مصارف لبنان تعلن الإقفال 3 أيام عقب سلسلة اقتحامات من قبل مودعين

إقفال مصارف لبنان 3 أيام عقب سلسلة اقتحامات المودعين.. والدولار فوق 38 ألف ليرة

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
16 سبتمبر 2022
+ الخط -

أعلنت جمعية المصارف في لبنان بعد اجتماع طارئ، اليوم الجمعة، الإقفال لمدة 3 أيام بدءاً من الاثنين المقبل، وذلك بعد سلسلة عمليات اقتحام مسلّحة لبنوك من قبل مودعين، وسط إعلان مجموعات أخرى أنّ "الانتفاضة لتحرير الودائع بدأت".

وقالت الجمعية، في بيان لها، إنّ قرار الإقفال أيام 19 و20 و21 سبتمبر/أيلول الجاري "أتى بعد الاعتداءات المتكررة على المصارف، وما يتعرّض له القطاع، وبخاصة موظفو المصارف من تعديات جسدية وعلى الكرامات، وبعد الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي يتعرّض لها الزبائن الموجودون في داخل الفروع التي تتعرض للاقتحام".

وأشارت الجمعية إلى أنّ مجلس الإدارة اتخذ قراراً بالإقفال "استنكاراً وشجباً لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود إلى الاجتماع مطلع الأسبوع المقبل للنظر بشأن الخطوات التالية".

الصورة
اقتحام المصارف اللبنانية حسين بيضون 1

وشددت جمعية المصارف اللبنانية في بيانها على "نبذ العنف بكافة أشكاله لأنّ العنف لم ولن يكون هو الحل، بل بإقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الأزمة بأسرع وقتٍ ممكن، لأنّ معالجة أزمة انهيار نظامية كالتي تمرّ بها البلاد لا يمكن أن تحل إلاّ بخطط شاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة المسببات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل".

وتتجه الأنظار الآن إلى انعكاس قرار المصارف بالدرجة الأولى على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الذي أخذ في الأيام القليلة الماضية مساراً تصاعدياً سريعاً وقد تجاوز اليوم 38 ألفاً و200 ليرة لبنانية.

وسجّلت، صباح اليوم الجمعة، عملية اقتحام لبنك "بيبلوس" في منطقة الغازية جنوبي لبنان، من قبل مودع مسلّح عمد إلى احتجاز الموظفين والزبائن حتى نجح في تحصيل جزء من وديعته المصرفية، ومن ثم سلّم نفسه إلى القوى الأمنية، وسط معلومات بأن ابنه كان يرافقه، وذلك قبل أن تكرّ سُبحة الاقتحامات في بيروت وغيرها من المناطق اللبنانية، ليتجاوز عددها حتى ساعات الظهر 6 عمليات.

ونفّذ مودع عملية اقتحام لمصرف "بنك لبنان والمهجر- بلوم بنك" في منطقة الطريق الجديدة بالعاصمة بيروت، وقام باحتجاز رهائن حتى تحصيل وديعته المصرفية.

وقد شهدت بعض فروع المصارف التي سجلت فيها عمليات اقتحام في بيروت تجمعات لمواطنين غاضبين وداعمين للمودعين الذين يطالبون بتحرير ودائعهم من المصارف، والتي تحتجز جنى عمرهم منذ 3 سنوات بلا حسيب أو مساءلة.

وبحسب المعلومات، فإنّ بعض فروع المصارف في بيروت بشكل خاص بدأت إقفال أبوابها في ساعات الظهر، وطلبت من الموظفين المغادرة حفاظاً على سلامتهم، فيما شددت إجراءاتها الأمنية على مداخلها.

من جهتها، قالت "جمعية المودعين"، في تغريدة لها، إنّ "حرب استعادة الودائع قد بدأت، ولن يطفئ غضب المودعين إلا استعادة حقوقهم كاملة".

سريعاً، دعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الداخلي المركزي، بعد ظهر اليوم الجمعة، للبحث في الإجراءات الأمنية التي يمكن اتخاذها في ضوء الأحداث المستجدة على المصارف.

