Skip to main content
خروج السودان من قائمة الإرهاب مقابل دخوله قائمة المطبّعين
فكتور شلهوب ــ واشنطن
بومبيو دعا الخرطوم إلى التحرك بسرعة (تويتر)

لم يعد السؤال "هل"، بل "متى يعترف السودان بإسرائيل، قبل الانتخابات الأميركية أم بعدها؟ في ضوء كلام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس الخميس، مع عدم استبعاد أن يحصل ذلك قبل الانتخابات بالرغم من ضيق الوقت. 

ولم يخف بومبيو استعجال الإدارة الأميركية في هذا الخصوص، حين أعرب عن أمله بأن تتحرك الخرطوم "بسرعة" في هذا الاتجاه، مقابل "الجدّ" الذي تبذله الإدارة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. فالإجراءات جارية في هذا الصدد كما أشار، ومن المتوقع صدور أمر تنفيذي في أي وقت عن الرئيس دونالد ترامب ينهي 27 سنة من وضع الخرطوم في هذه اللائحة. 

مقايضة مبطّنة التقت عندها حاجة الرئيس ترامب لتحقيق تطبيع آخر قبل الاستحقاق الرئاسي، مع حاجة الخرطوم لفكّ الضيق السياسي والاقتصادي عنها من خلال المساعدات وتدفق الاستثمارات الموعودة.

الحديث عن توالي التطبيعات العربية المتوقعة متداول في واشنطن، وعلى لسان المسؤولين منذ إشهار التحالف الإماراتي والبحريني مع إسرائيل، وتعزز على إثر زيارة الوزير بومبيو للخرطوم في 25 أغسطس/ آب الماضي، ثم أخذ شحنة من الزخم بعد زيارة رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الجنرال عبد الفتاح البرهان إلى أبوظبي في العشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، وخاصة أنها جاءت على خلفية لقاء البرهان مع نتنياهو في يناير/ كانون الثاني الماضي في أوغندا، وتردد وقتها أنه يجري إعداد طبخة سودانية يندمج فيها التطبيع مع حزمة من المحفزات السياسية والمالية والاستثمارية الأميركية والعربية؛ بحيث تبدو من ناحية الأرقام صفقة رابحة للخرطوم. 

مقايضة مبطّنة التقت عندها حاجة الرئيس ترامب لتحقيق تطبيع آخر قبل الاستحقاق الرئاسي، مع حاجة الخرطوم لفكّ الضيق السياسي والاقتصادي عنها من خلال المساعدات وتدفق الاستثمارات الموعودة

بعد ذلك، هدأ الحديث على إثر ما أبداه رئيس الحكومة عبدالله حمدوك من حذر على أساس أنه يفتقر لـ"التفويض" اللازم للقيام بخطوة من هذا العيار. 

ويومها، أواخر سبتمبر/ أيلول، وجد هذا الحذر صداه لدى عدد من المحللين والباحثين في بعض مؤسسات الدراسات، مثل "بروكينغز" و"مؤسسة أميركا للسلام"، الذين نبّهوا من مخاطر"التسرّع" في حمل بلد "متنوع سياسياً وسريع العطب" للإقدام على تحوّل بهذا الحجم، وما قد ينطوي عليه من مخاطر قد تؤدي إلى "ليبيا ثانية"، لاسيما أن مرجعية السياسة الخارجية في تركيبة السلطة الحالية في الخرطوم غير محددة ومتناثرة بين الحكومة والبرلمان ومجلس السيادة. 

ودعا أهل هذا الرأي الإدارة إلى التروي وإعطاء الأولوية لإنجاح المرحلة الانتقالية في السودان، لأن ذلك "يحقق ويخدم المصلحة الأميركية من حيث إنه يؤدي إلى حكومة قوية تكون قادرة على حماية سلام قوي" مع إسرائيل.

لكن الإدارة في الوقت الحالي لها حساباتها الأخرى، وتسجيل أي مكسب خارجي في غياب الداخلي قد يشكل ورقة مهما كانت متواضعة لحملة ترامب الانتخابية. 

موضوع السياسة الخارجية من المتوقع أن يحظى بحصة أكبر في المناظرة الأخيرة مساء غد الخميس، إذا لم يحصل ما يخرب على انعقادها في اللحظة الأخيرة، بسبب الخلافات حول قواعد إدارتها، والتي جرى القبول بها على مضض. 

ومن هنا، كان إلحاح الإدارة على الخرطوم لحسم موضوع الصفقة، وقد تحقق على ما ذُكر، ومنحها "24 ساعة للرد". 

ويبدو من كلام الوزير بومبيو أن الأمور تسارعت على إثر ذلك، وشرط الرئيس ترامب قد تحقق على ما ذكر، حيث أودعت الخرطوم مبلغ 335 مليون دولار في حساب خاص لتعويض عائلات الأميركيين الذين قضوا في العمليتين الإرهابيتين ضد سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا عام 1998، والآن بانتظار صدور قرار ترامب رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، على أن يتم إبلاغ الكونغرس بذلك للاعتراض في غضون 45 يوماً إذا ارتأى، وهو تدبير يقتضيه القانون، وموافقة مجلس الشيوخ مضمونة طالما يتعلق الأمر بالاعتراف بإسرائيل في آخر المطاف. ويجري اختتام ذلك آجلاً أم عاجلاً حسب السوابق، بمكالمة هاتفية ثلاثية، أميركية– إسرائيلية– سودانية. فموسم التطبيع في عزّه، المباشر منه (الإماراتي والبحريني) والموارب (المفاوضات البحرية مع لبنان)، والسوداني المتوقع في أي وقت إذا سارت الأمور وفق المرسوم الذي كشف بومبيو عن خطوطه.