مع غزّة: إبراهيم أحمد عيسى

مع غزّة: إبراهيم أحمد عيسى

06 ابريل 2024
إبراهيم أحمد عيسى
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكاتب المصري يعبر عن تأثره الشديد بالأحداث في غزة، مؤكدًا على دور الكتابة والإبداع كوسيلة للتعبير عن الألم والمقاومة، ويستشهد بأمثلة من الأدب تؤكد على قوة الإبداع في مواجهة العدوان.
- يشدد على أهمية العمل الإبداعي في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والسياسية، معتبرًا المبدعين مناضلين بطبيعتهم، ويعبر عن رغبته في التضامن مع شخصيات إبداعية مقاومة ودعم أهل غزة.
- يختتم برسالة محبة وأمل لأطفال فلسطين، مؤكدًا على تضامنه الكامل معهم في مواجهة الظروف الصعبة، ويؤكد على أهمية الوقوف إلى جانب فلسطين ودعم أهل غزة في هذه الأزمة.

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "هذا وقت التخلص من الوصاية الاستعمارية"، يقول الكاتب والروائي المصري لـ"العربي الجديد".



■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- كيف وصلنا لهذه المرحلة من الخذلان والهوان، وأين نحن من كلّ هذا، يؤرقني شعور بالألم ممزوج بالعجز والقهر، خاصة أنّ "المجتمع الدولي" يساهم بشكل كبير في هذه الإبادة، التي تُبثُّ مشاهدها على الهواء مباشرة ولا يتحرّك أحد لنجدة المستضعفين، وأصبحت لديّ قناعة أنّنا نعيش في عالم ظالم يحكمه نظام عالمي متواطئ.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- يقول محمود درويش "بي أمل يأتي ويذهب ولكن لن أودّعه"، هكذا تتأرجح مشاعرنا وتضطرب في كلّ ليلة بحثاً عن الأمل والنصر. أذكر ليلة قصف "مستشفى المعمداني" والحالة السوداوية التي حلّت بي وظللت لأيام تحت تأثيرها، ومن قبلها مشاهد القصف والقتلى التي جعلتني أتوقّف تماماً عن ممارسة حياة يوميّة طبيعية، لم أعد أستطيع ممارسة عملي أو حتّى استكمال مشاريعي الأدبية التي أعمل عليها، إلى أن خلصت لقناعة أن ما يقتله الرصاص والقصف يحيا بالقلم والكتابة عنه، لنتذكّر ونخلّد ما يحدث فلا ننسى أنَّ لنا حقاً وأنَّ هناك أناساً كانت لهم حياة وأحلام، وعليهم حق في رقابنا بأن نذكرهم دوماً.

كأمّة كبيرة لدينا مقوّمات لأن نُغادر دور الضحيّة

■ إلى أي درجة تشعر أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- المبدع الحقيقي مَعني بقضايا أمته، ويقع على عاتقه أن يكون في الصفوف الأمامية لمواجهة التطرّف الصهيوني. أذكر على سبيل المثال رواية "الطنطورية" للراحلة رضوى عاشور، وكيف سجّلت وقائع مجزرة كادت أن تُنسى، بل وأحيت في النفوس مدى وحشية عدوّنا الذي راهن على نسيان الأجيال لما حدث، وكذلك على سبيل الذكر مسلسل "التغريبة الفلسطينية". الفن هو وسيلة مقاومة، وحق مكفول لكل مبدع، ولو أنّنا نظرنا إلى كتاب رئيسة وزراء الكيان الصهيوني المعنون "حياتي" سنجد أنّها ذكرت بأنّ الجيل المؤسّس لـ"إسرائيل" تأثّر برواية "ثيودور هرتزل" التي عنوانها "الأرض القديمة الجديدة". وقد اعتمد عدونا منذ البداية على الأعمال الإبداعية، ولا يزال كذلك في هوليوود التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني.


