كيف نخبر الأطفال بإصابة الأهل بالسرطان؟

كيف نخبر الأطفال بإصابة الأهل بالسرطان؟

30 مارس 2024
تتلقى إحدى جرعات العلاج الكيميائي (فابريزيو فيلا/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- كيت ميدلتون تثير تفاعلاً على وسائل التواصل بفيديو عن إصابتها بالسرطان، مؤكدة على أهمية الصراحة والدعم الأسري أمام أطفالها.
- الخبراء يشددون على ضرورة تقديم المعلومات حول السرطان للأطفال بطريقة ملائمة لأعمارهم، مع التأكيد على الدعم النفسي والعاطفي.
- استراتيجيات التواصل تختلف بناءً على عمر الطفل، مع التأكيد على بناء الثقة وتوفير الدعم النفسي، واللجوء إلى المتخصصين لمساعدة الأطفال على التكيف.

أثار الفيديو الذي نشرته أميرة ويلز، كيت ميدلتون، حول إصابتها بالسرطان، الكثير من ردات الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، ووجدت صحف عالمية أن رسالة الأميرة لم تكن مجرّد إخبار يتعلق بصحتها، بل حملت العديد من المعاني، خصوصاً أنها ذكرت كيفية مناقشتها والأمير وليام التشخيص مع أطفالها الثلاثة، والذين طمأنتهم بأنها تتعافى.
ويعدّ إخبار الأطفال بإصابة أحد الأبوين بمرض السرطان أمراً مقلقاً بالنسبة للكثير من الأهل، ويوصي الخبراء عادة بضرورة التحدث بشكل طبيعي قدر الإمكان، والتشجيع على نقل كل ما يعرفه الأهل عن المرض لأطفالهم. لكن إلى أي حدّ يمكن أن يكون ذلك سهلاً بالنسبة للطرفين؟

يقول الطبيب المتخصّص بالأمراض السرطانية عبد الرحمن شكور، لـ "العربي الجديد"، إن السرطان مرض لا يمكن السيطرة عليه دون علاج مكثف، فالسرطان نمو غير طبيعي للخلايا في الجسم، ويمكن أن يحدث في أي جزء من أجزاء الجسم نتيجة وجود خلل في الأنظمة الطبيعية الخلوية التي تتحكم بانقسام الخلايا وتكاثرها، ما يؤدي إلى عدم موت الخلايا القديمة، واستمرارها بالنمو، وتكوين خلايا غير طبيعية، وينتج عن ذلك تكون كتل من الأنسجة التي تعرف بالأورام وظهور أعراض السرطان.
ويوضح شكور أنه "عندما يصاب المريض بالسرطان، يعيش حالة من الصدمة والنكران، ثم يتقبل المرض ويبدأ رحلة العلاج، وفي بعض الحالات، يحتاج المريض إلى دعم من متخصصين نفسيين لتخطي هذه المرحلة، بالإضافة إلى الدعم الأسري، وهو مهم جداً، وخصوصاً أن المريض يمر بتقلبات مزاجية، كما أن العلاج الكيميائي يتطلب من العائلة توفير جو من الهدوء والراحة".
وأظهرت دراسة صادرة عن مركز السرطان في لندن، أن الدعم العاطفي من العائلة والأصدقاء يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في حياة الشخص المصاب بالسرطان، وغالباً ما يخاف الناس من قول الشيء الخطأ لشخص مصاب بالسرطان. لذلك، يعتبر الحديث الصادق والاهتمام أمراً مهماً، ويمكن أن يحدث فرقاً كبيراً.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه المريض إلى الدعم، فإن فكرة إخبار أفراد العائلة بالإصابة بالمرض تعد أساسية ومهمة لكلا الطرفين. تقول الأخصائية النفسية ناديا خير الدين لـ "العربي الجديد": "إخبار الأطفال بإصابة أحد الأهل بأي مرض يعد عملية شاقة، خصوصاً إن كان الأطفال في عمر صغير، ومن المهم معرفة كيفية إخبار الأطفال بحسب المرحلة العمرية. بالنسبة لمن هم دون الخمس سنوات، من المهم التحدث بصراحة وبشكل مبسط، أي الإشارة إلى أن هناك مرضاً، وسيتمكّن الأهل من مواجهته والانتصار عليه". 
تضيف: "يعد مفهوم الانتصار مهماً حين الحديث مع الصغار، لأن هذه الفئة في طور الاكتشاف، وتحب المغامرات والتحديات، وبالتالي سيتمكنون من مساندة الأهل في هزيمة المرض، مع أهمية ألا يخوض الأهل في تفاصيل المرض، بل الإشارة إلى أن هناك خلايا أو جسماً غريباً يصيب أحد الأعضاء، كما أن إشراك الأطفال في رحلة العلاج بطريقة إيجابية يخفف من نسبة القلق لديهم، وبالتالي لا يخلق لديهم الكثير من علامات الاستفهام".

