تخبط أميركي في التعامل مع كورونا

تخبط أميركي في التعامل مع كورونا

واشنطن

العربي الجديد

العربي الجديد
17 يوليو 2020
+ الخط -

فيما يخرج سائر العالم تدريجياً من ذروة تفشي فيروس "كورونا"، تتخبط الولايات المتحدة في أزمة الوباء، إذ تجاوز عدد الإصابات، حتى أمس الخميس، 3.6 ملايين، وعدد الوفيات 140,000، في وقت تتعقد فيه العلاقة بين البيت الأبيض وفريق العلماء المعني داخل الحكومة الفيدرالية بمكافحة الوباء، وتزداد فيه النزاعات حول إجراءات السلامة على المستوى المحلي والفيدرالي.

أرقام الوفيات إلى صعود في حوالي 40 ولاية أميركية. فلوريدا، الولاية المحورية الأبرز في الانتخابات الرئاسية، حطمت الرقم القياسي لأكبر عدد من الإصابات الأميركية في يوم واحد، إذ وصلت إلى 15.300 حالة في 12 يوليو/تموز الحالي، وتجاوزت الرقم الذي سجلته ولاية نيويورك في 4 إبريل/نيسان الماضي والذي كان 12.274 إصابة. هذا التفشي لوباء كورونا في فلوريدا يشمل مقاطعات تقترع للجمهوريين، وناخبوها صوتوا لصالح الرئيس دونالد ترامب في انتخابات عام 2016. في الأسبوع نفسه، في ولاية أريزونا، استخدم من تعرّضوا لإصابات، أرقاماً قياسية من أسرّة وحدة العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي، في وقت أعلنت فيه ولاية كاليفورنيا أنها ستعود إلى إجراءات تعيد إغلاق معظم الأماكن العامة.


التفشي لوباء كورونا في فلوريدا يشمل مقاطعات تقترع للجمهوريين وناخبوها صوتوا لصالح ترامب عام 2016

وصل الأمر أيضاً إلى أن أصبح حاكم ولاية أوكلاهوما، كيفين ستيت، أول حاكم ولاية يعلن تعرّضه للإصابة. أغلب الولايات التي تشهد هذه الزيادة الكبيرة في الإصابات هي ولايات تأخرت نسبياً حتى شهر إبريل/نيسان الماضي لتبدأ في تنفيذ تدابير السلامة أو إجراءات البقاء في المنزل مثل فلوريدا وألاباما وكارولينا الجنوبية، أو ولايات أعادت فتح اقتصادها في وقت سابق لأوانه عن الوقت الذي اقترحه خبراء الصحة. فيما لم تسجل ولاية نيويورك، التي كانت محور تفشي الوباء، أي وفيات جديدة، للمرة الأولى منذ شهر مارس/آذار الماضي، يوم الإثنين الفائت.

الأمر لا يتعلق فقط بالأزمة الصحية العامة، بل كورونا تحوّل إلى نزاعات على المستويات المحلية والفيدرالية، بما في ذلك تسييس إجراءات السلامة، في ظلّ خلافات مستمرة حول ضرورة وضع الكمامات، وضغوط البيت الأبيض لإعادة فتح المدارس والجامعات، وتشكيك الرئيس دونالد ترامب في كبير خبراء الأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي، أبرز وجوه الحكومة الفيدرالية في التعامل مع فيروس "كورونا". في ولايات مثل تكساس وفلوريدا وأريزونا، أصبح ارتداء الكمامات موضوعاً مثيراً للجدل. حاكم تكساس غريغ أبوت، طلب تعميم ارتداء الكمامات في وقت سابق من الشهر الحالي، في ظلّ ارتفاع عدد الإصابات في الولاية، لكن حوالي 80 مقاطعة في تكساس رفضت أمر الحاكم. ورفع بعض المشرّعين الجمهوريين في ولاية فلوريدا دعاوى قضائية ضدّ مسؤولين في الولاية لرفض تعميم ارتداء الكمامات، عبر استخدام حجة أنّ هذا القرار يجب أن يعود إلى الشركات الخاصة، وليس إلى السلطات المحلية أو الفيدرالية. حتى ترامب نفسه دخل على خطّ هذا الجدال، بحيث لم يرتد كمامة سوى أخيراً بعد ضغوط من مستشاريه ومن داخل الحزب الجمهوري.

