بيدٍ فرّاسةٍ وبِفَمٍ نَهِم

بيدٍ فرّاسةٍ وبِفَمٍ نَهِم

30 يونيو 2020
ستيف سابيلا/ فلسطين
+ الخط -

متماسكاً في انحساره عن الأرض كموجٍ عصاميّ
يعتمد على نفسه
وعلى يأسه المؤنّث
ليصير بحراً
في البداية قطع علاقته المضطربة بالشواطئ
(لم يكن ذلك حبّاً
بل حرباً باردة بين عواطف عظمى)
ثمّ جعل الجهات في حلٍّ من التزامها الأخلاقيّ نحوه
وبحركة دائريّة سائلة قفز من سفينة اللغة التي لا تغرق ولا تحترق
ولا حتّى تفقد تركيزها أمام حيتان الحزن الزرقاء التي تبلع البحر كما يبلع عاشق دموعه

ثمّ، مُمَّدَّداً على مائه مِنْ ألفِه إلى يائه، بيدٍ فرّاسةٍ وبفمٍ نهمٍ لقُبَل الغياب،
دَبَغ جسمه بالأخطاء الإملائية
لكي تتهجّاه الريح جيّداً
دون أن تحفظَه عن ظهر قلب
ولكي يؤلّفَ الهواء و يفسّره بجوارحه،
بمسامير ضوء سميكةٍ سنّها حدّادون قدامى بكافٍ ونون
بمصائر شرقية ناشزة تركتْ بيت العائلة
بعد أن ركلتْ باب الطمأنينة الخشبيّ
ثم رجمَته بحجر لوعتها
ومضتْ إلى صحراء اسمها
كالأنبياء

ظمأ أصلانيّ جَليل يَنزّ مِنْ أطرافِه
وهو يَقبض على أطلس جسمه بيقين الكلمات
التي تنقضّ على المعنى- فَريستَها كنسرٍ
ثمّ تعلو كقمرٍ طموح
يقتبس من ذكاء الأعماق
أجنحتها المعتمة لكي ينجح في امتحان النّور

جسمه معجمٌ للأرق بلفظة نابية وحيدة: السكون

قلبه عامل وحيد وسعيد في منشأة ضخمة للتنقيب عن الجمر المنسيّ في الرماد الذي يغطى جسم الكون.


* شاعر من فلسطين

المساهمون