Skip to main content
مصر والمغرب.. مقارنة صادمة بين قطاعي الصحة والطاقة
أحمد عابدين
محطة للطاقة الشمسية في المغرب (فرانس برس)

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015، وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي، على اتفاق مع روسيا لإنشاء أول محطة للطاقة النووية في مصر تتكون من 4 مفاعلات بأرض الضبعة، لتوليد الطاقة الكهربية، ضاربا عرض الحائط بكل التحذيرات التي أطلقها الخبراء من الأضرار المحتملة للمشروع على آلاف المصريين، والكارثة غير المسبوقة التي يمكن أن تقع في حال انفجر أحد المفاعلات ما قد يقضي على الحياة برمتها في جزء كبير من الأراضي المصرية، وبالرغم من تأكيد مستشار الرئيس لشؤون الطاقة، أن هذا المشروع يُعد خطراً غير مسبوق قد يؤدي إلى كارثة نووية كبرى في حالة حدوث زلزال، كما أن المشروع يكلف مصر بمقدار 7 أضعاف عن البديل الآمن، أي الخلايا الشمسية.

لا يتوقف النظام المصري عن ترديد شعارات عن معايير الأمان النووي التي سيتبعها في برنامجه الموعود، إلا أن الأمر لا يبعث على الطمأنينة، خاصة أن كارثة انفجار مفاعل فوكوشيما ليس ببعيدة، على الرغم من وجود المفاعل في أحد أكثر الدول تقدماً أي اليابان، كما أن تلك الشعارات تُصبح مجرد شعارات جوفاء في ظل الحالة الأمنية المهترئة التي تُعاني منها مصر، حتى وصل الأمر إلى استطاعة الجماعات الإرهابية تمرير قنبلة من مطار شرم الشيخ وتفجير طائرة الركاب الروسية.

 الأجهزة الأمنية ذاتها التي فشلت في مواجهة التهديدات الإرهابية، تدخلت من أجل استبعاد الدكتور منير مجاهد أحد أهم علماء الأمان النووي المصريين لأسباب مجهولة، وهو ما يوضح الدور الذي ستلعبه تلك الأجهزة في المشروع وهو كفيل بالشعور بالخطر الشديد على مستقبل مصر والمصريين، إلا أن كل تلك التحذيرات والمخاوف تبددت أمام رغبة النظام في ترضية الجانب الروسي بهذه الصفقة، بعد حادثة تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء.

اقرأ أيضا: مقاطع مصورة تدين المعارضين في مصر..حتى لو ثبتت براءتهم

البديل الآمن

في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015، أجرت المملكة المغربية تجارب نهائية، لمحطة "نور 1"، والتي تعد أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم، تمهيداً لافتتاحها المتوقع في نهاية العام الجاري وربطها بالشبكة الوطنية للكهرباء، وهي المحطة التي قامت المملكة بتدشينها في العاشر من مايو/أيار من عام 2013.

تقع تلك المحطة العملاقة على مساحة 4.5 ملايين متر مربع، إذ ينتشر في تلك المساحة نصف مليون من الألواح الزجاجية العاكسة والمقوّسة، والتي تكلف إنشاؤها 600 مليون يورو لإنتاج 160 ميغاواط من الكهرباء، وهي مرحلة أولى من خمس مراحل في المشروع الطموح الذي سيشمل محطات "نور2 ونور3 الحراريتين، ونور4 التي ستعتمد على الخلايا الضوئية، لينتج المشروع في مجمله 580 ميغاواط، كجزء من خطة المملكة لتوفير 42% من حاجاتها من الطاقة باستخدام الطاقة المتجددة عبر الاستفادة من الشمس والريح والطاقة الكهرومائية بحلول عام 2020، إذ تستورد المملكة حالياً 94% من حاجتها من الطاقة.

يتمثل الكنز الحقيقي من وراء المشروع في خفض انبعاثات ثاني أُكسيد الكربون بمقدار 240 ألف طن سنوياً، على أن يصل تقليل انبعاث هذا الغاز إلى 522 ألف طن مع إنهاء المرحلتين الثانية والثالثة (نور2 و3).

