Skip to main content
طلب بريطاني رفضته أوروبا لإعادة التفاوض الجمركي بعد "بريكست"
حضت بريطانيا في مقترحاتها الاتحاد على وقف العمل بالضوابط واسعة النطاق (Getty)

ردت المفوضية الأوروبية بالرفض يوم الأربعاء، على طلب الحكومة البريطانية "إعادة التفاوض" بشأن البروتوكول المبرم مع لندن بشأن الترتيبات الجمركية لمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد (بريكست) في إيرلندا الشمالية، بحسب بيان للمفوض الأوروبي ماروس سيفكوفيتش.

وقال سيفكوفيتش إن الاتحاد الأوروبي "مستعد لمواصلة البحث عن حلول مبتكرة في إطار البروتوكول" المتفق عليه مع الحكومة البريطانية "لكننا لن نوافق على إعادة التفاوض".

كذلك، لفت سيفكوفيتش إلى أنه مستعد للقاء ديفيد فروست، وزير الدولة البريطاني المكلف ملف بريكست، في أقرب وقت ممكن لمناقشة هذا الموضوع.

وبروتوكول إيرلندا الشمالية الذي تم التفاوض بشأنه بصعوبة كجزء من اتفاق بريكست ودخل حيز التنفيذ منذ الأول من كانون الثاني/يناير، يبقي بحكم الواقع المقاطعة البريطانية في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي للسلع، من خلال ضوابط جمركية على البضائع الآتية إلى ايرلندا الشمالية من المملكة المتحدة ويفصلهما البحر.

وهدف البروتوكول هو منع إجراء عمليات مراقبة بين المقاطعة وجمهورية إيرلندا إلى الجنوب، وبالتالي تجنب إعادة حدود بين المنطقتين والتي يمكن أن تعرض السلام في ايرلندا الشمالية للخطر، بعد ثلاثة عقود من العنف الدموي.

لكن هذا الأمر يعطّل الإمدادات إلى الإقليم ويزرع الغضب بين الوحدويين الذين يريدون أن تبقى إيرلندا الشمالية جزءاً من المملكة المتحدة.

وبعدما هددت بوقف العمل بموجب الاتفاق بشكل أحادي الجانب عبر المادة 16، حذرت لندن بصوت ديفيد فروست الأربعاء من أن الوضع الحالي "يبرر" ذلك، لكنه أقر بأن "الوقت ليس مناسباً".

وفي المقابل، طلب إعادة التفاوض للتوصل إلى "معادلة جديدة". وقال أمام مجلس اللوردات مقدماً المطالب البريطانية "ببساطة، لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو. ستتطلب هذه المقترحات تغييراً كبيراً في بروتوكول إيرلندا الشمالية"، ولذلك "نعتقد أننا نحتاج إلى الاتفاق بسرعة على تعليق" العمل بالاتفاق.

ومن الجانب الأوروبي، ذكّر ماروس سيفكوفيتش بأن الاتفاق على الترتيبات الخاصة بإيرلندا الشمالية كان هدفه "حماية اتفاق الجمعة العظيمة" في إشارة إلى الاتفاق الذي وقع عام 1998 وأنهى ثلاثة عقود من العنف الدموي.

وأوضح أن الأمر يتعلق "بالحفاظ على السلام والاستقرار في إيرلندا الشمالية وتجنب إقامة حدود في جزيرة إيرلندا، مع الحفاظ على تماسك السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي".

وجاء طلب الحكومة البريطانية الأربعاء، بعد أعمال شغب وتعطل أعمال فيها، لكن الاتحاد الأوروبي رفض العرض على الفور.

وكادت لندن تعلق العمل بما يسمى بروتوكول إيرلندا الشمالية الذي دخل حيز التنفيذ بداية العام والذي يتطلب فرض ضوابط جمركية على البضائع الآتية من البر الرئيسي لبريطانيا، وبدلاً من ذلك، دعت إلى "تغييرات كبيرة".

