ترتبط كتابة التاريخ العربي المعاصر بأزمة البحث العلمي في العلوم الإنسانية وظهور مدارس واتجاهات عديدة في فهم التاريخ وإعادة كتابته بتحريره من النزعات اللامعرفية التي سيطرت عليه فترات طويلة، ويضاف إليها إشكالية التعامل مع الوثائق والمصادر المتوافرة، وتوظيفه من قبل السلطة وأيديولوجيتها، وغيرها من الإشكاليات.
في هذا السياق، يهدف مؤتمر "الأرشفة المستحيلة: إعادة سرد الزمن المعاصر في مصر" الذي ينطلق عند التاسعة من صباح الجمعة المقبل في القاهرة، ويتواصل ليومين، إلى إنتاج أشكال بديلة من المعرفة التاريخية تعكس بشكل نقدي جوانب مختلفة من تاريخ مصر ما بعد عام 1952.
يشارك في المؤتمر أكثر من عشرين باحثاً، بتنظيم من "الجامعة الأميركية"، و"مركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية - سيداج"، و"المعهد الفرنسي للآثار الشرقية" في العاصمة المصرية.
يسعى المؤتمر إلى مناقشة الثيمات المتناوَلة والمناهج التي تبنتها الدراسات التاريخية الحديثة عن مصر
ويشير بيان المنظمين إلى أن العقدين الأخيرين في مصر شهدا تجدّد الاهتمام بالتاريخ الحديث للبلد، وبينما حثت ثورة يناير 2011 على توثيق الحاضر وأرشفته، فإن الإمكانات التي كشفتها اللحظة الثورية قد دفعت باحثين ونشطاء أيضاً إلى طرح أسئلة جديدة بخصوص الماضي وإعادة استكشاف ميراث ثورة 1952.
وبيّن أن نقاشات كهذه تقاطعت مع استخدامات جديدة للأرشيف، حيث أدى التقييد على الوثائق الرسمية لما بعد عام 1952، بالباحثين إلى استخدام مصادر جديدة، بما فيها من تاريخ شفهي وأرشيفات خاصة. كذلك اختبر الباحثون أشكالاً جديدة لإنتاج المعرفة تتجاوز الأكاديميا التقليدية.
يسعى المؤتمر، بحسب البيان ذاته، لمناقشة الثيمات المتناوَلة والمناهج التي تبنتها الدراسات الحديثة عن مصر الجمهورية، موضحاً أن هناك الكثير مما كتب عن الحقبة الناصرية، بينما مال الباحثون في السابق لدراسة تاريخها السياسي والاقتصادي، فقد ركزت الدراسات الحديثة بشكل أعمق على التاريخ الثقافي والفكري والاجتماعي، كذلك أثارت الذكرى الخمسون لحرب حزيران/ يونيو 1967 أيضاً الاهتمام بتاريخ النكسة وتداعياتها، وسعت بعض الأبحاث الحديثة لإعادة استكشاف نقاط التواصل والانقطاع بين حقبتي ناصر والسادات، ولدراسة الانفتاح من منظور تاريخ اجتماعي وثقافي.
من بين الأوراق المشاركة: "ملاحظات حول صعوبة الدراسة.. أرشيف الدولة في مصر" لشهاب الخشاب، و"المحفوظات الأفريقية الآسيوية.. إنهاء الاستعمار" لأناهيد الحردان، و"الأرشيفات الشخصية ودورها في سدّ فجوات الأرشيف المصري منذ منتصف القرن العشرين" لعماد أبو غازي، و"سيناء: الصحراء كأرشيف" لعلاء عطية، و"أرشيف الحزن: إعادة النظر في الروايات الثورية عبر أرواح الموتى" لويستون بلاند، و"معتقلون سياسيون يعيدون كتابة 1960 مصر: قراءة رسائل سجن عبد العظيم أنيس كأرشيف بديل" لرؤى نبيل.
إلى جانب ورقة "مشروع الصواريخ المصري في أوائل الستينات وتحديات التأريخ له" لخالد فهمي، و"ما وراء الخير والشر: صعود "الشباب" كفئة اجتماعية واقتصادية (مصر - الستينيات)" لأنطوانيت فيران، و"أرشيف الفرح والترفيه: نحو تاريخ من الذهاب إلى السينما وثقافات السينما في الستينيات في مصر" لفضل الساكت، و"نيكسون وإمام: القصص الرسمية، الروايات المضادة، والماضي القريب" لأندرو سايمون.