المعاناة تشتد بعد تجفيف النظام السّوري سدّ الرستن
جلال بكور
شح المياه يضرب الزراعة والثروة السمكية(فرانس برس)


أقدم النظام السوري على قطع مياه نهر العاصي وفتح بوابات سدّ الرستن في ريف حمص الشمالي، ما أدى إلى انحسار المياه عن السدّ وجفافه شبه التام، وفق ما أكدته مصادر من الريف لـ"العربي الجديد".

وسدّ الرستن الواقع في محاذاة مدينة الرستن، إحدى أكبر المدن الثائرة ضد النظام السوري في محافظة حمص، شيّد عام 1958 على نهر العاصي في فترة الوحدة السورية المصرية، ويخزن أكثر من 250 مليون متر مكعب من المياه في بحيرة السدّ قبل تجفيفه، والتي كان يستفاد منها في مشاريع منطقة سهل الغاب بريف حماة، فضلا عن تربية أصناف مختلفة من الأسماك فيها.

وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" اليوم السبت، أن قوات النظام السوري فتحت بوابات السدّ لرفع مستوى نهر العاصي في منطقة الغاب بريف حماة الشمالي والغربي، بهدف منع مقاتلي المعارضة من عبور النهر في البلدات الخاضعة لسيطرة الأخيرة، كما أغلقت سدّ بحيرة قطينة في جنوب مدينة حمص، الأمر الذي أدى إلى جفاف سدّ الرستن بالكامل.

وذكرت المصادر أن النظام يهدف من تلك العملية إلى عرقلة تحرك المعارضة المسلحة في ريف حماة الجنوبي أيضا، ومنعها من فتح جبهات، عبر إغراق أراضٍ زراعية بالمياه في مناطق قريبة من قرى سريحين وجنان فضلا عن منع حركة النزوح.

وفي الشأن نفسه، قال مدير المكتب الإعلامي لـ"فيلق حمص" المعارض للنظام السوري، عامر الناصر: "إن سدّ الرستن جف بالكامل منذ شهر تقريبا، وبقيت مياه النهر جارية بنسبة واحد بالمائة، ويسيطر النظام على بوابة وجسم السدّ في الجهة الغربية من الرستن، في حين أن بحيرة السدّ في الجهة الشمالية من مدينة الرستن تعد ضمن مناطق سيطرة المعارضة".


سدّ الرستن قبل عام 2011 (فيسبوك) 


ولفت الناصر إلى التخوف من نية النظام السوري شن هجمات من الجهة الشمالية عبر تجفيفه للسد انطلاقا من كتيبة الهندسة أكبر ثكنات النظام في المنطقة، لافتا إلى أن "بحيرة السدّ كانت بمثابة درع للمدينة في وجه الهجمات البرية".

وأكد المتحدث باسم "حركة تحرير الوطن" صهيب العلي، وهو من أبناء مدينة الرستن "أن الهدف الرئيسي من فتح مياه السدّ، هو فصل قرى ريف حماة الشمالي عن بعضها، عبر ملء العاصي بالمياه وشل حركة مقاتلي المعارضة".




ورأى مدنيّون في المنطقة أن معظم السهول الزراعية في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي وخاصة في غرب مدينة الرستن، تضررت من وقف المياه وتجفيف السد، التي كانت تعتمد أساسا على مياهه في السقاية.

وقال أحد أبناء الرستن، محمد الرستناوي، لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع درجات الحرارة حاليا ينذر بصيف صعب، ومع عدم وجود المياه في السد ونهر العاصي، لا يمكن لأي شخص أن يزرع المحاصيل الصيفية لعدم توفر المياه.

ولفت محمد إلى أن المزارعين ينقلون شتل الخضار الصيفية مثل الباذنجان، والبندورة، من الحقول الصغيرة إلى الحقول الكبيرة، وهي محاصيل تحتاج يوميا لمياه كثيرة، ومع غياب المياه فمصير هذه المحاصيل الموت.


بحيرة الرستن كانت تتميز بثروتها السمكية (فيسبوك) 


ويحاصر النظام السوري ريف حمص الشمالي منذ ثلاثة أعوام، ومع تجفيف مياه سدّ الرستن، فقد أهالي المنطقة الثروة السمكية التي كان السد يحتضنها، كما توقف توليد الكهرباء في مبنى السد، الأمر الذي أدى لانقطاع الكهرباء عن عدد من القرى.

وذكر عامر الناصر، ل"العربي الجديد" أن مدنيا قضى جراء محاولته قطع السد، الذي تحولت أرضيّته إلى برك طينية أشبه برمال متحركة، إذ علق في الطين ولم يتمكن أحد من مساعدته.

كما أكّد صهيب العلي، "أن قوات النظام تسيطر ناريا على معظم مناطق السد ما حرم أهالي الرستن من الاستفادة منه بشكل كبير سابقا، وتلك الاستفادة انتهت حاليا بسبب جفاف السد".

وكانت مدينة الرستن بفضل السدّ على وادي نهر العاصي من الجهة الشمالية للمدينة الرستن، قبل عام 2011، منطقة سياحية لإطلالتها على بحيرة السد، تضم منتجعات سياحية ومناطق يقصدها السوريين في النزهات والرحلات الترفيهية.