين، فضلاً عن الضحايا في صفوف المدنيين.