الصورة
كيت ميدلتون أخبرت أطفالها بشجاعة عن مرضها... وأنها ستتعافى (مارك كايز/ Getty)
أخبرت كيت ميدلتون أطفالها بشجاعة عن مرضها... وقالت إنها ستتعافى (مارك كايز/ Getty)

وتعد المرحلة العمرية بين الخامسة والعاشرة أصعب لأن الأطفال في هذا العمر يتبادلون الأخبار والمعلومات، وبالتالي، من المهم أن يحصلوا على المعلومات الكافية، وذلك من خلال اتباع استراتيجيات، من ضمنها شرح ما يحصل في جسم المريض من خلال الرسم والتلوين أو اللعب، بدلاً من توجههم إلى معرفة المزيد عن المرض عن طريق الإنترنت أو الأصدقاء أو الأقارب. تقول خير الدين: "في هذه المرحلة، يمكن للأطفال الاستعانة بشبكة الإنترنت، وقراءة بعض المعلومات، أو مشاهدة صور لمرضى السرطان، ما يصعب عليهم تقبل ما يواجهه الأهل".
وتضيف: "في حال لم يتمكن الأهل من مساندة أبنائهم، أو في حال أظهر الأطفال رفضاً للمرض أو للوضع الجديد، أو تأخر تحصيلهم العلمي، أو حدثت تغيرات في سلوكهم، لا بد من اللجوء إلى متخصصين لمساعدة الأهل في كيفية التواصل مع أبنائهم. بناء الثقة بين الأهل والأطفال يبدأ من خلال اختبار المواقف الصعبة معاً، إذ يساعد ذلك في بناء الشخصية".

في المرحلة العمرية بين العاشرة والرابعة عشرة، من المهم أن يخبر الأهل الأبناء بتفاصيل المرض، والعلاجات المتاحة، والآثار الجانبية للإصابة وللعلاج، وعادة ما يسعى الأبناء في هذا السن إلى إخفاء مشاعرهم، وقد يلجأون إلى سلوكيات سيئة لتفريغ غضبهم. لذا، من المهم للأهل الاستعانة بأحد الأقارب للبقاء على مقربة من الأطفال والتحدث إليهم، كما يمكن للمصاب قضاء بعض الوقت معهم، أو القيام بنزهة، أو ممارسة نشاط رياضي أو فني.
وتختم خير الدين: "يختلف تقبل الأطفال لمرض الأهل عن بعضهم، لذلك، من المهم بالنسبة إلى الأهل، وتحديداً الشخص غير المصاب، أداء دور مزدوج يشمل رعاية المريض أمام الأبناء لتعليمهم كيفية العناية والاهتمام والمساندة، وتهدئة مخاوفهم، لأن مشاعر القلق قد تؤدي إلى مشاكل نفسية وجسدية".

المساهمون