الصورة
اقتحام المصارف اللبنانية حسين بيضون 2

وقال مصدرٌ في جمعية المصارف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قرار الإقفال ما كان ليتخذ لولا تزايد عمليات الاقتحام، بحيث إنّ البيان الذي أصدرناه، أمس الخميس، اكتفى بالتنبيه والتحذير من خطورة ما يحصل ويهدد سلامة الموظفين والزبائن، بيد أنّ الأجواء توحي أنّ الأمور ذاهبة إلى الفوضى، وسط تهديدات صريحة من جمعيات تعنى بشؤون المودعين بأنّ الحرب على المصارف بدأت، من هنا دعوتنا سريعاً الجهات الرسمية لحماية المصارف، والتدخل قبل انفلات الوضع بشكل كامل".

وناشدت جمعية المصارف في لبنان، أمس الخميس، في بيانها، الدولة اللبنانية "تحمّل أدنى مسؤولياتها إزاء تدهور الوضع الأمني وعدم التخاذل مع المخلّين به، وسوقهم إلى المحاكمة المختصة لكي يحاكموا محاكمة عادلة"، متوعّدة بأنّ المصارف "لن تتأخر بعد اليوم عن ملاحقة المعتدين حتى النهاية".

وقالت إنه "على الجميع أن يعي أنّ هذه الاعتداءات ليست هي الحل بل إنّ الحل يكمن في تحمّل الدولة مسؤوليتها في الإسراع في تأمين حل شامل وعادل لجميع المواطنين".

ويوم الأربعاء الماضي، تمكّنت الشابة سالي حافظ من الاستحصال على جزء من وديعتها المصرفية بالقوة من بنك "لبنان والمهجر" في بيروت، وذلك من أجل تأمين كلفة علاج شقيقتها المصابة بمرض السرطان، في حين اقتحم المواطن رامي شرف الدين "بنك ميد" في منطقة عاليه بمحافظة جبل لبنان، ونجح بدوره بالقوة في الاستحصال على جزءٍ من وديعته الدولارية.

وكانت عضو "رابطة المودعين" المحامية دينا أبو زور قد قالت لـ"العربي الجديد" إنّ "عمليات استيفاء الحق بالذات وتحصيل المدخرات باليد حتماً ستتحوّل إلى ظاهرة، والدليل أننا يوم الأربعاء كنا أمام عمليتين، وذلك في ظل استمرار السياسات المعتمدة من قبل السلطات السياسية والمصرفية وبعض الجهات القضائية التي تصرّ على محاباة النظام المصرفي الفاسد، وحماية الظالم والمعتدي على المودع المظلوم".

ولفتت أبو زور إلى أنّ "القانون يُدرج هذه الحالات ضمن خانة استيفاء الحق بالذات، وبالتالي، تصنَّف جنحة لا جناية، باعتبار أنّ الشخص لجأ إلى هذا الفعل بعدما احتجزت المصارف أمواله ولا تزال منذ 3 سنوات ترفض إعادتها له، من هنا نرفض اعتبار المودع مجرماً".

وتواصل المصارف في لبنان احتجاز الودائع لديها منذ بدء الأزمة الاقتصادية في البلاد أواخر عام 2019، والتي تدهورت خلالها قيمة العملة الوطنية بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، في وقت يتخطى فيه سعر صرف الدولار حاجز 38 ألف ليرة لبنانية وسعر الصرف الرسمي لا يزال 1507 ليرات، الأمر الذي انعكس بتدهور القدرة الشرائية عند المواطنين الذين باتوا محاصرين بغلاء شامل طاول حتى الخدمات الصحية والطبية والاستشفائية.

الصورة
اقتحام المصارف اللبنانية حسين بيضون 3

وارتفعت معدلات الجرائم في لبنان في هذه الفترة، ولا سيما السرقة والنشل، ما يجعل الأمن الاجتماعي في البلاد محطّ أنظار، وسط تحذيرات من فوضى أمنية، لا سيما مع اقتراب الاستحقاق الأكبر المتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

نقابة موظفي "مصرف لبنان": الحلول بيد القيادات السياسية

إلى ذلك، يأسف رئيس نقابة موظفي "مصرف لبنان" المركزي عباس عواضة لما يحصل ميدانياً من فوضى يعتقد أنها "لن تفيد أي طرف"، إذ إن "الحلول هي بيد القيادات السياسية في البلد، وذلك من خلال خطط قادرة على انتشال البلد من المأزق والانهيار الحاصل".