ويستمر ترامب بشكل مباشر، وعبر مستشاريه، في محاولة تشويه سمعة فاوتشي، عبر تسريبات تشير إلى أنه أخطأ في تكهناته. كما أعاد ترامب أخيراً نشر تغريدة لبرنامج حواري يميني فيها نظرية مؤامرة، وتشير إلى أنّ خبراء الأمراض المعدية، بما في ذلك فاوتشي، يكذبون في محاولة للتأثير على الانتخابات الرئاسية لإخراج ترامب من البيت الأبيض. بعدها حاول الرئيس الحد من تداعيات هذه التغريدة، عبر القول إنّ لديه "علاقة جيدة جداً" مع فاوتشي، لكن "لا يتفق معه دائماً". مستشار ترامب للتبادل التجاري، بيتر نافارو، عاد وكتب مقالا افتتاحيا في صحيفة "يو أس إيه توداي" انتقد فيه تعامل فاوتشي مع فيروس كورونا، وحاول بعدها البيت الأبيض أخذ مسافة من هذا المقال عبر الإشارة إلى أنه لم يمر عبر القنوات الرسمية للإدارة للموافقة على مضمونه.


كورونا تحوّل إلى نزاعات على المستويات المحلية والفيدرالية

هذا الهجوم على فاوتشي يتزامن مع قرار من البيت الأبيض بإبعاد المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية عن عملية جمع البيانات حول مرضى كورونا في المستشفيات، إذ أمرت إدارة ترامب المستشفيات بتجاهل المعهد وإرسال كل المعلومات إلى قاعدة بيانات مركزية في واشنطن تديرها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، بذريعة أنها أسرع في التعامل مع هذه البيانات. يأتي ذلك بعد قرار مشابه لإدارة ترامب يوصي باستخدام الحرس الوطني كخيار لمساعدة المستشفيات على الإبلاغ عن بيانات كورونا، ضمن محاولات مستمرة لإلغاء دور المعهد القومي كمرجع لهذه البيانات.

هذا التخبط داخل الحكومة الفيدرالية يتزامن مع محاولة ترامب الضغط لإعادة فتح المدارس في الخريف، لكن من دون تقديم إدارته خطة واضحة في هذا المجال، وسط رهان من قبل ترامب على أن الفيروس سيختفي وأنّ لقاحا سيتوفر قريباً. لكن ليس لدى الإدارة استراتيجية وطنية متماسكة أبعد من إصدار مبادئ توجيهية صحية عامة تبقى غير ملزمة، لا سيما أنّ ترامب أراد لهذه التوجيهات أن لا تكون "قاسية للغاية" بحسب تعبير نائب الرئيس، مايك بنس. ما تقدمه إدارة ترامب حالياً رسائل غير متماسكة ومجموعة من الحلول هي ردة فعل أكثر ما هي إجراءات استباقية، لكن فعلياً لا يزال البيت الأبيض يحاول رمي المسؤولية وترك الأمور في أيدي السلطات المحلية.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

واجهت رئيسة جامعة كولومبيا الأميركية ضغوطا جديدة أمس الجمعة إذ وجهت لجنة الإشراف بالجامعة انتقادات حادة لإدارتها بسبب قمع احتجاجات داعمة للفلسطينيين في الجامعة.
الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
تظاهرة ووقفة بالشموع أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن

سياسة

شهدت العاصمة الأميركية واشنطن وقفة بالشموع وتجمّعاً للمئات من الناشطين أمام السفارة الإسرائيلية تأبيناً للجندي آرون بوشنل و30 ألف شهيد فلسطيني في غزة.

المساهمون