Skip to main content
الطفل الفلسطيني يوسف جاد الله يروي تفاصيل اكتشاف استشهاد والده
جهاد بركات ــ رام الله

لم يتجاوز الفلسطيني يوسف جاد الله الخامسة عشر من عمره، لكنه كان من أوائل الواصلين إلى مسرح جريمة إعدام أبيه الشهيد رائد جاد الله، مساء أمس الثلاثاء، كما كان أكثر المتشبثين بالنعش حين تشييع جثمان والده من داخل مسجد بلدته بيت عور التحتا غربي رام الله، عصر الأربعاء، يتحدث للجثمان المسجى أمامه تارة، ويقبله أو يمسح وجهه تارة أخرى.

لحظات وصوله إلى مكان الجريمة لن ينساها يوسف الذي كان شاهداً على اللحظات الأخيرة لوالده الشهيد، والذي أعدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي. يروي يوسف أن والده كان عائداً من عمله في الأراضي المحتلة عام 1948، "وعند التاسعة من مساء الليلة الماضية، اتصل أبي بوالدتي، وقال سأصل خلال ربع ساعة، فجهزوا الطعام، لكن مر الوقت، وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً، مر صديق والدي، وقال لي إنه  ذهب ليحضره، ولم يجده، فذهبت معه إلى المكان، ولم نجده في البداية، لكننا شاهدنا دماء، ثم أرشدنا هاتفه الذي كنا نتصل به إليه".
جلس يوسف عند جثمان والده الملقى على الأرض، وطلب صديق والده الإسعاف، ولاحقاً حضر جنود من جيش الاحتلال، والذين أنكروا إطلاق النار عليه، ثم اعترفوا بذلك.
ويقول محمد راشد جاد الله، عم الشهيد، لـ"العربي الجديد"، إن "رائد يخرج صباحاً ويعود في المساء، وحين عاد أعدموه بدم بارد. قال الجندي أنه أطلق النار عليه. قتلوه، وتركوه ملقى على الأرض. بعد وصول الأهالي إلى المكان تواجهوا مع جنود الاحتلال، فرد أحدهم: نحن قتلناه"، ثم طلبوا من الأهالي الابتعاد من المكان، لكن الأهالي استطاعوا منع احتجاز قوات الاحتلال للجثمان، وتم نقله إلى المشفى.


خرجت جنازة كبيرة شارك فيها أهالي قرية بيت عور التحتا، والقرى المجاورة، ويستذكر الأهالي سلسلة من اعتداءات جيش الاحتلال قرب الشارع الذي يسميه الاحتلال 443؛ ويستذكر الأهالي كيف استشهد الفتى محمود بدران، برصاص الاحتلال في الشارع نفسه خلال عودته من رحلة ترفيهية مع أقاربه.
ولرائد خمسة أطفال، ثلاثة من الذكور، وطفلتان، وهو يعمل بالبستنة في الداخل المحتل، ويملك هوية مقدسية، ولا يمكنهم ادعاء دخوله إلى الأراضي المحتلة عام 1948 بدون تصريح، وهي الحجة التي يوردها الاحتلال لاعتقال العديد من العمال، أو الاعتداء عليهم، أو حتى إطلاق النار تجاههم أثناء ذهابهم أو عودتهم من العمل.

ويظهر تشريح جثمان الشهيد، بحسب قريبه يوسف مخيمر، أن إطلاق الرصاص تم من مسافة تقل عن ستين متراً، ويوضح مخيمر لـ"العربي الجديد"، أن "الرصاصة أطلقت من بندقية، ومن مسافة قريبة، واخترقت خاصرته وخرجت من الجانب الآخر، ومزقت أحشاءه الداخلية".
ذهب رائد إلى مثواه الأخير في مقبرة بلدة بيت عور التحتا، وبقي أطفاله من دون معيل، لكن العائلة تعهدت برعاية الأطفال، ليبقى التخوف الدائم من اعتداءات الاحتلال المتكررة عند الحواجز العسكرية، وقرب الشوارع الاستيطانية المشابهة لهذا الشارع الذي يقضم أراضي بيت عور التحتا والقرى المجاورة.

أطفال الشهيد رائد جاد الله خلال تشييع جثمانه (العربي الجديد)