Skip to main content
"يوم غضب" في لبنان لرفع وتيرة الاحتجاجات مع تفاقم الأزمات
ريتا الجمّال ــ بيروت

انطلقت تحركات في الساحات اللبنانية صباحاً تحت عنوان "اثنين الغضب"، في خطوةٍ لرفعِ وتيرة الاحتجاجات إثر استمرار تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار في ظلّ حكومة تصريف أعمال تُهدّد بالاعتكاف، وتقلّ بالاجتماعات، ومع غياب أي خرقٍ حكوميٍّ.

ونزل محتجون إلى الشارع، اليوم الاثنين، في مختلف المناطق اللبنانية، حيث قطعوا الطرقات بالإطارات المشتعلة ومنعوا مرور السيارات، ودعوا جميع المواطنين للمشاركة بكثافة في التحرّكات من أجل "صيانة الوطن".

وتنوّعت عناوين التحرّكات اليوم في ظلّ مخاوف من استغلال سياسي للأزمة المعيشية، وغضب الناس المحقّ، بهدف تحقيق أجندات معيّنة، والضغط في تسريع تسوياتٍ، داخلية وخارجية، وبالتالي حرف الانتفاضة عن مسارها، في إطار المعارك المستمرّة بين الأحزاب التقليدية.

وتقول الناشطة ريما يونس، التي تشارك في الاحتجاجات التي تشهدها منطقة جونية (شمال بيروت)، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اللبنانيين فقدوا كلّ شيء، حتى أدنى الحقوق، مشاهد عراك الزبائن في السوبرماركت فضيحة يجب أن تسقط أكبر الحكّام، ارتفاع سعر صرف الدولار أدى إلى تدهور الليرة اللبنانية، وحوّل رواتبنا بالعملة الوطنية إلى مجرّد ورقة لا قيمة لها، في ظلّ الغلاء الفاحش، ووسط كل هذه الأزمات، وصرخة المواطنين، لا تزال الطبقة السياسية تضع مصالحها الخاصة أولاً، وتبحث عن المكاسب والحصص".

وتشير يونس إلى أنّ "هذه الأسباب وغيرها يجب أن تدفع بكلّ المواطنين للنزول إلى الشارع وقطع الطريق أمام جشع السياسيين وفسادهم، وإن اختلفت المطالب، فالوجع واحد وتداعيات الكارثة الاجتماعية لن تستثني أحداً".

وكانت اليوم مطالب باستقالة رئيس الجمهورية ميشال عون، وأخرى تدعو إلى الإسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين، تبدأ برنامجاً إصلاحياً يعيد الدعم المالي الدولي إلى لبنان، كما كانت مطالب بإخلاء سبيل الموقوفين في أحداث طرابلس، شمالي لبنان، الأخيرة.

كذلك برزت دعوات تطالب بمحاسبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واستعادة الأموال المنهوبة والإفراج عن ودائع اللبنانيين المحتجزة في المصارف، وحلّ قضية "الدولار الطالبي" الذي يعرّض مستقبل اللبنانيين الذي يدرسون في الخارج للخطر، فكانت نقطة ارتكاز التحركات لهذه المطالب أمام مصرف لبنان المركزي في الحمرا – بيروت، حيث يؤكد المحتجون أن انتفاضتهم ستشمل كلّ البنوك، والضغط بهدف وضع حدّ لتفلّت سعر صرف الدولار الذي تخطّى حاجز عشرة آلاف ليرة لبنانية.

ورفعت بعض ساحات الحَراك الناشطة منذ انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 نداءات تطالب بانتخابات نيابية مبكرة، وتدعم طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي بعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان تحت رعاية الأمم المتحدة، علماً أنّ هذا الطرح يلقى انقساماً بين اللبنانيين، ومن ضمنهم المشاركون في التحركات الذين يرفضون أي تدخل خارجي أو تدويل الأزمة.

في السياق، يقول الناشط المدني رامي زينون، الذي كان من المشاركين في انتفاضة 17 أكتوبر ورفض اليوم النزول إلى الشارع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه المرحلة هي لجماعة السلطة السياسية وتصفية الحسابات، ولن نكون طرفاً يخدم هؤلاء أو ندعمهم فيها، على الرغم من حجم الأزمة وانعكاساتها الخطيرة علينا، وهذا ما يستغلّه الأفرقاء السياسيون ويلعبون على وتره".

ويأسف زينون لأخذ شعارات أساسية في انتفاضة 17 أكتوبر إلى مكانٍ آخر، إذ "بدأت مجموعات يفترض أنها خلعت عنها عباءة الأحزاب، ونزلت انطلاقاً من هتافات (كلن يعني كلن)، وفصل الدين عن الدولة، ورفض التدخلات الخارجية بلبنان، ها هي اليوم ترفع لافتات داعمة لمرجعيات دينية، وتحولها إلى أحد قادة الثورة، وتحاول استثناء أحزاب شاركت في السلطة والتسويات التي أوصلت البلاد إلى حال الانهيار من المسؤولية".

ويترأس الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الاثنين، اجتماعاً أمنياً اقتصادياً مالياً، بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، للبحث في آخر التطورات والمستجدات على الساحة المحلية، والأزمات المتراكمة، وعودة التحركات إلى الشارع، وفق ما تؤكد مصادر قصر بعبدا، مقرّ رئاسة الجمهورية، لـ"العربي الجديد"، علماً أنّ اجتماعاً سبق أن عقد بين الرئيس عون وحاكم مصرف لبنان، لم يأتِ بأي جديد، لا بل اقتصر على بعض الأسئلة لسلامة حول أسباب ارتفاع سعر الصرف، علماً أنها باتت معروفة واللبنانيون ينتظرون الحلول.