ويقول عواضة، لـ"العربي الجديد"، إن "حال التفلت غير مقبولة، ويجب أن يأخذ القضاء والأمن دورهما، إذ ليس بهذه الطريقة تحلّ الأمور"، مشدداً في الوقت نفسه على أحقية مطالب المودعين، ولكن الذنب لا يقع على المصارف، فـ"هناك دولة وحكومة عليها وضع قرارات لإنقاذ البلد من الانهيار، وأقله أن تبدأ بوضع القطار على السكة، وإلا سنكون أمام فوضى شاملة، والناس كلها ستبدأ باتباع الأسلوب ذاته لتحصيل ودائعها".

ويشير عواضة إلى أنه بإقفال المصارف أبوابها، لن يتمكن الناس أيضاً من الحصول على ودائعهم، و"بالتالي كل الأساليب المعتمدة لن تؤدي إلى الحل، ويجب أن يكون هناك قانون يحمي الطرفين".

"نواب التغيير": لم يعد أمام الناس إلا أخذ حقها بيدها

من جهته، يقول النائب عن "كتلة التغييريين" إبراهيم منيمنة، لـ"العربي الجديد"، إن ما يحصل اليوم متوقع، فـ"الناس لم يعد لديها أي خيار آخر سوى استيفاء الحق بالذات، بعدما وجدت أن المصارف بحماية القوى السياسية سطت على أموالها وأقفلت عليها، هذه في النهاية ودائعهم المحتجزة منذ 3 سنوات، والمراوحة مستمرّة، في حين أنه من الواضح أن المؤسسات والدولة والطبقة السياسية ليست بصدد إيجاد الحلول".

ويشير منيمنة إلى أنه "انطلاقاً من العنف الذي يمارس بشتى أشكاله على المواطنين، فمن الطبيعي أن تكون لديهم ردة فعل، والناس ضبطت نفسها لوقتٍ طويلٍ، ويبدو أنها وصلت إلى حدّها".

في المقابل، يرى منيمنة أن الحديث عن انتفاضة جديدة من بوابة مواجهة المودعين للمصارف "سابق لأوانه، رغم أن غضب الناس كبر كثيراً، والشارع يغلي وقد ينفجر بأي وقتٍ".

ويشير النائب في البرلمان اللبناني، الذي عرف بمشاركته في التحركات الشعبية المطلبية، إلى أن "المصارف دائماً ما تنتظر أي حدث لتقفل أبوابها تماماً، كما حصل إبّان انتفاضة 17 تشرين، حيث اتخذت قراراً بالإقفال، وفي الوقت نفسه عملت على تهريب أموال المحظيين".

وقال أيضاً: "برأيي أن العلاج لا يمكن أن يكون بالإقفال أو حتى الحل الأمني، بل بمعالجة حقيقية جدية تعيد الحقوق للناس، وتؤمن الاستقرار، بتوزيع الخسائر وتحديد المسؤوليات والمساءلة والمحاسبة، وإلا سنبقى أمام ترقيع وتجاهل للمشكل الحقيقي، ما قد يوصل إلى الانفجار".

ذات صلة

الصورة
مجلس طلبة جامعة بيرزيت ( العربي الجديد)

سياسة

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأحد، حرم جامعة بيرزيت شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، واعتقلت 8 طلبة كانوا قد قرروا المبيت في الجامعة، بسبب مطاردتهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، على خلفية عملهم السياسي.
الصورة
أمام مركز مصرف لبنان في بيروت (حسين بيضون)

اقتصاد

نفّذت جمعية "صرخة المودعين" في لبنان اعتصاماً، صباح اليوم الخميس، أمام مقرّ المصرف المركزي في بيروت "ضدّ التعاميم الظالمة للمودعين"، رُفِعَت خلاله لافتات تدعو إلى ردِّ ودائع الناس المحتجزة في المصارف منذ نحو أربع سنوات.
الصورة

اقتصاد

عجز البرلمان اللبناني عن عقد جلسة تشريعية اليوم الخميس، بعد تعذر تأمين النصاب القانوني مع حضور 53 نائباً فقط من أصل 128 نائباً، في مشهدٍ أثار امتعاض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يعتبر أن هناك ضرورة ملحة لإقرار قوانين متصلة بخطة التعافي.
الصورة

مجتمع

منذ ثلاث سنوات، جمعت وليام نون وماريا فارس مأساة خسارة أعز الناس جراء انفجار مرفأ بيروت المروع. وبعد أسابيع، سيجمعهما زواج يكلّل حباً وُلد من رحم الأحزان، ويكرس عهدهما بالنضال حتى تحقيق العدالة لضحايا الكارثة.

المساهمون