Skip to main content
الحرب تسحق المرأة اليمنية: ظروف قاتمة
زكريا الكمالي
دفعت المرأة اليمنية ثمناً باهظاً للحرب (Getty)

دفعت المرأة اليمنية ثمناً باهظاً للحرب المتصاعدة منذ 6 سنوات، وخلافاً للاستهداف المباشر، وقعت نساء اليمن، ضحايا لتبعات الصراع في الجوانب الإنسانية والصحية والاقتصادية والتعليمية، وصولاً إلى التهميش السياسي وغيابهن عن آخر تشكيل حكومي للمرة الأولى منذ عقدين.

وللعام السادس على التوالي، يتحوّل اليوم العالمي للمرأة الذي تحتفي به نساء العالم لإحصاء إنجازاتهن ومراجعة التشريعات الخاصة بهن، إلى ذكرى مُرّة بالنسبة لليمنيات اللواتي يكافحن للحصول على حق الحياة فقط، في ظل تقارير تتحدث عن أنّ اليمن "أصبح أسوأ بلد في العالم للنساء".

وخلافاً للقتل، أوقعت الحرب آلاف النساء اليمنيات في خانة الأرامل وهن في مقتبل العمر بعد مقتل أزواجهن، كما نالت الغصّة منهن بعد مقتل فلذات أكبادهن سواء كضحايا مدنيين للصراع، أو تجنيد إجباري بهم في محارق الموت.

ووفقاً للصحافية اليمنية، سعاد الصلاحي، فقد ناضلت المرأة اليمنية بشكل جبار رغم كل المعاناة، إذ تحملت مسؤولية أسرتها بعد فقدان معيلها الوحيد من خلال اللجوء لمشاريع ذات دخل محدود، أو اتخاذ مواقف شجاعة بالبحث عن مناطق خضراء سواء داخل البلاد أو خارجها.

وتكشف الأرقام التي وثقتها منظمات حقوقية محلية ودولية، عن سجّل مروع، ففي حين تتفق التقارير على مقتل أكثر من 1700 امرأة دون تحقيق شامل لكل ضحية، تكشف اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات الحرب، أنها انتهت من توثيق مقتل 528 امرأة وإصابة 805، وذلك منذ العام 2015 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2020.

تتصدر مدينة تعز لائحة المحافظات المتضررة بعدد الضحايا من النساء، تليها الضالع، فيما جاءت مليشيا الحوثي في صدارة الجهات المسؤولة عن الانتهاكات التي تعرضت لها النساء بواقع 843 ضحية، فيما يتحمل التحالف بقيادة السعودية مسؤولية سقوط 359 ضحية، أما بقية الحالات فتوزعت المسؤولية عنها على القوات الموالية للحكومة المعترف بها أو المحسوبة عليها.

لم يكن القتل هو الانتهاك الحوثي الوحيد الذي طاول المرأة اليمنية، ووفقاً لعضو اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات، إشراق المقطري، التي كانت تتحدث، صباح أمس الأحد في مؤتمر صحافي بمدينة تعز، فقد تم توثيق تعرض 726 امرأة للتهجير القسري بقوة السلاح، وسقوط 109 نساء نتيجة انفجار ألغام أرضية، 35 منهن في مدينة تعز فقط.

تعرضت 726 امرأة للتهجير القسري بقوة السلاح، وسقطت 109 نساء نتيجة انفجار ألغام أرضية، 35 منهن في مدينة تعز فقط

ورغم العادات في بلد تحكمه الأعراف القبلية، كان العنف الجنسي حاضراً كواحد من الانتهاكات الشنيعة التي ظهرت خلال العامين الماضيين، رغم الصعوبة البالغة في الوصول إلى الرقم الفعلي، نظرا لعدم الإفصاح وانهيار منظومة الحماية الخاصة بالنساء.

