هذه المهن فرص التونسيين للهجرة المنظمة

هذه المهن فرص التونسيين للهجرة المنظمة

18 أكتوبر 2022
تضمن المهن الطبية فرصاً جدية للهجرة (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

في وقت يغامر فيه آلاف الشباب في تونس بالهجرة سراً عبر البحر أو دول البلقان نحو أوروبا، يبحث آخرون عن حلول أكثر ضماناً عن طريق مكاتب محلية تساعد في تنفيذ إجراءات الهجرة والسفر، أو هيئات حكومية متخصصة في برامج التعاون الفني.
وبسبب موجات الهجرة الدولية أصبحت الكفاءة المهنية والقدرة على الاندماج السريع في دول القبول بين الشروط الأساسية لإنجاح التجربة، وتفرضها دول تفتح مسارات للهجرة النظامية عبر مكاتب خاصة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف يقبل عدد كبير من الشباب في تونس على الدراسة في اختصاصات شبه طبية وتعلم الإنكليزية والألمانية في سبيل تحسين فرص قبول الملفات التي يقدمونها للهجرة عبر المكاتب الخاصة بالتوظيف، أو لدى وكالات التعاون الفني.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

تقول ريم بن عمر (26 عاماً)، التي تستعد للهجرة إلى ألمانيا بعدما حصلت على عقد عمل في مؤسسة للرعاية الصحية للمسنين، لـ"العربي الجديد": "أوقفت دراسة الحقوق في إحدى الكليات التونسية، والتحقت بمدرسة خاصة بالمهن شبه الطبية بهدف الهجرة وتجنب البطالة في بلدي".
تضيف: "تعمدت اختصار الطريق نحو سوق العمل عبر التخلي عن حلم دراسة الحقوق. أصبح الواقع يفرض نفسه على الشباب الذين يجب أن يكونوا عمليين في البحث عن فرص عمل، علماً أنني لم أكن شخصياً من محبذي الهجرة في السابق، لكن جائحة كورونا، وارتفاع حاجة البلدان الأوروبية إلى متخصصين في المهن شبه الصحية قادتني إلى اختصاص طبي، والتفكير جدياً في الهجرة".
وبالتوازي مع دروس الاختصاص شبه الطبي، تابعت ريم دروساً مسائية في اللغة الألمانية انتهت بحصولها على شهادة مصادق عليها من معهد في بلد المهجر. وقد أنفقت أكثر من 7 آلاف دينار (2200 دولار)، لدراسة اللغة والاختصاص شبه الطبي، وساعدها ذلك في الحصول على عقد عمل بعدما قدمت طلباً لدى أحد مكاتب المساعدة في الهجرة، ما يعني أن تغيير مسارها الدراسي أنقذها من بطالة قسرية في بلدها.
وترى ريم أن الهجرة هرباً من البطالة وصعوبات الحياة في تونس أصبحت طموحاً جماعياً لآلاف الشباب الذين يجتهدون لمحاولة تحسين قدراتهم العلمية والعملية من أجل الحصول على فرص عمل أكبر والاندماج بسهولة في دول المهجر.
وفي عام 2021، كشف معهد الإحصاء الحكومي أن 1.7 مليون تونسي لديهم نية للهجرة ومغادرة البلاد في أقرب فرصة تتوّفر لهم. وأعلن المعهد أن 39 ألف مهندس و3300 طبيب غادروا تونس بين عامي 2015 و2020 من أجل الحصول على فرص عمل بالخارج.

الصورة
ارتفعت طلبات التوظيف الأوروبية في اختصاصات تكنولوجيا المعلومات (جديدي وسيم/ Getty)
ارتفعت طلبات التوظيف الأوروبية في اختصاصات تكنولوجيا المعلومات (جديدي وسيم/ Getty)

أيضاً، أظهر الإحصاء الذي أجراه المعهد بالتعاون مع المرصد الوطني للهجرة أن وتيرة هجرة ذوي مستوى التعليم العالي تسارعت خلال السنوات الأخيرة، وأن 55.5 في المائة من المهاجرين التونسيين الحاليين المقدر عددهم بـ566 ألفاً يزاولون أنشطة مهنية في بلدان المهجر، في حين كانت النسبة تقدر بـ63.4 في المائة قبل جائحة كورونا، ما يؤكد الأثر السلبي للأزمة الصحية على نشاط التونسيين في الخارج.
وكشفت بيانات للوكالة التونسية للتعاون الفني الحكومية أن 2710 توانسة حصلوا على عقود عمل في الخارج عبر هياكلها منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأظهرت أن الإطار شبه الصحي حصل على أكبر عدد من عقود التوظيف، والتي بلغ عددها 779، بينها 292 في ألمانيا و101 في كندا، بينما توزعت باقي فرص العمل على إيطاليا والسعودية وسلطنة عمان.
أما نسبة التونسيين الذين انتدبوا للعمل في الخارج، في إطار اتفاقات للتعاون الفني، فزادت بنسبة 71 في المائة هذا العام مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ويقول مدير إدارة المتعاونين في وكالة التعاون الفني عماد عبد النور لـ"العربي الجديد: "أخذ الطلب على الهجرة منحى تصاعدياً بعد جائحة كورونا الصحية، ما يفسر الإقبال على دراسة الاختصاصات الصحية من أجل تنفيذ الهجرة وتلبية الطلب الأوروبي، لا سيما الألماني. وأرجح أن يبلغ عدد الحاصلين على عقود عمل نحو 3500 شخص قبل نهاية العام الحالي، على أن تحافظ المهن الطبية على الصدارة". 

ويشير إلى أن كندا في صدد التحول إلى أول سوق لتشغيل التونسيين عبر وكالة التعاون الفني مقابل تراجع حصة البلدان العربية من 60 إلى 40 في المائة".
ويوضح أنه "من شروط الانتداب في المهن الطبية بألمانيا أو إيطاليا الحصول على مؤهل متوسط في اللغات. وقد ارتفعت
طلبات التوظيف في الدول الأوروبية في اختصاصات المهن الطبية وتكنولوجيا المعلومات بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، ما يجعل هذه البلدان في صدارة الدول المستقطبة للمهاجرين التونسيين، ويلفت إلى أن أكثر من 500 طلب تعاقد في كندا بصدد الدراسة حالياً. 

المساهمون