■ لو قيّض لكِ البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- أرى أنّ المجال الإبداعي لا يخلو من الإسقاطات السياسية والإنسانية، والمبدع مناضل بدوره، فكيف بمبدع أو فنان إن لم يكن يحمل هم قضية يدافع عنها، ويسرد تفاصيلها بل ويضع سُبلاً ورؤى لحلها، وإن قيض لي البدء من جديد سأقدم العمل الإنساني والنضالي فوق كل اعتبار. وسبق لي أن كنت ضمن عدة حملات إغاثية على عدة مستويات.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- في الحقيقة، نحن في موقع المفعول به في هذا العالَم، وإن كان هناك تغيير أريده فهو أن يسود العدل، وأن يعود الحق لأصحابه، وألا يصبح الفيتو هو المتحكّم في مصائرنا، وهذا لن يحدث دون دور فعَّال منا نحن كأمة عريقة كبيرة لديها مقومات لأن تنتقل من دور الضحية إلى طور التقدم والوحدة الحقيقية، والتخلص من الوصاية الاستعمارية التي ما زالت تسيطر علينا.


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟ 

- أتمنى لقاء غسان كنفاني الذي أوجعت كلماته العدو الغادر. اغتالوه لأنّه كان نداً، وقد حاربهم بإبداعه وقلمه، أود أن أقول له: "لم يسكتوا صوتك ولم يكسروا قلمك، علمتنا أنّنا مقاومون، وأنّ الخيانة أضحت وجهة نظر كما قُلت، أنت بيننا وما الموت إلا ارتقاء إلى سدّة خلود، واسمك ما زال يؤرقهم، وما زالت كتاباتك شاهدة على نضالك تنير الدرب لمن أتى بعدك".


■ كلمة تقولها للناس في غزّة؟

- يا أهل غزّة، إن الله اصطفاكم واجتباكم لتضربوا لنا الأمثال في الصبر والجلد والشجاعة والصمود، أنتم أهل الرباط والفداء فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، أنتم نبراس الأمل رغم كل الألم، وما تبقى من الأحرار في هذا العالم الغاشم. أسقطتم ورقة التوت الأخيرة عن عورة النظام العالمي، وفضحتم الإنسانية المزيفة التي تدعيها النظم الفاشية.


■ كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

- فلسطين قضيتنا، لا خير في من تخلّى عنها ولا ضرار ممن خذلها، إن علينا واجباً تجاه أهلنا في غزّة، فلا تكفوا عن تذكير أبنائكم وتعليمهم بماهية العدو وكيف بدأ الأمر. قدّموا أبسط ما لديكم لنصرة الحق ولا تتوقفوا عن الدعم بكل سُبله، لا تخذلوا إخوانكم وقد تركهم العالم لقمة سائغة لآلة الحرب الصهيونية الفاشية.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟

- نحبّك يا دارين ونُحبّ من يُحبّك، أنتِ وكلّ أطفال فلسطين الأمل الذي ستشرق شمسه يوماً، سامحونا على تقصيرنا غير المتعمّد، نحن معكم وبجواركم، ولا نريد سوى ابتسامة فرح تحيي فينا وفيكم الأمل، ولئن ناءت بنا الأجساد فالأرواح تتصل، وأنتم في القلب دوماً، نفديكم بأنفسنا يا أحبابنا وغداً سيكون أفضل -إن شاء الله- بكم ومعكم.


بطاقة

كاتب روائي مصري من مواليد الإسكندرية عام 1984. من إصداراته: "طريق الحرير" (2014)، و"البشرات" (2015)، و"ابقَ حيّاً" (2016)، و"باري" (2018)، و"بنو الأزرق" (2023)، و"رجال وآلهة" (2024). حصلت أعماله على  جوائز، منها: "جائزة كتارا" عام 2018، و"جائزة ساويرس" عام 2022.
 

مع غزة
التحديثات الحية

المساهمون