Skip to main content
دوافع الحديث الأميركي الجديد عن الخيار العسكري ضد إيران
العربي الجديد ــ طهران
ترامب طلب خيارات لمهاجمة موقع نظنز النووي الإيراني (Getty)

أحيا فوز المرشح الديمقراطي الأميركي جو بايدن للانتخابات الأميركية، بعض الأمل بعودة الدبلوماسية والتفاوض بين واشنطن وطهران لإنهاء التوترات، لتجد الحكومة الإيرانية في هذا الفوز "فرصة" للعودة إلى هذا المسار. 

وفي خضم هذه الأجواء التفاؤلية، بدأت تتسرب "معلومات" من مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب إلى وسائل الإعلام الأميركية عن الخيار العسكري مع إيران إلى الواجهة مرة أخرى، وذلك بعد حديث هؤلاء المسؤولين عن مناقشة خطط وسيناريوهات لشن هجمات على منشآت نووية إيرانية قبل مغادرة ترامب الرئاسة في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.  

وفي تقريرها الثاني، في غضون أسبوع، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الإثنين، عن مسؤول أميركي، قوله إن الرئيس دونالد ترامب طلب خيارات لمهاجمة الموقع النووي الإيراني الرئيسي (نظنز)، الأسبوع الماضي، لكنه قرر في نهاية المطاف عدم اتخاذ الخطوة المثيرة، بعد معارضة نائب الرئيس مايك بنس، والقائم بأعمال وزير الدفاع كريستوفر ميلر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي. 

مسؤول أميركي: الرئيس دونالد ترامب طلب خيارات لمهاجمة الموقع النووي الإيراني الرئيس (نظنز)، الأسبوع الماضي، لكنه قرر في نهاية المطاف عدم اتخاذ الخطوة المثيرة

ونقلت قناة "فوكس نيوز" عن مصادرها القول إن ترامب ليس من طلب هذه الخطط، وإنما مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين هو من طلب الخيارات، لكن ترامب لم يرغب في مناقشتها.  

الحكومة الإيرانية، من جهتها، قللت من أهمية هذه التقارير الأميركية، مستبعدة أن تقدم الإدارة الأميركية على خطوة شن هجمات على إيران. 

واعتبرت الحكومة الإيرانية أن التقارير الأميركية "حرب نفسية"، يشنها "الكيان الصهيوني وأطراف معادية أخرى" لإيران، حسب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، مساء الثلاثاء، لكنه في الوقت ذاته توعد بـ"رد مزلزل وحازم" إذا ما أقدمت واشنطن على الخطوة.

وتتفق التقارير التي نشرتها "نيويورك تايمز" و"فوكس نيوز" في أن هذا الموضوع قد طُرح بالفعل في كواليس السياسة الأميركية، بغض النظر عمن طلب الخيارات، ترامب أو أوبراين، ويثير هذا تساؤلاً ملّحاً عن دوافع عودة الحديث عن الخيار العسكري مع إيران.  

وفي الإجابة عن التساؤل، يمكن الإشارة إلى احتمالين بشأن دوافع "التسريبات" الأميركية؛ الأول أنه مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في ضربة جوية أميركية بالقرب من مطار بغداد يوم 3 يناير/كانون الثاني 2020، قد تكون لدى الإدارة الأميركية تقديرات بأن طهران ربما تسعى إلى استغلال ظروف انتقال السلطة من ترامب إلى بايدن للقيام بهجمات على القوات الأميركية في المنطقة عبر حلفائها في هذه الذكرى، وخاصة مع توقعات أوساط إعلامية إيرانية بأن "الحرس الثوري" الإيراني ربما يخطط لعمل ما ضد المصالح الأميركية في هذه المناسبة.

ومع اقتراب ذكرى اغتيال سليماني، ارتفعت لغة الوعيد لدى الجانب الإيراني بأن الرد قادم، وعليه، إن صحت هذه الفرضية، فالتسريبات الأميركية بشأن مناقشة خطط وخيارات لمهاجمة أهداف نووية إيرانية تحمل طابعاً تهديدياً ردعياً لمنع طهران من تنفيذ هجمات ضد المصالح الأميركية في المنطقة في الذكرى الأولى لاغتيال سليماني. 

 مع اقتراب ذكرى اغتيال سليماني، ارتفعت لغة الوعيد لدى الجانب الإيراني بأن الرد قادم

أما الاحتمال الثاني فهو ما يطرحه مراقبون حول عدم استبعاد لجوء ترامب إلى الخيار العسكري ضد إيران خلال الفترة القليلة المتبقية من ولايته، وذلك لتحقيق أهداف عدة؛ الأول القضاء على أي فرصة للتفاوض والدبلوماسية في مرحلة ما بعده في عهد بايدن، والهدف الثاني هو توجيه ضربات مدمرة للبرنامج النووي الإيراني وإعادته إلى ما قبل عقود إنشاء المنشآت النووية المتطورة، وخاصة منشأة "نطنز".

وتعتبر منشأة "نطنز" أهم موقع نووي في البلاد، ويقول مراقبون إيرانيون إن ترامب ليس وحده الذي قد يرغب في هذا الخيار لتلغيم مسار بايدن، وإنما الاحتلال الإسرائيلي وأطراف خليجية تضغط بهذا الاتجاه أيضاً. 

لكن مع افتراض أنّ الهدف من التسريبات هو التحضير لعمل عسكري ضد إيران، فإن ذلك يتعارض مع المنطق العسكري والأمني الذي يستدعي المباغتة أولاً، وعدم الحديث عن الأمر في وسائل الإعلام بهذه الطريقة، فضلاً عن أن هجمات كهذه، من شأنها أن تشعل حرباً واسعة في المنطقة، تتطلب أولاً مبررات عملية وسيناريو محكماً، لإقناع الرأي العام الأميركي بها قبل إشعالها أثناءه وبعده، مثل هجمات مسبقة على قوات وقواعد أميركية في المنطقة.

وبحال افتراض أنّ واشنطن تسعى بشكل جاد إلى شن هجمات على إيران، خلال الفترة القصيرة المقبلة، فمن من الصعب التصديق بأن قراراً خطيراً كهذا  قد يصدر عن ترامب وحده، ولأهداف انتقامية شخصية، وبحال حدثت هذه الهجمات فعلاً، فأغلب الظن أنه قرار النظام كله في الولايات المتحدة الأميركية، لكن يتم التسويق له باسم ترامب لاحتواء الردود الإيرانية ومنع وقوع حرب في المنطقة.