هل يسعى قادة ليبيا لعقد تحالفات مع أنصار النظام السابق؟

هل يسعى قادة ليبيا لعقد تحالفات مع أنصار النظام السابق؟

16 مارس 2023
حاول سيف الإسلام القذافي الترشح لانتخابات 2021 (جيسون فلوريو/Getty)
+ الخط -

تثير الاتصالات التي يجريها قادة المشهد السياسي في ليبيا مع قيادات من رموز نظام معمر القذافي، تساؤلات حول سعيها لعقد تحالفات معهم في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أجواء دافعة نحو إجراء الانتخابات خلال العام الجاري.

وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس لجنة التواصل بمجلس النواب، فتح الله السعيطي، عن لقاء جمعه بنجل القذافي سيف الإسلام، يقوم رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بزيارة دولة النيجر التي سبق وأن وصل إليها عبد الله منصور، أحد القادة الأمنيين والإعلاميين بالنظام السابق وكان أطلق سراحه من محبسه في طرابلس في فبراير/شباط الماضي وظهر في عدة صور تناقلتها وسائل إعلام ليبية عند وصوله إلى النيجر برفقة عدد من مساعدي الدبيبة.

وقال السعيطي، المقرب من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في تصريحات صحافية، أمس الأربعاء: "أجريت لقاء مع سيف الإسلام القذافي، للتباحث حول التطورات السياسية في ليبيا، ودعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت".

لقاءات بحضور موالي النظام السابق

وبالتزامن تستعد مدينة الخمس، شرق طرابلس، الخاضعة لسلطة حكومة الدبيبة، اليوم الخميس، لاستضافة ملتقى "القبائل الليبية" الذي يضم عدداً من أعيان القبائل التي لا تزال تحتفظ بولائها للنظام السابق بمدينة الخمس، شرق طرابلس. 

ووفقاً لتصريحات نائب رئيس اتحاد القبائل الليبية، فرج طلوبة، لوكالة الأنباء الليبية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، فإن اللقاء الذي سيعقد تحت شعار "نلتقي من أجل إنقاذ ليبيا"، يضم ممثلين عن قبائل ومكونات ليبية "بعيداً عن الاصطفافات والإقصاء والتهميش لإعلان إرادتنا فوق أرضنا دون إملاءات أو أجندات".

كما تستعد مدينة سرت لاستضافة أكبر اللقاءات الجامعة للمكونات الاجتماعية الموالية للنظام السابق، الأسبوع المقبل، الذي ستنظمه "الحركة الوطنية الشعبية" التي تضم عدداً من رموز النظام السابق.

ووفقاً لرئيس الحركة الوطنية الشعبية، مصطفى الزايدي، أحد الرموز البارزين في النظام السابق، فإن اللقاء سيشمل قيادات اجتماعية وسياسية، وسيعقد تحت شعار "الحل ليبي – ليبي".

وتحدثت وسائل إعلام ليبية عن أن اللقاء في سرت سيضم شخصيات من النظام السابق الداعمة لحفتر، كما أنه "سيجري تحت حراسة وتأمين" مليشيات حفتر المسيطرة على سرت.

وفي أول رد فعل على حراك القبائل الموالية للنظام السابق، استنكر "مجلس حكماء وأعيان مصراتة" احتضان مدينة الخمس للقاء القبائل الليبية، معتبراً أنه "يعيد البلاد لمربع العنف من جديد"، وأن اعتماد رموز نظام القذافي "انتهاك لما اختاره الليبيون في إعلانهم الدستوري، من خلال المؤسسات المنتخبة".

وكان ملتقى القبائل الليبية عقد لقاءً موسعاً بين أعضائه، منتصف مايو/أيار من العام الماضي في العاصمة التونسية، معلناً عزمه عقد لقاءاته داخل ليبيا للمشاركة في رسم المستقبل السياسي للبلاد.

كما شارك ممثلو القبائل الموالية للنظام السابق في الجلسات التحضيرية لملتقى المصالحة الوطنية التي عقدها المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، قبل انسحابهم على خلفية رفض مطالبهم باعتماد نشيد وعلم الدولة في عهد النظام السابق، كأحد السبل الميسرة لإنجاح المصالحة.

سيف الإسلام القذافي

وعلى الرغم من بقاء سيف الإسلام بعيداً عن الأضواء، إلا أنه فاجأ الجميع بظهوره في مدينة سبها، جنوب البلاد، لتقديم أوراقه للترشح للانتخابات الرئاسية، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط، واستمر الجدل لعدة أسابيع عندما أقدمت مليشيات تابعة لحفتر على منع قضاة بمحكمة سبها من الاجتماع للنظر في طعن تقدم به سيف الإسلام ضد منعه من الترشح.