وهي تريد من الاتحاد الأوروبي أن يتخلى إلى أجل غير مسمى عن فترات سماح مخصصة لبعض عمليات التفتيش على الحدود وتجميد إجراءات قانونية أطلقت ضد المملكة المتحدة بسبب عدم الامتثال، كجزء من "فترة جمود" تسمح بإجراء مفاوضات جديدة.

وقال وزير إيرلندا الشمالية، براندون لويس، إنه فيما فاوضت بريطانيا بشأن البروتوكول "بحسن نية"، فإن تطبيقه على أرض الواقع من جانب الاتحاد الأوروبي أدى إلى فرض "أعباء كبيرة ومستمرة".

وأضاف أمام النواب في المملكة المتحدة "ببساطة، لا يمكننا الاستمرار على ما نحن عليه". وتابع: "نحن نطلب من الاتحاد الأوروبي رؤية هذه المسألة بمنظور جديد والعمل معنا لاغتنام هذه الفرصة ووضع علاقاتنا على أسس أقوى".

موافقة مشتركة

وتم التفاوض على البروتوكول بشق الأنفس لتجنب إقامة حدود مع إيرلندا، من خلال إبقاء إيرلندا الشمالية في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.

وشهدت إيرلندا الشمالية التي عانت 3 عقود من الصراع الطائفي حتى التوصل إلى اتفاق سلام في العام 1998، أعمال عنف هذا العام تعود بجزء منها إلى معارضة البروتوكول.

ويرى العديد من الوحدويين المؤيدين للبقاء ضمن المملكة المتحدة أن الأمر يقيم حدوداً بحكم الأمر الواقع في البحر الإيرلندي مع البر الرئيسي لبريطانيا ويقولون إنهم يشعرون بأنهم تعرضوا للخيانة.

وحضت بريطانيا في مقترحاتها الاتحاد الأوروبي على وقف العمل بالضوابط واسعة النطاق والتركيز أكثر على السلع المعرضة "فعلياً" لخطر دخول سوقها الموحدة عبر إيرلندا الشمالية.

أما بالنسبة إلى كل السلع الأخرى، فشددت الحكومة على أن هناك حاجة إلى تغيير طفيف للحفاظ على وضع إيرلندا الشمالية المتكامل كجزء من المملكة المتحدة. كما أنها تريد إزالة أي دور إشرافي لمحكمة العدل الأوروبية.

لكن طلب العودة إلى طاولة المفاوضات لم يلقَ ترحيباً من الاتحاد الاوروبي، بعد أشهر فقط من انتهاء محادثات بريكست المرهقة.

وقال وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني: "تمت الموافقة على البروتوكول بشكل مشترك بين حكومة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي"، وبالتالي، "يجب أن ينفذاه معاً"، مشيراً إلى أن دبلن ستشجع "حلولاً واقعية بروح من التعاون الإيجابي والبناء".

واشنطن "ملتزمة بشدة"

مدفوعة بالإحباط بسبب الإجراءات الجديدة التي فرضت منذ مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي بداية العام الحالي، علّقت العديد من الشركات البريطانية مبيعاتها إلى إيرلندا الشمالية، أو قدمت خيارات أقل.

وقالت سلسلة متاجر "ماركس أند سبنسر" إنه في الشكل الحالي للبروتوكول، ستكون هناك "نواقص على الرفوف" في إيرلندا الشمالية في عيد الميلاد هذا العام.

لكن الاتحاد الأوروبي الذي يسعى للحفاظ على تماسك سوقه الموحدة، يقول إن بريطانيا تتصرف بنية سيئة وهي تعلم جيداً ما وافقت عليه. وتثير هذه الخلافات حول البروتوكول المزيد من القلق العابر لحدود المملكة مع متابعة الرئيس الأميركي جو بايدن المسألة عن كثب.

وحضّت وزارة الخارجية الأميركية الجانبين على التفاوض "في إطار الآليات القائمة". وقال جون كيري المبعوث الأميركي للمناخ، إن الرئيس وزملاءه "ملتزمون بشدة" جعل اتفاق الجمعة العظيمة صامداً وضمان السلام.

(فرانس برس، العربي الجديد)