تدابير وقوانين لردع الغش في امتحانات الجزائر

تدابير وقوانين لردع الغش في امتحانات الجزائر

08 يونيو 2023
تهتم مؤسسات تعليمية في الجزائر بتوعية التلاميذ لخطورة الغش (مصعب الرويبي/ الأناضول)
+ الخط -

مع بدء امتحانات الشهادة المتوسطة في الجزائر التي تسبق بأسبوع موعد امتحانات شهادة البكالوريا، شددت السلطات تدابيرها الخاصة بالتصدي للغش، واتخذت وزارات التربية والاتصالات والعدل والداخلية إجراءات خاصة بالمناسبة، إذ وفرت وزارة التربية العدد الكافي من المعلمين والمشرفين لمراقبة الامتحانات، وتفتيش التلاميذ من أجل منع إدخال وسائل أو أغراض تستخدم في الغش، واهتمت وزارة الاتصالات بالجوانب التقنية الخاصة بمنع استخدام الإنترنت خلال الامتحانات. أما وزارة العدل فتولت مهمات منح الأجهزة سرعة التدخل في التعامل مع حالات الغش، في حين كلّفت وزارة الداخلية أجهزة الأمن بتأمين مراكز الامتحانات، ورصد وتتبع أي نشر أو تسريب للامتحانات على وسائط التواصل الاجتماعي.

واتخذ الغش في السنوات الأخيرة منحى خطيراً أثّر في نزاهة الامتحانات والمسابقات بالجزائر، وشوّه صورة المنظومة التربوية، ومسّ بسمعتها ومصداقيتها، كونه ينتج تفوقاً وهمياً، ويسيء إلى السمعة الدولية للشهادات الجامعية في الجزائر، كما يمهد الطريق لدخول مؤهلات علمية غير حقيقية إلى سوق العمل، ويقضي على التنافس الشريف، ما ينعكس على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين.
ويؤكد عضو المجلس الوطني للثانويات عبد الله لرجان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الغش يشير إلى المستوى التعليمي، ويمس أيضاً بمصداقية المؤسسات التربوية، وقد تكون أسبابه تربوية أيضاً، وأهمها عدم امتلاك التلميذ هدفاً واضحاً من التعليم، سواء على صعيد تجاوز الامتحان أو الحصول على شهادة. كما ترتبط بعض أسباب الغش بالنظام التعليمي نفسه الذي يدفع التلاميذ إلى فعل ذلك بتأثير الضعف في المتابعة والتوجيه من قبل الأسرة والمدرسة، إذ تخلق هذه العوامل ضعفاً في الدراسة وتفرض ظاهرة التعامل باستخفاف مع المواد الدراسية، وصولاً إلى التفكير في الغش".
بدورها، تتحدث المتخصصة في علوم التربية فريدة لعلامي، لـ"العربي الجديد"، عن تنظيم مؤسسات تعليمية عدة قبل الامتحانات دورات لتوعية التلاميذ بخطورة الغش على مستقبلهم الدراسي والمهني، وتطالبهم بضرورة كسب الامتحانات بالجهد وحسن مراجعة المواد والالتزام، ما ينعكس إيجاباً على حياتهم، وتقول: "الغش في البداية خطوة قد تستمر في الحياة الاجتماعية للتلميذ، ما يدفعه لاحقاً إلى تخطي التحديات التي يواجهها بطرق ملتوية".
وبسبب التطور التكنولوجي تغيرّت أساليب الغش وتعددت مقارنة بالطرق التقليدية التي سادت سابقاً، وبينها استخدام قصاصات صغيرة يحملها التلاميذ في جيوبهم أو ملابسهم. وأصبحت اليوم تعتمد على وسائل رقمية وأجهزة ذكية وأقلام مجهّزة بكاميرات وبلوتوث. والسبت الماضي، كشف القائد في جهاز الدرك الوطني، الثابت رضوان، أن آخر الأساليب المبتكرة للغش هي جهاز بلوتوث صغير بلون البشرة يتضمن شريحة إلكترونية تشبه بطاقات المصارف، ولا يمكن التشويش عليه خلال الاتصال. وحدد سعر هذا الجهاز بـ12 ألف دينار (90 يورو).

الصورة
تلاحق أجهزة الأمن الجزائرية وسائل الغش في الامتحانات (Getty)
تلاحق أجهزة الأمن الجزائرية وسائل الغش في الامتحانات (Getty)

وتقطع السلطات الجزائرية غالباً الإنترنت أو تخفّض تدفقاته لمنع الغش خلال أيام الامتحانات. ويسبق ذلك حجب المواقع الإلكترونية أو صفحات التواصل الاجتماعي التي تعتبرها مصادر لجرائم معينة. وتتولى لجنة وطنية مهمة رصد الصفحات الإلكترونية ذات المحتوى المشبوه في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي قبل إجراء الامتحانات من أجل تحديد هوية من يقف خلف عمليات تسييرها، وتجميد نشاطها.
ومع تعدد أساليب الغش في الامتحانات النهائية بالجزائر، عدّلت السلطات في مرسوم أصدرته في إبريل/ نيسان 2020، قانون العقوبات لتجريم الغش والمسّ بنزاهة الامتحانات والمسابقات. وفي حال ثبت تسريب الأسئلة والأجوبة، كما حصل في السنوات الأخيرة، أو تمثيل تلميذ في الامتحان، واستعمال أي وسيلة غش، يعاقب المتورط بالسجن ثلاث سنوات، أما استعمال وسائل إلكترونية وأدوات التواصل فيعاقب منفذها بالسجن خمس سنوات. وقد تصل العقوبة إلى 15 سنة سجناً إذا تسببت المخالفة في إلغاء الامتحانات كلياً أو جزئياً.

وفيما حاولت دراسات سابقة تفسير ظاهرة الغش في الجزائر، تؤكد أستاذة علم النفس في جامعة الجلفة (وسط) كريمة صاولي أن "الغش سلوك انحرافي يندفع التلميذ وراءه بسبب عدم الاستعداد للامتحان، كما يعكس شخصية بارعة في التلاعب. وبين العوامل الاجتماعية الأكثر تأثيراً في حدوث الظاهرة، إلحاح الأسرة على نجاح الأبناء، ما يشكل ضغطاً اجتماعياً يدفع إلى الغش الذي يخطئ البعض في الاعتقاد بأنه يحقق مكاسب مهمة".

تجدر الإشارة إلى أن مجلس قضاء بجاية (شرق الجزائر) كان قد أصدر حكماً عاجلاً، يوم الأربعاء الماضي، قضى بالسجن سنة لشخصين قاما بتسريب مواضيع وأجوبة امتحانات شهادة التعليم المتوسط، وذلك باستخدام وسائل التواصل عن بعد.

 

المساهمون