وكشفت منظمة الاتجار بالبشر، عن أكثر من 100 حالة عنف جنسي، فيما تقول اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، إنها حققت في 4 وقائع اغتصاب ضد نساء على خلفية نشاطهن ومواقف أسرهن السياسية والفكرية في محافظات صنعاء وذمار وتعز.

وبرز القيادي الحوثي، سلطان زابن، الذي يدير جهاز التحقيقات الجنائية بالعاصمة صنعاء، كإحدى الشخصيات الضالعة في ارتكاب انتهاكات غير مسبوقة وفي مقدمتها العنف الجنسي وابتزاز الناشطات المناهضات للانقلاب.

تنبّه المجتمع الدولي، للانتهاكات التي يقوم بها القيادي الحوثي، وأواخر فبراير/شباط الماضي، كان مجلس الأمن يضيف سلطان زابن إلى قائمة العقوبات، واتهمه بأنه "قام بأعمال تهدد السلم والأمن ولعب دوراً بارزاً في سياسة الترهيب واستخدام الاعتقال والتعذيب والعنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء الناشطات سياسياً"، وذلك بعد عقوبات مماثلة من الخزانة الأميركية التي اتهمت زابن بتعذيب النساء تحت مزاعم الحد من الدعارة.

وقالت الحقوقية اليمنية إشراق المقطري، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأرقام التي تحققت منها اللجنة الوطنية أو تعلنها بقية المنظمات الحقوقية "لا تكشف حقيقة ما جرى بشكل كامل، وإنّ الانتهاكات ستظهر بشكل أكبر عندما تلوح فرص السلام وتشعر الضحايا بنوع من الأمان الذي يجعلهن قادرات على البوح بما جرى لهن".

وتحدثت المقطري، عن انتهاكات غير مرئية وظروف قاسية تعيشها المرأة اليمنية في غالبية المحافظات، وخصوصاً بعض مناطق التماس في الجهة الشرقية لمدينة تعز، حيث تقطن 120 أسرة في خط النار.

أجبرت النساء في مديرية صالة، التي تقع في محاذاة تمركز القناصة الحوثيين، أزواجهن وأولادهن على البقاء في المنزل بشكل دائم حتى لا يتعرضوا للقنص، وفي حين كان  القناص يسمح للنساء فقط بالتجول أمام المنزل لشراء المواد الغذائية، تعرضت بعضهن للقنص المباشر أثناء عملية الاحتطاب في الوديان.

المرأة
التحديثات الحية

وقال سكان في مديرية صالة، لـ"العربي الجديد"، إنّ حظر تجول يومياً يسري في أحيائهم منذ الخامسة مساء حيث يندفع الأطفال للمنازل مع التقيد بشروط صارمة للبقاء على قيد الحياة، وعلى رأسها عدم إضاءة الأنوار بشكل تام خشية مشاهدة القناص الحوثي مصدر النور وإطلاق نيرانه عليها.

تحمل عدد من النساء في مديرية صالة شرقي تعز مسؤولية مقاومة تجهيل القاطنين في خط النار، كما هو الحال مع 5 معلمات في مدرسة عمر بن عبدالعزيز اللواتي قمن بتحويل منازلهن إلى مدارس بديلة، بعد استحالة الدراسة في المدارس التي دُمرت أو دائما ما تكون عُرضة للقصف الحوثي.

ولم تكن المرأة اليمنية هدفاً للانتهاكات المروعة خلال سنوات الحرب، إذ قامت بعض أطراف الحرب باستغلال الظروف الاقتصادية لبعض النساء في مناطق سيطرتها واستخدامهن كأداة للقمع ضد نساء أخريات.

وقالت مصادر حقوقية إنّ جماعة الحوثي، قامت باستغلال العشرات من نساء محافظة الحديدة وصنعاء في عمليات مداهمة المنازل السكنية وتعذيب نساء، أو الإشراف على سجون سرية خاصة بالمخفيات قسرياً، كنوع من المحافظة على الأعراف القبلية التي تجرم اعتداء الرجال على النساء وتعتبره "عيباً أسود".

مواد الملف