Skip to main content
الحكومة الكويتية تتجاوز أصعب اختباراتها أمام مجلس الأمة
خالد الخالدي ــ الكويت
قاطع 30 نائباً جلسة أداء اليمين الحكومية (ياسر الزيات/فرانس برس)

عبَرت الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح، أشدّ أزماتها السياسية، في مواجهتها الشرسة مع مجلس الأمة (البرلمان الكويتي) ذي الأغلبية المعارضة، عندما استطاعت إكمال النصاب النيابي لعقد جلسة أداء اليمين الدستورية، يوم الثلاثاء الماضي، والتي قاطعها 30 نائباً من أصل 50 نائباً في المجلس. ونجحت الحكومة أيضاً في تمرير عددٍ من القوانين الشعبية التي سعت من خلالها إلى تهدئة الشارع السياسي الغاضب في الكويت، إضافة إلى إسقاط قانون العفو الشامل عبر التصويت عليه، مستغلة غياب الأغلبية المعارضة. وكان نواب المعارضة يحتاجون إلى 33 نائباً لعرقلة الجلسة، ومنع الحكومة من أداء اليمين الدستورية.

أبرز ما نجحت فيه الحكومة هو تأجيل الاستجوابات المقدّمة لرئيسها

لكن أبرز ما نجحت الحكومة في تمريره وسط غياب المعارضة ومقاطعتها للجلسة البرلمانية، هو تأجيل الاستجوابات المقدّمة لرئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، وما يُزمع تقديمه من استجوابات، وهو ما يعني تحصين الصباح من الاستجوابات المقدمة له، والتي سبق أن أسقط أحدها الحكومة عقب أقل من شهر على تشكيلها في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي. وتبدو الحكومة، التي لا تملك الأغلبية البرلمانية وسط معارضة ما لا يقل عن 30 نائباً لها، في أقوى حالاتها، عقب استغلالها قرار المعارضة مقاطعة الجلسة. فتأجيل الاستجوابات المقدمة لرئيسها، ونجاحها في تكوين كتلة برلمانية متماسكة من 18 نائباً لها، يضمن استمرارها حتى انتهاء دور الانعقاد الأول، والمقرر في منتصف هذا العام. ويمكن لهذه الكتلة الحكومية، تأمين الأصوات الكافية للحكومة لإحالة الاستجوابات المقدمة لوزرائها إلى اللجنة التشريعية أو المحكمة الدستورية لإبطالها، كما يمكنها مواجهة الاستجوابات المقدمة لبعض وزرائها في حال تفكيك الكتلة المعارضة.

وقرّر رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، تأجيل جلسات المجلس حتى منتصف شهر إبريل/نيسان الحالي، وهو ما يعني فترة راحة إضافية لصالح الحكومة، ستحاول استغلالها في تفتيت كتلة المعارضة من جديد، والمساومة على عدد من الملفات المهمة.

وسادت حالة من الصدمة بين أوساط المعارضة البرلمانية عقب قرار إسقاط قانون العفو الشامل وتحصين رئيس مجلس الوزراء حتى منتصف العام الحالي، ما سبّب ضربة قاصمة لوحدة الكتلة المعارضة، وتبايناً كبيراً في وجهات النظر في ما بينها. وقال نواب بارزون في المعارضة، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تلاعبت في التصويت على تأجيل الاستجوابات المقدمة لرئيس مجلس الوزراء، وإن الكثير من أعضاء المعارضة فوجئوا بطلب التأجيل الذي تقدمت به الحكومة بينما كانوا خارج قاعة البرلمان". كما قال النائب مساعد العارضي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث كان قراراً غير دستوري"، وإن المعارضة "سيكون لها كلمة في ما يخص ما حدث في جلسة قسم الحكومة". وأكد العارضي أنه فوجئ بعدم إدراج رئيس مجلس الأمة، استجواب رئيس مجلس الوزراء، في مخالفة صريحة لنص المادة 135 من اللائحة الداخلية.

لا تبدو الحكومة الكويتية راغبة في تقديم تنازلات سياسية كبرى للمعارضة

وعن الخيارات المقبلة للمعارضة، قالت مصادر منها لـ"العربي الجديد"، إن التوجه الجديد في حال إصرار الغانم على رفض الاستجوابات المقدمة لرئيس مجلس الوزراء، هو استجواب الوزارات السيادية التي يتولاها وزراء من الأسرة الحاكمة، وهي وزارات الداخلية والدفاع والخارجية. لكن هذا التوجه الجديد قد يؤدي إلى تفتيت المعارضة بسبب رغبة بعض أعضاء كتلتها في التعاون مع الحكومة في عدد من الملفات، وأبرزها ملف العفو الخاص عن مقتحمي مجلس الأمة عام 2011، والذين يتواجدون في تركيا بعد صدور أحكام سجن نهائية بحقهم.

وقال الأكاديمي والسياسي عبد الرحمن المطيري، في تصريح لـ"العربي الجديد": "نعم سيطرت الحكومة على جزء من المشهد السياسي ونجحت في الاختبار الصعب، وهو جلسة القسم، لكنها ستواجه مصاعب في تأمين الأصوات الكافية لعبور وزرائها الاستجوابات المقدمة بحقّهم". وتوقع المطيري أن "تلجأ الحكومة إلى التضحية ببعض وزرائها في الوزارات غير السيادية، وهو ما حدث سابقاً عام 2016 وسيحدث حالياً، وهو جزء من استراتيجية حكومية لتخفيف ضغط الشارع السياسي المحتقن".
من جهتها، لا تبدو الحكومة الكويتية راغبة في تقديم تنازلات سياسية كبرى تطالب بها المعارضة، وهي تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة وتعديل قوانين المحكمة الدستورية، إضافة إلى تعديل قانون منع المسيء من الترشح لمجلس الأمة، وهو القانون الذي شُطب بموجبه النائب السابق بدر الداهوم.