اقرأ أيضا: المغرب.. 6 رجال يصنعون صورة "محمد السادس"

الرعاية الصحية

في 28 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015 أصدرت محكمة القضاء الإداري المصرية، حكماً بإلزام وزارة الصحة بزيادة بدل العدوى للأطباء من 19 جنيها (2.5 دولار أميركي، إلى ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي 7.8 دولارات أميركية)، بعد قرابة عامين من نظر الدعوى المقامة في بداية عام 2014، عقب وفاة أحد الأطباء بسبب عدوى أصيب بها أثناء تأدية عمله، جاء الحكم بعد عشرات الوقفات والاضرابات والمظاهرات الاحتجاجية للأطباء للمطالبة بتحسين أوضاعهم، وتحسين الرعاية الصحية للمصريين.

ولعل الأوضاع المادية الصعبة التي يعانيها الأطباء المصريون تعكس مدى تراجع اهتمام الأنظمة المتعاقبة بصحة المصريين، إذ يتراوح راتب الطبيب المصري بين ألفي جنيه (256.4 دولارا) في بداية تخرجه، وخمسة آلاف جنيه (641 دولارا) قبل بلوغه سن المعاش، وهو راتب لا يقارن، أمام ما تتقاضاه فئات أخرى كالقضاة الذين تتراوح مرتباتهم بين 12 ألف جنيه (1540 دولارا) وصولا إلى ملايين الجنيهات.

يعمل أطباء مصر في ظروف عمل شاقة ومُتعبة، إذ يعمل الطبيب 6 أيام أسبوعياً لمدة 8 ساعات، بالإضافة إلى مهام إضافية "مناوبات" يعمل فيها 24 ساعة متواصلة، تتراوح بين مرة أسبوعياً و3 مرات حسب احتياج المؤسسة التي يعمل بها، ويتقاضى مقابلها 70 جنيهاً للمناوبة بحد أقصى 10 مرات شهرياً، بالإضافة لكل تلك الأوضاع المعيشية المؤلمة، يتقاضي الطبيب المصري بعد الإحالة إلى التقاعد راتبا تقاعديا يصل إلى ألف جنيه شهرياً.

وبحسب أعضاء مجلس نقابة الأطباء المصرية، فإن ثلث موازنة قطاع الصحة في مصر البالغة 60 مليار جنيه (7.7 مليارات دولار) لعام 2016 يتم إنفاقه داخل مقر وزارة الصحة وحدها، وليس في المستشفيات والمراكز الصحية، في مثال صارخ على الفساد المتجذر في القطاع.

عادة ما يقارن المتابعون للأوضاع المصرية حال البلاد، بمثيلتها في الدول المتقدمة، التي تسبق مصر، لكن مقارنة وضع مصر، بدولة نامية أخرى في محيطها العربي، مثل المغرب يكشف عن تراجع كبير في الأوضاع المصرية، إذ تبلغ ميزانية المغرب السنوية، ثلث ميزانية مصر تقريباً، وتصل ميزانية مصر إلى 868 مليار جنيه (111 مليار دولار أميركي) ويبلغ سعر الدولار، وفقا للسعر الرسمي في مصر 7.8 جنيهات، بينما تصل ميزانية المغرب إلى 383 مليار درهم (39 مليار دولار)، ويبلغ سعر الدولار 9.8 دراهم.

اقرأ أيضا: الدروس الحسنية المغربية..تصالح السلفية والصوفية في كنف إمارة المؤمنين

القطاع الصحي في المغرب

يبدأ راتب الطبيب حديث التخرج في المغرب بـقرابة 9000 درهم أي ما يوازي 918 دولارا، وعقب مرور فترة من العمل، وقبل التقاعد، يتراوح الراتب ما بين 21 ألف درهم،(2150 دولارا أميركيا)، إلى 30 ألف درهم (3061 دولارا أميركا)، فيما يحصل الطبيب بعد إحالته إلى المعاش على قيمة آخر راتب تقاضاه كاملاً، كراتب تقاعدي.

يعمل الأطباء في المغرب وفق نظامين، إما بالعمل 5 أيام في الأسبوع لمدة 7 ساعات في اليوم، أو بنظام الحراسة (المناوبة) أي العمل 24 ساعة متواصلة يعقبها راحة لمدة 3 أيام كاملة، وفي حالة تسجيل الطبيب نفسه على أنه تحت الطلب بعد مواعيد عمله الرسمية، يتم الاتصال به في حالات الطوارئ، فيما يُصرف له مبلغ 10 آلاف درهم سنوياً.

-------
اقرأ أيضا:
 مخدرات قاتلة في القاهرة.. مروجون يخلطون الترامدول بالحشيش