ويخشى الدبيبة سيف الإسلام كمنافس قوي في الانتخابات، بحسب رأي الناشط السياسي، رمزي المقرحي، الذي يرى أن زيارته للنيجر، أمس الأربعاء، قد تكون شملت اتصالات برموز النظام السابق، خصوصاً عبد الله منصور، وترتبط النيجر بصلات قوية مع رموز النظام السابق، ففي سبتمبر/أيلول 2011، أكدت الحكومة النيجرية استقبالها 32 شخصية مقربة من القذافي بشكل رسمي.

وعلى الرغم من أن الدبيبة يُعَدّ من مسؤولي الصف الثاني في منظومة حكم القذافي، لكنه لا يحظى بشعبية واسعة في أوساط أنصار النظام السابق، بسبب تسليمه لمحمد المريمي، أحد ضباط المخابرات السابقين في عهد القذافي، لواشنطن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلا أن المقرحي اعتبر في حديث مع "العربي الجديد" أن "خطوة إطلاق سراح عبد الله منصور جاءت لمعالجة الموقف ولربط صلاته مجدداً بأنصار النظام السابق"، مشيراً إلى أن خطوة الدبيبة باتجاه إطلاق سراح منصور "محسوبة، فهو ينتمي لقبيلة أولاد سليمان القوية في الجنوب والتي تحظى بحلف وعلاقات متينة مع قبيلة المقارحة التي ينتمي لها عبد الله السنوسي الذي ثار حديث عن رغبة الدبيبة في تسليمه لواشنطن أيضاً".

ويلفت المقرحي إلى أن جبهة أنصار النظام السابق منقسمة ومختلفة بشكل كبير، وداخل هذا الوسط المنقسم يتحرك قادة المشهد الحالي لخلق تحالفات، وقال: "كما يبدو أن الدبيبة يسعى لخلق معارضة لترشيح سيف الإسلام بالتقرب من طيف قبلي ينتمي له عبد الله منصور، يبدو أن حفتر يسير في ذات الاتجاه بالتقرب من تيار آخر يقوده مصطفى الزايدي من خلال احتضانه ملتقى سرت المرتقب".

ويُعد الدبيبة وحفتر وعقيلة على علاقة مسبقة بالنظام السابق، فعقيلة ظهر أثناء اندلاع ثورة فبراير عام 2011 وهو يتلو مبايعة قبيلته للقذافي، كما عين عدداً من رموز النظام كمستشارين له، منهم محمد الزوي، آخر رئيس للمؤتمر الشعب العام زمن القذافي، مستشاراً سياسياً.

ويُعتبر الدبيبة من موظفي الدولة البارزين في عهد النظام السابق، ومن مسؤولي الصف الثاني، وتضم حكومته وزراء موالين للنظام السابق، منهم حليمة البوسيفي وزيرة العدل المقربة من سيف الإسلام، كما يُعرف عن حفتر قربه من القذافي لسنوات طويلة، إذ شاركه في الانقلاب العسكري عام 1969، وكان من أبرز قادة قواته، قبل أن ينشق عنه ويلجأ للعيش في الولايات المتحدة الأميركية.

وفي مقابل ذلك، لا يرى الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية، بلقاسم أبساط، أي متغيرات في المشهد من حراك قوى النظام السابق، مشيراً إلى أن الموقف الدولي "مهم أيضاً، خصوصاً مع الاختلاف الكبير حيالهم".

وقال أبساط متحدثاً لـ"العربي الجديد" إن "رموز النظام السابق لا يحظون بشعبية كبيرة، فالمشاركون في هذه الملتقيات مجرد شخصيات بلا دعم قبلي يمكنهم من تكوين قاعدة انتخابية، ويدركون أن العواصم الغربية لن تقبل بوجود رموز النظام السابق في منظومة الحكم في أي مشهد سياسي في البلاد".

ويلفت أبساط إلى أن اقتراب قادة المشهد من رموز النظام السابق "ربما يخدم هدفهم الرامي لإفشال الانتخابات"، وفي توضيح أكثر قال: "سيكون الأمر مقلقاً بالنسبة لأطراف دولية مثل واشنطن ولندن، اللتين تعرفان أن سيف الإسلام لا يزال على علاقة بموسكو، وأن ظهوره للترشح السابق للانتخابات كان بدفع روسي لإفشال إجراء الانتخابات، خصوصاً وأن الوجود الروسي مكثف في الجنوب الليبي حيث تتركز القاعدة الشعبية المؤيدة لسيف الإسلام".